بقلم أحمد قعلول (*)

تستعمل كلمة يزّي بتشديد الزين للدلالة على طلب التوقف عن فعل شيء. ويمكن استعمالها بالتبادل مع كلمة يكفي أو كفاية على طريقة إخواننا في ارض الكنانة مصر.

أما فك فهي طلب لحل الأمر أو العقدة والرباط واصلها فكك من التفكيك والقطع كمن يطلب قطع حبل أو فك رباطه بحيث ينقطع الاتصال به فهي طلب للانتهاء عن أمر وتستعمل في حالة الغضب بطلب رفع الحمل “فك علينا” كمن يحمّل محراثا على ظهره ثم يفكه عنه فهو يرفع كلكلا ويوقف عنه التنكيل.

ويزّي كلمة عربية واصلها يجزي وتقول العرب “هذا يجزي” أي هذا يكفي بمعنى أن الزيادة غير مرغوب فيها. وقد حذفت “هذا” واحتفظ بـ”يجزي” للتخفيف كما وقع ادغام “الجيم في الزين” وهو إدغام بغير غنة والإدغام اصطلاحا: هو إدخال حرف ساكن في حرف متحرك بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدّداً . أو هو باختصار كما عرفه ابن الجزري (النطق بالحرفين حرفا كالثاني مشدداً) وحروف الإدغام ستة مجموعة في كلمة: (يرملون) .

ومن البين من الشرح الآنف أن حرف الجيم والزين ليسا من حروف الإدغام ولكن تجوز ذلك في اللهجة التونسية لميل أهل المغرب العربي إلى الإسراع في الحديث ومن ذلك ابتداؤهم للكلام بالسكون مثل قولهم “مشى” مع تسكين الميم و”كلى” مع تسكين الكاف للإخبار عن الغائب انه أكل إلى غير ذلك .

وتستعمل عبارة “يزّي فك” في كثير من المجالات للتعبير عن الضجر والملل فإذا صاح بها صاحبها دلّ انه لم يعد قادرا على الصبر ومقابلها يستعمل إخواننا المصريون كلمة كفاية مكررة فيقول الضجر منهم “كفاية، كفاية” مرتين أو ثلاث للتعبير عن حال التونسي عندما يزفر بـ” يزّي فك”.

وعلى طريقة أهل الأبيض المتوسط الذين يلحقون حديثهم بحركات اليدين واهتزاز للجسد فان التونسي إذا صرخ بـ”يزي فك” رفع يديه إلى أعلا كتفيه مميلا لهما إلى الخلف كمن يلقي بشيء وراء ظهره مع التفاتة للضجِر (الذي أصيب بالضجر) الصارخ بـ”يزّي فك” إلى الخلف معرضا بنظره عن مخاطبه معبرا عن قمة عيلان صبره (من عيل صبره مع بعض من التجوّز). وهناك فرق في الاستعمال عند الجمع بين كلمة “يزي” وكلمة “فك” وفي التفريق بينهما وذلك أن استعمالهما مفرقتين لا يدل على نفس حدة الضجر والملل والغضب والإعراض عن الأمر المكروه.

ويبدو أن المواطن التونسي قد فاضت كأسه فزفر وصاح جامعا بين “يزي” و”فك” فقال “يزّي فك”. أو هو يقول “بن علي يزي بن علي فك” وهي أن استعملت بهذه الصفة تخلى المخاطب فيها عن رفع اليدين إلى أعلى الكتفين وعن الالتفات إلى الخلف وحول يديه إلى مستوى الصدر مع توجيه الأصابع إلى الأمام ومع تركيز النظر بغيظ مكظوم إلى المخاطب وهي إن استعملت بتضمين اسم المخاطب كانت كتوجيه من كبير إلى صغير طال صبر الكبير عليه كمن يخاطب ابنه العاق قبل أن يصب عليه جام غضبه بيديه التي وجهها تجاهه ولعله رفسه برجليه خاصة إذا ما كثر شكوى الأم وبقية العيال وليس للطفل العاق هنا إلا الاستماع أو تحمل جزاء عقوقه.

و”بن علي يزي بن علي فك” هو شعار زفر به أحرار من تونس عن بقية هذا الشعب الذي نزل عليه الظلم بكلكله وطال ظلامه فجر البلاد وضحاها وظهرها وعصرها ومغربها وعشائها وسحورها ولعل فجرا جديدا يطل فـ”بن علي يزي بن علي فك”.

(*) أحمد قعلول مدير تحرير الدورية الفكرية و السياسية الألكترونية أقلام أون لاين