دخل الدكتور عبد الرحيم عيادي رئيس قسم تصفية الدم بمستشفى جندوبة في إضراب جوع مفتوح منذ يوم الثلاثاء 4 سبتمبر 2012، و ذلك إحتجاجا على سلوك وزير الصحة معه خلال إجتماع بمقر حركة النهضة بجندوبة، و رفضا لمماطلة الوزارة بخصوص منحه رخصة لفتح مصحة تصفية دم حيث نادى من خلال هذا الإضراب بمجموعة مطالب خدمة لأهالي الجهة.

و ذكر لنا الدكتور عيادي أنه خلال إجتماع حزبي لحركة النهضة بجندوبة، يوم الأحد 2 سبتمبر 2012، بحضور وزير الصحة تدخل ليعرض مشكلته المتمثلة في عدم منحه ترخيص فتح مصحة تصفية دم و كذلك ليعرض مشاكل مركز تصفية الدم الذي يعمل به و الصعوبات التي تعترض المرضى المحتاجين إلى تصفية الدم، و لكن ما وجده من وزير الصحة هو ردة فعل قوية و طريقة كلام “لا تليق بوزير” حسب ما صرح به الدكتور عيادي. حيث قال أن وزير الصحة قال له بأنه يعرفه و سمع بالمشكل الذي تسبب فيه عندما منع دخول أحد زملائه، و أمام هذه الإتهامات أراد الدكتور عيادي التوضيح للوزير بأن موقفه ينبني على معلومات مغلوطة تهدف إلى تشويهه صورته و لكن الوزير لم يستمع إليه بل هدده ببعث لجنة تفتيش و التي زارته فعلا يوم الاثنين 3 سبتمبر 2012 أي بعد يوم من الاجتماع المذكور.

و أمام هذا الوضع قال الدكتور عيادي أن ما يحز في نفسه هو معاملته بهذه الطريقة المهينة في نهاية مسيرته المهنية بما أنه سيتقاعد بعد ثلاثة أشهر، حيث أنه لم يقع إيلاءه التقدير اللازم تقديرا لشخصه و لمسيرته المهنية و لكل ما قدمه للجهة.

فالدكتور عبد الرحيم عيادي من أقدم الأطباء في تونس في إختصاص تصفية الدم، و قد ألف كتاب “القران و المعرفة العلمية الأساسية” و ترجم عديد البحوث العلمية. كما أخذ الدكتور عيادي على عاتقه مع طبيب اخر كل ولايات الشمال الغربي (جندوبة سليانة باجة الكاف) في ما يخص احتياجات تصفية الدم من سنة 1995 إلى سنة 2000، و تكون على يده عدد كبير من ممرضي المستشفى الجهوي بجندوبة و المصحات الخاصة دون أن يطلب أجرا مقابل ذلك.


و قد تقدم الدكتور عبد الرحيم عيادي بطلب رخصة لفتح مصحة خاصة منذ سنة 1993 و لكنه لم يتحصل على أي رد من وزارة الصحة سوى أن طلبه أدرج ضمن لائحة الانتظار و لكن الانتظار طال و تحول إلى نوع من المماطلة.

و أمام هذه المماطلة لم يجد من حل سوى رفع قضية ضد وزارة الصحة حينها تلقى اتصالات من مقربين من الوزير صلب وزارة الصحة تطلب منه التنازل عن القضية و تعلمه بأنه سيحصل على الترخيص فقام بإسقاط الدعوى لأنه حسب رأييه لم يعد من داع لذلك، و لكن ثقته لم تكن في محلها فلم يحصل على أي شيء سوى مواصلة منهج المماطلة.

و أكد الدكتور عيادي أن مطلبه يتضمن فقط الرخصة، مضيفا أنه لا يطلب دعما ماديا أو أي شيء من هذا القبيل، و بخصوص اختياره غار الدماء ليفتح بها مصحة تصفية الدم أجاب: “لأنها جهة نائية ومرضى القصور الكلوي بتلك الجهة في حالة شبه إعاقة و مع ذلك يضطرون للتنقل مسافات طويلة لتصفية الدم”.

و أضاف رئيس قسم تصفية الدم: “لم أطلب منحي رخصة فتح مصحة في الأحياء الراقية بل طلبتها لفتح المصحة في جبال غار الدماء لتقريب الخدمات لأبناء جهتي و بعث مواطن شغل للعاطلين عن العمل و قد سبق و عملت في فرنانة من سنة 1987 إلى سنة 1990 و أعرف جيدا ما يعانيه متساكنو هذه المناطق.

و قال الدكتور عبد الرحيم عيادي أن الدولة “ما تخدمش البطالة و ما تخليش شكون يخدمهم”.Haut du كما أكد أن مطالبه ذات صبغة اجتماعية و ليس لها أي علاقة لا من قريب و لا من بعيد بالتجاذبات السياسية التي تعيشها تونس.

و احتج الدكتور عبد الرحيم عيادي، من خلال إضراب الجوع المفتوح الذي ينفذه، على ظروف العمل بمركز تصفية الدم بالمستشفى الجهوي بجندوبة و التي لخصها في النقاط التالية:

– نقص في الآلات: حيث طلب مركز تصفية الدم 30 الة تصفية دم للاستجابة لحاجيات المرضى فتم جلب 15 الة فقط.

– نقص في عدد الممرضين: يحتاج المركز إلى 16 ممرض و لكن حاليا يوجد 8 فقط.

– نقص في عدد العمال: نحتاج 12 عامل و لكن يوجد بالمركز عامل واحد.

– نقص تام في الإطارات الإدارية.

– تدهور حالة المرضى بسبب إهمال الإدارة.

– التحاليل البيولوجية لا يقع إنجازها من قبل مختبر المستشفى ففي أغلب الأوقات لا ترسل نتائج هذه التحاليل : لذلك المطلوب أن تتحمل وزارة الصحة تكلفة القيام بهذه التحاليل في المخابر الخاصة.

– عدم توفير نقل المرضى من منازلهم إلى مركز تصفية الدم خصوصا أن الكثير منهم يقيمون في مناطق ريفية لا تتوفر فيها وسائل النقل العمومي، و هو أمر يمكن أن تنتج عنه عواقب كارثية خاصة عندما يسوء المناخ و يصعب الوصول إلى مركز تصفية الدم في الوقت المناسب، ففي إحدى المرات سجلت حالة وفاة مصاب بالقصور الكلوي بسبب عدم قدرته على التنقل إلى المركز نتيجة تراكم الثلوج.

– عدد حصص تصفية الدم اليومية لا يتطابق مع المقاييس القانونية لوزارة الصحة: لذك فالمطلوب التخفيض في عدد حصص تصفية الدم اليومية بإنقاص واحدة ليصبحوا حصتين يوميا عوض ثلاثة حصص، فمركز تصفية الدم بمستشفى جندوبة هو الوحيد في كل الجمهورية الذي يقوم بثلاث حصص يومية، كما أن مرضى الحصة الثالثة لا يتوفر لهم النقل إلى قراهم اخر النهار خاصة في فصل الشتاء.

– نصف العاملين بالمستشفى من عملة و ممرضين و أطباء يعملون في مصحة الملائكة و الإدارة على علم و لكنها تتغافل عن ذلك بإرادتها و لا تقوم بأي إجراء للتصدي لذلك.

– مركز تصفية الدم بطبرقة مغلق منذ فترة طويلة و بما أن أهالي الجهة في أمس الحاجة إلى الخدمات التي يقدمها فالمطلوب إعادة فتحه في أقرب الاجال الممكنة.

و للدكتور عيادي أسباب شخصية، إضافة إلى الاحتجاج على ظروف العمل داخل مركز تصفية الدم الذي يشرف عليه و جملة الضروريات التي طالب بها من أجل تقديم خدمة أفضل للمرضى الذين يقومون بتصفية الدم سواء الذين يترددون بصفة دائمة على المركز أو غيرهم من أهالي الجهة، من هذه الأسباب الشخصية:

– عدم الحصول على إجابة بخصوص طلب قدمه إلى وزارة الصحية منذ سنة 1993 لبعث مصحة خاصة لتصفية الدم بغار الدماء و هذا المشروع من شأنه أن يوجد مواطن شغل جديدة (ممرضين، عملة، إداريين، أطباء..) هذه المصحة لخدمة أهل الجهة لأنها ستساهم في التغلب على النقص الحاصل في هذا المجال.

– اعتقاد وزير الصحة أن للدكتور عيادي مشكل شخصي معه، و هذا الاعتقاد حسب ما أفادنا به الدكتور مبني عن مغالطات تهدف إلى تشويه صورته.

– التتبعات الكثيرة التي تمارسها الإدارة على شخصه و رصد كل تحركاته بأسلوب مزعج و مستفز.

و أكد الدكتور عيادي المضرب عن الطعام منذ يوم 4 سبتمبر، أن جواب الوزارة حول هذا المطلب سواء بالقبول أو بالرفض من شأنه أن يجعله يعدل عن إضرابه.