بقلم مصطفى الجويلي
في العديد من تقاريره يؤكد صندوق النقد أن سياسة الصرف في تونس تتسم “بالمغالاة surévaluation ” أي أن سعر الدينار (رغم التدهور المتواصل) مازال مرتفعا مقارنة بقيمته “الحقيقية”. لذلك تؤكد املاءاته على ضرورة التخفيض من قيمة الدينار لدعم المنافسة وتشجيع التصدير وذلك بالحد من تدخل البنك المركزي في سوق الصرف و إضفاء مرونة أكثر على قوانين الصرف. استجابة لإملاءات صندوق النقد، اعلنت وزيرة المالية يوم الثلاثاء 18 افريل ان البنك المركزي سيقلص تدخله لتخفيض قيمة الدينار الى حدود 3 دينارات للأورو الواحد تحت غطاء تشجيع التصدير رغم أن كل التجارب تؤكد فشل مثل هذا الإجراء في تحقيق الهدف المعلن.
حتى و إن سلمنا بالمفعول الايجابي للتخفيض في قيمة الدينار على الصادرات فإن لهذا الإجراء انعكاسات سلبية، بل كارثية، تتمثل أساسا في :
1- يؤدي التخفيض في قيمة الدينار إلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة (بالدينار) وهى في جزء هام منها مواد أولية و آليات تستعملها المؤسسات المحلية (الصغرى و المتوسطة خاصة). وهي ما يعني بالنسبة لهذه المؤسسات ارتفاعا في كلفة الإنتاج وإضعافا لقدرتها التنافسية (أمام الهجمة الشرسة للشركات الأجنبية الكبرى) قد يؤدي بها إلى الإفلاس والتوقف عن النشاط. وللتذكير فان هذا الإجراء (في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي) ساهم إلى حد كبير، بين 1996 و2010، في تدمير ما لا يقل عن 55 % من المؤسسات الصناعية الوطنية وفقدان ما يزيد عن 300 ألف موطن شغل. المواصلة في نفس التمشي لن تؤدي إذن إلا إلى مزيد تدمير النسيج الاقتصادي الوطني وتعميق وضع البطالة والتهميش.
2- جزء هام من المواد المستوردة مواد استهلاكية أساسية (غذائية و صناعية) يؤدي التخفيض في قيمة الدينار إلى ارتفاع أسعارها عند التوريد. النتيجة المباشرة هي ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك وتسارع وتيرة التضخم وتدهور المقدرة الشرائية للشرائح الفقيرة و المتوسطة خاصة مع النزعة الواضحة نحو تجميد الأجور و الضغط على مستوياتها.
3- يؤدي انخفاض قيمة الدينار إلى ارتفاع حجم الديون الخارجية بالدينار التونسي و بالتالي ارتفاع كلفة تسديد الديون و نسبتها في الميزانية العامة للدولة. لهذا تجد الدولة نفسها أمام ضرورة الضغط على نفقاتها للحفاظ على نسبة عجز مقبولة. ومن البديهي أن يشمل هذا الضغط أساسا النفقات الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يضعف قدرة الدولة على التدخل ودفع عجلة النمو الاقتصادي ويحرم شرائح اجتماعية واسعة من حقها في الخدمات الضرورية واللائقة.
4- يؤدي تراجع قيمة الدينار إلى تزايد الطلب على العملات الأجنبية خاصة أمام الحرية الكاملة التي تتمتع بها الشركات الأجنبية لتوطين كل أرباحها. هذا الطلب المتزايد على العملات الأجنبية يرفع من قيمتها أي في المقابل يدفع إلى مزيد تدهور قيمة الدينار ليعيد إنتاج نفس الانعكاسات المذكورة أعلاه. هذا بالإضافة إلى تعميق عجز ميزان الدفوعات الخارجية.
رغم أن هذه الانعكاسات السلبية معلومة لدى الجميع بما في ذلك خبراء المؤسسات العالمية فإن صندوق النقد الدولي وفرعه المحلي في تونس (البنك المركزي) مازال متمسكا بضرورة التخفيض في قيمة الدينار وهو بذلك لا يخدم في حقيقة الأمر إلا مصالح الشركات المتعددة الجنسيات المتكالبة على مراكمة الأرباح و نهب ثروات الشعوب و الأمم المضطهدة. وهو ما يمكن أن نتبينه من خلال النقاط التالية:
أ- الشركات المتعددة الجنسيات تمسك حساباتها بالعملة الأجنبية (وليس بالدينار التونسي) فهي إذن تقدر تكاليفها و مداخيلها و أرباحها بنفس هذه العملة (الدولار و اليورو أساسا). لذلك فإن كل تخفيض لقيمة الدينار يقابله انخفاض في الكلفة المرتبطة بنشاطها في تونس مقدرة بالعملة الأجنبية ويجعلها أكثر تنافسية من المؤسسات الوطنية. على سبيل المثال يبلغ الأجر الأدنى في تونس حوالي 320 دينار أي، باعتبار سعر الصرف الحالي، ما يقارب 135 دولار أو 126 أورو. لنفترض انخفاضا في قيمة الدينار بنسبة 10 % مقارنة بالعملتين. في هذه الحالة حتى وإن حافظ الأجر الأدنى على نفس المستوى (320 دينار) فانه يتراجع إلى مستوى 121 دولار و113 أورو. وينسحب هذا التحليل على باقي عناصر الكلفة مثل الطاقة والنقل والاتصالات والتكوين و الأعباء الاجتماعية… أي انه كلما تراجعت قيمة الدينار كلما انخفضت الكلفة بالنسبة للشركات الأجنبية و يمكنها ذلك من فارق تنافسي مصطنع مقارنة بالشركات الوطنية التي كما هو معلوم تعتمد في حساباتها على الدينار التونسي.
ب- النقطة الثانية متعلقة بمسار التفويت في المؤسسات العمومية التي تستعد الحكومة للتفويت فيها عملا بتوصيات صندوق النقد. ذلك أن تقدير القيمة المالية لهذه المؤسسات (سعر البيع أو التفويت) يقع تحديده أو تقييمه بالدينار التونسي. بالتالي، حسب نفس التحليل السابق، كلما كانت قيمة الدينار منخفضة كلما كانت قيمة هذه الشركات بالعملة الأجنبية منخفضة. أي أن تدهور قيمة الدينار ينتج عنه تدهور في قيمة الشركات المزمع التفويت فيها بالعملة الأجنبية وهو ما يجعل الشركات الأجنبية مؤهلة للاستيلاء عليها بكلفة متواضعة.
Lazemkom tefhmou héda 3além kamel kifeh yemchi ,mademna dawla met5alfa dc noda5lou fél system mta3hom bessif 3lina , bél wa9et héda 3andou effet positive 3lina éma mélou béch tkoun periode mzamra 3alé5er , féma barcha douwal 3arfou yéstaghelou la7kaya héki béch y7asnou blédhom da5lyan wnéj7ou b3omla d3ifa 3alé5er wéli 9ari economi ya3réf leffect eli na7ki 3lih
The article is single-sided and is not neutral/objective. You are using ideological terms (like “Nahb”, “haymanah” etc) which makes the article not useful as reference to look for perspectives on how to deal with the current financial situation.
We all know that our currency is overvalued, that the bulk of government budget is going to salaries, that our banks are not performing well, that our competitiveness is not good enough. And you do not give one single approach to addressing these problems. I have the feeling that you suggest continuing as if nothing has been happening (“business as usual”) the last years.
The problem in the Arab world is that we are very resistant to changes, we show with the finger to others and never criticise our policies. The result is revolutions and failed states.