الحمد لله وحده
تونس في : 15/5/2006
في ذكرى النكبة
الحصار الجائر:إستهداف للقرار الفلسطيني المستقل و للتحول الديمقراطي في المنطقة
تـــقـــــديــــــــم
ترددت كثيرا قبل نشر ما حررته منذ أيام بمناسبة ذكرى النكبة التي لحقت بالفلسطينيين والأمة والعالم يوم 14 ماي 1948 ومبعث ترددي تزامن هذه الذكرى مع ما تعيشه المحاماة التونسية ( وأنا واحد من أبناءها ) من مستجدات خطيرة بسبب إمعان السلطة في سلوك سياسة عدائية ضدها في محاولة لضرب إستقلاليتها وتعطيلها عن القيام بواجبها في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي المساهمة في إقامة العدل وسيادة القانون الأمر الذي يحتاج من كل محام مؤمن بمبادىء المحاماة وقيمها بذل كل ما في وسعه للدفاع عنها ووجودها وكرامتها ولكن إيماني بأن الوفاء بواجب النضال من أجل مطالب قطاعية أو فئوية أو وطنية لا يتناقض في شيىء مع الوفاء بواجب النضال من أجل القضايا القومية والإنسانية العادلة عامة وقضية فلسطين التي هي قضية العرب والمسلمين المركزية خاصة هو الذي دفعني إلى نشر ما حررت , , , قضايا الحقوق والحريات وإستقلال القضاء والمحاماة وقضايا التحرر الوطني ومواجهة الإحتلال المباشر والغير مباشر عناوين متعددة لمعركة واحدة هي معركة الوجود والكرامة والحرية ,,, فرض علينا مواجهة تداعياتها مجتمعة في آن واحد وعلينا أن نخوضها بدون هوادة مهما كانت التضحيات ,,, عشقا للحرية ,,, حريتنا وحرية المهنة النبيلة التي إخترنا وحرية بلادنا ووطننا و فلسطين جزء عزيزا منه يسري فينا مسرى الدم في العروق ,,, واجب الدفاع عنها ( مجتمعة ) فرض عين لا يسقط عن فرد إن قام به الآخر وأمانة في أعناقنا لن تبرأ ذمتنا منها إن لم نبذل كل الجهد في سبيلها ,,, في مدرسة المحاماة الوطنية المناضلة تربينا على أن حب الوطن من الإيمان ,,, وفيها تعلمنا أن لا نستسلم مهما كان التحدي بعد أن باءت كل محاولات تدجيننا وتجويعنا وتركيعنا بالفشل وما إصرارنا رغم كل العراقيل والإعتداءات على تحمل مسؤولياتنا التاريخية ( أفرادا وهياكل منتخبة ) إتجاه مهنتنا النبيلة وإتجاه شعبنا وأمتنا إلا دليل على فشل سياساتهم الخاطئة.
1) حكومتي البخيت ونظيف : هل ينفع العقار فيما أفسده الدهر
تتزامن ذكرى النكبة ( 14 ماي 1948 ) هذه السنة مع مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني لحصار جائر يستهدف تجويعهم ( والعبارة للسيد جيمس وولفتسون الموفد الخاص للجنة الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط ) وإبادتهم , والأدهى من ذلك أنه في الوقت الذي أضحىفيه شعب ” الجبارين” في أشد الحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي جاء إعلان حكومة “البخيت” إلغاء زيارة الدكتور محمود الزهار لعمان ليؤكد بشكل قاطع أن حكومة الأردن الحالية لا تختلــف جوهريا في شيء عن سابقاتها رغم ما أنفقته على ” المساحيق” و ” محاولات التجميل “…
ويذهب البعض حد القول أن إنضباط هذه الحكومة للخط الذي حكم ويحكم تعاطي أصحاب القرار في عمان مع القضية إنضباطا لا متناهيا” وأن الطبع في سلوكها غلب التطبع ” الأمر الذي يفسر إلى حد ما عدم إكتفائهابإعلان تأجيل إستقبال وزير خارجية السلطة الفلسطينية ( مثلما فعل أبو الغيط في مصر ) لتصل حد الإتهام العلني ” لحماس ” بالضلوع في مؤامرة ضد شخصيات ومنشآت أردنية .
مهما كانت التعلات التي بررت بها حكومة” البخيت “رفضها إستقبال “الدكتورالزهار ” فإنه لم يعد خافيا على أحد أن الواقفين وراء إتهام حماس لم يأتوا بجديد وأن شعوب المنطقة إعتادت على مثل هذه المسرحيات “الرديئة” “السيناريو” “السيئة الإخراج” كما أنه لم يعد خافيا على أحد سرعة التجاوب الرسمي في كل من الأردن ومصر مع القرار الصهيوني القاضي بحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه عقابا له عما إرتكب بمناسبة إنتخابات المجلس التشريعي . أضحى من البين والمفضوح من خلال صرامة موقف حكومتي ” البخيت” و”نظيف” ومن خلال إلتزام بعض حكام العرب الصمت والوقوف على الربوة ومن خلال بعض المبادرات والتحركات في الساحة الفلسطينية أن لحكومتي الأردن ومصر وبعض شقيقاتهن من رضاعة الحليب الصهيوني وبعض الأطراف الفلسطينية دورا رئيسيا وفاعلا في تمرير المخطط الصهيوني وتنفيذه وتوفير الغطاء والمناخات الضرورية لتحقيقه.
وأنه مما يلفت النظر حقا الدور الهام الذي أوكل لأجهزة المخابرات في هذه المرحلة من المخطط ناهيك وأن عسس ” السيدين البخيت ونظيف” الذين مرغت عصابات الصهاينة وجواسيسهم وجماعات الظواهري والزرقاوي وأتباعهما أنوفهم في التراب تعملقوا فجأة وعادوا إلى المشهد ليتمكن حرس “البخيت” بعد أن إستفاق من سباته العميق من إجهاض محاولة لإدخال سلاح إلى التراب الأردني عن طريق الحدود السورية في حين أنجز أشقاؤهم في مصر مهمتي الإسكندرية وسيناء في نفس الوقت الذي حاول فيه آخرون تفجير الأوضاع الأمنية في الضفة والقطاع تحت تعلات واهية .
2) محاولة الإلتفاف على نتائج الإنتخابات في الضفة والقطاع : إستهداف للمقاومة وللتحول الديمقراطي في المنطقة
يكشف إصرار الصهاينة والأمريكيين وبعض الأوروبيين وحكومتي الأردن ومصر وشقيقاتهن من رضاعة حليب تل أبيب وبعض الأطراف الفلسطينية التي ربطت مصيرها بمصير المشروع الصهيوني على إجهاض نتائج الإنتخابات الفلسطينية والحيلولة دون تكريس إرادة الشعب الفلسطيني بكل الوسائل والسبل يكشف هذا الإصرار على أن مخططهم لا يستهدف ” حماس” ولا حكومة ” هنية ” فقط بل هو مخطط يستهدف الخيار الوطني الفلسطيني المستقل وروح المقاومة في الأمة والتحول الديمقراطي في المنطقة وفي الوطن العربي .
جاء حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه بما يهدد بإبادته تحت غطاء أمريكي وأوروبي وعربي وفلسطيني ومحاولات تجريد الحكومة الفلسطينية من كل صلاحياتها الدستورية لصالح جهات معلومة الإرتباطات والولاءات وزج حكومة الأردن بسوريا في ملف المسلسل الأخير ومسارعة حكومة نظيف بسرقة التمديد في قانون الطوارىء لمدة سنتين وتعمد عدد من الحكومات العربية الإخلال بإلتزاماتها إتجاه الشعب الفلسطيني وآخرها ما تقرر في قمة الخرطوم جاء كل ذلك وغيره كثير ليؤكد أن المطلوب صهيونيا ودوليا وعربيا وفلسطينيا ليس ترويض ” حماس” ولا إجبارها على إعلان إحترامها لإتفاقيات أوسلو والمبادرة العربية للسلام ولا هو نزع سلاح المقاومة بل المطلوب إنتزاع عشق الشهادة من القلوب وقطع رأس الصمود ورفض الإذعان للمخطط الصهيوني الأمريكي . . . المطلوب ليس عقاب حماس لرفضها الإعتراف بإسرائيل ولا هو دفعها نحو وضع حد لإستهداف الكيان الصهيوني ولا هو الضغط عليها حتى تعدل خياراتها ومواقفها بل المطلوب عقاب الشعب الفلسطيني على تصويته لحماس ولخيار المقاومة والشهادة وتدمير المؤسسات الديموقراطية المنتخبة وإجهاض العملية الديمقراطية الناشئة قبل إشتداد عودها وترسخها في فلسطين ومصر والأردن على حد سواء تحت طائلة التهديد بإنتفاضة الجوعى وحرب الفصائل في الضفة والقطاع والفتنة الطائفية في مصر والفتنة الأردنية الفلسطينية في عمان مع الإبقاء على سوريا والحركات الإسلامية والوطنية في المنطقة في موقع يخول لأصحاب القرار كلما إحتاجوا لذلك إتهامها وإستهدافها وإذا كان توجيه الإتهام لسوريا تأكيدا لإستمرار الضغوط التي تستهدفها ولكن هذه المرة بأيد أردنية فإن حصار الشعب الفلسطيني وإتهام حماس بالتورط في مخطط إرهابي ومحاولات مجموعات بعينها إشاعة الفوضى في الشارع الفلسطيني دليل على أن المخطط الهادف لإجبار الفلسطينيين على الخضوع وللإلتفاف على ما تشهده المنطقة من بدايات تحول ديمقراطي محدود بلغ مرحلة متقدمة .
3) الصهاينة ودموع التماسيح
… يتباكي الصهاينة وصقور البيت الأبيض الأمريكي وعدد كبير من أصحاب القرار في دول الإتحاد الأوربي وجماعات ” أبوالغيظ ” و ” البخيت ” و ” الرجوب ” والعصابات المختصة في تحليل إستعمار الشعوب وإضطهادها وتبريره على مصير الشعب الفلسطيني ومستقبله بسبب إصرار الحكومة المنتخبة حسب زعمهم على رفض الإعتراف بالكيان الصهيوني والمصادقة على إتفاقيات أوسلو ومدريد وغيرهما مما أمضته منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية طوعا أو كرها كرفضها تجريم المقاومة والمقاومين وتجريدهم من سلاحهم وتكليفهم بحماية حدود الكيان الصهيوني وأمنه وأمن مستوطناته ومستوطنيه ولكن فات الذين يذرفون دموع التماسيح أنه كان بإمكانهم الإقناع بصدق نواياهم وسلامتها لو طالبوا حتى بصوت خافت أو همسا أولمرت بإعلان إحترامه ما إلتزم وقبل به أسلافه بداية من رابين ونهاية بباراك و بوضع حد لسياسات الإغتيال والقتل والإختطاف وتدمير المباني وتجريف الأراضي التي تمارسها الآلة العسكرية الإسرائيلية يوميا كما كان بإمكانهم إضفاء حد أدنى من المصداقية على خطابهم لو تجرؤوا ولو مرة واحدة على دعوة أولمرت لإحترام قرارات الأمم المتحدة وأحكام محكمة العدل الدولية ذات الصلة بالنزاع العربي الصهيوني وإحترام الإتفاقيات والمواثيق الدولية ومبادىء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و التخلى عن سياسته العنصرية وتوسيع المستوطنات وهدم جدار العار الذي يعد رمزا لهمجية الكيان الصهيوني وبربريته وإطلاق سراح آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال كدعوة موفاز و أولمرت للإعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية والكف عن تفكيك أوصال مدن وقرى الضفة والقطاع وتحويلها إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض والإلتزام بالبحث عن حل للقضايا العالقة مثل قضايا المعابر والسلاح وقضايا المهجرين وحق العودة عبر التفاوض وبالرجوع للقرارات والمواثيق الدولية ؟؟
ولسائل أن يتسائل لماذا تطالب الدول الضامنة والمانحة الحكومة الفلسطينية الجديدة بإعلان إحترامها لكل ما إلتزمت به حكومتي عبــــاس وقريــــع وهــي التي ( الدول الضامنة والمانحة ) لم تحترم أي من إلتزاماتها ولم تف بتعهداتها إتجاه الشعب الفلسطيني بإنحيازها المطلق واللا مشروط للكيان الصهيوني وما تعمدها حصار كل الشعب الفلسطيني وإصدار حكم جماعي بالقتل البطيىء ضده إلا دليل قطعي على ذلك ؟؟ لماذا تعتذر حكومة نظيف عن إستقبال الزهار وتتهيأ لإستقبال أولمرت الملطخة أيديه بدماء الآلاف من الفلسطينيين والمصريين ؟؟ لماذا تعلق حكومتي مصر والأردن تعاونهما مع الحكومة الفلسطينية على شرط الإلتزام بخطة الطريق و ما يسمى الخطة العربية للسلام في الوقـــت الذي لم تلتزما فيه بأحكام ميثاق جامعة الدول العربية وبإتفاقية الدفاع العربي المشترك وبالقرار العربي الرافض للتطبيع مع الكــــــيان الصهيوني قبل قيام الدولة الفلـــــسطينية وبقرارات قمة الخرطوم الأخيرة التي رمى بها البخيت ونظيف وغيرهما في سلة المهملات قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به ؟؟ الأمر الذي يؤكد بشكل قطعي أن دموع الصهاينة وحلفائهم دوليا وعربيا وفلسطينيا ليست إلا دموع تماسيح وأنهم كعادتهم يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ولا يبدون ما يبطنون .
4)قوى الهيمنة وعملائها وضوابط الديمقراطية المأذون بها فلسطينيا
وعربيا :
يتظاهر الصهاينة وحكومة المحافظين الجدد وأغلب حكومات دول الإتحاد الأوروبي وبعض الديكتاتوريات العربية وبعض سماسرة الأرض والممنوعات وكبار المستثمرين في تجارة العرض والمقدسات فلسطينيا بالحرص اللامتناهي على تحقيق السلام في المنطقة وبالإلتزام بإحترام إرادة الشعب الفلسطيني دون أن يمنعهم تهليلهم وإكبارهم للديمقراطية الفلسطينية من محاولة لإستباق آثارها بإستصدار المجلس المنتهية ولايته لقوانين تسلب من الحكومة المنتخبة ديمقراطيا كل النفوذ والصلاحيات بهدف تحويلها إلى مجرد ديكور وشاهد زور لا يملك أية سلطة وإلى حكومة لا تحكم في شيء وإفراغ خزائن السلطة و أرصدتها .
الذين أغرقوا الساحة بالكلام المعسول حول التنويه بنزاهة وشفافية العملية الإنتخابية ومصداقيتها وحول نضج الشعب الفلسطيني لم يروا مانعا وحتى قبل أن تمر سويعات على تصريحاتهم من أن يشترطوا على الفائز بثقة شعبه وحتى يقبلوا به بصفته تلك إعلان كفره بالبرنامج الذي إنتخب على أساسه ككفره بمبادئه وأهدافه التي بوأته المكانة التي يحتلها في قلوب شعبه ,,, لم ير عشاق وكهنة الديمقراطية وحراسها حرجا في السعي لإجبار المنتصر في الإنتخابات التي شهدوا بنزاهتها ومصداقيتها على أن يتوب عما إعتقد وإختار وينفذ خيارات الساقطين في المنافسة وبرامجهم ولما لا التحول من مقاوم شريف إلى سمسار وسارق لأموال شعبه وناهب لثرواته ومتاجر بمقدساته ,,, بما يوحي أن المسموح به من طرف ” أهل الحل والعقد الدولي” وصنائعهم لشعوب المنطقة ليس أكثر من التحرك في دائرة مضبوطة المساحة والحدود وأنه وإن كان مباحا للفلسطينيين إختيار هنية والزهار وصيام لتحمل مسؤولية إدارة شؤونهم عوضا عن عبد ربه والرجوب ودحلان فإنه محرم عليهم المساس بالثوابت الصهيونية … يظهر أنه ليس مباحا للفلسطينيين إختيار بديلا عن عبد ربه بل المباح لهم أن يأتوا بعبد ربه في لوك وثوب جديدين بما يخشى معه أن يكون أقصى ما هو مأذون به للعملية الديمقراطية فلسطينيا وعربيا ( هذا إذا سمحوا بها ) عملية إستنساخ لمشاريع الحكم الفردي الخاضعة للأجنبي ليتم بواسطتها إعادة إنتاج الديكتاتورية والفساد والعمالة مثلهم في ذلك مثل كل تاجر دمى يضطر لمواجهة آثار كساد تجارته وبوارها إلى تغيير واجهة محلاته بإبدال بعضها بأخرى .
وبعد أن باءت بالفشل محاولات دفع الرئيس محمود عباس لتعيين رئيسا للحكومة من خارج حماس و محاولات إجبار هنية على التحول إلى صورة مشوهة لأسلافه في الحكومة الفلســطينية كشرت الذئاب ( التي طالما تظاهرت بأنها حمل وديع ) عن أنيابها وكان الحصار الجائر المتوحش الظالم الذي وضع الشعب الفلسطيني بين خيارين لا ثالث لهما الموت الجماعي جوعا وعطشا ومرضا أو الإستسلام والقبول بالوصاية الصهيونية وليكشف هذا الحصار الذي لا تكفي لوصف بشاعته كل مفردات قواميس لغات العالم أن الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام الدولي لا تساوي شيئا أمام أطماع الصهاينة وجشعهم وجبروتهم كما يضاعف الشكوك حول مدى جدية ما يتردد حول دعم الغرب للديمقراطية والحكم الرشيد والتحديث وتشجيعهم على الإصلاح الشامل وإحترام الحريات وحقوق الإنسان في المنطقة العربية ويفضح نفاق القرار الأمريكي والأوربي .
5) الحصار الجائر يفضح نفاق الموقف الغربي :
يؤكد الحصار الأمريكي الأوروبي العربي للفلسطينيين إمعان قوى الهيمنة الدولية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في التعاطي مع قضايا العالم بمكاييل مختلفة ومعايير مزدوجة حتى إنحصر الدفاع عن المبادىء والقيم الإنسانية والمواثيق الدولية عندهم في الدفاع عن الكيان الصهيوني وجرائمه وخرافاته والخضوع لإبتزازه ولما لم يكفهم ما فعلوه في الفلسطينيين منذ قراري الإنتداب و التقسيم المشؤومين حتى هذا اليوم أبو ا إلا أن يزينوا سجلهم الأسود مرة أخرى بجريمة الحصار والتجويع ومحاولة الإبادة الجماعية
,,,
مجازر دير ياسين و بيروت وقانا وصبرا وشاتيلا وجنين وحصار الشهيد عرفات وإغتياله وغيرها لا تحرك شعرة في ضمير العدل الأمريكي والأوربي ومئات الآلاف من القتلى والأسرى والمشردين من الفلسطينيين لا يمثلون أي عبىء على الضمير الغربي ولا يزنون في ميزانه أكثر من وزن جناح ذبابة .
ضحايا النازية المحتملين من اليهود وحدهم يمثلون كابوسا لحكام فرنسا وغيرهم من حكام أوروبا وسببا في معاناة دائمة لا تمحى من عقدة الذنب وتأنيب الضمير ,,, أما البشاعات التي إرتكبوها في حق الملايين من العرب والمسلمين والأفارقة وغيرهم من شعوب العالم قتلا وتعذيبا وتشريدا ونهبا للخيرات والثروات فذلك مصدر فخروتمجيد وإعتزاز كهنة الحداثة والعلمانية وحماة الديمقراطية والحرية .
إن هذا الحصار الجائر الظالم بمشاركة عربية وفلسطينية يكشف مدى خضوع بعض حكام ونخب العرب والمسلمين لإملاءات أهل الحل والعقد الدوليين حتى تحول بعضهم إلى مجرد مديرين لشركات مناولة مكلفة بمهمة بمقابل وإلى أشباه مستوطنين لا يربطهم بالأرض أين يعيشون غير ضرورات الواجب الوظيفي والحاجة والمصلحةو إلى ببغاوات يرددون ما يلقنهم أسيادهم دون أن ننسى عجز بعض ” ذوي النوايا الحسنة ” وملاك الحوانيت الخاوية على عروشها ممن إستعاضوا عن الفعل بالهروب إلى عالم إفتراضي وهمي وبالطمع في أن يفوزوا بما يمكن أن يهبهم الأسياد من فتات الموائد والمآدب فصح فيهم قول الشاعر ” ألقاب مملكة في غير موضعها … ” حتى عمت أبصارهم وبصيرتهم عما يتربص بهم وبشعوبهم وتاهوا في غيهم يعمهون .
6) هل تتحقق أحلام الصهاينة وسماسرة المقدسات؟
يحق لجماعات المسيحيين المتصهينين الماسكين بسلطة القرار في البيت الأبيض أن يحلموا بما شاؤوا وأن يعتقدوا في بركات شارون وموفاز وأولمرت وصلاحهم ولا أحد يمنعهم من إعتبارهم قديسين أو في إتخاذهم آلهة كما يحق للأوروبيين أن يخضعوا للإبتزاز الصهيوني المتستر بالرغبة في التكفير عن ذنب إرتكبه أسلافهم في حق اليهود متى شاؤوا وكيفما شاؤوا وأن يدفعوا ثمنا للمغفرة التي يرجون نيلها والفوز بها في الدنيا والآخرة ما يشاؤون ومتى يشاؤون وكيف يشاؤون كما يحق للديكتاتوريات وأشباه المستوطنين مديري شركات المناولة والنقل لفائدة الغير الخضوع لإملاءات أسيادهم وتنفيذ تعليماتهم .
من حقهم أن يبذلوا ما في وسعهم لينتزعوا من حماس والقوى الوطنية الفلسطينية إقرارا ( ولو بالتلميح) بشرعية ما إرتكبوا من جرائم سواء كانت مباشرة أو بالوكالة في حق الشعب الفلسطيني والأمة والإنسانية ولكن من حقنا وحق الفلسطينيين وحق كل أحرار العالم على حماس أن لا تخضع للإبتزاز وأن لا تقايض وجود شعبها وحقوقه ومقدساته وكرامته بشهوة الحكم والكراسي الوثيرة والسيارات الفارهة .
… من حقهم أن يعتقدوا في ما يشاؤون وأن يبشروا بما يريدون وأن يحلموا بما يعشقون ويشتهون ومن حقنا ومن حق الشعب الفلسطيني على حماس أن لا تلدغ من جحر مرتين وأن لا تتغافل عما ثبت لدى العالم أجمع من أنهم يقولون ما لا يفعلون وينهون عن المنكر ويأتون بأنكر منه و أن لا تتوهم أن إبليس يمكن أن ينهى عن منكر ولو للحظة وأنهم يمكن أن يرضوا عنها حتى وإن إتبعت ملتهم وسلكت طريقهم .
من حق من توارثوا أب عن جد عار التفريط في فلسطين وبيعها وخيانة الجهاد والمجاهدين قبل نكبة 1948 وبعدها أن يبحثوا عمن يمسح عارهم ويطهرهم من رجسه ودنسه ولكن عليهم أن يعلموا أنه من واجبهم أن لا يتجاهلوا أن مسح عارهم وسلامة عرضهم من الأذى لن تكون بغير تحررهم من الخضوع للإبتزاز الصهيوني وغطرسته وإرجاع الحقوق المغتصبة لأصحابها كاملة دون نقصان .
إذا كان من حق البعض أن يعبدوا الصهاينة وأن يقدسوا خرافاتهم وأن يهبوا أنفسهم ونساءهم وأبناءهم وأموالهم لهم وأن يفدوهم بأعز ما يملكون فإنه لا ينفعهم في شيء تجاهل أن الشعب الذي عشق الشهادة وأنجب الشهداء لن يرضى تحت أي ظرف بالإعتداء على أرضه وعرضه ومقدساته وإنتهاكها ولن يقبل أن يتحول إلى خدم للصهاينة ومشاريعهم ومرتعا لإشباع نزواتهم وجشعهم خاصة وهم يعلمون مثلما نعلم أن وجود الشعب الفلسطيني ومقدساته وكرامته وحقوقه ليست للبيع ولا للمبادلة أو المقايضة وأن كل يد تمتد لإبرام عقود التفويت فيما ذكر لا تستحق أقل من بترها كما لا تستحق الألسن التي تتجرأ ولو همسا على إعلان التفريط في ما لاحق لأحد التفريط فيه أقل من القطع .
7)القرار الفلسطيني المستقل = خط الدفاع الأخير عن وجود الأمة وكرامتها :
من الثابت أن تمسك الفلسطينيين بثوابتهم وحقوقهم وإستعدادهم للعطاء والتضحية وحده لا يكفي لمواجهة هذا المخطط الإجرامي خاصة في ظل ضعف الرد العربي والدولي وفي ظل تحول المنظمات الدولية والإقليمية وهيآت الأمم المتحدة والجامعة العربية وغيرها إلى مجرد أجهزة خاضعة لحكومة المحافظين الجدد وإلى جسد بلا روح وإسم بلا مسمى في نفس الوقت الذي تعاني فيه القوى الوطنية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي وقوى التحرر في العالم من ضعف لافت أعاقها عن تحمل مسؤولياتها التاريخية في مواجهة الهجمة الصهيونية ولولا الشمعة التي أضاءها صمود الفلسطينيين وتحدي روسيا والصين والمملكة العربية السعودية وقطر وجزائر المليون شهيد لقرار الحصار الجائر لعشــــنا والعالم لمدة لا يعلم مداها إلا الله في وحشة الظلمة الظالمة التي أرادت حكوما ت الولايات المتــحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي فرضــــها دون رادع من قانون دولي أو ضمير إنساني وبناء على ذلك فإن تداعيات المرحلة وتصاعد الضغوط المسلطة على الفلسطينيين تعمق الوعي بخطورة محاولة الصهاينة الإستفادة القصوى من إختلال موازين القوى لصالحهم وبخطورة دورهم التخريبي في المنطقة والعالم وبأن المقاومة الوطنية في فلسطين مهما كانت إنتماءاتها الإيديولوجية والسياسية هي آخر خط دفاع عن الأمة وكرامتها ومقدساتها وعن قيم الإنسانية وحضارتها بما يفرض علينا أن نتخلى عن موقف المتفرج ونواجه التحدي بتحد أكبر ونوحد جهودنا لفك الحصار على أبناء شعبنا بكل السبل المتاحة .
بذل الفلسطينيون جسام التضحيات لا دفاعا عن حقوقهم المشروعة فقط بل ودفاعا على وجود الأمة وكرامتها ومقدساتها وإنتصارا للقيم الإنسانية الخالدة قيم الحرية و العدل والمساواة ومن العار أن يخذل العرب والمسلمون وأحرار العالم مرة أخرى هذا الشعب المقاوم المعطاء … من العار أن نبقى مكتوفي الأيدي والفلسطينيون العزل مهددون بالإبادة الجماعية والموت جوعا وعطشا وبترك النظر عما يمكن أن يحصل فإنه على العرب والمسلمين خاصة و أحرار العالم عامة أن يعوا أنه في اليوم الذي ينجح فيه الصهاينة وخدمتهم في فرض الإستسلام على الفلسطينيين وإخضاعهم وإذلالهم لن يقدر أحد بعد ذلك اليوم على رفع راية المقاومة الشريفة ولن يعبد الناس ربا غير أرباب الصهاينة وأصنامهم وأعمال الشياطين منهم. . . سيكون يوم إستسلام الفلسطينيين يوم الإيذان بسيطرة شذاذ الآفاق على ما بين النيل والفرات مرورا بعمان والقاهرة ولما لا مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد هدم أولى القبلتين وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه . . . الأغبياء من ملوك وحكام أشباه الطوائف وحدهم يجهلون أو يتجاهلون أن جهاد الفلسطينيين ورباطهم هو الذي كف أيدي الصهاينة عنهم وعن عروشهم المهتزة أصلا . . . والأغبياء من المعارضين والمناضلين الوطنيين وحدهم يجهلون أو يتجاهلون أنه مثلما كان الوجود الصهيوني منذ إنطلاقته ( وعلى خلاف اللذين قدموه كذبا وبهتانا على أنه جنة الحرية ) سببا في ما عرفته المنطقة والعالم من كوارث وحليفا وداعما إقتصاديا وسياسيا وإعلاميا وأمنيا رئيسيا للديكتاتوريات والإضطهاد والتخلف فإن بسط هيمنته وإخضاعه للفلسطينيين لن يكون إلا نذير شؤم وإعلان للإجهاز على محاولات النهوض والتحديث والديمقراطية في المنطقة لأن المشروع الصهيوني بداية ونهاية ليس إلا عنوان الخرافة والعنصرية والهمجية و ورما سرطانيا متوحشا لن ينجو من دماره إذا لم نواجهه بالحزم والجدية اللازمين كائن من كان في هذا الكون ومن هذا المنطلق على الجميع الوعي أن الدفاع عن الفلسطينيين ووجودهم وإستقلال قرارهم ورفض المشروع الصهيوني العنصري المدعوم من قوى الإستعمار وعملائهم من الديكتاتوريات والمستوطنين وأشباه المستوطنين في هذه المرحلة التاريخية بالتحديد هو دفاع عن الأمة ووجودها وكرامتها وعن المكاسب الحضارية الإنسانية وقيمها الخالدة من مساواة وحرية وعدل وكرامة كما أن الخضوع للإبتزاز الصهيوني وعنجهيته لا يعني إلا التنكر للثوابت الوطنية والقومية والدينية و للمبادىء التي تأسست عليها الحضارة الإنسانية والتشريع لإستعباد ” بنو إسرائيل ” لغيرهم من البشر . . . الأمر الذي يجعل من حماية الشعب الفلسطيني واجب على كل أحرار العالم لأن في التصدي للحلم الصهيوني حماية لوجود الإنسانية وللسلم في العالم وتحقيق ذلك يمر حتما عبر فك الحصار وإفشاله وحماية القرار الفلسطيني المستقل وحكومته المنتخبة ديمقراطيا . وإن لم يكن ذلك هينا فإنه ليس مستحيلا إذ لو تعلقت همة بني آدم بما وراء العرش لناله ويكفي أن يعلم أغنياء العرب والمسلمين ( حكاما ومحكومين ) أنهم لو تبرع كل واحد منهم بواحد في المائة أو في الألف مما يكنزون من الذهب والفضة ومما ملكت يمناهم ويسراهم تحت الأرض وفوق الأرض وما بين الأرض والسماء ومما ينفقون ويبذرون في ملذاتهم وملذات زوجاتهم وأبنائهم وأحفادهم وأولي نعمتهم والمؤلفة قلوبهم من المحيطين بهم لما إحتاج الفلسطينيون لصدقات الأمريكان والفرنسيين وغيرهما …
ولتعلم نساء العرب والمسلمين أنه أفضل لهن لويهدين ما يملكن من جواهر وحلي لمرضعات المجاهدين ومدارس الشهادة والفداء بما يمكنهن من القيام بواجبهن في الدفاع عن الأرض والعرض والحاضر والمستقبل من أن يتزين بها للضباع أشباه الرجال الذين لم يعد يعنيهم من العرض والشرف والعزة غير ما يجنون من أرباح وفوائد .
وليعلم الخائفين والمترددين من أحرار العالم عامة وأحرار العرب والمسلمين خاصة أن الصهاينة نمور من ورق وأنهم أعجز من أن يضروهم بشيء إلا بأيديهم وأفعالهم ومثال الحكومات الروسية والصينية والجزائرية والقطرية والسعودية وغيرهم ممن كان لهم شرف رفض المشاركة في جريمة الحصار والإبادة الجماعية كرفض الخضوع للعنجهية الصهيونية المدعومة أمريكيا وأوروبيا أكبر دليل على ما نقول .
أما حكومتي الأمريكان والفرنسيين وغيرهما فإنه عليهم أن لا ينسوا أنهم بخضوعهم اللامحدود للإبتزاز الإسرائيلي وإنحيازهم اللامشروط للمعتدي على حساب الضحية والوجود الإنساني كله إنما يضعون حاضر علاقاتهم بشعوب المنطقة ومستقبلها على كف عفريت ويرهنون مصالحهم في العالم بين أيدي عصابات إجرامية لا تعرف معنى ضبط النفس والتعقل يؤجج حقدها على العرب والمسلمين وكل البشر عـنـصريتها الخرافية وإمتلاكها لأسلحة الدمار الشامل وطموحها نحو مزيد التوسع وإستعباد كل ما على الأرض وما فوقها وما تحتها كما يدعمون الرأي القائل بزيف ما يرفعونه من شعارات حول الحل العادل والشامل لنزاع الشرق الأوسط وحول الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد في المنطقة وحول التسامح ومحاربة الإرهاب وهم يفتحون بسياساتهم تلك وبدعمهم للديكتاتوريات ورفضهم إحترام إرادة غيرهم من شعوب العالم وربط مصيرهم بمصير المشروع الصهيوني أبواب جهنم في وجه الإنسان أينما كان ويمارسون الإرهاب ويحرضون عليه بما يمثل تهديدا جديا للسلم والأمن العالميين ولمصالحهم العاجلة والآجلة وإنه من الطبيعي جدا أن تكون سياساتهم العدائية ضد العرب والمسلمين سببا في تعميق الجراح والأحقاد بما يستحيل معه التفكير في حوار جدي وبناء ومثمر بينهم وبين شعوب المنطقة وبما يجعل من التبشير بالتسامح والقبول بالآخر وحوار الحضارات هراء لا طائل من ورائه خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار ما تعانيه هذه الشعوب إلى حد هذه الساعة بسبب عدم إندمال الجروح سواء التي خلفها الإستعمار المباشر أو التي فتحها إحتلال العراق وإفغانستان .
صحيح أن الشعب الفلسطيني وحركة حماس يواجهان إمتحانا قاسيا وصعبا نتيجة الأوضاع التي فرضت عليهم ولكن الأصح أن هذه الأوضاع وضعت من إصطنعها وإفتعلها في إمتحان أقسى وأصعب . الفلسطينيون بصمودهم وتمسكهم بثوابتهم علي يقين أنهم الفائزون والمنتصرون في كل الحالات من مات منهم غيلةأو جوعا أو عطشا أو مرضا فهو شهيد ومن بقي منهم على قيد الحياة عاش مرفوع الرأس رغم الداء والأعداء أما محاصروه فإنهم الخاسرون في كل الحالات : كل نفس بريئة يقتلون بحصارهم وصمة عار في جبينهم وجبين ذريتهم إلى يوم يبعثون وفشل حصارهم ( وهو المأمول بحول الله تعالى ) وإندحارهم مذمومين مثلما فعلوها كم مرة لعنة ستلازمهم إلى يوم يدفنون والعاقل من إتعظ من تجاربه وتجارب غيره قبل فوات الأوان .
الأستـــــــــــــاذ
نور الدين البحيري
المحامـــي
عضو المنظمة الوطنية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني
[…] association against the normalization of relations with Israel. In 2006, Bhiri wrote an op-ed piece for Nawaat.org, a renowned Tunisian blog, in which he criticized American and Israeli […]