ليس إتّهاما أن نقول أنّ الحركة الكبرى في تونس لم تساند بشكل مباشر التحرّكات الثّوريّة التي تلت هروب بن علي و حاولت النّأي بنفسها عن الشّارع بطريقة أوحت للكثيرين أنّ قيادة الحركة لا تزال تخاف من النّظام أو من إستفزاز الحكومة الإنتقاليّة. و قد تواصل هذا النّهج النّاعم بعد تولّي الحكم على نحو عام حيث نرى براغماتيّة زائدة و استعمالا تصالحيّا للغّة الرّسميّة لا يوحي بحكومة ثوريّة بل إصلاحيّة أساسا.
عن السياسة البيئيّة الثّوريّة
إنّ تونس قطعت لا محالة أشواطا في درب محاربة الأنماط “التّقليديّة” من الجشع و الإستغلال و القمع مشّخصة في شخص المخلوع و الحرمان المتواصل منذ 1956 من الحقوق السّياسيّة والمدنيّة. لكّن الثّورة لا يمكن أن تضع أوزارها إلّا بعد ولادة “الإنسان الثّوريّ”. أي بعد خلقها لنمط جديد للحياة اليّوميّة ووعي مختلف بالهويّة الفرديّة.
تجريم الزّطلة: دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
للمبحر في النتّ هذه الأيّام أن يلاحظ هجمة عويشاء من طرف صفحات تحسب على التّيار الإسلامي، بالمعنى الأوسع للكلمة، على “دعاة وقف تجريم الزّطلة”. و الأرجح أنّ هذه الموجة تأتي كردّ على تصريحات لسليم عمامو يطالب فيها بوقف تطبيق القانون الجزائي المتعلّق بالزّطلة. و تمحورت الحجج المناهضة للدّعوة حول إعتبارات أخلاقيّة و دينيّة مرتبطة بحكم المخدّرات بالإسلام،و هو ما لا نناقشه هنا من ناحية فقهيّة. ولا يفوتنّني أن أذكّربالبون الشّاسع بين الأخلاق الخاضعة للحركة الثّقافيّة و الفكريّة الطبيعيّة للمجتمع و القانون الذّي لا يتعدّى المسائل التّنظيميّة . […]