المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

notes

بقلم: حبيب ميلادي

يوم 14 جانفي 2011 قال لي أحدهم : إلى حد 13 جانفي كنت منعدم الشعور نحو بلدي المهدور، وأني لا أساوي أكثر من قيمة حمار، فقلبي كله دمار.

مات شعوري نحو وطني، ولا علاقة لي بما يجري ببلدي، عليّ إن أردت أن أعيش أن أغمض عينيّ وكالنعامة لا أفكر في ما يجري حوليّ.
فالتّعليم فشل، والعمل قل، وانتشل الفساد وعم الكسل، فالشعب مقيد مغلول وعصابات التجمع عليه تصول وتجول…

وسبحان الله، سبحان الله العظيم، أنّي يوم 14 جانفي شعرت من جديد بالانتماء لوطني المجيد وصحت : اليوم، اليوم عيد، فهبّوا كلكم إنه الفجر السعيد، وانتهى زمان العبيد…

صرت أشعر أني صاحب حق، وصاحب وطن، رغم الوهن، لم أعد أحتمل أن أرى من يرمي: ورقه، بصقه أو حتى حجر، على أرض الوطن. وقلت: الموت حلال في سبيل الوطن، فيا فرحت لم أعشها منذ زمن، وعاد الأمل، فالطّاغية رحل وقبر التجمع فشكرا لشباب الوطن…

لكن، لكن، ما خلّفه في نفسي التشبث بالكراسي بعد انتخابات 23 أكتوبر، وباسم الشرعية صار الوزراء يتشدقون وبالنجاح يتوهمون ويوهمون، وفي النهضة صاروا يطالبون، وباسم الثورة يهاجمون ويقتلون…

فالحكومة سياسية في المجلس التأسيسي ذات أغلبية و تتشدّق بالشرعيّة، أربكت أغلب الجهات، وطالبت بالامتيازات وقمعت الاحتجاجات، فسليانة المسكينة بلادنا عليها حزينة فالأمن لا يتدخل إلا بالتعليمات، ووزارة الدّاخلية أعطت التعليمات: فشباب سليانة بالرش مع الأموات…

السّارق والمنحرف، والمعتدي، والمهرب، والمحتكر، وقاطع الطريق، والمانع للعمل فالكل في مأمن، فهم أبناء الوطن…

فيا سيدي وزير الدّاخلية المؤتمن، هل تحلو الحياة وتزدهر بكثرة المحن ؟ فهيهات هيهات، وتتكدس الملفات والمعضلات وما تحل هكذا الأزمات. وتدعي بأنك وزير ناجح وعلى الوضع مسيطر، وكيف يعيش الشعب والأمن غائب. فالعون مهدد و السلاح مهرب، وسيّدي الوزير متحزّب، والوطن العزيز مخرب فهل أنت وزير ناجح، منقذ ؟

فالشعب قد ملّ الهراء وقال: اتقوا الله في دماء الأبرياء فلقد أصابنا الإعياء والإغماء…

دم شكري عليّ غالي، وهو دوما ببالي، فشهيد الوطن في الأعالي إن دارت الرّحى، ولا تدري على من تدور الرّحى؟ فأجيبوا الدستور: إلى متى؟

فرّ رجال الأعمال، وأمسكوا الأموال، وسرّحوا الأعمال، والحكومة خيبت الآمال: فلا عدالة انتقاليّة، ولا قضاء مستقل ولا صحافة وطنية، ولا أمنًا جمهوريَّا.

فحركة النّهضة : يدُها في القصعة وعيونها تسعى الانتخابات القادمة، فحادت القاطرة، وتراكمت الطلبات، وسيطرت بالتسميات الجائرة على أغلب مفاصل الدولة الواهية…

جفت الأقلام، وشح الكلام، ووزراء التّرُويكا لم يَجفّوا ولكن إلا من الكلام، فقط إلا من الكلام…

وأصيب الشّعب بالخيبة فوجد نفسه يتخبّط في الصّدمة ويعاني من غلاء الأسعار، فحياته في نَار ودَمار…

فالسّماسرة والهرّابة، والمُحتكرُون والمُهاجرون هم المستفيدون فالوزراء لا يطبقون القانون.

وصرنا على انتخاب النهضة نادمين، وعلى فعلتنا ساخطين، من هؤلاء المتلبدين، فهل جئتم يا حكماء النهضة منتقمين؟ فهل الحاكم يأتي ليحاسب الأفراد على اللباس والعيش والدّين؟ ويترك الاقتصاد للعابثين، وتدّعون بأنكم في الوزارات ناجحين فيا ترُويكا : لا حكومة كفئات ولا تكنوكرات فالسيطرة لا تكون إلا بالشّرعيات، ولا يهم إغراق البلاد في الديون حتى وإن أصاب الشعب الجنون، وحذار كل الحذر من قرض لا يجلب إلا الضّرر، فصندوق النقد شروطه على الشعب قاسيه ويُسقط البلاد في هاوية.

توقّعُوا ماذا يصير؟ فالوزراء لا يتوقعون المصير، ولا يهم إن كان الجّبَالي سَيَطير، فالمعارضة لكم رافضه وأنتم لها بالصّاعقة وهكذا كلنا في هاوية، المهم أن تتمسكوا بالحكم المؤقت القصير حتّى تتعرفوا على المصير، وتحّققوا أن التاريخ لا يرحم أصحاب النظر القصير.

ولم تتمسّكون بالوزارات السيادية، وخاصة منها الداخليّة إن خلصت النية، فارفعوا عنا البليّة ولا تجعلوا من هذا المشكل قضيّه، فمصلحة البلاد هي الأولويّة….

فبن سالم وزير بشوش لامع يجري من حقل إلى حقل ومن بحر إلى بحر، والحلول لديه جاهزة، فمالكم لا تعترفون، وتجادلون في ما لا تعلمون؟ وما للفلاّحين يهجُرون و يهاجرُن، وعلى العمل الفلاحي يُضربُون؟ وبطرح القروض يُطالبُون؟ وعن جَني الزيتون يُعرضُون؟ وأنتم أيها البحارة : مالكم تتذمّرُون؟ وبالهجرة تهَدّدُون؟ وبالقروض تطالبون؟ فخيرات البحر في ازدهار وانظروا فالأسعار من نار ! ويا بحّارة : اعبثوا ما شئتم بالبحار، فالبحر والأسماك في اندثار. وتيقنوا أنّي لا أطبق القرار. ومالكم للحكومة لا تصفقون ونحن بالعمل منهمكون؟

فأنا لسيدي الغنّوشي مُوالي، وعندما يرى حالي سيُمجد أعمالي وسيرقّ لحالي، لأنّه أغلى عليّ من خالي. وسنتخلص من الجّبالي. أمّا عبد الوهاب المّعطر، فمن الهلع والخوف على الكرسي يريد أن يسيطر، وهاهو يفكر، ويُدبّر:مم خوفكم؟ فنحن، نحن على الأزمات نسيطر، ننام في الوزارات ونحرس الملفّات، وقبل الفجر نبذأ ندبّر، انظروا : فأرقامنا تتطور، أنا على التشغيل مسيطر أفلا تتذكر؟ فالتشغيل مع الباجي تأخر وَتدهور. أمّا أرقامي فهي للشعب مخدر. فأنا وزيرٌ قادر، على كرسيّي ساهرٌ… فمالكم لا تعترفون و لمجهوداتي تتنكّرون؟

فأنا لسيّدي الغنّوشي شاكي، فمبادرة الجّبالي حطّمت أمالي وبها لا أبالي، وسأقدم قضيّه : عنوانها عدليه وبكل الأهالي. أفلا ترِقون لِحَالِي؟ ولِماذا تساندونَ مبادرة الجّبَالِي؟ أمّا أنا وزير الخارجية، فارفعُوا بي ألفَ قضية، واعلموا أنّي الذّي أجلب الأموال ورجال الأعمال !!!

فعلاقاتي بجل الدّول باءت بِشِبهِ الفَشل، فما الحل؟ لا تَحتارُوا ولا تفكروا فعمي الغنّوشي بي مُتَمَسّكُ…
فنامُوا واهنَؤوا وعلى الفشل اصبروا، فنحن مازلنا نتعلمُ.

فالحكومة في واد ومشاغل الناس في واد، فأين أنتم يا عباد ؟ فهل هذه مصلحة البلاد؟ ويا وزراء، هل تريدُون للنّاس الشّقاء؟ فالسّير لا يكون إلى الوراء.

فيا تأسيسي لك الكلمة، يرى الشعب فيكم العظمة، فكفوا عن الجَعجَعه ! وحَيِّدُوا كل الأحزاب، ومصلحة تونس فوق كل حساب وراعوا المصلحة فتونس في عيونكم جوهره، فغرق السفينة هفوة وارده…

وإعداد الدّستُور في أعناقكم أمانة، نعده من جديد حزمة واحدة : حكومة ومعارضة وعن المصلحة لا نحيد و لنضرب قوى الشر بيد من حديد.

ولنحتفل بالعيد ( عيد الاستقلال 20 مارس) و بعهد جديد. فتاريخ تونس نريده تاريخا مجيد، ولنطبق كل قرار، فثورتنا ناجحة لا تدار بوزاراتٍ جلها مخرّبة ومن الضرورة أن تشركوا أصحاب الخبرة و التجربة، بلادنا اليوم نراها مهددة تعيش فترة عَسِرَه، نراها اليوم مقطعة بين الترويكا والمُعَارضة. ونحنُ كلنَا عُيُونُنا عليها دامعة. فهل من تضحية ؟
ترويكا شعبًا ومُعارضة، لتعيش تونس عَاليه…

فما حاجة البلد لوالٍ أو معتمد، فالولاة والمعتمدون كانوا لسياسة أحزابهم يطبقون ويسلبون.
نريد مجالس جهويّة منتخبة على رأس ولايات فتية : تضبط الحاجيات، وتقدّم الأولويات، وتلقى الحلول للمشكلات وهكذا بعون الله تنهض الجهات…

فلا حاجة لنا بمهندسين و فنيين على السيارات متجولين وعلى الأرائك متكئين وفي الإدارات قابعين، فبلادنا اليوم في حاجة إلى كل الجهود لتخرج من الجمود.

كفاءات بلادنا عَالية تعد لنا برامج وطنية راقية. وكفانا برامج مهزلة…

فيا كل العاملين، وكل البطالين وكل المتقاعدين كونوا على يقين أنّ المستقبل لا يرحم المقصرين.
فهذه الوزارات مفكّكه كلها ملفّات مجمده.

ففي كل وزارة ثورة، تفجّرُ الطاقات وتشجع الكفاءات فلا مكان اليوم للمتهاونين و المتهاونات…

كلنا نريد علاقات أخوية مع جيرانٍ لهم أولوية فشعوبنا أبيّة التّبعيّة.

فتونس وليبيا والجزائر وموريتانيا و المغرب هم الأقرب.

شعوبنا قاست الويلات و عاشت الأزمات، وتغلبت على الجبَابِرَه بشعوبٍ واعية إلى الأمام سائرة.

شعوب المغرب العربي شعبٌ واحدٌ، يرفضُ أن يعيش وهو مُهددٌ.

فيا أهل السّياسة تقاربوا للمصالح المُشتركة خططوا وفي الاقتصاد تكاملوا.

فلا مستقبل لشعوبٍ لا تتعاون ولا تَتّحِدُ…
فلا مستقبل لكل الصّادقين وفي أعمالهم مُخلِصين.