بسم الله الرحمان الرحيم
بقلم سامية حمودة عبو
زوجة السجين السياسي
الأستاذ محمد عبو
جمعنا إحساس مشترك , إحساس بالألم و الحزن و اليتم “بالحياة” و الظلم و قسوة النظام القائم , فاجتمعنا في بيتي بيت سجين الرأي محمد عبو و قررنا أن نحتفل نحن أيضا بالعيد لكن على طريقتنا علنا نخفف عن أنفسنا البعض مما نحس به و كانت غايتنا بالأساس لفت انتباه الرأي العام و المجتمع المدني و خاصة السلطات المعنية بسجن أزواجنا و أبنائنا و إخواننا و تذكيرهم بالمظلمة التي لحقت بالبعض منهم و بالأحكام القاسية للبعض الآخر.
و استنادا إلى الشعارات التي نسمعها دائما في الخطابات السياسية و في كل وسائل الإعلام الرسمية من ذلك مثلا ” دولة القانون و المؤسسات”, ” دولة حقوق الإنسان والحريات”, “الديمقراطية ” توقعنا أن نجد ردا مماثلا لهذه الشعارات و أن نجد آذانا صاغية من المسؤولين أقلها من ممثل الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات و ذلك مثلما يقع في الدول الديمقراطية فعلا. فأن تجتمع عائلات و تعتصم و تضرب عن الطعام في يوم من المفترض أنه يوم عيد و يوم فرح و أن تعلن احتجاجها على مواصلة سجن أقاربها و ذويها خاصة و أنه احتجاج عفوي تلقائي ليس وراءه لا أحزاب سياسية و لا منظمات حقوقية يجعل المسؤولين في الدول الديمقراطية ينتقلون إلى مكان الاعتصام و تقع مراجعة ملفات هؤلاء السجناء و أقلها يقع استدعاء العائلات و سماع مطالبهم و لكن و للأسف الشديد كانت ردة فعل النظام شرسة جدا .
السيدة سامية عبو في زيارة إلى عائلة زروق
فمنذ أن أعلنا عن الاعتصام و الإضراب عن الطعام وقعت محاصرة بيتي بأعداد كبيرة من البوليس السياسي و الشرطة بالزي الرسمي و سدت كل الطرق و المنافذ المؤدية إليه و منعوا كل من حاول الاتصال بنا إلى درجة أن جيراننا كان عليهم الاستظهار ببطاقات التعريف حتى يتمكنوا من دخول منازلهم و إذا اتضح أن العنوان المسجل في البطاقة يختلف عن مكان الإقامة يقع إيقافهم لوقت يفوق الساعتين إلى أن يستظهروا بعقد الكراء أو أن يتم التثبت من الأمر بطريقتهم الخاصة.
و في ظل هذه الأجواء عم الخوف و الرعب الكبار و الصغار و لم يكفهم ذلك بل تربصوا في الظلام لعائلة حاتم زروق و المتمثلة في الزوجة سهام النجار و الأبناء يلقيس (18 سنة) و شعيب(17 سنة) و كانت معهم أرملة الشهيد الهاشمي المكي و جروهم غصبا إلى منطقة القرجاني بعد أن أشبعوهم ضربا و شتما أين وقع استنطاقهم بدون موجب قانوني محاولين معرفة التفاصيل عن اعتصامنا الأمر الذي أدى إللا نقل الطفل شعيب إلى القسم الاستعجالي بمستشفى الحبيب ثامر و هو في حالة انهيار عصبي من هول ما شاهد و ذلك بعد ما أمضوا أكثر من ثلاث ساعات إيقاف أين كان الطفل المضرب عن الطعام ينزف و هم غير مبالين.
أما أنا و أطفالي فقد تكفلت بنا كتيبة من البوليس الذين أحكموا غلق المنافذ فعشنا حالة حصار غير معلن و قد تواصل منع الزائرين حتى بعد رفع الاعتصام من ذلك مثلا منع أفراد عائلتي من الدخول لتهنئتي بالعيد أيضا منع عميد المحامين و بعض أعضاء الهيئة ,منع عدد من المحامين من بينهم الأساتذة العياشي الهمامي و راضية النصراوي و عبد الرزاق الكيلاني و محمد النوري و عبد الرؤوف العيادي… زد على ذلك ملاحقتي المستمرة أينما ذهبت.
و في اليوم الثالث من الحصار و عندما كنت عائدة إلى بيتي حوالي الساعة العاشرة ليلا و معي ابني خير الدين (10سنوات) و نور الهدى ( 12 سنة) برفقة الأستاذة راضية النصراوي بعد زيارة الطفل شعيب زروق أوقفنا أعوان بالزي الرسمي على بعد 100 متر من بيتي و قالوا لنا ” أنت يمكنك الدخول لكن هذه لا …” و هم يشيرون إلى الأستاذة راضية النصراوي.
فما كان أمامنا إلا أن نطيع خاصة و أن عدد البوليس كان كبيرا و يوحي بالخوف و بينما كنت بصدد النزول من السيارة سمعت صوت دراجة نارية فنظرت أمامي فإذا بفوج آخر من البوليس السياسي يتجه نحونا كالذئاب المسعورة برفقة اثنين من الفرق الخاصة المسماة “tigre noir ” يمتطون دراجة نارية و كانا مسلحين متجهين نحونا ببطء و هم يستعرضون قواهم العسكرية و بدون أن أشعر التفت إلى أبنائي فوجدت نور ترتعش من الخوف و ابني خيري متسمرا منكمشا في مكانه من شدة الخوف فانتابتني حالة من الهستيريا و بدأت أصرخ ” ابعدوا هؤلاء عني و عن أطفالي , ارحلوا عنا دعونا و شأننا , هذا جنون كيف تأتون بهؤلاء و أنا عندي أطفال صغار؟..”.و لم يكن أمامي إلا أن غادرت بيتي ” كرها ” و بالطبع تغيب أبنائي عن الدراسة.
شعيب أبن السجين السياسي المفرج عنه مؤخرا حاتم زروق، و أمه.
وأنا و إن كنت أستنكر بشدة ما حصل لأنه يمثل عارا على النظام التونسي و نقطة سوداء في تاريخه إلا أنني لا زلت أتساءل لماذا ؟ فنحن كنا نساء أغلبنا عجائز و أطفال أي أننا لم نكن نمثل خطرا لا على الشارع التونسي و لا على النظام ,و ما قمنا به كان مجرد احتجاج سلمي لا يستوجب هذا الجواب المتهور و مع ذلك إن كان قصدكم تخويفنا حتى لا نعيد مثل هذا الاحتجاج فأنتم مخطئون لأننا عازمون على مواصلة النضال من أجل إطلاق سراح من هم أغلى من حياتنا و من أجل إعادة البسمة على وجوه أطفالنا و سنظل نحاول و نحاول … و يكفينا فخرا أننا حاولنا الدفاع عن حقنا في دولة بات من الصعب فيها بل من المستحيل أن يقول فيها المظلوم ” إني مظلوم ” و من اجتهد و أصاب فله أجران و من اجتهد و لم يصب فله أجر واحد و نحن يكفينا الأجر الواحد..
السيدة صبيحة الطياشي أرملة الشهيد الهاشمي المكي
السيدة صبيحة الطياشي أرملة الشهيد الهاشمي المكي
الله يعينكم اللهم ارزقنا الستر في الدنيا والاخرة
le vidéo m’a fait pleurer, Allah m3akom
pour la famille du marthyr Hechmi Mekky allah ysabbarkom