بمبادرة من رئيس الجمهورية قدمت الحكومة مشروع قانون “المصالحة الوطنية ” للمصادقة عليه من طرف مجلس نواب الشعب ويتضمن هذا القانون ” اجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي” ويلغي هذا القانون “جميع الاحكام المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام الواردة بالقانون الاساسي المتعلق بارساء العدالة الانتقالية وتنظيمها”( الفصل 12) لقد قوبل هذا المشروع على حق بالرفض والريبة من قبل كل المكونات الجدية والديمقراطية للمجتمع المدني على انه محاولة مفضوحة لتمكين الضالعين في الفساد في الادارة العمومية ورجال الاعمال من الافلات من العقاب و عملية اجهاض مبيتة لمسار العدالة الانتقالية و لهيئة الحقيقة والكرامة ( انظر بيان من اجل احترام مسار العدالة الانتقالية 23.07.2015).
ان تحليل المواد القانونية لهذا المشروع يبين بوضوح ليس فقط عدم دستوريته وانما وخاصة تعارضه الكلي مع المبادىء الاساسية لمنظومة العدالة الانتقالية .
1-مشروع يتعارض مع نص وروح الدستور
ينص الفصل 148.9 للدستور” تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها.ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين او بوجود عفو سابق او بحجية اتصال القضاء او سقوط الجريمة او العقاب بمرور الزمن” فهذا الالتزام هو التزام دستوري في ذمة “الدولة ” اي يلزم كل سلطاتها بما في ذلك التشريعية منها ..وعلى هذه السلطات ” تطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها “. فلا يحق للسلطة التنفيذية ولا التشريعية افراغ اي مجال من مجالاتها من محتواه او الاضرار بالمنظومة ككل بتكريس حالة “الافلات من العقاب ” او الحيلولة دون معرفة حقيقة الانتهاكات واستخلاص الدروس من واقع هذه الانتهاكات لتفاديها في المستقبل وذلك بهدف ” القطع مع الظلم والحيف والفساد “كما جاء في توطئة الدستور. وان لا تكون المصالحة الا نتيجة لكل المسار ولا عملية التفافية للابقاء على منظومة الفساد بكل مكوناتها سواء كانت المتعلقة بالإدارة او بالأطراف الاقتصادية والمالية مؤسسسات ورجال المال والاعمال.
2- تكريس الافلات من العقاب والابقاء على منظومة الفساد
يقر مشروع القانون العفو العام على كل الموظفين العموميين واشباههم والمورطين في “افعال تتعلق بالفساد واهدار المال العام باستثناء تلك المتعلقة بالرشوة والاستيلاء على الاموال العمومية “( الفصل 2)ويعني هذا ليس فقط افلاتهم من اي محاسبة قضائية او تاديبية بل وابقاءهم في وظائفهم واعادة من استبعدتهم الثورة الى سابق وظائفهم وكان شيئا لم يكن لمواصلة سابق خدماتهم للمفسدين السابقين والجدد.
كما يقر المشروع العفو العام على مرتكبي المخالفات المتعلقة بالصرف وتهريب الاموال والمتعلقة بالتهرب الضريبي ‘ الفصل 7) وهكذا يتمكن هؤلاء من تبييض اموالهم مقابل دفع اداءات لا تتجاوز الخمسة بالمائة . ويتمكن هؤلاء لا فقط من الافلات من العقوبات الجزائية التي وقع مخالفتها بل من تفادي العقوبات المالية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات وبالزيادة على هذا كله يقع مكافأتهم ضرائب زهيدة لا تتجاوز الخمسة في المائة بينما يدفع المواطن الشريف عاملا كان او رجا اعمال اضعاف الاضعاف . وهو لعمري تشجيع مفضوح على الفساد ومكافأة لعديمي الشرف والوطنية على جرائمهم في حق الوطن واقتصاده .
اما من ارتكبوا انتهاكات متعلقة بالرشوة والاستيلاء على المال العام ينظم مشروع القانون صيغة تحكيم تتميز بانعدام الشفافية وتطغى عليها الزبونية والزمالة السياسية في تواصل واضح مع منظومة الفساد السابقة كما سنرى لاحقا.
3- مشروع القانون ينصب الادارة الخصم حكما ويتمثل ذلك في طريقة تشكيل لجنة التحكيم
لقد توخى المشرع التأسيسي الحيطة في اختيار اعضاء هيئة الحقيقة والكرامة في القانون التأسيسي عدد 53 بالتأكيد على ان لا يكون من اعضائها من له مسؤولية في حزب سياسي او ان تفلد مسؤولية في النظام البائد او من سبق تفليسه بتهمة الاحتيال او سبق عزله او تتبعه بتهمة مخلة بالشرف حتى يكون العضو ذا كفاءة واستقلالية وحياد ونزاهة في المقابل يسحب المشروع مهمة التحكيم من مثل هؤلاء و ينصب اعضاء الحكومة الحالية اعضاء في لجنة التحكيم المتكونة من ستة اعضاء اربعة منهم اي الاغلبية المطلقة بما في ذلك رئيس اللجنة من الحكومة الحالية ويضاف لهم عضوين من لجنة الحقيقة والكرامة بعينهم رئيس الحكومة واذا رفضوا الالتحاق بهذه اللجنة يكتفى بالأعضاء الاربعة وتتشكل اللجنة في هذه الحالة بالأربعة فقط للقيام بمهمة تبييض المرتشين وسراق المال العام بقرار يتخذ بالأغلبية اي ثلاثة اعضاء الحكومة حيث لا ضمان في ان يقبل المكلف بنزاعات الدولة بهذا التحكيم المهزلة و يكتفى بإمضاء القرار “التحكيمي” من طرف رئيس اللجنة حتى يصبح نافذا . كان على رئيس الجمهورية صاحب المشروع ان يتخذ قرارا في العفو العام على الفاسدين والسراق ويقي “نواب الشعب ” شر القتال ؟
4-
وامعانا في الضحك على الذقون يريد اصحاب المشروع اطلاق ايادي الفسدة وناهبي المال العام لا كنتيجة لقرار التحكيم وتنفيذه كما هو الحال في القانون الاساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وانما يعطي مشروع القانون هذه الصلاحية للمتهم بالفساد نفسه . اذ يكفي ان يتقدم المتهم بالفساد بمطلب التحكيم حتى توقف كل التتبعات وتنفيذ الاحكام الصادرة ضده وكل هذا بدون استشارة او اخذ راي الضحية على عكس القانون الاساسي 53.
ويمكن مشروع القانون المتهم بالفساد بفرصة عرقلة سير القضاء بدون ان يخشى اي تتبع او محاسبة حيث ان مشروع القانون يكتفي بالقول ان الصلح لا يسري الا في حدود ما تم التصريح به والتصالح في شانه , وهذا يعني وعلى عكس ما جاء في القانون الاساسي 53 انه اذا تبين ان المتهم قد اخفى الحقيقة او جزءا منها يبقى التحكيم نافذا ولا يقع استئناف التتبع او المحاكمة او العقوبة كما جاء في الفصل 45 من القانون الاساسي وهكذا يخلو المشروع من اي رادع لكل من تعمد اخفاء الحقيقة وعدم التصريح بجميع ما اخذه دون وجه حق.
كما يعفي مشروع القانون طالب التحكيم من شرط الاعتذار الصريح الذي جاء كشرط لقبول مطلب التحكيم في القانون الاساسي 53.
كما يكتفي مشروع القانون بان يعيد طالب المصالحة الاموال المستولى عليها والمنفعة المتحصل عليها دون الفوائض والثمار التي انتجتها هاته الاموال والمنافع بغير حق بالإضافة لتحرير مرتكب هذه الجرائم من العقوبات الجزائية والمالية المعمول بها في مثل هذه الحالات وايضا من الضرائب و الخطايا المنجرة عن عدم التصريح بهذه الفوائد والثمار وعدم دفع الاشتراكات الاجتماعية التي تنجر عنها ويكتفي المشروع بدفع 5 في المائة من كل سنة من تاريخ حصول الفعل الجنائي.
جاء هذا المشروع تطبيقا لبرنامج الحزب الحاكم الانتخابي مترافقا بحملات اعلامية تشويهية ممنهجة ضد هيئة الحقيقة والكرامة ومحاولات متكررة لتفجيرها من الداخل منذ تأسيسها بهدف شل نشاطها وممارستها لمهامها الدستورية والقانونية مما يفرض على اعضائها بالتحلي بقيم نكران الذات و المسؤولية والوطنية والاستقلالية وخاصة اليقظة حتى لا يعطوا المجال لأعداء الثورة وادوات الفساد و مرتزقة النظام البائد من تاليب الرأي العام ضد مسار العدالة الانتقالية عبر التشهير بهذا او ذاك من اعضاء الهيئة لقد كان اول شعار اطلقته الثورة هو ” الشغل استحقاق يا عصابة السراق” وهكذا ربط الشباب الثائر بين فشل منوال التنمية في خلق مواطن الشغل للشباب وهيمنة الفساد على كل مفاصل الدولة والمجتمع حتى اصبح الفساد منظومة للحكم والتحكم في مصير شعب كامل . وقد اعترف الجميع بعد الثورة بما في ذلك من كانوا يساندون دولة الفساد في داخل و خارج البلاد بعمق مسؤولية الفساد والفاسدين في الاوضاع المزرية التي يعيش فيها جزء كبير من فئات الشعب وجهات كاملة من الوطن.
وهكذا تقر الوثيقة التوجيهية لمخطط التنمية 2016- 2020 والتي نشرتها الحكومة الحالية بالعلاقة الوثيقة بين رأسمالية الزمالة والبحث عن الريع مفهوما وممارسة عبر تفشي ظاهرتي الرشوة والمحسوبية وتجلى ذلك بالأساس تقول الوثيقة من خلال تنظيم الحياة الاقتصادية عبر اهمية السلطة التقديرية لتطبيق القوانين واصدار الامتيازات والاعفاءات لفائدة فئات ومؤسسات محدودة.
ويصدر هذا المشروع ليمكن الموظفين العموميين الذين مارسوا المحسوبية والفساد والفئات والمؤسسات التي استفادت من بهذه الامتيازات والسرقات من الافلات من العقاب والاخطر عبر آلية تعتمد على” اهمية السلطة التقديرية لتطبيق القوانين واصدار الامتيازات والاعفاءات” أي عبر آلية كما راينا متكونة من مجموعة من المغالطات الكبرى كما جاء في ورقة القاضي احمد الرحموني والمخالفات لنص الدستور وروحه (مشروع قانون المصالحة والمغالطات الكبرى في نواة 29.07.15)
Et parmi vous, qui peut nous prouver qu’il n’a jamais fourrer son nez dans de mauvais draps ?
Qu’il est devenu facile aujourd’hui de partir en un quart de tour, pour un oui, ou pour un non ?
Ben Ali le mafieux vous a tous cantonner dans vos tanières comme des rats, et vous revoilà dans ces rassemblements qui se multiplient, ou l’on trouve, des voyous, de repris de justice, de gens de mauvaises fréquentations, de corrompus notoires; coutoyer d’honnêtes citoyen(ne)s, qui, ont vu et vécu des moments très difficiles ?