فؤجئ التونسيون مؤخّرًا بخبر اعتزام العقيد سامي سيك سالم، المدير السابق للأمن الرئاسي، مقاضاة الجنرال رشيد عمّار، قائد أركان الجيش السابق والجنرال فوزي العلوي، بسبب مسؤوليتهما المفترضة في عمليّة الاحتجاز طيلة أسبوعين التي تعرّض لها إثر أحداث 14 جانفي 2011. وتساءل أغلب المعلّقين عن سبب انتظار سيك سالم مرور خمس سنوات قبل أن يثير هذه القضيّة، التي تُعتبر من الأسئلة العالقة المرتبطة بأحداث ذلك اليوم المشهود، الذي لعب خلاله العقيد السابق دورًا حاسمًا. إلاّ أنّ السؤال الأهمّ قد يكون متّصلاً أكثر بالاسم الثاني، الجنرال فوزي العلوي، الذي ينوي سيك سالم تتبّعه.
إذ أغفلت العديد من وسائل الإعلام التوقّف عند الموقع الوظيفي للجنرال العلوي الذي استدرج يوم 19 جانفي 2011 سيك سالم في سيّارته إلى الثكنة العسكريّة بالعوينة، زاعمًا أخذه للقاء عمّار، حيثُ اعتُقل طيلة 16 يومًا وتعرّض للعنف، حسب ما نقله محاميه عماد الحاج حليمة. فالجنرال فوزي العلوي هو ضابط سامٍ بجهاز الأمن العسكري. وعلى الأرجح لم يكن يومها ينفذّ أوامر الجنرال عمّار، وانّما تعليمات رئيسه المباشر أحمد شابير مديرالادارة العامة للأمن العسكري. والتطرّق إلى الاسم الأخير يحيلنا مباشرة إلى الدور الذي لعبه الرجل في فترة ما بعد 14 جانفي بالتنسيق مع وزير الدفاع الأسبق رضا قريرة. وتحديدًا إلى مسؤوليتّهما الرئيسيّة، بمساعدة آخرين، عن عمليّة التضليل والترهيب الاعلامي التي تعرّض لها الشعب التونسي.
“رائحة انقلاب في البلاد”
تاريخ 27 جانفي 2011، الذي ذكره رشيد عمّار في شهادته لم يكن اعتباطيًا. فهو تاريخ انتهاء مهام رضا قريرة على رأس وزارة الدفاع. وكانت اقالته، ضمن التغيير الحكومي الذي حصل وقتئذ، نتيجة للضغط الشعبي على حكومة محمّد الغنوشي الأولى التي كان يرى فيها الشارع المنتفض امتدادًا لحكم بن علي. ويبدو واضحًا اليوم ضمن الشهادات المتوفّرة أنّ قريرة لعب دورًا أساسيًا يوم 14 جانفي، وهو دور مازال مثيرًا للجدل بين مستحسن ومستاء إلى اليوم. إلاّ أنّ ما قام به، أو شارك في القيام به، منذ مغادرة بن علي حتّى تاريخ إقالته، يمكن أن يُعدّ اليوم بوضوح إنخراطًا في، وربّما إشرافه على، حملة تضليليّة للشعب التونسي.
وتظهر أّوّل المؤشّرات على هذه الحملة التضليليّة في شهادة سمير العبيدي. إذ كشف المشرف السابق على الدعاية الرسمية للنظام، عن اتصال قريرة به يوم 15 جانفي ليعلمه بوجود سيّارات مسلّحة تجوب البلاد ويحدّثه عن اشتمامه “رائحة انقلاب في البلاد”. ويشرح العبيدي أنّ قريرة طلب منه الاتصال بوسائل الإعلام وتبليغهم ضرورة مشاركتها في “تحسيس المواطنين” وذلك عبر “نشر البلاغات الواردة من وزارة الدفاع الوطني”. ويضيف العبيدي أنّه أسدى تعليماته بهذا الاتّجاه إلى مديري القنوات التلفزية التونسية الثلاث: العربي نصرة صاحب حنبّعل، نبيل القروي صاحب نسمة وشوقي العلوي مدير عام التلفزة التونسيّة، وكذلك إلى مديري الإذاعات الحكوميّة و الخاصّة، وأنّ هؤلاء أبدوا “تجاوبهم الكامل”.
قناة حنبّعل: قاطرة التضليل الإعلامي
لعبت قناة حنبّعل، التي أسبغت على نفسها في تلك الأيّام صفة “صوت الشعب” دورًا محوريًا في حملة التضليل. إذ يؤكّد العربي نصرة، صاحب قناة حنبّعل، في شهادته أنّ سمير العبيدي اتّصل به صباح 15 جانفي ليخبره أنّه تمّ الكشف عن مؤامرة كانت تحاك ضدّ أمن البلاد واستقرارها وطلب منه “بثّ خبر مفاده أنّه تمّ إلقاء القبض على علي السرياطي وعدد من معاونيه”. وقد نفذّ نصرة تعليمات العبيدي وأمر بنشر الخبر بشريط الأخبار المكتوبة.
لا شكّ أنّ التونسيين مازالوا يتذكّرون كيف انخرطت القنوات التونسيّة بل و كذلك الجزيرة و فرنس 24 في تلك الحملة. وقد تميّزت قناة حنبعل ببثهاا اتصالات على المباشر من أشخاص، دون التأكّد من هويّتهم، قصّوا فيها روايات مختلفة عن سيارات مجهولة تطلق النار، عن إندلاع الحرائق أوهجومات ليلية على المنازل. و لعلّ تلك الحملة قد بلغت ذروتها حين بثت قناة حنبعل و كذلك العربية و الجزيرة خبر تبادل إطلاق النار بين أعوان الامن الرئاسي وأعوان من الجيش الوطني.
يوم الأحد 23 جانفي أنقطع البث على قناة حنبعل تلتها برقية مبهمة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أفادت أنه:
جاء في خبر عاجل من مصدر مأذون أنه توفرت معلومات مفادها أن صاحب قناة “حنبعل” بحكم علاقة المصاهرة التي تربطه مع زوجة الرئيس السابق يعمل عن طريق هذه القناة على إجهاض ثورة الشباب وبث البلبلة والتحريض على العصيان ونشر معلومات مغلوطة هدفها خلق فراغ دستوري وتقويض الاستقرار وإدخال البلاد في دوامة العنف[…] وعملا بحالة الطوارئ وحرصا على ضمان سلامة الوطن وإنجاح الثورة التي تعيشها تونس تم الإذن بإيقاف المعني بالأمر وابنه في انتظار إحالتهما على العدالة لمقاضاتهما من أجل الخيانة العظمى والتآمر على أمن البلاد.
لكن يبدو من محضر التحقيق الذي سُربّ لاحقًا (وجدنا نسخة منه على مدوّنة تبدو تابعة لأمنيين من إدارة السجون والاصلاح) أنّ نصرة كان متّهمًا بتآمره مع بن علي من أجل عودة الأخير، وذلك من خلال فسح المجال عبر قناته، للمحرّضين على “اسقاط الحكومة المؤقّتة”. وقد اعترف العربي نصرة بأنّه لم يعطِ تعليمات بإيقاف “تلك المنابر التحريضيّة” بل أنّه “حبّذ استمرارها” حتى يوم اعتقاله. كما اعترف في نفس التحقيق بأنّه تمّ « تمرير بعض المعلومات المغلوطة من خلال تلك الجلسات الحوارية والمنابر […] وتمرير طلبات استغاثة وهميّة لمزيد ترويع المتساكنين».
لكن انقطاع البث لم يدُم سوى سويعات. إذ فوجئ المشاهدون بظهور أحمد نجيب الشابّي، القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية المحلية في حكومة محمّد الغنوشي الأولى، في حوار مرتجل مصرّحًا: « أنا لا أخشى من الاعتذار باسمي الشخصي و نيابة عن رئيس الوزراء الذي كلفني بهذه المهمة. نعتذر عن الانقطاع الذي اعترى قناة حنبعل ». وفي إشارة مبهمة أضاف الوزير: « نحن مسؤولون سياسيا ولسنا مسؤولين تقنيّا عمّا وقع … هذا خطأ لا نتحمّله سياسيا ولذلك جئنا لنصوّبه عمليّا.»
و قد مكنت تلك الحماية السّياسية من الإفراج الفوري عن العربي نصرة وابنه بل والتنصل لاحقا من أية مسؤولية انخراط في حملة التظليل الإعلامي. في أفريل 2011 طلبت الإدارة العامة للحرس الوطني من القناة مدّها بتسجيلات البرامج المباشرة لأيام 14، 15، 16 و17 جانفى 2011 في إطار التحقيق حول « التآمر على أمن الدولة الدّاخلي و ارتكاب الاعتداء المقصود منه حمل السكان على مجابهة بعضهم البعض بالسلاح » . وفي غياب الرّد، كررت الإدارة المذكورة طلبها فى أوت 2011 فأجابت القناة أنه « لم يكن متاحا من الناحية التقنية الاحتفاظ بنسخ[من البرامج] اعتبارا أنّ التسجيل يمّحي آليّا بعد مرور شهر »
المذكّرة الكاذبة
إلاّ أنّ أهمّ دليل على وجود مخطّط تضليلي يتمثّل بلا شكّ في المذكّرة 1013، الصادرة عن الأمن العسكري بتاريخ 16 جانفي. وقد أمضى عليها الجنرال أحمد شابير، مدير الأمن العسكري، وصادق عليها رضا قريرة وزير الدفاع. وتفيد تلك المذكّرة بأنّ الجنرال علي السرياطي، وخمسة من معاونيه، متورّطون في إطلاق النار على قوّات الجيش والأمن.
إلاّ أنّ شابير وقريرة كانا يعلمان قطعًا أنّ السرياطي لم يكن بمقدوره قيادة أيّ تمرّد مسلّح في تلك الفترة، بما أنّهما أشرفا على اعتقاله يوم 14 جانفي، وتمّ إخفاء الأمر عن الرأي العامّ، الذي أُوهِم بأنّه تمّ اعتقال السرياطي يوم 16 جانفي في الجنوب. كما أنّ الخمسة المُتهمّين معه كانوا مجرّد موظّفين عاديين في رئاسة الجمهوريّة، كما كشف عن ذلك الصحفي الفرنسي بيار بيشو في كتابه الثورة المُصادَرة (الصفحة 52).
وقد نأى رضا قريرة بنفسه، في شهادته الثانية أمام القضاء العسكري، عن مضمون تلك المذكّرة، بالرغم من أنّه أحالها على القضاء وتمّ بموجبها إيداع علي السرياطي والموظّفين الخمسة برئاسة الجمهورية (أفرج عنهم بعد شهر).
أمّا أحمد شابير فقد اعترف بها ضمنيًا في شهادته، لكنّه حاول التقليل من أهمّيتها ووصفها بـ”بطاقة أحداث”، قام بتحريرها بناء على طلب من القضاء العسكري. كما وصف مضمونها بـ “المعلومات غير المؤكّدة”، محمّلاً مسؤولية إحالتها على القضاء إلى قريرة.
بغضّ النظر عن تضارب الأقوال والتبريرات، يبدو واضحًا اليوم أنّ التونسيين تعرّضوا في الأيّام القليلة الموالية لـ 14 جانفي إلى حملة تضليليّة، أشرف عليها بالأساس رضا قريرة، بمساعدة من أحمد شابير وسمير العبيدي، وبـ”تجاوب تامّ” من وسائل الاعلام العموميّة والخاصّة. وبات اليوم جليًا أنّ الهدف من هذه الحملة كان خلق عدوّ وهمي، هو الأمن الرئاسي بقيادة علي السرياطي، لتبرير تواصل حالة الطوارئ وشلّ حركة الشارع ومنعه من مواصلة انتفاضته وتجذير مطالبه.
Samir labidi me salive de ben Ali,le plus grand menteur et manipulateur,a gagné des milliards
De la CNSS étant son avocat désigné par ben Ali,puis ambassadeur ONU en suisse,puis
Ministre des sports,aucune compétence,il a le sens du vol et détournement.
Il doit rendre les milliards,et écoper d’une pendaison pour complot contre l’État
Et pour la déstabilisation de la Tunisie,en associations de malfaiteurs.