منذ بداية حرب الإبادة على غزة، اغتالت آلة حرب جيش الأبارتهايد ”الإسرائيلي“ أكثر من 255 صحفية وصحفيا في أشنع جريمة تعرضت لها صاحبة الجلالة على الإطلاق. قتل بدم بارد لا مبال، مطمئن لتواطئ مشين من مراكز صنع القرار وسرقة إرادة الشعوب، آخره قبل نحو أسبوع بُث مباشرة كاشفا وحشية ما بعدها بشاعة، بل آخره عند كتابة هذه الكلمات في حق الزميلة إسلام عابد ومن قبلها مريم أبو دقة ومعاذ أبو طه وحسام المصري وأحمد أبوعزيز ومحمد سلامة.. والقائمة لا تكاد تحصر لتفتح من جديد مضيفة مزيدا من الألم والقهر وثباتا على الثبات بأن لا تذهب دماء بطلات وأبطال المهنة هدرا.

نشارك بأقلامنا وحناجرنا وقلوبنا وضمائرنا في أوسع تحرك إعلامي عالمي موحّد في تاريخ الصحافة والإعلام، بتنسيق من الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود وحركة المواطنين العالمية آفاز، لفرض التوقف الفوري عن استهداف الصحفيين الفلسطينيين وفتح المجال أمام الصحافة الدولية المستقلة لدخول غزة. نشارك في هذا التحرك العالمي ونحن نتابع السقوط المدوي لكبرى المحطات ووكالات الأخبار العالمية التي ابتدعت في الانحطاط صروفا ما بعدها رداءة لتبييض جرائم الاحتلال وتبني وجهات نظر إجرامية مخجلة حتى وإن تعلق الأمر بتبرير قتل مراسليها الفلسطينيين في غزة.

 الصورة المميزة لحملة الحراك العالمي لرفع الحصار الإعلامي عن غزة – مراسلون بلا حدود

هي جرائم إذا مع سبق الإصرار والترصد، بلغة أهل القانون، تهدف إلى طمس معالم الإبادة والمجاعة المفروضة على غزة وأهلها ونسائها وأطفالها وتنسيب فضاعتها والالتفاف على وحشيتها، بوعد فتح تحقيق هنا واعتذار مخاتل كاذب هناك، وتكذيب واتهامات هابطة يطلقها فطاحلة تبرير الإبادة على كبرى المحطات العالمية. والغاية أفعى برأسين، الأولى اغتيال الحق في الوصول إلى المعلومة ومزيد تشويه الصورة خاصة فيما يتعلق برعب الأبارتهايد ”الإسرائيلي“ من صدمة الجماهير الغربية المغيبة عن واقع الاحتلال منذ 1948 وبداية تشكل تيار جارف سأم التلاعب به وتوجيهه نحو سردية كاذبة، والثانية ترهيب مفضوح مكتمل المعالم لكل صحفي يتجرأ على التقاط الكاميرا والمصدح والقلم المضرج بدماء صحفي سقط لتوه شهيدا للكلمة الحرة. جرائم حرب موثقة بعضها بُث مباشرة كما ذكرنا وشاهد العالم بأسره فضاعتها قبل أن يصرف نظره عنها، رغم تسجيل أربع شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب ارتكبها ”الجيش الإسرائيلي“ بحق الصحفيين في قطاع غزة منذ نحو سنتين.

يخرج اليوم الصحفي الغزاوي للعمل حاملا كفنه بدل أدوات عمله، يرى بألم أشلاء زميلاته وزملائه تتطاير أمامه ولا من مغيث او مجيب، يغلبه الألم وتداهمه دموع فراق الأحبة لكنه يواصل رسالته بكل شجاعة تربك مجرمي الحرب، حتى لا يتوقف البث، حتى لا ينقطع صوت غزة عن العالم، حتى يتلاشى ظلام التقتيل والمحو الجبان للحقائق، حتى يرفع غطاء الرصاص الخانق الذي يغتال الأبرياء في غزة والإنسانية قاطبة، إن بقي لها من معنى في كل شبر على الأرض وسمائها وبحارها ينبض فيها قلب بالحياة. نشارك من موقعنا في هذه الحملة مع أكثر من 150 وسيلة إعلام لنقول لا للتزييف وكفى اغتيالا للحقيقة. فلنرفع أقلامنا وسواعدنا ولتصدح حناجرنا بصوت الحق عاليا: ارفعوا الحصار الإعلامي حالا عن غزة، كفى تواطؤا مذلا مع الإبادة.