صورة لأحمد زروقي

مع نهاية 2020، أعلنت حكومة المشيشي أن التلاقيح ضد وباء كوفيد 19 ستكون جاهزة في شهر جانفي من العام الحالي، وذلك بعد انتقادات حادة وُجِّهَت للحكومة بأنها لا تفعل شيئا إزاء الأزمة الصحية الحاليّة، وأنها على عكس جل بلدان العالم لم تقم بدورها اللازم لعقد اتفاقات مع واحد من مخابر الأدوية المصنّعة للحصول على التلاقيح. لكن الإصابات بوباء كورونا شهدت نسقا تصاعديا مع بداية شهر جانفي ممّا اضطر الحكومة إلى الإعلان عن حجر صحي لمدة أربعة أيام، وأجّلت موعد الحصول على التلاقيح إلى شهر فيفري الجاري في مرحلة أولى، وإلى شهر مارس المقبل في مرحلة ثانية.

قانون يعفي المخابر من المسؤولية

قال وزير الصحة فوزي مهدي، في مداخلة خلال جلسة عامة خُصّصت يوم 19 فيفري للنظر في مشروع قانون يتعلق بالمسؤولية المدنيّة الناتجة عن استخدام اللقاحات والأدوية المضادة لفيروس “سارس- كوف- 2 “، أن كل المخابر التي نتعامل معها تشترط المصادقة على قانون المسؤولية المدنية للدولة، مشيرا إلى أن “الآثار الخطيرة قليلة جدا وهي مرتبطة بحالات الحساسية لدى متلقّي التلاقيح”.

وكانت مديرة رعاية الصحة الأساسية وعضو لجنة اللقاحات أحلام قزارة، قالت خلال جلسة مع لجنة الصحة بالبرلمان يوم 1 فيفري، أن الدفعة الأولى من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا ستصل إلى تونس في شهر مارس القادم، وبالتالي تسجيل تأخير في موعد توفر هذه اللقاحات في تونس بعد أن كان مبرمجا في منتصف شهر فيفري الجاري. كما أفادت أن الدفعة الأولى المكونة من 93 ألفا و600 جرعة من لقاح مخابر “فايزر”، عن طريق مبادرة “كوفاكس”، ستمكن من تلقيح 46800 شخص من مهنيي الصحة، إضافة إلى 100 ألف جرعة عن طريق شراء خاص من مختبرات “فايزر”، وما بين 200 و150 ألف جرعة من لقاح “أسترازينيكا ” ضمن مبادرة “كوفاكس”.

كما ستتحصل تونس حسب وزارة الصحة على مليوني جرعة من اللقاح عن طريق الشراء المباشر لتلقيح مليون شخص، إضافة إلى 4,3 مليون جرعة عن طريق مبادرة “كوفاكس” و2,4 مليون جرعة عن طريق المبادرة الإفريقية.

سلالة محلية من الفيروس

في الوقت الذي بدأت فيه الوضعية الصحّية تنفرج في كثير من بلدان العالم التي تقدّمت أشواطا في عملية التلقيح، تعلن وزارة الصحة عن اكتشاف سلالة جديدة لفيروس كورونا في تونس لدى شخصين في كل من باردو والمرسى يوم السبت الماضي. وأنّ هذه السلالة تحمل تحويرات جينية على غرار ما حصل مع الفيروس في بريطانيا وجنوب أفريقيا. وقد توفيت إحدى الحالتين، ولا يُعرف بالتدقيق مدى حجم انتشار هذا الفيروس المتحول في مناطق أخرى من البلاد. ذلك أن عملية التشخيص الجيني مازالت متواصلة اعتمادا على المعايير والتوصيات المعمول بها بهذا الخصوص، حسب وزارة الصحة التي أكّدت أنّ نتائج التقصّي الأوّلي لهذا التغيّر الجيني لم تثبت إلى حدّ الآن خطورة معيّنة سواء على مستوى الأعراض أو سرعة انتشار الفيروس.

واعتبر مدير معهد باستور الهاشمي الوزير أن المعهد أجرى أكثر من ستين نوعاً من التحاليل لإكتشاف السلالة الجديدة المتحورة التي تم رصدها في تونس، وأن التحاليل التي تم إجرائها لم تثبت إلى حد الآن خطورة معينة لهذه السلالة المتغيرة سواء من ناحية الأعراض أو سرعة الانتشار. لكن وزير الصحة أكد في وقت سابق أنه رصد حالتين قادمتين من جهتين مختلفتين مما يدل على إمكانية انتشار هذه السلالة في عدة جهات من البلاد.

وفي الوقت الذي تواصل فيه تونس انشغالها بالمعارك السياسية بين مختلف السلطات، شرعت عديد الدول بما فيها دول الجوار في تطعيم مواطنيها بالتلاقيح المضادة للوباء. كما تلقى ما يقارب 170 مليون شخص حول العالم هذه التلاقيح.

ففي المغرب مثلا اعتبرت السلطات هناك أنه لا يمكن تحقيق المناعة الجماعية إلا بعد تلقيح نحو 60 في المائة من السكان. وانطلقت حملة التلاقيح ضد فيروس كورونا في شهر جانفي الماضي. وترمي الحكومة المغربية إلى تحقيق هذا الهدف خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية. وأطلقت الجزائر خلال الشهر الجاري الحملة الوطنية للتلقيح انطلاقا من مدينة البليدة التي كانت أول بؤرة لفيروس كوفيد-19. وكانت الجزائر قد استلمت خلال الشهر الجاري الشحنة الأولى من جرعات التلقيح والتي يقدر عددها بـ500 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك 5” الروسي. ولم تكشف الحكومة الجزائرية عن عدد جرعات “سبوتنيك 5” التي ستستلمها من روسيا في الأيام القليلة المقبلة. وتجري السلطات الصحية في ليبيا استعداداتها الأخيرة قُبيل وصول لقاح “كوفيد – 19″، وتعاقدت ليبيا مع منظمة الصحة العالمية على شراء 2.8 مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”. وبدأ الأردن مبكرا، منذ شهر جانفي الماضي، حملات تلقيح لمواطنيه، كما شملت هذه الحملات لاجئين سوريين مقيمين في الأردن.

في الوقت الذي بدأت فيه عديد حكومات العالم الاتصال والتنسيق مع الشركات والمخابر الدولية للاتفاق والتعاقد حول تسلم تلاقيح لمواطنيها، غرقت الحكومة التونسية، في أوج الأزمة الصحيّة، في معضلة التحويرات الوزارية وتكوين الأحزمة السياسية الداعمة والانخراط في معارك دستورية مع بقية السلط وخاصة مع رئاسة الجمهورية.