بقلم الطاهر العبيدي (أبو كرامة )

taharlabidi@free.fr

الصحفي محمد الفوراتي مثل يوم 21 / 9 / 2005 أمام المحكمة الابتدائية بقفصة، رفقة المحامين الأستاذ اليحياوي والأستاذ زهير، وقد تمّ تأجيل المحاكمة إلى يوم 26 أكتوبر 2005، بطلب من الدفاع للإطلاع على حيثيات القضية، وقد استجاب القاضي لطلب الدفاع، وبالتالي فقد تأجلت المحاكمة إلى تاريخ 26 تشرين 2005.

وبالمناسبة فإننا نحيّي هذه الوقفة التضامنية مع الزميل محمد الفوراتي، ونحيّي هذا التراصف وهذا التصافف، وهذا التراصص من أجل الانتصار لحرية الكلمة وحرية التعبير، من أجل هزم الباطل وإيقاظ الضمير، من أجل انبعاث دولة العدل دولة الإنسان ودولة القانون، من أجل وطن لا نكون فيه أغناما ولا أبقارا، ولا خرفانا تساق كما تساق الحمير، من أجل وطن لا نكون فيه مواطنون دونما تهم دوما متهمون، من أجل وطن لا نكون فيه أرقاما محشوّة في صناديق التزوير، من أجل وطن لا نكون فيه أقنانا وخدما عند السيد المسؤول، من أجل وطن لا نكون فيه بلا كرامة بلا حقوق تماما كما السبايا وكما العبيد، ولا شعبا يروم الذل ويرضى بهوان المصير…

من أجل هذا كله، ومن أجل معانقة أشعّة الحرية، وشعاع التحرّر والانعتاق وقداسة حرية التعبير، نشكر كل الزملاء الصحفيين، الصاحين والمستيقظين في زمن الخراب والتدمير، الواقفين جدارا عازلا ضد هبوب رياح القهر، ضد اغتيال العقل، ضد شنق الرأي وتأميم التفكير، فقد تهاطلت مسانداتهم دون تردد ودون جواز عبور، لتدل على قمّة الوعي والاستنفار وعدم الاستكانة لهوان المصير،هؤلاء الذين اختاروا دوما الترادف والعسكرة خلف الواجب والضمير، نحيّي كل الزملاء الصحفيين التونسيين وغيرهم من كل فجّ عميق، الذين توافدوا لنصرة زميلهم فرادى وجماعات، ليدافعوا عن حرية الكلمة، وحرية الجملة، وحرية السباحة بين السطور…

ولن ننسى أسماء الزملاء الذين وصلوا بعد نشر العريضة، للنجدة والتصدي لمحاكمات الظلم والجور

ومن بينهم


رضا كافي


Rédacteur en chef délégué


Jeune frique/L’Intelligent



زهير لطيف


العربي شويخة


جمال الطاهر


كما نحيي مساندة أستاذنا الصحفي القدير، عبد اللطيف الفوراتي ذاك الجسر الرابط بين أجيال ترفض شنق الكلمة، وتجزير النص وكسر أقلام التحرير…
ونعتذر لزميلنا الصحفي المتميّز صلاح الدين الجورشي، الذي طرأ خطأ مطبعي على كتابة أسمه في العريضة باللغة العربية.

ونغتنم هذه المناسبة لنحيي المنظمة العربية لحرية الصحافة، التي فتحت ذراعيها للدفاع عن حرية الكلمة وحرية المعلومة في تونس التغيير، وغيرها من البلدان التي تدمر الأقلام، وتسجن الكلمة وتعتدي على التعبير…

ولا يفوتنا أن نشكر زملائنا وأصدقائنا في وكالة تونس نيوز، المجنّدون دوما والمنتبهون دوما، للاتقاط ذبذبات كل المقهورين والمظلومين، والمحرومين والموجوعون والمستصرخون، وكل العاشقين لهذا الوطن..

ونحيي موقع الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي بات قلعة لحرية التناظر والتحاور والتذاكر والتكاتف، من أجل بناء العقل واستفزاز الوعي وتحريض الضمير، ومعه مجموعة مراسلة الأخبار المتأهبة كل لحظة وكل حين، لتوزيع الخبر والمعلومة، وعدم الاستكانة والتقصير…

كما نحيي موقع الحوار نت، الذي كان متصيّدا مقتنصا لكل أنفاس المهمومين بهموم الوطن، وبالمناسبة نهنئه على الحلة الجديدة، والإخراج الفني المتميز والانفتاح الذي يبشر بمواسم الخصب ورحابة الصدور…

وكذلك موقع نواة الواقف على ربوة المعاناة يحتضن أوجاع الوطن ويؤرخ للمأساة…

وتحية لمنتدى تونزين الذي لا ينام على الضيم، ويظل ينشر العرائض والآراء والنصوص وكل البيانات…

ولا ننسى هنا أن نشكر كل المناضلين الشرفاء، الذين ساندوا وتضامنوا مع زميلنا منهم السادة

علي بن سالم / رئيس الودادية الوطنية لقدماء المقاومين

محرز الزغدودي / عضو بالحزب الديمقراطي التقدمي / ومناضل بالاتحاد العام لطلبة تونس

القاضي مختار اليحياوي – نجيب البكوشي – يوسف الحمداني – محسن الشابي- العربي القاسمي – لطفي الهمامي – محمد النوري- عبد الوهاب الهمامي- http://www.etunisie.net

وكما هو هذا قدرنا أن نكون شهودا على زمن الفجيعة، وشهودا على زمن الوجيعة، وشهودا على زمن الهزيمة، وكما هذه الضمائر الحيّة التي ترفض مراسيم السلطان، ترفض العيش كالأنعام، ترفض طأطأة الرؤوس وانتفاخ البطون وابتلاع اللسان، فليس قدرنا ولا بإمكاننا، ولا تسمح لنا أنفسنا، أن نصمت وأن نغمض العينين، ونختزل القلم والأوراق واللسان، ونحن نشاهد ونتفرج على الصور البشعة، التي تداس فيها يوميا كرامة المواطن وكرامة الإنسان، فمن منّا لم ير تلك الصورة الموجعة، والقصة المفجعة، والإهانة البشعة، صورة المحامي الأستاذ عادل امباركي، وهو يرفس ويهان في الطريق العام، من منا لم يحس بطعم الألم، وطعم المذلة، وطعم الإهانة، وكل أنواع الإذلال، محامي يمثل ضمير القانون، هكذا يعامل بالضرب والاعتداء، والجلد دونما ذنب ولا جرم ولا تهمة ولا مخالفة القانون فإن كان هذا حال محامي ورجل قانون، فكيف بالنسبة للمواطن العادي وكيف المصير…

أو ليس من المحزن أن نرى الصحفي عبدالله الزواري، بعد كل سنين السجن والعذاب والاعتقال، يصبح منفيا داخل وطنه…

فماذا نقول إن سئلنا عن أولئك المساجين، الذين يعيشون كل أنواع التدمير منذ سنوات…

أيها الزملاء أيها الوطنيون الأوفياء، أيها المناضلون الشرفاء، أيتها الأحزاب المعترف بها، والغير معترف بها، أيها المعارضون الأشداء، آيها السياسيون أيها الحقوقيون، أيتها المواقع والمنتديات، وكل الفعاليات أيها المواطنون الأبرياء، إننا جميعا مدانين تاريخيا، مدانين وطنيا، مدانين قيميا، ونحن نتفرج على أطفال أبرياء، منذ سنين طويلة، يعيشون طفولة سوداء، لا يعرفون الفرح، ومحرومين من حضن الآباء، متكومون داخل أحزانهم، مسجونين في كهوف الذكريات والأحزان،
أيها السادة ما بني على باطل فهو باطل، ولئن قيل ويقال أن هؤلاء مارسوا كما يقال العنف والإرهاب، فتعالوا إلى كلمة سواء، كلمة العقل والمنطق والمعقول، من منا سمع أحدا من هؤلاء السجناء، الذين يقادون إلى السجون إلى التعذيب إلى التحقيق إلى الزنزانات، كما تقاد الخرفان الوديعة، ولم نسمع أن أحدهم رد الفعل حتى بصفعة إلى جلاديه، فهناك من اقتحموا غرفة فراشه واعتدوا على زوجته وأطفاله، وحتى الذين خرجوا من السجن حطاما لم يفكروا في الثأر والانتقام، فبعد هذا عن أي تشدّد وإرهاب وعنف يمكن أن يتحدثون…

يا كل سائقي هذا الوطن، إنه عار علينا أمام التاريخ وأمام الأجيال، أن نظل متفرجين على هذه المذبحة، أن نظل فقط نتابع أخبار هذه المجزرة، عار علينا أن نبقى فعلا مشتتا وأعمالا متناثرة، وجهودا متهاوية تجاه هذه القضية، تجاه أطفال لم يعرفوا من طفولتهم سوى – زيارة – قفة – بوليس – سجون- اعتقال – إضراب جوع – وفاة – مستشفى – ضرب – تعذيب- محاكمة- تحقيق – العزلة الانفرادية- العقوبة الجماعية…تجاه أطفال ماتت الطفولة في صدورهم، وانتحرت الابتسامة في عيونهم، وتجمدت الألعاب الصبيانية منذ زمن بعيد في أذهانهم، تجاه أطفال لا يعرفون عيد الإضحي، ولا عيد الفطر، تجاه أطفال جنت عليهم دولة الاستقلال، ودمرت آباءهم دولة التغيير…

أيها السادة ذوي الضمائر الحية، يا كل جنود هذا الوطن إلى متى سيظل أبناء وطننا معذبون في جحيم المعتقلات، إنها وصمة عار على جبين كل واحد منا دون استثناء، لأن المبادرات الفردية تبقى مبتورة عرجاء، والوقفة الجماعية وحدها من تحرّر السجناء.

فيا أيها الزملاء وكل المناضلين الشرفاء، فكما أنتم قادرون على التجند من أجل قضية ما، فإنكم قادرون على غلق ملف السجناء، كي لا يقال عنا يوما أننا ما كان علينا أن نكون هكذا…

فما المانع والكل مقتنع أن هذا الملف تجاوز حدود المنطق والمعقول، وكل الحجج والتبريرات والتفاسير باتت أراجيف وبهتانا وزور، ما المانع أن تتوحد كل الجهود كل الاختلافات كل المفارقات كل الفعاليات لطي هذا الموضوع، والانتصار للإنسان والفعل بمقولة ” فيكتور هيقو ” أختلف معك في الرأي ولكن أدافع حد الموت من أجل حقك في الحياة ”