” مُلّ المُقام فكم أعاشر أمّة
أمرت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعيّة و أستجازوا كيدها
فعَدَوْا مصالحها وهم أُجراؤها”.
أبو العلاء المعرّي
” لقد صدِأتْ أفهام قوم فهل لها صقال
ويحتاج الحسام إلى الصقل”.
أبو العلاء المعرّي
القرن الرابع للهجرة
هي في الحقيقة قصص تمنيات أكثر من كونها تنميات. وهي تنميات لميزانيات القمع ولرأس مال الفساد وهي معلقات إحتجاجية خرجنا بها إلى الشوارع قبل 14 جانفي وأثنائه. هذا ويهمّنا هنا أن نشير إلى عديد اللأساسيات التالية:
– لا تنمية دون إنماء تشاركي
– لا تنمية دون سياسات تنمية ودون آليات رقابة شعبية على المشاريع التنموية
– لا تغيير منهجي وبنيوي دون تخطيط إستراتيجي برموز أخرى وأفكار أخرى ومسؤولين آخرين
– لا يمكن أن نتحدث عن تنمية وقائية وأخرى تداركية والأصل فساد وسياسات غير وطنية وغير شعبية
– لا يمكن أن نبني أي نموذج صحيح وعدالي دون معادلة أكثر ما يمكن من إستثمار وطني مباشر وأكثر ما يمكن من ضرائب تناسبية عادلة ودون تعويل على الفاسدين
– لا يمكن البتة التعويل على تاريخ ومخططات ونظريات تنمية النهّابين والقتلة الدوليين ومرتزقتهم المحليين ولا يمكن البتة التعويل على “شبح التنمية” الإستعماري
وعلى ذلك نرى في الوقت الحاضر أنه من الجدية بمكان أن ننظر بعمق وطني حقيقي في ما يلي:
نذكّر مرة أخرى بمقترح قديم قدّمناه في الملتقى التحضيري للمنتدى الإجتماعي العالمي الذي إنعقد بمدينة المنستير أيام حكومة الترويكا الأولى تحت عنوان تخصيص ما قيمته عشرة بالمائة من قيمة الميزانية العامة لتشغيل الشباب على مدار خمس سنوات متتالية بما يعني ميزانية خاصة لتشغيل هؤلاء الشباب تكون إعتماداتها من المقدّرات الذاتية لكل جهة على حده بنفس قيمة هذه النسبة زائد الإعتمادات المرصودة في الميزانية العامة للدولة في كل سنة نضيف إليها في الوقت الراهن وبشكل مستعجل ومُسبق قيمة الدَّيْن الخارجي التي سوف يتم تسديدها في دفعة واحدة من الدفوعات المقبلة أصلا وفوائدا ونعني بمسبق هنا الشروع في جمع قيمة الضرائب والجباية المتخلدة عند المُتخلد بذمتهم ولو بالقوة العامة وبقوة القانون بالنسبة للذين تم الإعتراف بجرائمهم صراحة وضمنا ضمن المشروع الذي قُدّم لما يسمى مصالحة ولمَ لا الضريبة على التحويلات المالية الكبرى والضريبة على الأرباح غير الإعتيادية أو غير المتوقعة المرتبطة أساسا بمقدّرات الوطن الطبيعية التي تعدّ خيرا مشتركا وملكية جماعية إجتماعية مشتركة بإنتظار أن يتحول ذلك إلى عائد مواطنة وحياة للمعطلين وبصيغة وتسمية أكثر وضوحا يتحول إلى عنوان ناتج المعطلين أو ناتج التشغيل لخلق مواطن شغل وخلق أجور دون أن نذكر طبعا قيمة ما صودر وما تنطبق عليه المصادرة وقيمة العقارات والأراضي الدولية التي يتم العمل على التصرف فيها ودون أن نذكر صيغة من صيغ الضريبة التصاعدية الإستثنائية على الثروات الكبرى التي يمكن أن تأخذ شكل بدايتها بقيمة الضرائب المسبقة.
ولذلك نذكّر أيضا بإمكانية إحداث بنك شعب دائم يُعنى بالتشغيل والتنمية وهيئة وقتية تخطط وتنفذ برامجا يكون هذا البنك إحدى قاطراتها بدل كل الأفكار المتعلقة ببنوك وميزانيات التشغيل والتنمية والتضامن والجهات…إلخ. فالمشكل كل المشكل في الأنظمة البنكية نفسها بإنتظار الفصل الإجرائي بين التشغيل الفوري العاجل والإستثنائي والتشغيل الإنمائي المخطط له في برامج تنمية تشغيلية خماسية وعشرية وقبل العمل على إحداث هيكل وطني تنفيذي للتشغيل ووزارة للتخطيط الإستراتيجي والشؤون الجيوستراتيجية. إلا أن دعم الشراكة السيادية مع الجزائر الشقيقة ومع بعض الدول الإفريقية مثل جنوب إفريقيا ومالي… إلى وفتح توجه إستراتيجي جديد للشراكة السيادية مع روسيا والصين وإيران يبقى التوجه الجذري الأمثل.
إننا نعتقد راسخا أن أبواب الإنهيار والإرتكاس والإحباط والتصدّع والتعطيل والفشل والإخفاق الإجتماعي والإكتئاب المهني وفقدان الرغبة في العمل وفي فعل أي شيئ هو إنتحار الإقتصاد السياسي للفساد بعينه. ولذلك عينه نرى فيما نرى أسوة بتجارب وأنظار فكرية وإقتصادية شتى أن أي إقتصاد تنموي ليس في خصائصه الخاصة وفي مبادئه العامة ما يلحق، لا يعوّل عليه:
– أن يكون معركة تنمية تخوضها الشعوب المنهوبة المهدورة ضد ظلم وتفريط حكامها العملاء لدول الإستعمار
– أن تكون سياسة التنمية فيه مستلزمة لشروط ضرورة تغيير البُنى وضرورة التغيير البنيوي بما يؤشر لكل أسباب الثورة التضامنية
– أن يؤدي نموذج التنمية إلى نظام إقتصادي جديد يخرجنا من تصنيفية العالم الثالث الذي يعني ثلاثة أرباع الشعوب ومن تصنيفات شمال إفريقيا والجنوب وما إلى ذلك.
– أن لا يولّد من جديد نموذج تنمية تَبَعي أو ثالثي جديد
– أن لا يكون لا ناجعا ولا إنسانيا إذا لم يترافق مع متطلبات الإيكو- تنمية المتحرر مما يسمى إقتصادا أخضر قد تحول بعدُ إلى رأس مالية خضراء
– أن لا يكون هاجسه نمو بلا تنمية وتشغيل بتشغيلية وهمية وغير منتجة وعندها يصبح الاّنموّ أو النمو العكسي التراجعي مطلبا حتى تصبح التنمية الإنسانية العادلة التكافلية غير المدمرة للشعوب ومقدّراتها تحققا
– أن لا يكون لا ناجعا ولا إنسانيا ما لم يترافق مع تخطيط إستراتيجي دقيق ومتعاون مع كل جغرافيات دول و مناطق الداخل والخارج ما دون التنمية أو ما تحتها وما قبلها فيما يسمى دولا نامية وفي طور النمو
– ما لم يتخطى أيضا طور الثورة العلمية التقنية والتكنولوجية ويدخل مرحلة التطوير الذاتي والتقدم التدريجي
– ما لم يمثل نزع أوهام ” أسطورة التنمية” ضرورة ملحة قصوى من أجل العمل داخل معقولية الإنماء الذاتي الوطني والمستقل والتعاوني السيادي وإن تحرير هذه المعقولية يمر أيضا وحتما من خلال تجاوز كذبة الأزمة والأزمة المصطنعة وكذبة اليد الخفية التاريخية المُتَوَهّمَة التي باتت بشكل واضح يد الفساد والإرهاب
– إن الإنتفاض من أجل طلب الشغل وتحصيله لطالبه هو صلب ما يصنع ويفرض خلق مواطن الشغل وهو الذي يدفع الإستثمار ويخلق الثروة العامة للجماعة الوطنية ويرفع مستوى التأجير ومستوى الحياة للجميع ويحد من دكتاتورية البنوك ومن طغيان المجرمين والقتلة الإقتصاديين محليا وعولميا وهنا يُعتبر المعطلون والعمال المُستغلون الثروة الوطنية الفعلية الوحيدة والمؤتمَنون الفعليون على البلاد والعباد
– إنه لا فعالية ولا جدوائية تذكر من كذبة ما يسمى سوق الشغل وأكاذيب الميزانيات والموارد والمصاريف تحت سقف نموذج الفشل والفساد والتبعية وتحت راية محكومية الفشل الدائم المبرمج والمتتالي والمتعاقب
نتوقف هنا عند هذا الحد قبل أن نعود في المقال القادم إلى أكاذيب وأوهام وأساطير التنمية المستدامة. وهذا ومن البيّن جدا إذن في النهاية أننا نخاطب الجميع هنا ولا نخاطب على الإطلاق عصابة الحكم المتصهينة.
iThere are no comments
Add yours