يعتبر إصلاح مؤسسات الدولة من أوكد المهام التي تنبه لها المجتمع التونسي بعد سقوط دكتاتورية بن علي، لما يشكو منه جسم هذه المؤسسات من خلل رغم عدم تعطل اعمالها أيام الثورة وبعد 14 جانفي.
في هذا الإطار وللمساهمة في تحقيق أحد أهداف الثورة من موقع المجتمع المدني، بعثت جمعية إصلاح المؤسسات “إصلاح” من طرف مجموعة من الأصدقاء آمنت بضرورة إصلاح مؤسسات الدولة
تعتبر المؤسسة الأمنية أحد أهم ركائز الدولة، وتكمن أهميتها في علاقتها المباشرة والمتينة بالمواطن، بإعتبار مسؤوليتها في حماية القانون وأمن الأشخاص والمؤسسات.
كما أن بناء دولة ديمقراطية في مرحلة إنتقالية، لا يمكن أن يتحقق إلا بأمن جمهوري ، قوي، منضبط، محايد، ولاؤه لا يكون إلا للدولة والمواطن التونسي
هذا ما جاء بالبيان الصحفي لجمعية “إصلاح” التي نظمت ندوة صحفية هذا الإثنين ، تناولت خلالها موضوع “إصلاح المنظومة الأمنية” .
قدّم كلّ من رئيسة الجمعية مريم مزيو و نائبها بسام بوقرة الجمعيّة و برنامج عملها، كما تمّ عرض مجموعة من الإحصائيات التي تجسّد واقع المنظومة الأمنيّة و علاقتها بالمواطن.
تم إعداد هذه الإحصائيات في الفترة ما بين 18 و 23 جويلية 2012. العينة التي تمّ درسها شملت 401 مواطن من إقليم تونس الكبرى، و أكّدت رئيسة الجمعية مريم مزيو أن العينة لا تمثّل كافة الشعب التونسي و إنّما تمّ الإتفاق على البدء بالعاصمة كمرحلة أولى ستتلوها العديد من الإحصائيات الأخرى في كافة تراب الجمهوريّة.
الإحصائيات تثبت أنّ 25 بالمائة من التونسيين أو أقربائهمم كانوا ضحيّة العنف البوليسي خلال الخمس سنوات الماضية. تقدّم الإحصائيات أرقاما مهولة، ككون 81 بالمئة من المتضررين من العنف عدلوا عن رفع شكاوي ضدّ معنّفيهم سواء لخوفهم من من ما يمكن أن ينجرّ عن ذلك أو نظرا لإيمانهم بعدم جدوى عمليّة الشكوى وربما يفسّر ذلك بكون 14 بالمائة منهم يهابون المؤسسة الأمنية وهو ما يبيّن أحد أسباب تغوّلها .
كما تبيّن من خلال ما تمّ عرضه من أرقام و سبر للآراء أنّ العديد من التونسيين يظنّون أن دور المنظومة الأمنيّة هو حماية الحكومة الشّيء الذي ينمّ عن خلط بين مفهوم الدّولة و مفهوم الحكومة.
تغيّب أطراف ممثلة لوزارة الداخليّة خلال النّدوة كان شيئا ملحوظا، و أكّد لنا بسّام بوڤرّة أنّ الجمعيّة أعلمت الوزارة و استدعتها لحضور الندوة إلّا أنّها تجاهلت دعوتها و أنها لم تردّ ولو بالنّفي. كما أضاف بسّام أنّ الجمعية مازالت ستطرق باب الوزارة رغبة منهمم في التعاون بين مختلف مكوّنات المجتمع من جمعيات و نقابات ومسؤوليين أمنيين.
و خلافا لتغيّب وزارة الدّاخليّة فقد حضر ممثلون عن نقابات الأمن التّي أبدت رغبتها في التعاون من أجل إرساء الأمن الجمهوري.
الغريب أنّه و في حوار لي مع السّيد شكري حمادة، الناطق الرسمي باسم نقابة قوات الأمن الداخلي، أكّد لي هذا الأخير أنّ علاقة المواطن برجل الأمن علاقة ” عادية جدّا “، و أنّ قوات الأمن تمارس عملها و وظائفها بصفة “عاديّة”. كما أكّد أنّ عون الأمن هو من أكثر المتضررين اليوم…وهو ما يدعوا للتساؤل حول مدى جديّة رغبة النقابات الأمنيّة في التعاون و في تجاوز هذا النّوع من الخطاب خاصّة بعد سلسلة الأحداث التي كانت شهدتها البلاد و لتواتر قضايا القتل والتعذيب خلافا لقضيّة الإغتصاب الأخيرة.
و المتابع للشأن العام يلاحظ تكرار هذا الخطاب لدى أغلبيّة أعوان الأمن، كما يلاحظ سعي النقابات للتستر على الأعوان المتّهمين، حتى ولو إقتضى ذلك التبرير أو تشويه الضحايا في العديد من المناسبات.
الأغرب من ذلك أنّ الإحصائيات بيّنت أنّ 60 بالمائة من من شملهم الإستجواب يرون أن من حق رجل الأمن استعمال العنف، وهو ما ينذر بالخطر و يدعوا إلى عمل جديّ على هذا المستوى.
وضّح السّيد عصام دردوري، الكاتب العام لنقابة أعوان أمن مطار تونس قرطاج، أن إرساء منظومة أمن جمهوري يتطلّب فصل العمل الأمني عن العمل السياسيّ و أشار إلى ضرورة إبعاده عن التجاذبات و المآرب السّياسيّة الضيقة. كما نبّه إلى كون الأمن مسؤوليّة مشتركة تتطلّب وعي كلّ من رجل الأمن و المواطن بحقوقه وواجباته.
أجمع كلّ من الطرف النقابيّ و الجمعياتي على أهميّة مراجعة معايير الإنتداب بسلك الأمن، و وضّحوا أنّ إدراج متابعات نفسيّة خلال فترة التكوين و ما بعدها بات من الضّروري لتجاوز الإخلالات التي تعيشها المنظومة الأمنيّة اليوم.
عمليّا, وضعت الجمعيّة خطّة عمل عبارة عن مشروع يتكوّن من 3 مراحل:
– مرحلة الدراسة: وهو ما بدأت الجمعيّة بالقييام به من خلال تجميع المعلومات و القيام بالإحصائيات اللّازمة لتشخيص نقاط الخلل بالمنظومة، من قوانين تهمّ علاقة المواطن برجل الأمن.
– مرحلة التوعية: تستعمل الجمعيّة في ذلك الوسائل السمعيّة البصريّة باعتبار قدرتها في العمليّة التحسيسيّة و في جمع الشهادات، الإستبيانات و التحقيقات.
– مرحلة الشراكة: بعد تجميع المعطيات اللّازمة ستحاول الجمعية إيجاد سبل للشراكة بين مختلف مكونات المنظومة الأمنيّة من وزارة داخلية و نقابات إلخ…
في ما يلي روبورتاج مصوّر لأعمال الندوة الصّحفيّة و مجموعة من الحوارات مع الأطراف النقابيّة و الطّرف المنظّم للندوة :
La Tunisie n’echappe pas malhereusement à cette situation de rupture de la confiance entre le citoyen et l’institution securitaire. les pays d’Europe y compris la France et l’Allemagne leurs populations sont aussi dans cette situation avec des petites differences. En Tunisie nous sommes peut-être meiux placer pour pouvoir poser la question de la réforme (judiciaire, securitaire) en paire avec la question (économique et sociale), afin de pouvoir dégager des nouveaux fondamentaux culturels pour construire à nouveau le nouveau type de relation qui fait confiance, justice, sécurité et citoyeneté, qui fera nouvelle société. La révolution nous a donné cette occasion pour engager des vraies réformes dans ce domaine de la rélation citoyen/police/justice. l’objectif final doit être comment integrer et soutenir la realisation des objectifs de la révolution? Ces objectifs ne sont que noblesse et progrès et notre engagement collectif (citoyens et politiques) à la réforme fera sens politique (à chacun d’entre nous, individu, partis politiques et institutions) pour construire collectivement la Tunisie pour toutes et tous, la société du vivre ensemble démocratiquement et dignement. C’est à nous de s’en saisir de l’occasion, révolution. Ben Ali Harab. Mandhouj Tarek.