هل يمكن ان يكون صداع هذا الصباح من اثر الترقب لهذا اليوم؟ وهل من المعقول ان ابالغ في تقدير اهمية هذه الانتخابات الى هذا الحد؟
توقعت ان اجد الصفوف ممتدة الى حد الباب الرئيسي لمركز الاقتراع القريب من محل سكناي بباردو -وتحديدا بالمدرسة الابتدائية بحي الرياض- وكان املي ان اشهد الزحام والانتظار الطويل في نفس المكان من العام الاول للثورة وان تاخذني تلك “القشعريرة”التي شعرت بها صباح يوم 23 اكتوبر 2011 وان لا أَمَل من حديث الناس وهم ينتظرون ادوارهم للاقتراع ويحلمون بالمستقبل …لم اندم على الساعات التي قضيتها في الانتخابات الاولى امام مكتب الاقتراع.
كما اني لم اندم على سيري الى نفس الموعد دون ملل …لم تخب توقعاتي بصفة كاملة ووجدت بعضا من الصفوف وشبابا ينتخب لاول مرة بكل حماسة ووجوها اتذكرها منذ ثلاث سنوات وبعض الاولياء الذين يصطحبون ابناءهم بغرض التصوير في هذا اليوم الاستثنائي- وبالمناسبة لايمكن ان يغيب التصوير في حياة التونسيين عن اي مكان -لكن المشهد قد تغير وكف تقريبا الحديث عن “المستقبل” واستعاض الناس عنه بالحديث عن “المعيش ” وعن الارهاب و عن الاحزاب ومن يتامل في الوجوه يجدها حزينة …منكسرة …منهكة …مؤرقة.
من السنوات “العجاف ” التي مرت والتي تنتظر …من الخيبات العامة و الخاصة…من الهزات والتهديدات وخوف الناس على اولادهم …لكن هذه الافكار التي تسكن دماغي لم تمنعني من الوصول دون عناء الى داخل مكتب الاقتراع وبسرعة امضيت امام اسمي وغمست اصبعي في الحبر واختليت بنفسي …حينذاك فقط شعرت بنفس”القشعريرة” التي هزتني يوم 23 اكتوبر 2011
سيدي العزيز، أخشى أن شعورك بالحماس والفخر سيتركان عمّا قليل مكانهما لمشاعر أخرى مناقضة تماما. نحن فقط نعيش “لحظات ما قبل الكارثة” وكلّه بفضل شعبنا الذي بلغ درجة من الوعي (*) وبما لا يخالف شرع الله
(*) أكبر كذبة بنفسجية