Corruption 171

الوليد بن طلال وصالح الكامل: ”فاسدين“ في السعودية، ”مستثمرين“ في تونس

لم يكن يوم السبت 04 نوفمبر الجاري، يوما عاديّا في المملكة العربيّة السعوديّة مع تواتر الأنباء عن إيقافات لم تطل هذه المرّة ناشطين حقوقيّين أو مدوّنين، بل شملت أفرادا من الأسرة الحاكمة ووزراء ورجال أعمال. سواء تعلّق الأمر بإعادة ترتيب توازنات شبكة الحكم، أو تمهيد الطريق لوليّ العهد المثير للجدل محمد بن سلمان، أو صحّة التهم المنسوبة إلى الموقوفين بالفساد وتبييض الأموال، وهي عُرف دارج في إدارة أعمال أمراء البترودولار منذ الطفرة النفطيّة لمملكة آل سعود، فإنّ عاصفة الرمال التي تشهدها شبه الجزيرة العربيّة تلقي بضلالها على الداخل التونسيّ، الذّي انصاع لجزرة الإغراء المالي السعوديّ، خصوصا وأنّ صور الموقوفين ضمّت وجوها كانت ضيوفا مبجّلة في قصر قرطاج والقصبة والدوائر الماليّة والاقتصاديّة في البلاد.

ختم قانون المصالحة: عندما يتملّص الباجي قائد السبسي من مهمّة “رمز وحدة الدولة”

ينص الفصل 72 من الدستور في الباب الرابع المتعلق بالسلطة التنفيذية أن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور”. ولكن عندما يُوضع هذا النص على محك المقارنة مع الواقع السياسي تتهافت الكثير من أجزائه لتكشف آليات السلطة وممارساتها عن تصادم فعلي مع منطوق النص الدستوري وروحه. فرئيس الجمهورية الذي خَتم، اليوم الثلاثاء، قانون المصالحة الإدارية بعد صراع اجتماعي وسياسي كبير حوله، لم يكن بأي حال من الأحوال رمزا للوحدة بل كان طرفا رئيسيا في الصراع، مُسخّرا موقعه الهرمي في جهاز الدولة ليفرض مبادرته التشريعية. أما بالنسبة للجزء المتعلق باحترام الدستور فإن رئيس الجمهورية خَتم قانونا طعن فيه نصف أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

الافتتاحية: الفساد ”الرّسمي“ يُحارب الفساد ”الموازي“

راجَ في الآونة الأخيرة حديث حول استئناف ”الحرب الحكومية على الفساد“، بعد تواتر أخبار إعلامية حول إيقافات في صفوف عدد من المهرّبين بجهة صفاقس. لم تترافق هذه الأخبار المنشورة على أعمدة الصحف والمُتداولة في الإذاعات والتلفزات والمواقع الإلكترونية مع توضيحات رسمية حول أهداف الحملة الجديدة وحصيلتها وخلفياتها، وهو انعكاس لاستمرار السياسة الحكومية في إدارة هذا الملف، والتي تنهض بالأساس على الاستعراض الآني دون بناء استراتيجيات لتفكيك الظاهرة. هذه السياسة ليست مدفوعة بشكل كلي بحسابات الحكم، وإنما تكشف عن فشل بنيوي في مكافحة الفساد، في ظل اختراقه لمؤسسات الدولة وبُنى الاقتصاد والمجتمع وارتباط فَاعِليه بمنظومة الحكم.

وزير النقل الجديد رضوان عيارة: بين تجمّع بن علي ونداء حافظ، محترف حراسة مربّعات السلطة

من صورة على منصّة إحتفالية بالذكرى السنويّة للسابع من نوفمبر في مدينة بون الألمانيّة، إلى صورة على باب قصر الضيافة في قرطاج في سبتمبر 2017. مسيرة بين صورتين، لرضوان عيارة، الذّي تسلّم في 06 سبتمبر 2017 حقيبة وزارة النقل، تختزلان مسار الأحداث في تونس بعد 14 جانفي 2011. من كاتب عام للجنة التنسيق للتجمّع الدستوري الديمقراطي في بون في ألمانيا إلى وزير في حكومة “الحرب على الفساد”، يعود رضوان عيارة ليجسّد عمليّة الفرض القسري لإعادة رسكلة أعوان النظام السابق، سنوات قبل المصادقة على قانون المصالحة الذّي مرّرته كتل الإئتلاف الحاكم في الجلسة البرلمانية الأخيرة في 13 سبتمبر 2017.

سفيان طوبال: قصة صعود يُلاحقها شبح الفساد

قبل ست سنوات من الآن لم يدر بخلد العضو السابق في المكتب الوطني للشبيبة الدستورية أن الانتفاضة، التي مثلت بالنسبة إليه لحظة تاريخية قاسية، ستَجود عليه بانتكاساتها وتعثراتها بما لم تجد به الأيام الخوالي. يبدو المشهد عبثيا للوهلة الأولى ولكن للتاريخ أسبابه وتقلباته، فقد أفلح الفتى الحزبي المنضبط في التحول من ناشط قاعدي في صفوف حزب نداء تونس بقفصة سنة 2012 إلى أحد أبرز الفاعلين فيه، مُخلّفا وراءه آثار الولاء المفرط للعائلة الحاكمة وتاركا بَصمات الضلوع في الفساد واستغلال النفوذ.

الافتتاحية: حكومة ”الحرب على الفساد“ تدعم قانون المصالحة

جاء خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، يوم أمس بمجلس نواب الشعب، مُتخَمًا بتركيبات “الحرب على الفساد” و”إنجاز الإصلاحات”. هذا الخطاب الذي تمنحه الإنشائية اللغوية نوعا من التماسك –كغيره من الخطابات الدعائية- سرعان ما يتهاوى أمام تفنيدات الواقع. وَهنا تنكشف المفارقة المألوفة بين خطاب السلطة وممارساتها، إذ أن حكومة “الحرب على الفساد” تَحمل في تركيبتها الجديدة جينات التصالح السياسي مع هذه الظاهرة، علاوة على أنها تشكل جزءا من القرار الحزبي (النهضوي-الندائي) الذي يدفع نحو تمرير قانون المصالحة الإدارية خلال دورة استثنائية برلمانية انطلقت أشغالها اليوم الثلاثاء 12 سبتمبر 2017.

مجلس نواب الشعب ومكافحة الفساد: الحصيلة العرجاء

مرّت سنة تقريبا على منح الثقة لحكومة يوسف الشاهد، وذلك يوم 26 أوت 2016 بعد حصولها على أغلبية نيابية قدرت بـ167 صوت مقابل 22 صوت رافض لها و5 محتفظين. تأسس خطاب يوسف الشاهد في ذلك اليوم على مسلمة مفادها أن حكومته “تضع مقاومة الفساد في المرتبة الثانية من سلم أولوياتها بعد الحرب على الإرهاب، وتتعهد بدعم آليات الرقابة الحكومية والهيئات المختصة في المجال”. هذا وأضاف الشاهد في خطاب نيل الثقة أنه يتعهد بـ”إعداد النصوص القانونية ذات الصلة بمقاومة الفساد”. لكن وبعد مرور سنة على ذلك الخطاب، من الملاحظ أن أداء مجلس نواب الشعب في السنة البرلمانية الأخيرة لم يكن في مستوى الدعاية السياسية حول مكافحة الفساد.

حصيلة العمل البرلماني: دور رقابي ضعيف على أداء الحكومة

اتّسم الدور الرقابي للمجلس خلال الدورة البرلمانية الثالثة بالضعف، شكلا ومضمونا، باقتصاره على توجيه الأسئلة لأعضاء الحكومة والتي لا تتجاوز الاستفسارات أو طلب التوضيحات في ملفّات حكومية محدّدة أو – في أقصى الحالات- توجيه الاتهامات الصريحة بشبهات الفساد المالي والإداري التي تحوم حول عدد من الأعضاء والهياكل الحكومية. وللسنة البرلمانية الثالثة على التوالي يبقى الدور الرقابي للمجلس منقوصا لا سيما إذا ما اعتبرناه آلية دستورية تمّ التنصيص عليها لضمان شفافية ومساءلة ناجعة ومستمرّة على عملية أخذ القرار التي لا طالما انفردت بها السلطة التنفيذية.

الحرب على الفساد، الحرب التي بدأت صدفة

يبقى نجاح المعركة ضد الفساد مرهونا بقدرة الحكومة على تحويل المعركة إلى مشروع وطني تتشاركه السلطة السياسية والقضاء والهيئات الدستورية والمجتمع المدني ورسم السياسات اللازمة لذلك ،وجعل المعركة ذات طابع موضوعي ضد كل الفساد بما في ذلك داخل الحكومة نفسها ،مع التطبيق الصارم لإجراءات المحاكمة العادلة.

حوار مع مهدي برهومي (خبير في الحوكمة): العفو الإداري هروب إلى الأمام

مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية -بصيغته الجديدة- لا يرتبط بشكل مباشر برجال الأعمال الفاسدين والمتورطين في جرائم الصرف والتهرب الضريبي. المقترح التشريعي لرئاسة الجمهورية لا يعدو أن يكون عفوا على الموظفين وأشباههم. وإثر المصادقة على هذا المشروع صلب لجنة التشريع العام الأربعاء الفارط من المنتظر أن تتم إحالته على التصويت في جلسة عامة، لم يتم تحديدها موعدها بعد. أي تأثير لهذا المشروع على الإدارة العامة؟ هل يضمن حدّا من “المصالحة”؟ هل يدعم الحرب على الفساد أم يقوّضها؟ للإجابة عن هذه الأسئلة كان لنا حوار مع مهدي برهومي، خبير في الحوكمة ومدير برامج بمنظمة “أنترناشيونال آلارت”.

سوء التصرّف في الأملاك المصادرة: إهدار المال العام وخسائر بالملايين

سلّط التقرير الثلاثون لدائرة المحاسبات الضوء على وجه آخر من أوجه إهدار المال العموميّ بعد سنة 2011. “”أموال الشعب” كما سمّاها كاتب الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كورشيد يوما ما، والتي تمّ استردادها بقرارات المصادرة كآليّة للمحاسبة ومحاربة الفساد، لم تكن بحسب تقرير دائرة المحاسبات في أيد أمينة ولم تَسلم هي الأخرى من الهدر أو الإفساد.

خلافات جوهرية حول مشروع قانون الهيئة الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد

نظم الائتلاف المدني لمكافحة الفساد، الاثنين 4 جويلية 2017، ندوة صحفية بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمشاركة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حول إشكاليات جوهرية متعلقة بمشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد. و أبرز المتدخلون أن القانون، المقدم من قبل الحكومة و المعروض على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه، يحتوي على عديد الهنات و التجاوزات تصل إلى حد التناقض مع ما ينص عليه دستور 2014

رضا شلغوم: رسكلة ”تكنوقراطيي“ بن علي

رضا شلغوم، المدير الجديد لديوان رئيس الحكومة، لم يكن إلى حدود الأشهر الأخيرة من عمر النظام السابق أحد رجالات الصفّ الأوّل، رغم أنّه تنقّل خلال مسيرته المهنية والسياسيّة بين عدد من المؤسسات المالية والاقتصاديّة العموميّة حتّى بلغ منصب وزير ماليّة في حكومة محمّد الغنوشي قبل 14 جانفي 2011. موقع ساهم في تيسير عودة هذا الأخير إلى أروقة الحكم مرورا بقصر قرطاج كمستشار لرئيس الجمهوريّة سنة 2016 انتهاء بالقصبة كمدير لديوان يوسف الشاهد. لكنّ هذه المسيرة “التقنية” لأصيل ولاية قفصة، لم تخلو من تموقع سياسي وُظّف دائما لخدمة النظام وتمرير مشاريعه ورؤاه الاقتصادية.

منصف الماطري بين محكمتين: من منقلب على النظام إلى أحد أركانه

لم يكن اسم منصف الماطري خلال العقدين الأخيرين ليحظى بنفس بريق نجله صخر الماطري الذّي هيمن على المشهد سواء في فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن عليّ أو بعد جانفي 2011 مع انكشاف حجم قضايا الفساد واستغلال النفوذ التي ارتبطت به. هذا الأب الذّي تدثّر بظلّ ابنه، عاد ليتصدّر المشهد في 10 جوان الجاري مع إعلان السلطات الفرنسيّة إيقافه خلال عملية تدقيق لدى نزول مسافرين من رحلة بحرية في ميناء مرسيليا بموجب مذكرة جلب دولية أصدرتها تونس في 2011 لتَورّطه في قضايا نهب ومتاجرة في الآثار وتهرّب جبائي واستغلال النفوذ والوظيفة لتحقيق مكاسب شخصيّة. تحت المراقبة القضائية، وفي انتظار إرسال القضاء التونسي ملفًا إلى المحكمة بغرض ترحيله وتسليمه، ينتظر هذا الرجل نهاية رحلة بين محكمتين، من ضابط منقلب على النظام سنة 1962، إلى أحد أركان نفس النظام وأقربهم إلى رأسه.

من وحي المأساة التونسية: من الاستبداد الديمقراطي إلى الديمقراطية الفاسدة

نبّه كل من اشتغل بدراسة دول الاستبداد إلى قيامه على تحالف المال مع السلطة. نبه أفلاطون إلى عواقب اجتماع الغنى الفاحش والفقر المدقع على استقرار الجمهورية الفاضلة وقال ابن خلدون أنّ تجارة السّلطان مضرة بالرعايا ولم يفت الكواكبي التنبيه إلى حاجة الاستبداد لأهل الثّروة لإحكام سيطرته على المجتمعات وإدامتها وتأبيدها. فهل ما نراه في بلدنا اليوم والذي اتفقت النخبة بمختلف مكوناتها على تسميته فسادا يقف عند التحالف بين المال والسّلطة؟

لجنة المصادرة والحرب على الفساد: أسئلة دون أجوبة

الحملة الأخيرة للإيقافات المفاجئة وقرار مصادرة أملاك ثمان من رجال الأعمال الموقوفين، أعادت لجنة المصادرة إلى صدارة اهتمامات الرأي العام، ليصعد رئيسها على عجل في 26 ماي 2017 معلنا عن استئناف العمل على القائمة الثانية التي تشمل من استفادوا بمنافع مالية وتجاريّة من علاقتهم بعائلتي الرئيس الأسبق وحرمه. أطّل رئيس لجنة المصادرة منير الفرشيشي في 26 ماي الفارط خلال ندوة صحفيّة ليعلن عن قرار تجميد أرصدة وحجز الممتلكات العقارية والمنقولة لكل من منجي بن رباح وهلال بن مسعود بشر وشفيق الجراية وياسين الشنوفي وعلي القريري ونجيب بن إسماعيل ومنذر جنيح وكمال بن غلام فرج.

الفساد في البلديات: تورّط أشباه الموظفين وتواصل الإفلات من العقاب

تُسدي البلديّة عددا من الخدمات للمواطنين كما تمتلك جملة من الصلاحيات الفنية وهو ما يمثّل أرضيّة خصبة لانتشار الرشوة والفساد بشتّى أشكاله. وتتراوح هذه التجاوزات في الغالب بين الترخيص لأنشطة يحجّرها القانون وإسناد الرخص لصالح الغير على حساب المصلحة العامّة. خلال العقود الأخيرة، تمّ تسجيل الكثير من التجاوزات خصوصا في مجال الصفقات العمومية. ويشمل تورّط البلديات في ملفّات الفساد التفويت في الأراضي البيضاء، أو في العقارات المبنية أو الفضاءات المهيّأة أو تسويغ المحلاّت التجارية وغيرها لصالح الغير، وهو ما أدّى إلى إهدار المال العامّ والإخلال بالشروط الدنيا للتصرّف في الملك العمومي.