Les articles publiés dans cette rubrique ne reflètent pas nécessairement les opinions de Nawaat.
بقلم مالك الشراحيلي- ناشط حقوقي في تركيا،

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام و السلام على اشرف المرسلين نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين:

ان ما تعيشه تونس الثورة اليوم من تحديات امنية و اقتصادية و اجتماعية و صراع سياسي, خارج عن نطاق الثورة و تحقيق اهدافها, يلزمنا ان نقف لوهلة و نعيد التفكير في كل شيء ابتداءا من حكومة الالتفاف الى جميع القوى السياسية بما فيها الهيئة العليا و بقية مكونات المجتمع المدني, لقد تكلمنا مرارا و تكرارا عن مخاطر الالتفاف على الثورة و الجز بتونس في ظلام المؤامرات الرجعية للدكتاتورية و غيرها الا ان المريب في الامر ان نعمل بغير ما نتكلم به و نصرح به و نبتعد عن تحقيق اهداف الثورة الى تحقيق اهداف شخصية و حزبية و استغلال الثورة لربح مارب شخصية او فكرية معينة لعلها لا تمد بصلة الى اصل المجتمع التونسي و لا الى متطلباته و مستحقاته و حتى لا نخرج بالكلام عن المقصود اود الرجوع الى اهم المسائل المرحلية التي تمر بها تونس الثورة:

اولا : المؤسسات الامنية و ضرورة اصلاحه

ثانيا:الحكومة ضرورة تبديلها او اجبارها على العمل صلب الثورة

ثالثا: الدفع بالهيئة العليا بان تحقق اهداف الثورة لا ان تحقق اهداف اعضائها

المؤسسات الامنية و ضرورة اصلاحها:

لا شك في ان الوضع الامني المتدهور و الانفلات المدبر نعم مدبر بايدي خفية قابعة في مراكز قوية على الموسسات الامنية ابتداءا من وزير الداخلية و صولا الى اصحاب الرتب الذين شاركوا بن علي و نظامه في ارهاب الشعب التونسي الى يومنا هذا اود الرجوع بكم الى احداث الثورة عقب فرار بن علي حين اصبح الشعب مهدد في امنه من خلال عصابات امنية و القناصة راينا سلوك حضاري مثالي في اتحاد افراد الشعب من خلال اللجان الشعبية الامنية و مرت اصعب فترات الثورة في جو من التالف و التازرولم نشهد اجرام كما نشهده اليوم , و بعد تنصيب وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي ايضا لم يكن هناك انفلات امني و لو بنصف ما يحصل الان من معارك بين احياء او بين عروشات او قبائل بل ان التقارير الامنية الصادرة انذاك كانت تدل على وضع امني مستقر و في تحسن ,و بعد اقالة الراجحي و تعيين الحبيب الصيد اتى معه بانفلات امني غير مسبوق على كل المستويات و ضعف الاداء الامني داخل المدن و عدم سيطرتهم على الاجرام و المجريمين الذين هم في حقيقة الامر معروفون لدى الاجهزة الامنية فردا فردا و تقلص عدد افراد الامن في الشوارع,و هروب مائات السجناء في مختلف ولايات الجمهرية من السجون التي لا يمكن ان نتكلم على انفلات امني فيها لانها بالاساس مراكز فابعة تحت سيطرة الامن و الجيش فحدوث عمليات هروب جماعية من سجون مختلفة انما هو علامة استفهام عن المغزى من وراء السماح او ربما تسهيل عملية هروب هؤلاء, ان هذا الانفلات الامني الامني هي حجة الوزير الاول في الالتفاف على اهداف الثورة و التقاعس عن تحقيق اهدافها حيث كلما طل علينا يذكرنا بضرورة الامن و ارجاع هيبة الدولة حتى نتمكن من التقدم و حل المشاكل الاقتصادية التي يصورها على انها متازمة و ان تونس على محك مجاعة و افلاس.

نعم ان مسالة الامن ليست بالمسالة الثانوية حتى نلوم الباجي قايد السبسي على التركيز عليها و لكن المشكلة في كيفية اصلاح المنظومة الامنية التي ظلت لسنين تخدم و تحمي في مصلحة النظام الدكتاتوري و لا شك في ان العديد من القيادات في هذه الاجهزة الامنية متورطون في عمليات قتل و تعذيب و فساد و ارهاب الشعب و ان هؤلاء الافراد يخشون من انكشافهم و تعرضهم للمسائلة و المحاكمة و هذا الامر جلي و واضح وهو ما اكده السيد فرحات الراجحي عندما سؤل عن سبب اعفائه من الوزارة, ولكن هذا لا يمنع من تواجد لافراد شرفاء و نزيهين في جهاز الامن يسعون لاصلاح هذه المنظومة و لكنهم لا يملكون القدرة على ذلك لانهم سيكونون عرضة للاستهداف من قبل الاجهزة نفسها فيعزلوا او حتى يسجنوا او يقتلوا و لا ننسى ما فعله بن علي بكوادر الامن بعد ان حقق الانقلاب على ايديهم, و هنا يقع على عاتق المجتمع المدني من قضاة و محامين و حقوقيين الى المسارعة في تشكيل هيئة ذات قوة و ارادة تضم افراد الامن هؤلاء و توفر لهم الحماية و تمنحهم شرعية لعملهم الاصلاحي و تساندهم سياسيا و تقنيا و توفر لهم كل وسائل عملهم حتى نتمكن من ارساء منظومة امنية صالحة ذات عقلية جديدة تخدم مصلحة الشعب و الوطن و تحمي كلى الطرفين من بعضهم البعض, و هذا العمل لا يستوجب التاخير لما بعد الانتخابات بل هو ضروري و ذو اولية على الانتخابات لانه من المستحيل ان تكون هناك انتخابات كما يقولون حرة و نزيهة في جو امني متدهور و هو ما يعرض البلاد و العباد الى مخاطر جمة لا يعلمها الا الله في ظل تواجد قوى التجمع التي لا تزال تعمل بكل جهدها للحفاظ على سيادتها و مستعدة للقيام باي شيء مقابل البقاء حتى لو قاموا بتفجيرات ارهابية قبيل الانتخابات او اثنائها لزعزعة ثقة المواطنين ببعضهم البعض و الرجوع بالبلاد الى منظومة الاستبداد خصوصا في ظل ما تشهده الساحة السياسية من هجوم على الاسلام (و لا اقصد الاسلاميين و لا الاحزاب ذات المرجعية الدينية) و التخويف منهم و تجنيد كل الوسائل لذلك من اعلام و سياسيين و غيره و الكل يرى و يسمع ما يحدث.

فالواجب اليوم الذي يقع على عاتق المجتمع المدني ,هو بدل ان يبقى يتباكى و يشتكي من المنظومة الامنية و يصرح بان العقلية الامنية لم تتغير و ان التعذيب و الانتهاكات مازالت متواصلة و يطالب باصلاح جهاز الامن ,(ولم افهم من هو الطرف امطالَب), و ساكت على تلك الممارسات و يمني نفسه بان الانتخابات ستكون كفيلة بتغيير هاته العقلية, ان الواجب عليهم اليوم الاسراع باتخاذ قرارات صارمة و تكوين لجنة ذات قوة و ارادة لمباشرة عملية تطهير الاجهزة الامنية من العناصر الاجرامية فيها و ارساء جهاز امني يقوم على احترام المواطن و حماية مصالحه.

الحكومة ضرورة تبديلها او اجبارها على العمل صلب الثورة:

ان الحكومة الانتفالية الحالية و التي تصور لنا على انها حكومة ثورية لا تنتهي على ان تكشر لنا عن انيابها و تظهر لنا في كل مرة انها ماهي الا وسيلة رجعبة للعودة الى الوراء و ان كل ما تتخذه الهيئة العليا من قرارات و الا و بدلت و غيرت و اتخذت هي قرارات لا تتماشى و متطلبات الشعب و تسعى جاهدة في الحفاظ على المنظومة البائدة و اعادة احيائها, هذا الى جانب عزوفها تماما عن تحقيق الاهداف الجوهرية للثورة المتمثلة في اعادة حقوق المواطنين المسلوبة و ارجاع المظالم الى اصحابها و السعي الى اعمار ما خربه النظام البائد و العمل على تنمية المناطق الداخلية و كل ما نسمعه هو كلام رنان و خطب منمقة ولكن لا اجراءات على ارض الواقع بل بالعكس تماما فتعيين هاته للحكومة لولاة و معتمدين تجمعيين و الحفاظ على مجالس بلدية تجمعية و عدم الزام اصحاب المؤسسات الاقتصادية بضرورة اعطاء العمال و الموظفين حقوقهم المسلوبة و سكوتها عن اغلاق العديد من المؤسسات ابوابها و اتهامها للمطالبين بحقوقهم بالفوضوية و السعي الى تعطبل عجلة الاقتصاد و جر البلاد الى متاهات (او ما يعبر عنه ب”باش التخلوا البلاد في حيط”) و اصرارها على ان السبب الرئيس في عدم الاستقرار هي الطلبات المشروعة التي قامت من اجلها الثورة انما هو دليل على انها ليست اهل لادارة البلاد في الفترة الحالية و انها لا تملك و لا تستحق الشرعية فهي ليست بفرض علينا القبول بها و لا الطاعة لها, و تقاعسها عن حماية امن المواطنين و الحفاظ على كرامتهم و عدم قدرتها على اتخاذ قرارات سيادية امام ما تعرضت له البلاد من انتهاكات لقوات القذافي للتراب التونسي و تهديدها لامن المواطنين التونسيين و ضعف ادائها و خطابها امام هذا الاعتداء و تمريغ هيبة الدولة امام قوة اجنبية لا انسانية قد وصل بها الامر الى حد الحاق الضرر بمواطنين تونسيين داخل تراب تونس.

ان الحكومة الحالية على ماهي عليه من عناد و تسلط على تطلعات الشعب و اصرارها على صم اذانها امام صوت الشعب و انصارفها التام الى تحقيق ما تصبو اليه هي و تنصيب نفسها وصي على الشعب و ترسم الخطوط العريضة لمستقبل البلاد دون مشورة و لا اخذ بمطالب الشعب و رايه انما يحتم على المجتمع المدني و القوى الشعبية الى مسالتين اما الضغط و بشكل قوي على هاته الحكومة الى العمل في صلب الثورة و تحقيق اهدافها و اما اقالتها و تشكيل حكومة اخرى ذات استقلالية هدفها فقط تسيير دواليب الدولة حتى الخروج من هذه المرحلة الصعبة و ان تكون حكومة تكنوقراط او بيروقراط لا تضم في صفوفها اي حزبي و انما اناس في اصحاب الخبرات في شتى المجلات…

الدفع بالهيئة العليا بان تحقق اهداف الثورة لا ان تحقق اهداف اعضائها

و العجب العجاب في هذه الهيئة ان يكون اسمها الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة و الاصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي و لم يكن لها اي دور في تحقيق اهداف الثورة بل ان كل ما انجزته هو يصب في مسالة الانتقال الديمقراطي متانسية تماما ما سبق هذا العنوان من عناوين و لم نرها الى اليوم قد اصدرت قرارا مثال في تحقيق اهداف الثورة ولا في الاصلاح فان كانت هذه الهيئة هي مجرد هيئة استشارية تخطط لمرحلة المجلس التاسيسي فالواجب اليوم هو حلها لانها استصدرت كل القرارات الخاصة بمسالة الانتخابات, هذه الهيئة في الحقيقة لا اجد لها اي دور و لا اي تعريف في تونس الثورة لانها اولا هيئة لا تملك اي شرعية لا في نظر الشارع و لا في نظر الحكومة, ثانيا ان دورها الجوهري الذي اسست من اجله الا وهو تحقيق اهداف الثورة حصرته هي في الاعداد لمرحلة الانتخابات و تجاوزت حدودها و صلاحياتها الى نقاشات تافهة و صراعات فارغة كمسالة العقد الجمهوري الذي سيفرض على الشعب التةنسي نمط من الفكر المعين و من الحياة الاجتماعية المحددة و الحياة العامة التي تتماشى فقط مع بعض افكار و اراء اناس قابعون داخل هاته الهيئة و هو ليس بعقد جمهوري بل عقد دكتاتوري بحيث يقرر 175 شخص الاطار الفكري و الاجتماعي و السياسي ل10 ملايين مواطن تونسي دون الرجوع له بالمشورة.

ان اهداف الثورة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية غيبت عن حضرة هذه الهيئة فبدل ان تكرس وقتها و اجتماعاتها مثلا في تشكيل لجان من اصحاب الخبرة الاقتصادية و البعث بها الى دراسة المناطق المحرومة و كيفية النهوض بها, و تشكيل لجان قانونية لمراقبة كيفية تعامل المؤسسات الاقتصادية مع العمال و الموظفين و السعي في حل مشاكلهم و استرداد حقوقهم , و بعث لجنة خبراء لدراسة الاحوال الاجتماعية العامة في البلاد و البدئ في دراسة كيفية وضع حلول لها , و تكوين هيئة لمراقبة اداء الحكومة و الاجهزة الامنية و السعي في اصلاحها , لا نرى شيء من هذا ابدا كل مانراه هو بعبعة و ذر رماد في العيون و في الحقيقة ما يحدث داخل هذه الهيئة هو تحقيق اهداف اعضائها و التحضير لمستقبلهم كافراد او احزاب فقط.

ان الواجب اليوم الذي يقع على عاتق الشرفاء و الاحرار من ابناء هذا الوطن هو الدفع بهذه الهيئة الى ان تكون في مستوى متطلبات الشعب و ان تسعى في تحقيق اهداف الثورة و ان تكون ذات استقلالية و ان ترمي بكل ماهو مصلحة حزبية او فكرية معينة و ان يتقوا الله في هذا الشعب صاحب الثورة الوحيد و الذي لولاه لما كان لهؤلاء صولة و لا جولة و لبقوا على ماهو عليه.

ان الثورة لا تزال في بدايتها و ان الثورة انطلقت من ابناء الشعب و انحصرت فيه,و مع الاسف بقي السياسيون و المجتمع المدني في مناى عنها و لم تصلهم الثورة الى الان فمتى يا ترى سيثورون؟