رغم الثقل التاريخي الرمزي للزيتونة، تحوّلت منذ مطلع الاستقلال إلى هيكل علمي وديني خاو. ولم تفتأ حتى العائلات الأرستقراطية التونسية، مثل النيافرة والجعايطة والبيارمة والعاشوريين وغيرهم، التي طالما تحكّمت بمقاليدها وعمّرت أروقتها، أن هجرتها وما عاد لديها رهان على دورها العلمي أو الريادي في تشكيل النخبة التونسية.
فقد ضربت الزيتونة حالة من التكلّس المعرفي لم تهتد فيها إلى طريقها الحداثي والتطوري، امتدّت حتى الراهن، وحتى مع تبني شعار “الأصالة والمعاصرة”، الذي رُفع بشكل زائف، طيلة العشريات الماضية، تبين أنه لغرض الاستهلاك السياسي لا لمقصد ترسيخ المنهج العلمي، ولم يُنسج سلك ناظم للمعارف المدرَّسة، تقطع مع الخليط الهجين الذي رسّخ فيها السطحية والابتذال.
فعلاً باتت جامعةُ المهمَّشين اجتماعيا، طلابا ومدرِّسين، بعد أن كانت منارة يُهتدى بها في الشمال الإفريقي برمته. وغدا الملتحق بالزيتونة خلال العقود الثلاثة الأخيرة خصوصا أُهْكُومة في الأوساط الاجتماعية والعلمية التونسية. والحقيقة أن الأمر كان ناشئا جراء عدة عوامل منها، أن المدفوع بهم إلى الزيتونة، ممن لفظهم التوجيه الجامعي، لم يجدوا مِكبّاً غيرها لتعمير المدارج الجامعية، وهو ما انعكس ضعفا دراسيا وعلميا على الملتحقين بها. لذلك تجدهم أقل الجامعيين إلماما باللغات الأجنبية والفكر الحداثي ومواكبة تعرجات الفكر العالمي.
تستحضرني حادثة لما بلغ السيل الزبى مع أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حين كنتُ طالبا في الزيتونة، تجاذبت أثناءها أطراف الحديث مع أحد رؤسائها حول الحضور العلمي للزيتونة في تونس، كان تعقيبه ملأه البهجة والمسرّة، وأسرّ لي أن جامعات الآداب والعلوم الإنسانية في تونس غدت توجّه لهم الدعوات للمشاركة في ندواتها، بعد أن كانت لا تعير لهم وزنا لا في مسائل الدين ولا في مسائل الدنيا، فيا له من فتح مبين
لماذا انزاحت الزيتونة عن مسار الحضور العلمي في تونس؟ عادة ما تختزل الإجابة عن السؤال في موقفي بورقيبة وسلفه الفار من هذه الجامعة، والحال أن مآلات الزيتونة يتحمّلها الساهرون عليها طيلة النصف الثاني من القرن الماضي، وإن أبدوا حسرة وعضّوا على الأنامل، فقد عجزوا عن إحداث نقلة عقلية تخرج الزيتونة من ورطتها وتفك أسرها. ذلك أن العقل قد ألغي منها، وبات في خدمة النقل كما يقولون، فكان أن تكاثرت أدواؤها ولم تدرك سبل خلاصها، مما أبقاها تتخبّط في وعثاء التراث ولا مغيث.
لقد ورد في الفصل الخامس عشر من ترتيب 26/12/1875م المتعلّق بقانون التعليم في جامع الزيتونة: “ليس لأحد أن يبحث في الأصول التي تلقتها العلماء جيلا بعد آخر بالقبول أو الرفض، ولا أن يُكثر من تغليط المصنفين؛ فإن كثرة التغليط أمارة الاشتباه والتخليط”. هذا القانون الذي غدا اليوم في عداد المنسوخ قولاً بقي ساريا حكماً. فقد كنا طلابا نعيش تلك الوطأة الثقيلة للمدرسيّة الجامدة، والتي يسعى شيوخنا لسحبنا إلى قعرها، كنا نلاقي عنتا في التواصل معهم، برغم إيماننا بالقوة الوجودية والفكرية الكامنة في فلسفة الإسلام، التي نشترك فيها معهم ولا نتمثّلها على شاكلتهم، بما كنّا نتطلّع إليه للانخراط في قضايا عصرنا وتحوّلات مجتمعنا، ولكن لا رأي لمن لا يطاع.
ذلك أن الزيتونة لم تدرك التحولات الاجتماعية التي ينبغي أن يجاريها ترقّي معارفها، ولم يخرج تناول المسائل الدينية في علوم القرآن والحديث والفقه وأصوله فيها عن الضوابط الكلاسيكية، فكان ذلك الجمود مدعاة لنضوب قرائح المنتسبين إليها وتجمّد عقولهم، وهو أمر عائد لغياب الحس التاريخي والوعي السوسيولوجي بينهم. فهل تَقدر الزيتونة اليوم أن تجادل الفكر اللاهوتي المسيحي أو تتصدى لتحدياته وقد بات يُداهم الهوية المغاربية من كل صوب؟ وهل خلاصة التكوين الفقهي الشرعي الذي يتلقاه الخرّيج اليوم تؤهّله للمشاركة في مخاض جدل الفكر السياسي الاجتماعي التونسي ولا نقول الفكر العالمي؟ لذلك تحتاج الزيتونة إلى ثورة معرفية في حجم الثورة التي هزت أركان المجتمع التونسي علها تتطهّر من أدرانها التاريخية.
فالزيتونة لن تستطيع أن تحافظ على حضورها ودورها داخل مجتمع دبّت في أوصاله نزعات الحداثة وهي تستند إلى ترسانة كلاسيكية، منهجا ورؤى، لذلك هي اليوم أمام خيارين إما أن تتجدّد أو تتبدّد. لقد عُدّت تلك المعادلة البسيطة الغائبة في العقل الزيتوني الخامل، بتعبير الفيلسوف الإيطالي سلفاتوري ناطولي، مربط الفرس الذي تتلخص فيه أزمة العقل الزيتوني البنيويّة.
فمنذ أن أزاح الزواتنة من حرمها، ما بين الشريعة والحكمة من اتصال، تحوّلت تلك الجامعة كهفا سحيقا، الدالف إليه مفقود والخارج منه مولود. ولم تنشأ عملية مراجعة للفكر الديني المستهلَك على مدى عقود طويلة، ولم يتساءل العقل، لماذا هجر المفكّر والشاعر والفقيه الزيتونة؟
ربما حالة اختطاف الإسلام من قبل الإسلام اللاتاريخي واللاعقلي الذي نشهده اليوم، أحد أوجه غياب الزيتونة عن المشهد الديني في تونس. ولذلك تبقى وعود المساهمة في نجاح التجربة الديمقراطية في تونس في تعالي الزيتونة عن كافة حركات الإسلام الاحتجاجي العابرة وتشبثها بروح الإسلام الباقية، وذلك بتطوير الوعي الديني التحرّري وترسيخ الفكر الديني العقلاني، المدرِك للتواصل مع الفكر الإنساني والفكر الديني العالمي، حتى لا تبقى أقدم مؤسسة علمية دينية في العالم الإسلامي خاوية على عروشها. والحق أن الأمر بيّن “فلوْلا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا فِي الدِّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون” (التوبة: 122).
monsieur .
moi je prefere à la place un centre de recherche sciantifique pour former les meilleurs savants du monde gratuitement pour que nos enfants construiront une tunisie solide pour le future. . car pour investire dans notre monde acctuelle ,il faut avoir les meilleurs genies et les meilleurs ingenieurs. parceque nous n’avons pas de petrol.
dépenser l’argent des tunisiens pour etudier dans le passer ,unitilement ca ne sert à rien.on va pas comme meme payer les etudes des religieux.pour qu’ils nous inposent leur pensseé unique .
le monde avance , il ne recule pas,
je pense mr mansour qu’investir de l’argent pour le rayonnement de la zitouna est bénéfique pour le pays et peut même contrecarrer l’obscurantisme, d’ailleurs beaucoup d’anciens zeitouniens ont eu des enfants brillants(médecins ,avocats,prof à la fac…) il ne faut pas voir que le cote politique de la chose. “les religieux” comme vous dites sont une entité nécessaire pour notre societe tunisienne car avec leur savoir ils peuvent épargner ànotre jeunesse le flou et de ne pas etre influencée par des idees venues de l’orient
avec tout le repspect Mer SLIM
je ne peut pas mentir à moi meme et ne pas regarder la vérité en face c’est la science qui est en train de sauver les humains , sur cette terre pas les réligions.
ces ideoligies font que nourire les guerre entre les peuple