إهداء: إلى اصدقائي الأعزاء الواقعيين جداً.. إلى كل من طرح علي السؤال مكراً للتبكيت أو براءةً لمحاولة الفهم..
لاشك أن أول ما يتبادر إلى ذهن قارئ عنوان المقال و المتصفح العارف بأدبيات الكتابات السياسية النظرية الكلاسيكية هو كتاب ”ما العمل؟“ للزعيم الماركسي الشهير لينين. كتاب حاول فيه لينين الإجابة على اسئلة الثورة في عصره. وخرج بعد مجهود نظري بضرورة إنشاء التنظيم والحزب الشيوعي الذي ستوكل له مهمة تأطير طبقة العمال والبروليتاريا وإنشاء طليعة ثورية تقود البلاد نحو تحقيق الثورة واهدافها. كما أنه أكد على ضرورة إنشاء وسيلة إعلام توصل أفكار الحزب ممثلة في جريدة البرافدا.
اعتبر أن إجابات لينين هي إجابات سطحية إذا نظرها لحجم التعقيد الذي يكتنف الوضع الذي نعيشه اليوم. ولو كان لينين حي بيننا لما ادعى أو جازف حسب رأيي بإدعاء الإجابة على السؤال الحارق في ما يخص وضعنا بنفس البساطة فقد كانت موازين القوى والإصطفافات في زمن لينين أكثر وضوحاً ولم يكن يعيش في عالم متشابك وقرية كونية مثلما هو الحال اليوم .
يكفي إلقاء نظرة سريعة على ما آلت له أحوال الثورة من انتكاسة وعودة لرموز الفساد وتوافق مغشوش بين اليمين المحافظ البراغماتي (النهضة) واليمين الليبرالي البراغماتي واجهة منظومة حكم 56 (النداء) حتى نتأكد أن الأمر حسم في بلادنا بعد تسويات الكبار التي توجها لقاء باريس بين الشيخين الذي فتح الباب بدوره لخروج آمن للنهضة من السلطة وعودة قوية لمنظومة حكم 56. انتهى الأمر بالبلاد بعد بريق أمل في التغيير الشامل إلى ديمقراطية شكلانية مدارة وذلك عبر المسك الجيد بالملف الإعلامي وصياغة رأي عام موجه وعبر خنق المجتمع المدني والنشطاء بالمحاكمات. نظام تلعب فيه الشركات الخاصة ورجال الأعمال وشبكات اللوبيات دور صانع القرار الحقيقي وذلك باعتماد أدوات الإعلام وتوظيف شبكات العلاقات داخل البيروقراطية. كل ذلك من أجل السيطرة على الحياة السياسية وإفراز نخبة سياسية لا تتجاوز الخطوط الحمر وتخدم مصالحهم.
أمام هذا الواقع نلحظ دون عناء اتجاهان للرأي:
- من يرى أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان وأننا في الاتجاه الصحيح رغم العراقيل والنقائص
- ومن يرى بأنه كان بالإمكان أفضل مما كان وانه لا معنى لنصف الكأس مملوءة والحال أن الكأس نفسها مشقوقة ولا تصلح وعاء لشيء.
أمام هذا الجدال يسأل الفريق الأول حين تنتهي كل الحجج وتسقط أمام الواقع القبيح سؤاله الشهير: ما البديل؟ ما العمل؟
اعترف بأني أخوض غمار مغامرة شاقة بطرح سؤال نظري ثقيل وصعب مثل سؤال البدائل. لا ادعي هنا إمتلاكي لوصفة سحرية أو دليل عملي جاهز يجيب عن السؤال الأهم الذي سيخرجنا من الحالة المتردية التي وصلت لها البلاد بقدر ما يروم مقالي الدفع بإتجاه تعميق السؤال حول هذه القضية التي أصبحت تشغلني. اعتبر المقال مجرد محاولة لإثارة نقاش جماعي حول الموضوع.
I. في طبيعة السؤال
بالنسبة لي سؤال ”ما العمل؟“ هو سؤال مركب وله أوجه عديدة. هو بدون شك سؤال مشروع وحارق يجب أن يطرح على كل معارض وناقد للوضع المختل الذي تعيشه بلادنا. من ينتقد الوضع الذي وصلت له البلاد عليه في النهاية الإجابة على سؤال البدائل. لكن هل هو سؤال مشروع في كل الحالات وفي كل الأوقات؟ أم أنه سؤال يستوجب جملة من الأسئلة التمهيدية والشروط الموضوعية للإجابة عليه؟
يبقى السؤال بدون معنى وأشبه للسفسطة والهراء إذا لم يسبقه تفكير جدي في عناصر أساسية تساهم في الإجابة عليه.
أول هاته العناصر هو عنصر غياب الفهم المشترك والإتفاق على تشخيص الوضع و الواقع. فكيف لمجموعة تشخص الواقع بطرق مختلفة أن تجيب على سؤال البدائل؟ لا بد لنا إذاً الإنطلاق من توحيد للرؤية والتشخيص للواقع حتى نستطيع التعامل مع اسئلته الحارقة.
يلحظ المتابع اليومي للساحة السياسية والإعلامية التونسية تخبط وفوضى مواضيع وغياب كامل للرؤية وأجندة التعامل المشتركة مع الأحداث داخل صف من مازال يؤمن بالثورة والتغيير.
ثاني هاته العناصر هو تدني نسبة الوعي العام والفهم الخاطئ أو حتى عدم فهم طبيعة الصراع في تونس. هل نحن أمام صراع صفري أم صراع غير صفري؟ ما متطلبات كل صنف وما تبعاته وماهي تكاليفه وماهي حدوده؟
ثالث هاته العناصر هو الإتفاق من عدمه على مدى مشروعية الحديث عن صراع ما في تونس. فهناك من يرى بأننا لسنا في صراع أصلاً.
رابع هاته العناصر هو الإتفاق على الهدف الإستراتيجي والمطالب التي نريد تحقيقها. فإن كان هدفنا إرساء نظام عادل وديمقراطي وتفكيك منظومة الفساد فذلك يتطلب تضحيات وإجابات أكثر عمق من التضحيات والإجابات التي قدمناها في الحدث الديسمبري وبعده. فاقتلاع السيستام لم يتم وبالتالي إلتفت المنظومة وعادت في ثوب ديمقراطي بآليات معقدة وذكية واكبت اللحظة الثورية.
ما يحصل اليوم في ظل الجدل القائم حول سؤال البدائل هو أن يأتيك احدهم ويطرح السؤال دون إستحضار لغياب الفهم المشترك والإتفاق على تشخيص الوضع ودون تفكير في أن الوعي العام لم يرقى بعد إلى درجة السؤال وفي ظل عدم فهم أصلاً لطبيعة الصراع في تونس أو الإتفاق على الهدف الإستراتيجي الذي نريد الوصول له مطالباً بإجابة جاهزة على طريقة الأكلات والوصفات الجاهزة.
II. سؤال الحدث الديسمبري المشروع بقي دون إجابة
من نظام قمعي مكشوف إلى ديمقراطية مدارة مروراً بحدث ثوري ومرحلة انتقالية إصلاحية طرحت عديد الشعارات والمطالب من قبيل ”نظام لا يصلح ولا يصلح“، ”الشعب يريد إسقاط النظام“… فهل طرحت النخب التونسية إبان الحدث الديسمبري أو بعده أو حتى قبله حقاً سؤال البدائل؟ هل كان للأحزاب بدائل جاهزة للنظام التي تدعو لاسقاطه؟ هل طرحت النخب والجماهير الغاضبة سؤال ماذا بعد ”الشعب يريد إسقاط النظام“؟
لم يكن للنخب السياسية التونسية التي طرحت نفسها بديل للنظام إجابة واضحة على السؤال الملح لا قبل الحدث الديسبمري ولا بعده ولا الآن. معظم احزاب المعارضة الراديكالية كانت تطرح شعار إسقاط النظام لكنها لم تتجاوزه بطرح رؤية لكيفية تفكيك المنظومة وطرق التعامل معها وكيفية سد الشغور الذي يلي إسقاط النظام. بل أن العديد من الأحزاب هربت إلى الأمام وحاولت إقناع الناس بإن النظام بالفعل سقط واننا في مرحلة بناء ديمقراطي لدولة قانون ومؤسسات وما يستتبع ذلك من كون اننا في صراع تنافسي داخل خيمة النظام الديمقراطي المنشود.
لقد خرجت فئات شعبية ذات ديسمبر 2010 منادية بالبديل لما بدا لها أن الأمر قضي وكلت الأمر إلى نخب تعترف بأن الحدث باغتها وأن عرضها لا يستجيب لطلب “السوق”. كل ما فعلته هو ركوب الموجهة والتسويق لمنتج سحري لا تمتلكه. فقد كانت هذه النخب تبشر وتتدعي بأنها تمتلك البدائل لكنها تحاول فقط مجاراة طلب السوق المتنامي محاولة عدم الخروج من المنافسة.
حاولت بعض الأحزاب التي رشحها الشعب في 2011 الإجابة عن هذا السؤال لكنها غرقت في اليومي وإدارة الخلافات وإطفاء الحرائق دون تقديم أي إجابات لأي اسئلة تخص البدائل.
III. من سؤال مشروع إلى سؤال مغالط
« جميل.. ماهو البديل؟ ما رؤيتكم للخروج من الوضع؟ »
المحزن في الأمر أن التساؤل عن البديل أصابه ما أصاب عديد المعاني والمصطلحات في وطننا.فقط تم إغتصاب معناه وإخرج من سياقه إلى سياقات أخرى مثلما اغتصبت عديد المعاني الجميلة في وطننا في ظل المماحكات السياسوية.
من سؤال مشروع وحد اهتمامات التونسيين التائقين إلى التحرر وإلى بناء غد أفضل لهم وأبنائهم تحول السؤال إلى سلاح سفسطائي في يد الساسة وأذرعهم الإعلامية من مستكتبي الدعاية الحزبية بغرض التبكيت والمحاججة.
سيوهمك هؤلاء بأنهم في حيرة وشك من أمرهم وأنهم ينتظرون إجابات شافية ولكننا للأسف أمام تغليف خبيث للرد غير المنطوق به لأننا أمام سؤال إنكاري موجه لا يحتمل إلا جواب واحد وهو أن لا بديل عن ”بديلهم“.
هذا يعني اننا لسنا في سياق سؤال في إطار حوار بناء وإنما أمام تمترس وراء موقف ما.
الأكيد أن هذا السؤال يتنزل ضمن المغالطات المنطقية الذي أصبحت خبز الفاعلين السياسين وانتلجنسيا السلطان والشيخ اليومي. هو إذاً سؤال أفرغ اليوم كما قلنا من معناه وأصبح سلاحاً نفسياً مشرعاً أمام الديمقراطيين الحقيقيين الذين لا يؤمنون بأنصاف الحلول ومقولات ديمقراطية القطرة قطرة.
يجب علينا قبل الولوج وسبر أغوار الإجابة على السؤال المشروع أن لا نقع في الفخ وأن لا نكلف نفسنا عناء الإجابة على السؤال الملغوم. علينا عوض ذلك أن نسأل سؤال “ما بديلكم؟” ومتى كانت الانهزامية والفشل بدائل حتى وإن تمت تغطيتها برداء الواقعية الأنيق؟
IV. منهجية الإجابة عن السؤال
1) اسئلة تمهيدية
بعيداً عن المماحكات السياسوية وللخروج من المستنقع الآسن الذي غرقنا فيه علينا التحلي بالشجاعة والتفكير الإبداعي والتفكير فعلاً في كيفية الإجابة عن السؤال الملح.. إلا أن أسئلة كثيرة تفرض نفسها في هذا السياق حتى ندخل المدخل الطبيعي وحتى لا نقع في فخ التعويم والتعمية.
- هل الإجابة عن السؤال مجهود نظري فردي أم هو مجهود جماعي؟
الأكيد أن الاجابة هي مجهود جماعي. على كل الفئات الحية في المجتمع وخاصة الشباب تحمل مسؤوليتها التاريخية والإبتعاد عن ثقافة السلبية والإستقالة وذلك بالمساهمة الفعالة في إيجاد الحل والبديل
-
هل الإجابة عن السؤال فعل آني أم مجهود تراكمي؟
الأكيد أنه مجهود تراكمي عبر الزمن
2) الشروط الموضوعية للإجابة على السؤال
مع أن الأمر يطلب مجهود جماعي في سياق تراكمي فإنه من الواجب رفض ومقاومة أنصاف الحلول والحلول الانهزامية بمنطق غياب البديل الجاهز. بالعكس فأن من أوكد واجبات في إطار الإجابة عن السؤال حول البديل هو مقاومة كل أشكال الحلول الزائفة الموهومة.
من يطالب بالبديل عليه إسناد من هم في الواجهة. من يطالب بالبديل عليه أن يسأل نفسه قبل غيره ماذا فعل حتى يتشكل البديل المنشود؟ علينا أن نقتنع بأن البديل لن يتشكل إلا في حالة تشكل وعي عام مقاوم ذكي يبدع أشكال فعل جديدة ويتصدى لكل أشكال المغالطات والتضليل التي تمارس من قبل الساسة وإعلام مجموعات الضغط. هي حرب.. أدواتها الفكر والحرب النفسية والقلم والذكاء.
خاتمة
حاولت في هذا المقال عرض رأيي ورؤيتي لسؤال لم يفارقني طيلة السنوات الأخيرة. لعله مقدمة لمقال أو مقالات أخرى تحاول بكل تواضع الإجابة عن السؤال الملح.
رائع
غريب أمركم أيها الماركسيون اللينينيون حتى ان تغير الزمان فإنكم من المستحيل أن تتغيروا لأنكم بلهاء غوغائيون …انهضة التي ربيتموها أنتم على سب بورقيبة فتحت عينيها و فهمت أما أنتم فلا حياة لمن تنادي…منظومة 56 أشرف من أشرف أشرفكم لأنها عملت و حققت ما حققت و أخطأت أيضا أما أنتم فتلوكون المقولات لا غير…
كبداية نقاش ، من أجل طرح السؤال الصحيح : لماذا دائما نتكلم عن البدائل أو عن وصفات العلاج ؟
يمكن من نظرة معينة نقول أن التشخيص الموجود صحيح للجميع :
– تونس تعيش واقع فساد في العلاقات الاقتصادية عامة (رشوة ، محسوبية ، إقتصاد موازي متعمد ،…)؛
– تونس تعيش انخراط الحكومات في سياسات عجز أمام مقاومة الفساد ؛
– تونس تعيش تمكن الفاسدين من عنق السياسي و من مصيره ؛
– التهميش لا يزال كما هو ؛
– الآليات البنكية التي تدير الشأن المالي في القطاع العام و الخاص لا تزال تعمق الأزمة و تعمق الفوارق الاجتماعية، لا تزال تخدم الاقتصاد الموازي المعمول به أمام كل الناس ، التهرب الضريبي ، …؛
– التونسي لم يفهم دوره في الخروج من مستنقع التخلف ؛
– التونسي مكبل بكذبة اسمها ، الوحدة الوطنية ، يناق بها لما يضرب الارهاب ، ثم إنتهى الأمر ؛
– التونسي لا يفهم دور النقابات ؛ و النقابات ترقص على حبال السياسة ؛
– التوانسة غير متفقون على أهداف الثورة ؛ خاصة أنهم غير مجتمعون حول هدف التعددية؛ الثقافية ، النقابية ؛ لا يزال أغلب الناس متمسكون بماضي لا يرقى قيميا لحل مشاكل العصر ؛ الخوف من الجديد ولو أنه محلي يخيف ؛
– العائلات السياسية تتهم بعضها بأنها هي الشر كله ؛ و مع ذلك تتبجح بالحوار الوطني .. ؛
– الارهاب له تمويل تونسي ، لكن لا أحد يقدر أن يشير إليه ؛ المسؤول الكبير يخيف الجميع ؛ صدق الناس أن تونس يحميها الأولياء ؛
– 99% من الاعلام يخدم اجندات الثورة المضادة ؛ أو اجندات النمط ؛
– صندوق النقد الدولي هو الحاكم الحقيقي ؛
– المديونية هي هل كل الحكومات المتعاقبة ؛ …
–
–
– أي صحفي ، أو مفكر أراد أن يغوس في فهم الداء ؛ يهمش .. الطاغي على الساحة هي أخبار الإستهلاك ، و أخبار صنع الرأي العام ، حتى يتضارب الناس فيما بينهم .. من يحلل تحليل إجتماعي للحالة التونسية يتهم أنه ماركسي .. فقدان التحليل الجوهري جائز في حق كل العائلات الفكرية ؛ لأن الوصول للمواقع منذ هروب بن علي كان و لا يزال هم الجميع ، هم أبناء اليسار ، كما هم المعارضة اليمينية في عهد بن علي ، كما هم ازلام النظام السابق .. الكل يريد أن يصل إلى المواقع… لما يكون الوصول للمواقع هو الهدف ، التغيير يفقد أرضية الفكر ، التشخيص يصبح تشخيص لخدمة أهداف وصولية سياسية ، مادية ، فيئوية، حزبية …
أي تونسي يمكن أن يشخص جيدا الحال التي نمر بها .. لكن الكل يتهم الكل … في هكذا وضع لا يمكن أن يكون هناك عمل سياسي سليم .. لا يمكن أبدا أن يكون هناك فهم مشترك .. هذا خيال .. الفهم المشترك يتطلب الاتفاق على أولاويات بسيطة ، و هذا غير موجود اليوم .. اليوم الأولوية هي الوصولية و إقصاء الآخر .. عقيدة الوصولية هي طبيعة مادية يمكن أن نفهمها ، لكن عقيدة الإقصاء هي عقيدة دكتاتورية، لا يمكن لي أن اتفهمها ، زد على ذلك و في تونس وقعت ثورة .. هل نحن أحياء أم أموات ؟؟؟؟؟ حتى ننسى ؟؟؟؟؟
يمكن أن ألخص هذا الحديث ، في أن أزمة تونس هي أزمة قيم ، في أن أزمة الأحزاب السياسية هي أزمة في التحليل .. الإرتقاء لتحليل جاد و واقعي يمر عبر التسلح بقيم تعمل لتصور المستقبل (البديل ) على الواقع و ليس في الخيال فقط .. لأن تصوير البدائل في المخيلة فقط هو أكبر كذبة يصنعها الانسان لنفسه و للناس .. أيضا ليكون التحليل في المستوى ، يجب أن ينطلق من ايديولوجيا ، و اليوم كل الأحزاب تعلن أنها لا يجب أن تكون في صراع ايديولوجي ، على إعتبار أن الصراع الاديلجي هو صراع عنف .. أعتقد أن الصراع الاديولوجي هو صراع أفكار و ليس بالضرورة صراع عنف و تقاتل .. لقد إنتهى العهد السوفياتي أو بالاحرى عهد الحرب الباردة .. من يربح معركة الأفكار اليوم ؟ لا أحد ؛ لكن هناك معركة تسيير الواقع و من يديرها اليوم لصالحه (من ربحها) ؟ الذي يدير بحنكة و هو الرابح لحد الآن هو المافيا الكبرى (مافية المال و السياسة)، نعم هناك رجال أعمال يصنعون في سياسيين ، نعم هناك رجال أعمال يصنعون في احزاب بكالمها، نعم هناك رجال أعمال يصنعون في آن واحد في احزاب يمنية و يسارية ، هذا ليس تناقض ، و انما لتكون الساحة السياسية مقسمة ، و هذا ما يخدم مصالحهم، حتى يستقر لهم الأمر في نظام سياسي يحمي مصالحهم .. و هذا ليس تناقض .. هو خدمة لمصالحهم، تجد رجل أعمال واحد يصنع احزاب يمنية و يسارية بذكاء ، بدهاء ، ليفرقع الساحة السياسية ، ثم هذه الأحزاب كلها تسقط في الفخ .. . من يدفع الثمن ؟ الشعب في طبقته العاملة ، و الضعيفة بصفة عامة ..
من أين يبدأ الحل ؟ في تصوري يبدأ في إرساء قواعد معركة أفكار بدون عنف و بدون توظيف لكل ماهو إرهاب .. إذا الأحزاب السياسية تنجح في هذا ، فيمكن للديمقراطية أن تدير هذه المعركة .. و تكون الأحزاب قوة يمكن أن تتصدى بدون عنف ثوري و بدون فوضى لقوى المال الفاسد ، و هكذا يثق الشعب من جديد في السياسة و يهتم بها من جديد .. سؤال : لماذا تتأخر قوانين اللامركزية ؟ الجواب واحد .. نظام المسؤول الكبير (الدولة العميقة ) خائف من إهتمام الشعب بالسياسة ؛ فتجده يخرب في الوضع حتى نصل إلى نوع من اللامركزية التي لا تحرجه …
الكلام يطول ، لا أملك الحقيقة ، و يبقى لك الفضل في طرح سؤال البدائل من جديد ، حتى أنه قد طرح من بداية الثورة ، لكن قوى الوصولية و قوى الدولة العميقة ، قوى الثورة المضادة ، تمكنت من تمييع الجواب .. هل الأحزاب اليوم تقدر على إعادة طرح الأسئلة الصحيحة ، لتذهب تونس موحدة (أو بأكثر وحدة ) للإجابة الصحيحة على ولو على جزء كبير من الأسئلة ؟ لست أدري ..
تحياتي .
تصحيح :
المديونية هي حل كل الحكومات المتعاقبة