بعد إعلان رئاسة الجمهوريّة صبيحة اليوم 27 جوان 2019، نقل الرئيس الباجي قائد السبسي إلى المستشفى العسكريّ بسبب وعكة صحيّة حادّة، وتتالي الأخبار المتضاربة حول وضعه الصحيّ، تعتري الشارع التونسيّ والوسط السياسيّ بشكل عامّ حالة من القلق حول مستقبل مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة في ظلّ الغموض الذّي يعتري آليّة نقل مهام الرئيس. فقد حدّدت الفصول 83 و84 و85 و86 من دستور الجمهورية التونسية، الإجراءات التي تتبعها الدولة حال تعذر رئيس البلاد القيام بمهامه الطبيعية. إلاّ أنّ تعطّل إرساء المحكمة الدستوريّة، المخوّلة بحسب تلك الفصول إقرار الشغور ونقل الصلاحيّات، أفرز واقعا مُبهما ومستقبلا مجهولا في انتظار ما ستفرزه الإجتهادات تحت قبّة مجلس نوّاب الشعب. أزمة لم تكن سوى نتاجا لاستهتار مختلف الأطياف السياسيّة وعلى رأسهم رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي، بأهميّة استكمال تركيز مختلف الهيئات الدستوريّة وتقديم الحسابات السياسيّة الضيّقة على المصلحة العامّة والتّي عطّلت ارساء المحكمة الدستوريّة طيلة 4 سنوات رغم المصادقة على قانونها الأساسي عدد 50 لسنة 2015 منذ 03 ديمسبر 2015.
في هذا الملّف، تعيد نواة نشر مجموعة من المقالات والحوارات التّي تعود إلى المسار المتعثّر لإرساء المحكمة الدستوريّة ومختلف التجاذبات السياسيّة التّي أحاطت بها.
منظومة التوافق تجهض إغلاق ملفّ المحكمة الدستورية
بانتظار يوم الأربعاء المقبل، كموعد جديد لعقد جلسة عامّة ثالثة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستوريّة، يظلّ هذا الملّف مفتوحا على جولات أخرى من التأجيل، بعد فشل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب يوم الأربعاء 14 مارس الجاري، في إيجاد حدّ أدنى من التوافق بين مختلف الأطياف السياسيّة. منظومة التوافقات التّي تحوّلت إلى الآليّة الرئيسيّة في تسيير الشأن السياسي منذ سنة 2014، مثّلت العائق الأبرز لتركيز هذه الهيئة القضائية المستقلة ضمن مسار متعثّر لإنهاء الأحكام الانتقاليّة وتفعيل دستور 27 جانفي 2014 بشكل كامل.
4 سنوات بعد الدستور الجديد، تونس بدون محكمة دستورية
ينصّ دستور جانفي 2014 في أحكامه الانتقالية على أن "يتمّ في أجل أقصاه سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المحكمة الدستورية". هذا وقد تمّت المصادقة في 03 ديسمبر 2015، على القانون الأساسي المتعلّق بالمحكمة الدستورية، بعد تأخير مشطّ عرفته المداولات على مشروع القانون ثمّ مداولات فرز ملفّات الترشّح لعضوية المحكمة، حيث لم يتمّ إلى حدود اليوم التصويت على المترشّحين الثمانية الذين تمّ اقتراحهم من طرف الكتل البرلمانية، لتتم إحالة الملفّات إلى لجنة التوافقات قبل إحالتها على الجلسة العامّة للتصويت.
حوار مع فاضل موسى: ”الشروط الإقصائية وراء تأخير إرساء المحكمة الدستورية“
بمناسبة الذكرى الرابعة لدستور جانفي 2014، توقّف أستاذ القانون والنائب المؤسس فاضل موسى في حوار أجراه مع نواة على أسباب التأخير الذي عرفه إرساء المحكمة الدستورية، راجعا إلى بعض الشروط التي تمّ التنصيص عليها لعضوية المحكمة وواصفا إياها بالإقصائية. في المقابل، أثار فاضل موسى الانعاكاسات الخطيرة التي يمكن أن تنجرّ عن عدم وجود المحكمة الدستورية وكذلك بعض الهنات في عمل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين والتي لم يتداركها القانون الأساسي المصادق عليه في 03 ديسمبر 2015 .
المحكمة الدستورية، رهينة توافقات الاغلبية البرلمانية
رغم وضوح النصّ الدستوري الذي نصّ في أحكامه الانتقالية على ضرورة إرساء المحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة من تاريخ أوّل انتخابات تشريعية، لم يُحدّد مجلس نوّاب الشعب بعد جلسته العامّة للتصويت على أوّل أربع أعضاء رشّحتهم الكتل البرلمانية. تأخير مشطّ في إصدار القانون الأساسي ثمّ تعطيل كبير في مداولات فرز الترشحات قبل الزج بها في نفق التوافقات السياسية، ليبقى تركيز المحكمة الدستورية -أربع سنوات بعد الدستور- مهمّة مُؤجّلة تُخلّف وراءها فراغا دستوريا وعدد من القوانين الغير مطابقة لأحكام الدستور.
حوار مع نسرين جلالية (منظمة البوصلة): ”الارتجال البرلماني عَطّل تركيز المحكمة الدستورية“
فشِل مجلس نوّاب الشعب للمرة الثالثة في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، حيث لم تلتزم الكتل البرلمانية بنتائج جلسة التوافقات التي سبقت الجلسة العامّة للتصويت. في هذا السياق كان لنواة حوار مع نسرين جلالية، المديرة التنفيذية لمنظمة البوصلة، تطرقنا خلاله إلى أسباب الانقلاب على نتائج التوافقات وتعطيل مسار تركيز المحكمة الدستورية والذي تأثّر حسب محدثتنا بالعمل الارتجاليّ لمجلس النواب وبغياب روزنامة سياسية واضحة تتحدّد بفضلها الأولويّات التشريعيّة. هذا وتطرق الحوار إلى المقترح الرئاسي الذي تبنّته حكومة يوسف الشاهد والقاضي بتنقيح قانون انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ومدى تأثيره على استقلاليتها.
iThere are no comments
Add yours