الزيارة التي تضمّنت لقاءات بالمسؤولين الحكوميّين في وزارات عديدة على غرار وزارة الداخليّة والعدل وعدد من السجون بالإضافة إلى عدد من مكوّنات المجتمع المدني وعائلات بعض الشباب التونسيّ الذّي غادر البلاد قصد حمل السلاح في الدول التي تشهد نزاعات اهليّة ودوليّة، تناولت الظاهرة ببعدها الاجتماعي والاقتصادي والسياسيّ. حيث أشار التقرير المذكور إلى انعكاسات حالة القمع السائدة ما قبل 14 جانفي 2011، إضافة إلى تراخي الحكومات المتتالية في معالجة هذه الظاهرة بجديّة.

ويضيف التقرير بأنّ أغلب المرتزقة ينتمون إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع التونسيّ ولكن هذه الظاهرة لم تستثن شباب الطبقة الوسطى وحتّى الميسورين وإن بحجم أقلّ.

وقد استطاع الفريق الاممي إحصاء 5800 حالة لشباب غادروا البلاد باتجاه بؤر التوتر والصراع خلال الفترة الممتدة بين سنوات 2011 و2014. النصيب الأكبر كان لسوريا التي استقطبت 4000 مقاتل تونسيّ، تليها ليبيا بحوالي 1000 أو 1500 شاب تونسي ومن ثم العراق اين يتواجد هناك 200 شاب تونسيّ ضمن التنظيمات المقاتلة بالإضافة إلى مالي الي شهدت توافد 60 مقاتلا خلال الفترة الماضية وأخيرا اليمن بما يقارب ال50 مقاتلا تونسيا.

هذا وتمثّل الشريحة العمريّة الممتدة بين 18 سنة و35 سنة غالبيّة الذين غادروا البلاد بغية حمل السلاح، كما أشار التقرير إلى أنّه لم تسجّل سوى عودة 625 شابا تونسيا، خضع بعضهم للتتبّع القضائيّ في حين عاد الآخرون للتنظّم ضمن جماعات وتنظيمات متطرّفة إثر تغيير هوياتهم أو تسجيلهم في عداد الأموات لدى السلطات المحليّة.

أمّا عن أساليب الاستقطاب، فقد خلص فريق المفوضيّة السامية لحقوق الانسان إلى أنّ عمليات التأطير والمتابعة والتسفير كانت تتم بمعظمها عن طريق بعض المنظّمات والجمعيات الخيريّة التي وقع تمويلها بمبالغ كبيرة خلال السنوات الأربع الفارطة بالإضافة إلى المساجد التي خرجت عن رقابة وسيطرة الدولة. هذا ويضيف التقرير المنشور على موقع المفوضيّة إلى تداخل الفاعلين في هذه الظاهرة لتشمل بعض الأجانب المقيمين في تونس والقادمين من الدول التي تشهد نزاعات مسلحّة بالإضافة إلى شبكات التهريب ومواقع التواصل الاجتماعي وحتّى بعض الأحزاب السياسيّة.

وقد تمت الإشارة إلى عجز الدولة عن التصدّي لهذه الظاهرة وإيقاف عمليات الهجرة نحو بؤر التوتّر نظرا لعدّة عوامل اهمّها نقص الإمكانيات الماديّة فقدان القدرة على مراقبة كامل الشريط الحدوديّ. ليخلص التقرير إلى انّ حلّ هذه المعضلة لا يكون سوى بوضع استراتيجية متكاملة تشمل المستوى الأمني والاقتصادي والسياسيّ لمحاصرة الإرهاب والحد من انعكاسات هذه الظاهرة على المسار الديمقراطي في البلاد.