بلى، إنه الفساد ”الديمقراطي“

لما التعجب وكل العارفين يعلمون تموقع الهيئات الدينية في العالم بأسره في قلب أخطبوط الفساد والمافيا والجريمة المنظمة مثلما هو الحال بالنسبة للكنيسة المسيحية و هيأة أركانها : الفاتيكان ؟ لما لا يحدث ذلك عندنا بعد أن أفرزت بؤر السياسة أطيافا تمرست على مر العقود على المتاجرة بالدين وأطيافا أخرى استوحت ملامحها من نسخة رديئة للمافيوزي الكولومبي بابلو أسكوبار ؟

خسىء المتملقون وأخطأ الواهمون… قيس سعيد ليس ثوريا

من حقنا أن ننفي على أي كان صفة الثورية سيما إذا تعلق النفي برئيس الجمهورية. وليس في الأمر أي ادعاء أو غرور طالما أن هذه الصفة أصبحت في زمننا شأن كل الأزمنة الثورية الجميلة على قارعة الطريق وفي متناول اليد. لننظر إلى ما يجري حولنا في العالم ونتبين عشرات الملايين من الثوريين في الشيلي والعراق ولبنان والجزائر وكلهم يصرخون “الشعب يريد إسقاط النظام”، خرجت عندئذ صفة الثورية من الحيز النخبوي وولى زمن البطولات “الثورية” التي تبين أن اغلبها مزيفة وها أننا نلج عصرا تكاد تصبح فيه الثورة الاجتماعية جبلة عند الطبقات الشعبية.

الإتحاد و الحكومة : لمن تقرع الطبول ؟

يشهد تاريخ تونس المعاصر على أن لا مبادرة تاريخية جدت في هذا البلد في غياب أو في غفلة من القوى النقابية مجمعة و موحدة في منظمتها العتيدة : الإتحاد العام التونسي للشغل. ويأبى ذات التاريخ إلا أن ينزل تلكم المبادرة في سياق يكاد يكون متفردا للمنظمة الشغيلة ألا وهو السياق السياسي الذي لم يشكل نشازا بالنظر إلى الجذع الأصلي المنظمة. ولعل الإكتساح السياسي الحاسم و المشهود والمرجعي الذي سجلته المنظمة هو ذاك الذي عبرت عنه جدلية الأب المؤسس فرحات حشاد بأن “لا تحرر إجتماعي بدون تحرر وطني و أن لا تحرر وطني بدون تحرر إجتماعي”.

الثورة والثروة و السلطة: الحوض المنجمي نموذجا

يمكن القول أن الإضراب العام الأخير في الحوض المنجمي كشف عن عناصر مستجدة في سجال اجتماعي سياسي على صلة بالمسار الثوري المتواصل. ولعل أبرز عنصر بهذا الصدد يتصل بمكونات الطبقة السياسية (في السلطة والمعارضة) والتي مأسست وجودها خارج الإرادة الشعبية وفي تعارض معها. وبصورة أشمل وأعم يمكن القول بأن الحوض المنجمي سيظل محتفظا بدوره المحوري في تطور الصراع الطبقي في تونس و في مختلف مسارات الثورة الإجتماعية منها و الوطنية.

راهن الصراع الطبقي في تونس من المأسسة إلى التمرد

لقد تبين الثوار بتجربتهم الخاصة مدى أنانية وجشع الطبقات المترفة و الوسطى ومؤسساتها السياسية والنقابية والثقافية وعجز تلك الطبقات على إقامة الحد الأدنى من الإقتصاد التضامني لنصرة من دمرتهم آليات النهب والتفقير و التجويع ويطلب منهم فوق ذلك أن يكونوا دروعا بشرية لحماية أصحاب الثروات الفاحشة من “الإرهاب”. إن هؤلاء الثوار يدركون اليوم أيضا خداع الديماغوجيا “الوطنية” التي تتشدق بها أطياف الطبقة السياسية. فما معنى الإنتماء إلى وطن تقوم فيه ثورة إجتماعية من أجل رفع المظالم والتأجيل باستحقاقات لم تعد تحتمل الإنتظار

هذه الخدعة الكبرى التي يسمونها إرهابا

لقد هرمنا لا بل قد بشمنا “وما تفنى عناقيد” السفسطة و الحماقة و ضيق الأفق و الخداع أحيانا لؤلائكم المهرولين إلى “أطباق” القنوات التلفزية مع كل فاجعة “إرهابية” ليقدموا لنا قراآت يدعون أنهم يتأتون فيها بالإضافة تلوالإضافة بصفتهم مختصين في الحقوق وفي الإسلامولوجيا والتاريخ العسكري وهلمجرا…على أن أفضل ما في تلك القراآت هو أحيانا الجانب الوصفي لبعض تجليات الظاهرة “الإرهابية”

الطبقة السياسية في تونس الثورة : لا في العير و لا في النفير

لا نضيف جديدا بالقول أن الأزمة الثورية التي تكاد تصبح مزمنة تجلت أساسا في القضية الاجتماعية و في تعفن الوضع السياسي و الأمني الذي أصبح مفتوحا على كل الاحتمالات الخطيرة. ولئن بات العجز بينا من الطرف الذي يسيطر على مؤسسات الدولة والذي لا يرى حلولا خارج أنساقه التيوقراطية الاستبدادية فان المعارضة بسائر فصائلها لا تملك القدرة على القطع مع واقع التعفن الراهن والمراهنة على حالة الرفض الشعبي من أجل تحقيق قفزة جديدة تعيد المبادرة الثورية إلى الشعب صاحب الحل و العقد.

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat.org