استئناف قرار البيع كان إثر لقاء الرئيس قيس سعيد وزيرة العدل ليلى الجفال يوم 6 جوان. لقاء تحدث الرئيس خلاله عن الأملاك المصادرة ملمحا إلى التفويت في إذاعة شمس أف أم بالقول، إنّ هناك واجهة يختفي وراءها الشاري الحقيقي. تصريح ورد بعد جدل بخصوص هوية صاحب الشركة التي فازت بصفقة بيع الإذاعة. كما جدّد سعيّد رفضه التفويت في شمس أف أم لشركة في طور الإنشاء خلال زيارة أدّاها لدار الصباح المصادرة، يوم 16 جوان 2023.
ظل رجل الأعمال لطفي عبد الناظر
صادقت المحكمة الابتدائية في 5 أفريل 2023 على كراس الشروط المتعلق بإحالة شمس أف ام وإعلانها خالية من الديون. في 2 جوان أصدرت المحكمة قرارًا يقضي بإحالة شمس أف أم إلى شركة أفريكا برودكستينغ، وهي شركة في طور التكوين، تعود ملكيّتها لمحمّد فاتح كريشان، وهو أيضا مدير عام إذاعة ديوان أف أم. احتد الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن هوية الشاري الجديد لحصة الدولة في الإذاعة، غير أنّ الحقيقة هي أن الشاري الجديد لشمس أف أم هو مدير عام شركة الديوان للإنتاج السمعي البصري، التي يملك رجل الأعمال لطفي عبد الناظر، 74.9% من أسهمها عن طريق شركته أقريماد، حسب مراسلة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري لموقع نواة، وهو سبب تلميح سعيد في لقائه وزيرة العدل إلى وجود أشخاص يسعون لشراء الأملاك المصادرة عن طريق وسطاء يمثلون واجهة لهم.
يقول محمد فاتح كريشان في تصريح لنواة ”لست ظل رجل الأعمال لطفي عبد الناظر، وهو ليس شريكا في راديو ديوان أف أم بصفة مباشرة بل هو شريك في شركة أقريماد المساهمة في الإذاعة ولا تتجاوز مساهمته فيها نسبة 10%. ولو أراد واجهة لاختار شخصا آخر غير معروف لا تربطه علاقة بإذاعة ديوان أف أم“. لكنّ الوثيقة التي تحصلت عليها نواة من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) تنص على أن عبد الناظر يملك الحصة الأكبر، والتي تبلغ قرابة 75 بالمائة في ديوان أف أم عن طريق شركته أقريماد المساهمة في الإذاعة، وهي شركة يستحوذ عبد الناظر على 90% من حصصها. يدير ياسين العموري، المدير العام السابق لشركة الديوان للإنتاج السمعي البصري والذي يملك بدوره حصة لا تتجاوز 0.002 بالمائة في شركة أقريماد، حصة رجل الأعمال في إذاعة ديوان أف أم.
تجاهل للقانون
ينص الفصل العاشر من كراس الشروط المتعلق بالحصول على إجازة إحداث واستغلال قناة إذاعية خاصة على أن ”الحاصل على الإجازة يلتزم ألا يسمح لأي شخص أن يمتلك أكثر من 5 بالمائة من رأس مال الشركة أو حقوق التصويت فيها إذا كان مالكا لأسهم أو حصص أو مساهمات في رأس مال منشأة إعلامية أخرى أو حقوق التصويت بصفة مباشرة أو غير مباشرة، تساوي أو تفوق 26 بالمائة بالنسبة للشركات محدودة المسؤولية و34 بالمائة بالنسبة للشركات خفية الاسم“.
ينفي محمد فاتح كريشان علاقته برجل الأعمال لطفي عبد الناظر بخصوص شراء إذاعة شمس أف أم ويقول لنواة ”سأفسر باختصار توجهي لشراء إذاعة شمس أف ام. أنا كنت وما زلت مديرا عاما لشركة الديوان للإنتاج السمعي البصري، وحين طرحت المحكمة عرض بيع حصة الدولة في شمس أف أم، اقترحت على المساهمين في إذاعة ديوان التقدم لشرائها إلاّ أنه لم يتم التجاوب مع طلبي، رغم أن القانون يسمح بذلك خاصة أنه لا أحد في الإذاعة يملك أكثر من 34%، فجمعت أشخاصا آخرين شاركوني الرغبة في شراء شمس أف أم وكانت لنا خطط لتطويرها واستثمار مالا يقل عن 1.5 مليون دينار من أجل ذلك، خططنا أيضا لخلق تقارب بين شمس أف أم وإذاعة ديوان عن طريق خلق مركز إعلامي موحد أو إنتاج حصص إذاعية مشتركة“.
لم تجدد الهايكا رخصة بث إذاعة الديوان أف أم بسبب مخالفة رجل الأعمال لطفي عبد الناظر الفصل العاشر من كراس الشروط بامتلاك حصة تتجاوز 74% في إذاعة ديوان أف أم إضافة إلى 13% في إذاعة موزاييك أف أم، ما يعني أنه ملزم ببيع حصته في إحدى الإذاعتين. يقول هشام السنوسي عضو مجلس الهايكا في تصريح لنواة ”لم تجدد الهيئة رخصة إذاعة ديوان أف أم بسبب مخالفة عبد الناظر أكبر المساهمين فيها للقانون، ومن الممكن أن يتوجه نحو بيع حصصه في ديوان أف أم، فمن مصلحته أن يبقى شريكا في إذاعة موزاييك باعتبارها مؤسسة تحقق أرباحا كبيرة. حاول عبد الناظر الالتفاف على القانون بتقديم واجهة له، وهو مهدي بن عمر رئيس تحرير الإذاعة وعضو مجلس إدارتها، طالبنا بن عمر بتقديم وثائق للتدقيق في حساباته البنكية لنتأكّد أنّه ليس واجهة لعبد الناظر، لكنه تراجع عن طلب الرخصة“.
يسعى رجل الأعمال لطفي عبد الناظر إلى تركيز قدمه في عدد من وسائل الإعلام، ففي 2017 تقدم لشراء دار الصباح المصادرة عن طريق مجمع شركاته سانيماد وسوموسار وسوتيمايل، قبل أن تعلن شركة الكرامة هولدينغ المشرفة على الأملاك المصادرة بأن عرض البيع غير مثمر بسبب تقدم شارٍ وحيد للعرض، ويستحضر بعض صحفيي دار الصباح زيارة عبد الناظر إلى مقر الجريدة في تلك الفترة قبل فشله في شراء حصص الدولة فيها.
بعد أقل من خمس سنوات عن ثورة 17/14 التي فتحت الباب أمام الاستثمار في قطاع الإعلام، بدت الإذاعات والقنوات التلفزية منصات مربحة لرجال الأعمال، فقناة التاسعة التي بدأت بثها في 2015، كانت موطئ قدم لعائلات إدريس وجنيح في أوج الغليان السياسي داخل حزب نداء تونس آنذاك. في المقابل، ظلّت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تواجه توظيف رجال أعمال وأحزاب لوسائل الإعلام السمعية والبصرية من جهة، والتركيز الإعلامي من جهة أخرى، ما عقد مهمتها في تنظيم المشهد الإعلامي السمعي البصري، وكانت الهايكا قد دعت في بيان صدر بتاريخ 8 جانفي 2023 إلى تسوية ملفّ شمس أف أم، عبر تكوين مؤسّسة يدمج في رأس مالها القطاع العام مع القطاع الخاصّ لحماية الحقوق الماديّة لأبناء المؤسسة، وتوضيح ملكيّة وسائل الإعلام.
iThere are no comments
Add yours