إصرار كتابة الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية على استرجاع هنشير ”الستيل“ بجمنة (ولاية قبلي) تحت يافطة ”استرجاع الدولة لأراضيها“، يدعو إلى طرح أسئلة : ما مصير الضيعة بعد افتكاكها؟ وهل تملك الدولة سياسة فلاحية جديدة لاستغلال الواحات؟ هذه الأسئلة أجابت عنها مقترحات كاتب الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية مبروك كورشيد في جلسات التفاوض التي أجراها مع جمعية حماية واحات جمنة، إذ عرض عليهم فكرة تأسيس ”شركة إحياء وتنمية فلاحية“ والدخول في مزاد علني وفقا لشروط المنافسة.
مقترح كاتب الدولة يؤكد تمسك الحكومة بسياسة التفويت في الأراضي الدولية لشركات الإحياء والتنمية الفلاحية بمقتضى عقود تسويغ، ذات معاليم رمزية. في هذا السياق ينشر موقع نواة نسخة من عقد الكراء الذي تسوّغ بموجبه المستثمر السابق جزءا كبيرا من مساحة هنشير ”الستيل“، والتي تقدر بحوالي 111 هكتار.
تسويغ مساحات شاسعة بمعلوم زهيد
في مارس 2002 تم تسويغ هنشير ”ستيل“ بجمنة للخواص تحت يافطة ”شركات الإحياء والتنمية الفلاحية“. وإلى حدود جانفي 2011 كان مُستغلا من طرف المستثمر الهادي شرف الدين (شقيق الزيتوني شرف الدين، المتفقّد العامّ السابق للحرس الوطني) الذي اكترى القطعة الأصغر من الأرض، تبلغ مساحتها 74 هكتار. في حين انتفع بالجزء الأكبر من الأرض، الذي تبلغ مساحته 111 هكتار، المدعو عادل عامر صاحب شركة الاحياء والتنمية الفلاحية ”الأمل“.
يشير عقد الكراء المصاحب للمقال إلى أن الدولة مُمثلة في وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق، رضا قريرة، سوّغت الجزء الأكبر من الأرض (معروف باسم حميدان وجزء من سكاست) للمستثمر عادل عامر (صاحب مقاولات بناء)، بموجب عقد كراء يمتد 15 سنة، من 2 مارس 2002 إلى 1مارس 2017. ويقدر معلوم الكراء حسب ماورد في الفصل الثالث بـ”333 قنطار و13 كغ من القمح الصلب عن كل سنة للفترة الممتدة من 2 مارس 2002 إلى 1 مارس 2007“. ويرتفع هذا المعلوم مرة كل 5 سنوات ليصل إلى الفترة الممتدة بين 2012 و2017، 585 قنطار و52 كلغ. وحسب نفس الفصل ”بلغ معين الكراء للسنة الأولى 9734 دينار“. ويشكل معلوم الكراء شهادة على فساد مالي وإداري في استغلال الأراضي الدولية، حيث تبلغ مرابيح المستثمر أكثر من مليون دينار في حين لا يتجاوز معلوم الكراء 10 ألاف دينار. علاوة على هذا يتم استعمال معيار القمح الصلب في تقدير معلوم الكراء، وهو معيار معمول به في الشمال الغربي، ولكنه لا يتناسب مع خصوصية واحات الجنوب التي ترتفع فيها أسعار التمور مقارنة بسعر القمح.
داخل العقد المنشور تنعكس السياسة الفلاحية للنظام السابق، التي بُرمجت على مقاس ”الخوصصة“، وقد عززت هذه السياسة نزعة الربح الخاص على حساب ملفات التشغيل والتنمية المحلية. وكانت سببا مباشرا في تمسك أهالي جمنة باسترجاع هنشير ”الستيل“ سنة 2011، وتكليف جمعية حماية واحات جمنة بتسييره واستثمار مداخيله في مشاريع تنموية واجتماعية وثقافية بالجهة.
الفشل التاريخي للسياسات الفلاحية
عدم تشريك الأهالي في إدارة الأرض يشكل عنصرا ثابتا في تاريخ استغلال هنشير ”الستيل“ منذ الحقبة الاستعمارية وصولا إلى أواخر نظام بن علي، حيث كان يُطلق عليه في عشرينات القرن الماضي “SCAST” (الشركة التجارية والفلاحية للجنوب التونسي). وهي شركة أسسها المستعمر الفرنسي بعد أن استحوذت السلطات الاستعمارية على أراضي الفلاحين. وفي فترة الاستقلال، تزامنا مع الجلاء الزراعي (12 ماي 1964)، استرد الأهالي هنشير ”السكاست“ ودفعوا للدولة مقابل مادي، 40 ألف دينار (نصف الثمن المتفق عليه) ولكن تم استعمال هذا المبلغ من طرف السلطة في مشاريع أخرى، ثم إرجاعه بداية الثمانينات دون فوائض. ولم يتمكن الأهالي من استغلال الأرض إذ تم التفويت فيها أوائل السبعينات لشركة ”الستيل“ دون موافقة أغلب مجلس التصرف في جمنة، إذ أمضى على قرار التفويت 7 أعضاء من ضمن 16 عضو. وفي سنة 2002 تخلت شركة ”الستيل“ عن إدارة الهنشير لفائدة مستثمرين، سبقت الإشارة إليهما أول المقال.
بعد سنة 2011 مهّد السياق الثوري لإعادة استغلال الأرض بأشكال جديدة ذات طابع تضامني تشاركي من خلال تأسيس جمعية حماية واحات جمنة. تركت هذه التجربة خلال خمس سنوات ونصف آثار تنموية واجتماعية، برزت في مشاريع تهيئة واستصلاح مرافق عمومية وترفيع الطاقة التشغيلية للهنشير. وقد سعى الأهالي إلى إيجاد حل لتقنين تجربتهم، ولكن التمسك الحكومي بسياسة الخوصصة حال دون التكيف القانوني مع التجربة التي تنهل من مناويل اقتصادية ذات مضمون اجتماعي. وفي الآونة الأخيرة طالبت كتابة الدولة لأملاك الدولة والشؤون العقارية باسترجاع الضيعة معبّرة عن تمسكها بقوانين الكراء القديمة.
تجربة جمعية حماية واحات جمنة بالأرقام
14/10/2016
ولم يمنع الضغط الرسمي والاعلامي أهالي جمنة من مواصلة استغلال الأرض من خلال انجاز بتة صابة التمور يوم الأحد 9 أكتوبر 2016 بمبلغ قيمته 1,7 مليون دينار. وقد أمضى محضر البتة جل النواب الذين واكبوا المزاد باستثناء النائب عن حركة النهضة، عبد اللطيف المكي، الذي غادر الاجتماع الشعبي عندما دُعي للإمضاء، في حين أمضت زميلته في الحركة محبوبة ضيف الله. (انظر الوثيقة المصاحبة).
الدولة الدكتاتورية لا يمكن أن تنتج سوى فضائح .. جأت الثورة لتعري تلك الفضائح و الفساد الذي ينخر التصرف الحكومي في الثروة ، … اليوم نحن أمام تجربة ناجحة ، لا يمكن لعاقل أن يفكر في التفريط فيها .. نحن أمام منوال تنموي بديل (إجتماعي ، تضامني )، شفاف .. هذا المنوال يعطي للحاكم عدة أفكار ثمينة .. هذا المنوال يمكن أن يتعايش مع منوال عام و يكون متكامل .. النتيجة لا يمكن أن نتصور أنها تكون سلبية ، ستجمع مع النجاح التنموي نجاح في تطوير المساهمة المواطنية ..
نساند جمعية ضيعة جمنة و نتمنى أن تتعدد ..
أكرر ما كتبه
mandhouj
جأت الثورة لتعري الفساد الذي ينخر التصرف الحكومي في الثروة ، … اليوم نحن أمام تجربة ناجحة ، لا يمكن لعاقل أن يفكر في التفريط فيها .. نحن أمام منوال تنموي بديل (إجتماعي ، تضامني )، شفاف .. هذا المنوال يعطي للحاكم عدة أفكار ثمينة .. هذا المنوال يمكن أن يتعايش مع منوال عام و يكون متكامل .. النتيجة لا يمكن أن نتصور أنها تكون سلبية ، ستجمع مع النجاح التنموي نجاح في تطوير المساهمة المواطنية ..
نساند جمعية ضيعة جمنة و نتمنى أن تتعدد
وأضيف للتاريخ
توضيحا بأنّ الأراضي الفلاحية بجمنة كانت قبل عهد البايات الحسينيين حبسا على أهالي جمنة،
والحبس هنا ليس بالمفهوم المعتاد في الشمال (الوقف) بل هي أراضي يملكها الفلاحون الجمنيون ويفلحونها كرعي لهم ويقتاتون من ثمارها ويمولون مصاريف المدرسة القرآنية وقتها (الزاوية) ويصرفون على عابري السبيل من حجيج وغيرهم . ويمنع عليهم بيعها لغير الجمنيين.
جاء البايات في غضبة منهم افتكوا الأراضي من الجمنيين ( خلاء جمنة) خلال القرن 19 وجاء الاستحمار الفرنسي فافتكها وسلمها لمعمر فرنسي.
جاء نظام بورقيبة فارجعها للجمنيين مدة قصيرة ثمّ تراجع وأعطاها للموالين له.
حسن جمني (دكتور في علوم التربية ..
c est la bonne directive des champs des oliviers .l avenir est pour les citoyens pour prendre les choses a la main. tout le peuple avec vous l association de jemnaa bon courage.
Hassen
Merci pour ce partage
Gouba ” l’avenir est pour les citoyens”.
Vu la situation de notre économie, de toute manière l’état n’a plus le choix, sauf si le gouvernement est aveugle… il faut laisser le peuple multiplier les réussites, tel à JEMNA, pour les champs des oliviers, et aussi dans plusieurs domaines de l’agroalimentaire , avec des structures mutualisées, socialisées qui prennent en charge les productions locales et au niveau régional…. dans le domaine du BIO aussi … Et tout cela ça va pousser l’état, les associations à trouver d’autres marchés au niveau Maghrébin , comme au delà …. Et aussi l’agriculteur, le travailleur agricole, … Tunisien “local” comme il est capable de surprendre en terme d’innovation, il a aussi beaucoup à apprendre ailleurs et d’autres expériences géographiquement proches,en Espagne , au Maroc, en Algérie, en Italie, … Quand on laisse le peuple faire (transparence à l’appui), l’état n’a rien à perdre, ni en crédibilité , ni en argent.
Ainsi l’avenir est pour les citoyens, pour l’état des citoyens, du droits et des droits …