بالرغم من أن هجرة الصحابة الأوائل إلى الحبشة لم تكن هجرة استقرار وتوطين، غير أنها وقعت في ظل أوضاع محيطة إقليمية وجهوية وداخلية ونفسية تشبه في الكثير منها أحوال المسلمين في هذا الزمان، حيث كانت حال الاستضعاف و العسر والغربة والتهجير واللجوء التي عاشها المسلمون الأوائل تماثل نسبيا ما يعيشها أحفادهم اليوم، من ديار غادروها لم يسعدوا بجوارها إلى أرض فيها بقية من عدل وصدق. “فلما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية لمكانه من الله ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه” [1]. ورغم أن كتب السيرة لم تتوقف كثيرا عند السنوات الطوال التي قضاها هؤلاء الصحابة ضيوفا لدى ملك الحبشة، غير أنها أثبتت بعض الدروس والمغازي التي لم تستنفد أغراضها، والتي يمكن أن تمثل نبراسا في طريق التعامل الرصين والواعي والرشيد بين المهاجر وبلاد الهجرة.
أنا وجــدنا بلاد الله واسعــة * * * * * تنجي من الذل والمخزاة والهون
كانت اللقطات الأولى لهذا اللقاء التاريخي بين المهاجر المستضعف في دينه والفار بحريته والمكبل بانتماءاته، وبين المجتمع الجديد الممثل في طبقته العليا وحكامه، أول المشاهد المعبرة والمحددة لهذه العلاقة، فإما قبول وسماح بالتواجد والاستقرار، أو رفض ومنع وطرد. فكان الخطاب الأول مصيريا، وكان هذا اللقاء محدّدا للبقاء أو العودة، لذلك وقع اعتماد الأكفأ والأنسب والأصلح حملة ومضمونا لإيصال هذا الخطاب، فتكفل جعفر بن أبي طالب بالرد.
1/ وضوح الخطاب والثقة في النفس، وعدم اعتماد الظاهر والباطن، وترك الخطاب المزدوج، فلا خطاب للداخل وآخر للخارج ولكن مبدئية وشفافية حتى تُبنى العلاقة على أساس من الثقة والأمانة والاحترام المتبادل “ثم أرسل (النجاشي) إلى أصحاب رسول الله (ص) فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا :نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن” [2]
2/ الأخلاق العالية نظرا وممارسة التي حملها المسلمون في خطابهم الأول، من ورفعة وتواضع وشجاعة وتركيز على البعد القيمي والفضيلة والحرية والعدل التي يحملها مشروعهم الفارين به، وترك لما سواه من رذائل وفحش وظلم : :”أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف…حتى بعث الله إلينا رسولا منا… وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات… ” [3].
3/ حسن العرض والمنهجية السليمة والرقيقة في تقديم الخطاب، فقد اختار جعفر سورة مريم وما بها من رقة ومشاعر ولطف في قصة مريم والمسيح عليه السلام، حتى بكى النجاشي واخضلّت لحيته وبكى أساقفته حتى اخضلّوا مصاحفهم.
4/ فن العلاقات العامة وإتقان اللطف في المعاملة، واحترام منازل الرجال ودرجاتهم “فلما قهرونا وظلموا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلَم عندك أيها الملك” [4].
5/ قوة الإقناع وقبول الحوار والمناظرة مع الخصم والصديق على السواء.
6/ المشاركة في معايشة هموم البلاد وأحداثها بالقدر المسموح به، والمساعدة على نصرتها ونجاحها بالوسائل المتاحة ولو بالدعاء. فقد نزل أحد الرجال ينازع ملك النجاشي ووقعت بينهما معركة فاصلة، لم تسمح للمسلمين المشاركة المباشرة فيها مع جيش الملك غير أن الجميع بقوا يتابعون الأمر بوجس وخيفة على النجاشي وأقاموا الأدعية لنصرته ” فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده..فو الله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى فلمع بثوبه وهو يقول: ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي، وأهلك عدوه، ومكّن له في بلاده…فو الله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها” [5].
7/ سعة الصدر والقبول بالاختلاف بين أصحاب الخطاب وعدم التعرض لمن انزوى برأي ولو كان في المعتقد والدين نفسه. فقد تنصر عبيد الله بن جحش بعد أن كان مسلما لما قدم أرض الحبشة، فكان إذا مر بالمسلمين يقول: فقّحنا وصأصأتم، أي قد أبصرنا ولم تبصروا بعد. فلم تقع بينهم مشادات ولا تكفير ولا مضايقات وهو ما لم تذكره السيرة.
8/ التدرج في المكاسب والرضاء بالنتائج القليلة في إطار من الانسجام الجماعي، والاستقرار والنجاح للبلاد وأهلها وعدم القفز على الواقع والقبول بالعمل في نطاق المسموح والمناسب، حتى لا يقع المحظور من رجّ عنيف وردّ أعنف منه، فينهزم المشروع وذووه، ويخيب المسعى. فقد أسلم النجاشي وأعلم بذلك صحابة الرسول (ص) وأخفى إسلامه على قومه، خوفا من بطشهم له ومعرفته لهم بشدتهم ورفضهم استبدال دينهم. ولم يسع المسلمون إلى تجاوز هذا الخط واكتفوا بهذا النجاح البسيط، واحترموا الرجل ومواقفه، ولم يدفعوه إلى إظهار دينه والدخول في مواجهة يمكن أن تلحق الأذى به وبالبلاد والعباد وبالمسلمين أيضا.
ختاما
إن هذا الخطاب الإنساني ذو التوجه الإسلامي في الغرب، يبقى نجاحه رهين حملته وأعضائه، ولا يبقى حبيس النظرية والإنشاء، ولكن يجب أن يتمثل في ممارسة واعية ورشيدة، يدخل الأسواق والمتاجر، ويستأنس داخل البيوت والغرف، ويشعّ عبر سلوكيات حضارية في المدرسة والطريق والنوادي، حتى لا يكون النموذج النظري في واد وممارساتنا في واد آخر فنخسر على المستويين، نظر فيه نظر، وفعل عليه حجر وتوجس وعداء. ولعل من تأويلات الأثر المشهور عن رسول الله (ص) “أن الدين سيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء”، أن مصطلح الغريب يكون من الغرابة، وهو ما سوف يلقاه هذا الخطاب عند غير بني ذويه. والغرابة محطة نفسية وثقافية يليها إحدى المسارين، إما تفهم وقبول وحتى تبني، أو رفض ومواجهة وعدوان، فإما الطوبى أو الخسران، وهذا يبقى رهين منهجيتنا في التعامل، وطريقة عرضنا لمشروعنا، ومدى وعينا بأمسنا ويومنا ومستقبلنا. كانت هجرة يوسف عليه السلام مثالا حيا للهجرة السليمة والاستقرار المفيد والمستفيد، من بدوي في الصحراء إلى حافظ لخزائن البلاد في الحضر، أحسن إلى قومه وعمل للصالح العام، فخدم مشروعه الإنساني وأفاد وطنه ومجتمعه وذويه.
[1] ابن هشام “السيرة النبوية” المجلد الأول، دار الفكر دمشق، 1994، ص:272.
[2] مرجع سابق، ص:275.
[3] المرجع السابق ص:285.
[4] المرجع السابق ص:286.
[5] المرجع السابق ص:287.
هل بدأ يعود السيد وليد جنبلاط لنهج والده الشهيد؟
هل قرر السيد وليد جنبلاط العودة إلى موقعه التاريخي في مدرسة الشهيد كمال جنبلاط,وأن يتابع مسيرة والده؟
أم أن هزيمة المشروع الأميركي في المنطقة هي من جعلته يتخبط ويترنح في مواقفه, ويعيد حساباته من جديد؟
فزعيم المختارة الذي أسبغت عليه وسائط الإعلام الكثير من الأوصاف والنعوت. ومنها تمتعه بحواس شم وسمع وبصر, يتفوق فيها على غيره, بحيث تجعله السباق في الإحساس والتنبؤ بما ستحمله الأحداث من متغيرات. فبصره الثاقب يقرأ بدقة ووضوح المتغيرات الدولية والإقليمية مهما كانت المسافات بعيدة. فيسارع ليتلاءم بموقفه معها. فهو من كان يطالب بوجود عسكري سوري على غرار الوجود الأميركي في ألمانيا. وهو من كان يفاخر على انه سيبقى جنديا من جند كل من القائد صلاح الدين الأيوبي, والزعيم كمال جنبلاط وجمال عبد الناصر والرئيس حافظ الأسد. وهو من تحالف مع حركة أمل, وهو من دخل في صراع مرير مع من يتحالف معهم الآن كالجميل وشمعون وجعجع, ولم ينجوا من نقده حتى الشهيد رفيق الحريري حين كان رئيسا للوزراء حين طغى على وليد جنبلاط وهمشه بعلاقاته العربية والدولية المتعددة, وبحجم أمواله وقوة شركاته.
إلا أنه بعد غزو واحتلال العراق , أعتقد بأن المشروع الأميركي سيكون هو الرابح فقرر أن يلتحق بالمشروع الأميركي. وبدأ قصائد المديح والغزل للولايات المتحدة الأميركية والتبرم بالمشروع الوطني والقومي. ووجد في الحادث الإجرامي لاغتيال الشهيد الرفيق الحريري مناسبة لينضم للمشروع الأميركي في المنطقة. فاستل سيفه ليحارب سوريا بشعبها ورئيسها وقيادتها وحزبها, ويتحفنا بأناشيده وموشحاته وهو يشدوا بها على أنغام الادارة الأميركية وألحان جورج بوش ورايس وتشيني. بحيث لم يعد يبصر شيئا في العالم من أجهزة أمن سوى الأجهزة الأمنية السورية, ولا سجونا سوى السجون السورية,ولا يلمس قمعا أو انتهاكا للحرية وحقوق الإنسان سوى في سوريا. وحتى الرجعية العربية لم يعد لها من وجود سوى في سوريا. فالحرية والديمقراطية والعدل والتنوع والمحبة والسلام والخير بنظر وليد جنبلاط راياتهم ترفرف خفاقة في أرجاء الوطن العربي بإستثناء سوريا. وبلمح البصر تحول موقفه المنتقد للأسلوب الأميركي القاسي في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين , إلى موقف مناقض يجاهر ويفاخر بإعجاب بدور جورج بوش بإسقاط نظام الرئيس صدام حسين. حتى انه كان يناشد كل من يلقاه من المحافظين الجدد وصقور إدارة الرئيس جورج بوش إلى تكرار غزو العراق بغزو واجتياح سوريا من جديد, وإسقاط نظامها كما أسقط النظام في العراق.وبدل موقفه المؤيد للمقاومة الوطنية في العراق, إلى موقف نقيض وصنفها في خانة الإرهاب, وراح يطالب بنزع سلاح المقاومة في لبنان. وكل ذلك لكي يثبت للإدارة الأمريكية ومحافظيها وصقورها على أنه حليف لهم وصديق موثوق. ولكي يتفوق على أقرانه من باقي حلفائها.
وبعد شعور السيد وليد جنبلاط بأن المشروع الأميركي في المنطقة هزم ووئد إلى غير رجعة , وإدارة الرئيس جورج بوش تئن وتصرخ من شدة هزائمها وأوجاعها. وأنها لم تعد في العير أو النفير بعد أن خذلت فريق الموالاة وحكومة فؤاد السنيورة. راح يتخذ مواقف مناقضة لمواقف السابقة بعد التاسع من آبار. وأسهم بدور إيجابي في مؤتمر الدوحة.وراح يتخذ مواقف بعضها متباين أو حتى مناقض لحلفائه في فريق الموالاة. ومنذ ما يقارب الشهر طل السيد وليد جنبلاط من على شاشة تلفاز الجديد, ليحدد ويوضح ويبرر موقفه الجديد:
1. إصراره على الاستمرار بتحالفه مع فريق الرابع عشر من آذار وتيار المستقبل. والسيد وليد يعرف أن تيار المستقبل يمثل الليبراليين الجدد في لبنان. ولكنه راح يعدد الخطايا والأخطاء التي أرتكبها هو حلفاءه في فريق الموالاة وتيار المستقبل. والتي ذكر الكثير منها. وهذا بعض مما قاله السيد وليد:
• أخطأنا في 14 آذار بسياستنا, ولا يمكن لمشروعنا أن ينجح في ظل تخلينا عن العروبة.
• صيغة البيان الوزاري للحكومة يجب أن تكون صيغة كلامية ترضي جميع الفر قاء. وعلى قاعدة عدم إستبعاد دور الدولة,مع بقاء دور المقاومة. فصيغة البيان أشبه بالسهل الممتنع.
• أذكر فريق 14 آذار بالعروبة وفلسطين, والتي هي قدس الأقداس بالنسبة إليها, والتي أستشهد لأجلها كمال جنبلاط ورفيق الحريري وسمير القصير.
• تقوقعنا بكلام سيادي نسي العروبة وفلسطين. وأننا في خطابنا السياسي نسينا فلسطين والعروبة وذهبنا بعيدا.نسينا الشهيد رفيق الحريري وذهبنا على الإنتقام تحت شعار العدالة , وهذا يجعل جمهور 14آذار إنعزاليا , وهو خطأ مميت. وعلينا أن لا ننسى أن الحلم الصهيوني هو تفتيت المنطقة إلى قبائل.
2. نقد السيد وليد جنبلاط لذاته خلال مسيرة السنوات الثلاث الماضية رغم استمراره بتحالفاته, حين قال:
• أقوم بنقد ذاتي لكل المرحلة الماضية منذ 3 سنوات, وأن ضربات الدم المتواصلة, جعلتنا نخرج عن ثوابتنا الوطنية والقومية.
• ليس هناك أي مكان للبنان دون العروبة وفلسطين, وكذلك لا حياة للدروز دون فلسطين والعروبة.وعلى شباب الحزب القومي الاشتراكي أن يفهموا ذلك وأن لا ينسوا فلسطين.
3. إقرار السيد وليد جنبلاط بخطأ موقفه من المقاومة اللبنانية, وكشفه عن موقفه الجديد, حين قال:
• إعادة الأسرى وجثامين الشهداء هي نصر لبناني وعربي وإسلامي وقومي وهذا فخر لنا.
• قلت للذين اتصلوا معي من عدد من قادة الاشتراكية الدولية مستنكرين أستقبالي لسمير القنطار في عبيه: إن إسرائيل هي المسئولة عن كل الجرائم. وعوتبت من حلفائي عندما تحدثت عن المقاومة في عبية.
• سلاح المقاومة لا يعالج بالقوة بل بالحوار.
4. سعي السيد وليد جنبلاط لفتح صفحة جديدة مع سوريا. ومحاولته إصلاح ما أفسده خلال السنوات الثلاث الماضية بهجومه الشرس والغير مبرر على سوريا وقيادتها, واتهاماته المفبركة لها, حين قال:
• مصلحة سوريا ولبنان أهم من أدبياتي.
• الطائف قال بعلاقات مميزة مع سوريا دون النظر على أدبياتي.
• في هجومنا الشرس على سوريا تناسينا الثوابت العربية ولابد من العودة إليها.
• لا علاقة لي بربيع دمشق مطلقا, ولا اعرف عارف دليلة أو ميشيل كيلو. بينما كان يعتبر سابقا أن ميشيل كيلو هو السجين السياسي الوحيد في الوطن العربي.
• إننا نحمي كل جار ولو جار.
• مخاطبة السيد وليد جنبلاط البطل سمير القصير في مهرجان تكريمه في عبية, بقوله: يا سمير نحن الدروز لا حماية لنا ولا شرف لنا ولا مستقبل لنا بعيد عن الشام. وما حصل في السنوات الثلاث الماضية سببه سؤ فهم تفاقم إثر العصبية المتبادلة والشتائم التي وجهت إلي فرددت عليها. هذا أنت وهذا تيمور, وكلاكما تشكلان مستقبل الجبل ومستقبل الدروز في المنطقة. وما حصل يمكنكما أنتما الإثنان إصلاحه, وجل من لا يخطأ من هنا أو هناك. يا سمير إن لك دورا تاريخيا لا يقل أهمية عن دورك في المقاومة, وهو يتمثل بإعادة المياه إلى مجاريها بين قصر المختارة والشام. فأفعل ما يمليه عليك ضميرك , وهذا تيمور حاضر للقيام بما يجب,إن لم يكن بالإمكان ترتيب الأمور معي مباشرة. وحين أجابه البطل سمير القنطار: بأن شخصيات إعلامية في محافظة السويداء وجهت لي دعوة , وأنه سيكون من دواعي سروري إصطحاب تيمور معي. تدخل السيد وليد جنبلاط بالقول: لماذا في السويداء فقط, عليك أن تذهب إلى دمشق أيضا ففيها الحل والربط.
5. محاولة السيد وليد لفت انتباه حلفائه إلى جملة من الحقائق حتى لا يقعوا في المحظور, حين قال:
• إن ما يسمى بالانعزال في العام 1976م طالب بالفيدرالية والكونفدرالية مع سوريا.
• يحملونني مسئولية القرارين ماشي الحال, وسأكشف كل تفاصيل الموضوع لاحقا.
6. محاولة السيد وليد جنبلاط فتح صفحة جديدة مع حزب الله تكون مقدمة لتحالف انتخابي جديد,حين قال:
• الطلاق بيني وبين حزب الله مستحيل.
7. توجيه السيد وليد جنبلاط رسالة إلى إدارة الرئيس جورج بوش يقول فيها بوضوح واختصار, بأن: المشروع الأمريكي في المنطقة سقط. وأن تحركات البوارج الحربية لن تغير شيئا من واقع الحال. وأنها تتحمل نسبة كبيرة من المسئولية على ما آل إليه حال فريق الأكثرية أو الموالاة.لأن تأييدهم اللامحدود لإسرائيل, وعدم وضوح السياسة الأميركية بالنسبة لقضايا المنطقة هي أصل الداء والبلاء.
8. حسم موضوع مطالبة فريقه بضرورة تقديم اعتذار لمدينة بيروت وأهلها, وذلك حين قال:
• لا أطالب السيد حسن نصر الله بالاعتذار من بيروت, بل بتوجيه التحية إلى بيروت التنوع والديمقراطية, بيروت الحركة الوطنية.وأعتبر أن الجميع أساء إلى بيروت.
9. إعلان رفضه القاطع لما يقوم به تيار المستقبل من تفجير للأوضاع في طرابلس والشمال, حين قال:
• الجراح التي أصابت بيروت لا تعالج بالانتقام في مكان آخر.
فزعيم المختارة السيد وليد جنبلاط على ما يبدوا قرر أن يحسم الصراع الذي يعانيه , أو ربما التخفيف من وطأته وثقله عليه. فانبرى من على شاشة الجديد, في التنفيس عن همومه وأحزانه وما يعانيه. وراح يتناول الجميع دون أن يوفر أحدا من حلفائه. مع إصراره على بقائه في تحالف مع فريق الموالاة, كي لا يشمت فيه معارضيه. وبهذه الخبطة الإعلامية,قرر أن يقدم نفسه على انه الرقم الصعب في فريق الموالاة, وأنه لا يقبل أن يكون كغيره زعيم صغير , أو حليف مغمور. فهي صاحب تاريخ كبير, وهو من يملك الدور والقرار في قوى الموالاة,وليس سعد الحريري أو سمير جعجع أو أمين الجميل أو فؤاد السنيورة أو ميشال المر أو دوري شمعون. مذكرا الجميع بطيب أصله وبالدور الوطني والقومي الكبير لأبيه الشهيد. وانبرى لينتقد الجميع ويبين لهم:
1. أن أبن الشهيد كمال جنبلاط قد يخطأ أو لا يجانبه الصواب أحيانا..إلا أنه لا يمكن له الاستمرار في طريق الخطأ والضلال الذي ينتهجه البعض. وعليهم أن لا يخطئوا في حساباتهم جمعا وطرحا وتقسيما وهم يعتبرونه وكأنه رقم مساو أو معادل لغيره من الزعماء الآخرين. فهو من يملك الثقل والدور.
2. وأنه وقوى الموالاة وتيار المستقبل بتخليهم عن العروبة وخروجهم عن الثوابت الوطنية والقومية. وبكلامهم الخشبي عن السيادة ومعرفة الحقيقة, واستغراقهم في هجومهم الشرس والغير مبرر على سوريا , وبمراهنتهم على إدارة الرئيس جورج بوش ,يتحملون مسئولية ما آل إليه فريقهم من هزائم.
3. وأراد أن يصدم بعض زعماء فريق الموالاة ليعودوا إلى رشدهم, بتذكيرهم أنهم وهم يطالبون بقطع كل الوشائج مع سوريا. أنهم هم من كانوا خلال فترة الحرب الأهلية يصرون على علاقات مميزة مع سوريا, وحتى أنهم كانوا يطالبون بالوحدة الفيدرالية أو الكونفديرالية مع سوريا.
4. وبأسلوب لبق حذر حلفائه من تحميله مسئولية ما لحق بهم نتيجة إصدار الحكومة للقرارين المشئومين. أو الخروج عما تم إقراره في الدوحة, أو المزايدة لكسب الأصوات الانتخابية بمواقف خلبية. حتى لا يضطر لكشف المستور, وعندها سيجعل من فريق الموالاة أثرا بعد عين.
5. ونبه حلفائه على انه باق في فريق الموالاة بهذه المواقف. ومن لا يعجبه عليه الرحيل من الفريق, لا أن يفكر بإقصاء أو تجميد عضوية وليد.لأن ما ينهجه هو نفس ما كان ينهجه الشهيد رفيق الحريري.
6. ولفت نظر الجميع على أن المطلوب منهم دعم وتأييد ومساندة رئيس الجمهورية في كل ما يراه.
7. وأنه سيبقى الرقم المؤثر, فمواقفه وجهة اصطفافه هي من تحدد من يكون فريق الأكثرية أو الأقلية.
وننتظر أن تبلغ الشجاعة بحلفائه من باقي زعماء فريق الموالاة أن يقروا بما أقر فيه السيد وليد جنبلاط, وهي ليست على الشرفاء والأحرار والوطنيين بكثير.وكم سيكون رائع ذاك اليوم الذي نرى فيه الشيخ سعد الحريري على إحدى الفضائيات, وهو يقول ما سبقه في القول إليه زعيم المختارة وليد جنبلاط, ليكون بارا بأبيه الشهيد رفيق الحريري, وان يعود لمدرسة أبيه بدل المدرسة المشبوهة التي أنشأها مع المجرم سمير جعجع والتي لا تشرفه, وتسيء لروح وذكرى وسمعة أبيه الشهيد رفيق الحريري. ولن يكون ذلك مفاجئا لأي من العرب والأحرار والوطنيين والشرفاء رؤية الكثير من زعماء فريق الموالاة أو فريق 14 آذار وهم يسلكون سلوك السيد وليد جنبلاط, ويقتدون بما سبقهم إليه السيد وليد جنبلاط, لأنه دليل صحة وعافية لكل من هو وطني وشريف.فالاعتراف بالخطأ فضيلة. أما من يتخلف عما فعله السيد وليد فهو إما هو ضال أو خائن وعميل,أو أن الادارة الأميركية أحكمت القيد على عنقه ويديه, وبات يخشى إن حاول الفكاك منه أن تعمد إلى فضحه ورفع كل ستر أو غطاء عنه, أو يلاقى على يديها سؤ المصير. فبات مجبرا أن يرضخ لها صاغرا, لينفذ لها كل ما تريد.
الثلاثاء: 12/8/2008م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد إلكتروني: .burhank45@yahoo.com
.bkburhan@maktoob.com
.bkriem@gmail.com
وهل يهنأ جورج بوش بعيش وهو يلاحق بهذا الكم من الفشل والتهم؟
أشهر ويرحل الرئيس جورج بوش من البيت الأبيض غير مأسوف عليه, واللعنة تطارده حيثما حل أو ارتحل.
والرئيس الذي سيحل محله, سيجد أن سلفه قد ترك له أرثا ثقيلا من الهزائم والأزمات المستعصية والمشاكل. وستنتابه المرارة, حين يرى بلاده أضحت بحالة سيئة, وسمعتها أكثر سوءا من قبل, ومكانتها واقتصادها أضحيا في الحضيض.,وهزيمة قواتها في العراق باتت قرب قوسين أو أدنى. والانتصارات في أفغانستان, انتكست وساء وضعها وترقد في العناية المشددة.والعالم فقد الأمن والاستقرار وكأنه يعيش العصور الوسطى من جديد. والشرق الأوسط بات أكثر تفجرا من ذي قبل, وخارطة الطريق الذي وعد الرئيس جورج بوش بتنفيذها عام 2008م وئدها نتنياهوا وشارون وبارك وشارون وأولمرت. والفقر يتبختر ويتمختر وهو يمشي على سطح الأرض مرحا ومختالا, بعد أن أجتاح العالم من شرقه إلى غربه, ومن شماله إلى جنوبه.وملايين العراقيين والفلسطينيين والصوماليين, وكثير الشعوب يرزحون تحت ثقل أوضاع صعبة وقاسية لا تحتمل. وإسرائيل هزمت هزائم منكرة وتستغيث, وبوسائط إعلامها وإعلام حلفائها تهدد وتتوعد, وتتبجح بأنها مازالت الأقوى. والإسرائيليين يشعرون بأن زيارات بعض الرؤساء لإسرائيل, إنما هدفها رفع معنويات مريض على فراش الموت لتبقى معنوياته مرتفعة قبل أن يلفظ الروح. وعلى الرغم إحكام الخناق على صناع القرار الأمريكي ومراكز صنعه من قبل المنظمات الصهيونية وإسرائيل, إلا أن ذلك كله لم يعد له من نفع. وسيصدم الرئيس الجديد, حين يكتشف أن الرئيس جورج بوش أثخن بالجراح علاقات الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وأميركا اللاتينية وروسيا والصين. وأن ما من شيء نجا من شرور بوش وصقوره ومحافظيه. بعد أن أصيب إصابات بالغة بالأذية والضرر. وأن المحافظين الجدد والصقور المتصهينيين باتوا مع أفكارهم ونظرياتهم وأحلامهم أشبه بأكوام من خردة التنك. وخاصة بعد أن تفرق شملهم وتبدد, وكأنهم أصيبوا بجوائح مرض أنفلونزا الطيور وجنون البقر والبغال والحمير. ومنهم من فقد أعصابه كجون بلتون, وراح يصرخ بجنون كالمذعور: ما نشهده هو انهيار فكري كامل لإدارة بوش, والدليل واضح أمامنا جميعا. والنقد والتجريح وحتى الإدانة, والمطالبة بمحاسبة ومحاكمة الرئيس جورج بوش وإدارته باتت أصواتها ترتفع رويدا رويدا. وها هو المدعي العام السابق فينسنت بغليوسي يطالب بمقاضاة الرئيس جورج بوش ومساعديه بتهمة القتل من الدرجة الأولى, ووضع كتابا لهذا الغرض. ضمنه العديد من التهم ليكون بمثابة إدعاء وشكوى أمام المحاكم الأميركية, ولا يمكن للرئيس الجديد تجاهلها أو التستر عليها. فجرائم وشرور وإرهاب وفشل وتجاوزات وتقصير الرئيس جورج بوش وإدارته أكثر من أن تعد وتحصى. حيث بات ينظر إلى الرئيس بوش وإدارته وفق هذا المنظور:
• أن الرئيس جورجw بوش أنساق خلف المحافظين الجدد. وأهمل موقف الليبراليين الجدد. فالليبراليين الجدد يرون ضرورة استخدام القوة حين تغدوا المصالح الأميركية في خطر, على أن ينسج لهذه التدخلات جهود جماعية وإجماع دولي.وبذلك تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من قيادة العالم وإنقاذه وإعادة صياغته من جديد. ليتمكن من القيام بواجباته على الوجه الأكمل. وهذا ما أطر له هنري كيسنجر وجيمس بيكر. في حين يعتبر المحافظين الجدد أسلوب الليبراليين ضرب من الحماقة والجنون.لأن التحالفات بنظرهم ليس هدفها نقل الدول من وضع إلى آخر, وإنما هدفها مقاومة المعتدين والانتصار عليهم. والخلاف بشأنها سيزيد من شروخ وتصدعات المجتمع الأمريكي أكثر فأكثر.
• وإدارة الرئيس جورج بوش وجدت بأن الإقناع غير ضروري في الجوهر. لأن الآخر سيضطر مجبر على التكيف مع ما تفرضه القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية من واقع على الأرض, ولذلك أهمله بوش في ولايته الأولى. ولكنه تراجع عنه في ولايته الثانية. و ولكنه راح يقر بأنه أسلوب خاطئ, ينفر الآخرين من بلاده بدل من جذبهم. وراح يسعى لتغيير مواقف الآخرين تجاه بلاده من اجل تحسين صورتها وصورته, إلا أنه لم يفلح في هذا المجال,رغم لجوئه إلى المفاوضات , والدفع بحلفائه للتوسط مع الآخرين في كثير من المشاكل. وأنه بهذا التصرف أضاع ثمانية أعوام من عمر بلاده في التجارب.
• والحرب على العراق كبدت الميزانية الأميركية خسائر فادحة, وهذا ما أنعكس أثره سلبا على الاقتصاد. وحين سئل بول ولفوتيز مساعد وزير الدفاع رامسفيليد عن الموضوع في لجنة للكونغرس ,أجاب: أن الرقم المقدر مبدئيا لشن الحرب على العراق, أتفق على أن تدفعه دول أخرى حليفة للولايات المتحدة الأميركية, متلهفة للتخلص من نظام الرئيس صدام حسين, وأن تكاليف الحرب بعد احتلال العراق سوف يتم تسديدها من عائدات النفط العراقي. ولكن فساد وسرقات سلطة العملاء جعلت عائدات النفط العراقي لا تغطي ما هو مقرر, فحساب الحقل لم يتطابق وحساب السوق والبيدر.
• وإدارة الرئيس جورج بوش خدعت وضللت من الخونة والعملاء العراقيين ومن بعض الأنظمة العربية والإسلامية الحليفة لها ,بأن جنود جيشها سيستقبلون بالورود والرياحين في بلاد الرافدين, وأن العراقيين ينتظرون قدوم جنودها الأميركيين, لينثروا رؤوسهم والرز والشعير وزهور الفل والياسمين. فإذا بالحقيقة على أرض الواقع مغايرة لما روجه هؤلاء الدجالين. فالمقاومة العراقية كبدت الولايات المتحدة الأمريكية خسائر فادحة, عبرت عنه بحزن وأسى السيدة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب بقولها: الحرب على العراق كلفت الولايات المتحدة والعراق الكثير من الأرواح , كما كلفت الولايات المتحدة الأمريكية هيبتها,والكثير من الأموال,واستنزفت الكثير من قدرات الجيش الأمريكي. وقد أماط كولن باول اللثام عن هذا الخداع حين أقر بذلك وقال: الادارة الأمريكية تعرضت لعملية نصب وخداع واحتيال قام بها أحمد الجلبي وموفق الربيعي, وأستلما بموجب ذلك أموالا طائلة لقاء معلومات قدماها على أنها حقائق. وسكوت مامكليلان المتحدث الرسمي السابق باسم البيت الأبيض قال: حرب العراق خطأ فادح تم تسويقه من خلال الغش والخداع وعبر كونغرس مذعور لشعب كان يترنح من جراء صدمة الحادي عشر من سبتمبر.وقال أيضا: أن الصقور والمحافظين الجدد طائفة من المسئولين قبلوا بثقافة الخداع وروجوها, وأنهم يعتبرون أن الولاء الأساسي لأي مسئول يجب أن يكون للرئيس وليس للشعب.والشعب الأميركي ينظر بشك وريبة لعدم قيام إدارة جورج بوش بالتحقيق والمحاسبة.
• والرئيس جورج بوش بات ينظر إليه من قبل الجنرالات الأمريكيين على أنه رئيس لا يحترم المنطق العلمي والفكر العسكري لقادة مؤسسته العسكرية, وإنما يقرب ويحابي من الضباط على قدر ولائهم لشخصه لا لوطنه,أو من يتعهد منهم بإقراره على كل خططه ومخططاته رغم عقمها وفشلها. وتحذير وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من عواقب وخيمة لحرب أمريكية أضافية في الشرق الأوسط, حيث دعا إلى الاكتفاء بإبقاء الخيار العسكري على الطاولة في مواجهة إيران. مع تأكيده على أنه سيلتزم مقولة الجنرال الأمريكي فوكس كونور الشهيرة التي تقول:لا تقاتل أبدا إلا إذا اضطرت للقتال. وكذلك فعل الجنرال مايك مولين حين قال: أقاتل الآن في حربين ولا أحتاج إلى ثالثة مع إيران. وهذا معناه أن القيادة العسكرية تضغط بقوة لتعميق عزلة الرئيس جورج بوش وإقصائها عن التدخل في الشؤون العسكرية والقتالية. وأن القيادة العسكرية ممثلة بوزير الدفاع تلتزم تقرير ميلتون بيكر.
• وكثير من الأمريكيين يعتبرون أن الرئيس جورج بوش حول بلادهم إلى نفس حال الاتحاد السوفييتي في الثمانينات من القرن الماضي. ولذلك فبلادهم تحتاج إلى رئيس جديد يعيد رسم السياسات الخارجية والداخلية والاقتصادية من جديد, وتنفيذ الإصلاحات الضرورية. وهذا بحد ذاته معناه أنهم بحاجة لمن يسير بالولايات المتحدة على خطى غورباتشوف حين سار بالاتحاد السوفييتي على طريق الإصلاح.
• وأن الحرب على الإرهاب فقدت زخمها. وأنها ستطول دون أن تنجز النصر المطلوب, بعد أن تاهت وضلت الطريق. وهذا ما عبر روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي حين قال: إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة بات أمرا صعبا بسبب تحوله إلى منظمة أكثر تشرذما , بها عناصر مستقلة, وهي بذلك أصبحت قوة مستقلة بحد ذاتها قادرة على تحريك قوة من عناصرها دون اتصال مباشر ودون أوامر مباشرة.
• والشعب الأمريكي صدم حين تبين له أن الفساد هو من يتحكم بتصرفات وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في العراق. وهذا ما كشفته شهادة القاضي المتقاعد أرتور برنين أمام إحدى لجان مجلس الشيوخ حين قال: إن تصرفات وزارة الخارجية الأمريكية في العراق أدت إلى خسارة مليارات الدولارات والمساهمة في استشراء الفساد هناك , وأنها ساهمت بمعنى ما في قتل جنود أمريكيين والتمثيل بجثثهم. والقضاء على هذا الفساد المتجذر سيحتاج إلى وقت, وسيطيح برؤوس كثيرة.
• وأن الرئيس جورج بوش نتيجة جهله وغبائه, حكم وإدارته الولايات المتحدة الأمريكية بفكر مهزوز وبعقلية كهل مراهق ومتصابي ومتعصب لديانته وفكره الملتوي.وغرائز وأحقاد نائبه ديك تشيني.
• وأن إدارة الرئيس جورج بوش بكامل وعيها وإرادتها تولت بنفسها تعميق مشاعر الكراهية ضد بلادها. وهو ما أورده فريد زكريا عن لقاء الرئيس الفرنسي مع غونداليزا رايس عندما جاءته مهنئة بانتخابه رئيسا لفرنسا, وراحت تسأله: ماذا بوسعنا أن نفعل لك؟ فرد ساركوزي بسرعة:أعملوا على تحسين صورتكم في العالم.أنه من الصعب علينا أن نرى اكبر وأقوى دولة في العالم لا تلقى الأستحسان أو الرضا في العالم.فمواقفكم تمثل مشكلة ضخمة بالنسبة لكم, وكذلك تمثل مشكلة هائلة بالنسبة لحلفائكم. وإذا أردتم مساعدتنا فإن ذلك يستدعي تحسين صورتكم, وأن هذا ما يمكنك أن تقومي به من أجلي. وهذه مشكلة بحد ذاتها. فكل من كلف أو أنيط له مهمة تحسين الصورة سارع لتقديم استقالته.
• والقيادة العسكرية الأمريكية تعتبر أن أخطاء عناصرها في أعمالهم , وحتى ممارسة بعضهم أساليب لا إنسانية حين جردوا بعض العراقيين والأفغانيين من إنسانيتهم , وعذبوهم في السجون والمعتقلات,إنما سببها صدور أوامر إرهابية وإجرامية وغير قانونية من الرئيس ونائبه وزير الدفاع رامسفيليد.
• والجنرال الأمريكي أنطونيو تاغوبا الذي تولى التحقيق في الانتهاكات المرتكبة في العراق, طالب بتشكيل لجنة حقيقة وطنية. بينما يطالب البعض بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في كل حروب بوش.
• والمواطنين الأمريكيين الذين وضعهم الرئيس جورج بوش وإدارته في حروب وحالات من الخوف والقلق من الإرهاب والإرهابيين. وأثقل كواهلهم بهموم تحقيق الأمن القومي الأميركي, وترقب الأعمال الإرهابية, واستقبال توابيت القتلى من الجنود والمدنيين لثماني سنين.باتوا منهكين ومحبطين وخائفين على مستقبلهم ومستقبل بلادهم وأبنائهم وأسرهم. والخروج من هذا الوضع بات شبه مستحيل.
• وخلال ولايتي الرئيس جورج بوش تراجع دور الولايات المتحدة في كل شيء. وباتت روسيا هي من تتربع على المكان الأول في صادرات الغاز والنفط. وهزلت ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية على الصين, بحيث باتت الصين تتحرك بحرية وبقرارات مستقلة لتأمين حاجتها المتزايدة من الطاقة.
• والشعب الأميركي قلق على وضع بلاده بعد أن بات في منتهى السوء وهذا ما أدلى به فلينت ليفيرت المسئول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي أمام إحدى لجان الكونغرس بقوله: النتائج التي حصدتها السياسة الأميركية في الثمانينات كانت كارثية, فيما النتائج الحالية تثبت أنها سيئة للغاية بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. وهذا ما عبر عنه الليبرالي فريد زكريا رئيس تحرير الطبعة الدولية من مجلة نيوزويك الأميركية بمقال قال فيه: إن النظام العالمي الذي بدأ يبرز أمامنا مختلف جدا عن الأنظمة التي سبقته.وهو يؤكد أن نفوذ دولة كبيرة وعملاقة مثل الولايات المتحدة الأميركية سيضمحل ويندثر تدريجيا , بعد كل هذه التغييرات الكاسحة على المستوى العالمي.
• والشعب الأميركي وحتى الكونغرس بمجلسيه تساورهم الشكوك من بقاء سلطة الرئيس الأميركي شبه مطلقة وفضفاضة, وهو يملك حق الفيتو لإحباط كل ما يعارض توجهاته , ولا ينسجم مع رغباته. وباتوا على قناعة بضرورة تقليص صلاحياته وتحديد مسئولياته وواجباته حفاظا على القيم الديمقراطية الأميركية. فالرئيس جورج بوش أنفرد بقراراته وكأنه ديكتاتور, وألحق ضررا بالغا بالحريات العامة الأميركية حين أصدر قوانين أكثر تخلفا حتى من القوانين المعمول بها في دول الموز.
• وحتى السيدة غونداليزا رايس, التي تتهم من قبل سكوت ماكليلان على أنها: تبالغ في مجاملة الرئيس جورج بوش, وتعتنق نفس أفكاره في السياسة الخارجية. بدأت تقر بنهج إدارتها الخاطئ,وقد كتبت مقالا في مجلة فورين أفيرز جاء فيه: إدارة الرئيس جورج بوش باتت مقتنعة بعقم المغامرات العسكرية ,وبأن الانتصارات التي سعت إلى تحقيقها من خلال احتلال العراق لم ولن تتحقق,وبأنه لابد من إعادة تصحيح مسار الإستراتيجية الأميركية بشكل أساسي,وذلك من خلال استبدال المقاربة القاسية بمقاربة لينة وطرية تستند على العمل الدبلوماسي كبديل للعمل العسكري. وهذا معناه أنها وإدارتها ترى الخلاص في الالتزام بمقترحات لجنة هاملتون بيكر التي رفضت سابقا من إدارتها. وأن جهد ومدح الخونة والعملاء وبعض الدول على جهود إدارتها ليس له من فائدة أو معنى, وغير قابل للصرف. وهذا ما نجده في تراجع إدارتها عن نهج ثابت لسياسات بلادها أستمر لثلاثون عام بمقاطعة إيران. واللجوء إلى خيار التحرك الدبلوماسي معها عوضا عن المخاطرة بحرب ستكون كارثية على العالم. وكذلك هجرها لقوى الموالاة في لبنان, وفرض اتفاقية أمنية مشبوهة تضمن مصالحها, وحماية عملاء العراق.
• وانفراط عقد الكارتل الاقتصادي المتحالف مع إدارة الرئيس جورج بوش, وحتى إفلاس العديد منه, ألقى بظلال قاتمة على الاقتصاد الأمريكي, وزاد من عزلة الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني.
• والرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني في ورطة كبيرة, بعد أن تبين لهم أن الأسلوب الذي يتبعانه والمبني على مقولة ونصيحة لرئيس أمريكي سابق, والتي فحواها: تكلم بصوت عال ملوحا بعصا غليظة لتخيف الآخرين بها متوجسين منها خيفة , وخائفين من أن تستخدمها إذا خالفوا أمرك. لم تعد بمجدية , ولن تجدي نفعا. وحتى أنها حفزت الآخرين على كسرها, ورد الصاع صاعين لحاملها.
• والسيدة راديكا كومارا سوامي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الطفولة.اتهمت القوات الأميريكية بالقصف العشوائي والاستخدام المفرط للقوة ضد الأطفال في أفغانستان. وهذه جرائم حرب.
• والفقر الذي بدأ يجتاح العالم بسبب ارتفاع سعر برميل النفط سيفجر منابع غزيرة للإرهاب. وأحيا آمال وأحلام الإرهاب بأنه سيشهد أعوام خصب وفيرة, وسيكون له في ظل الفقر مستقبل واعد. ومحاولة البعض بزيادة الضخ والإنتاج للنفط بذريعة خفض أسعاره لوقف موجة الغلاء الذي ينعش الفقر لا يجدي نفعا, ما لم يترافق بجملة إجراءات عديدة , منها خفض مستوى التوترات الدولية. حيث صرح وزير النفط الجزائري ورئيس منظمة أوبيك قائلا: سينخفض سعر برميل النفط إلى مابين (70 ــ 80) دولار إذا ارتفعت قيمة الدولار وتراجع التوتر الجيوسياسي مع إيران. فإيران ثاني أكبر مخزون للغاز بعد روسيا, وثالث أكبر مخزون للنفط بعد السعودية والعراق, وهنالك من يقول أن مخزونها هو الثاني.
• والخونة والعملاء باتوا عبئا ثقيلا على الولايات المتحدة الأمريكية وبلادهم, وليس فيهم سوى الضرر.
وكما كرم الرئيس جورج بوش الأب بإطلاق أسمه على وكالة المخابرات المركزية الأميركية .فكذلك فعلت لجنة تخليد الرؤساء في سان فرانسيسكو. والتي تطالب بتخليد الرئيس جورج w بوش بإطلاق أسمه على محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في المدينة, وهي جمعت من التواقيع ما يكفي لتنفيذ مشروعها لتخليد هذا الرئيس المجرم والإرهابي والحاقد والأحمق.وهل يهنأ بعيش من يلاحق بهذا الكم من الفشل والتهم والجرائم المروعة؟
الأربعاء: 6/8/2008م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد إلكتروني: burhank45@yahoo.com
bkburhan@maktoob.com
bkriem@gmail.com