بقلم عبدالله الزواري
بسم الله الرحمان الرحيم
جيل كارول في زيها العراقي
… و اليوم في جرجيس!!!
جيل كارول (30 سنة) صحفية تعمل لفائدة كريستيان سيانس مونيتور الصادرة في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية تصدرت نشرات الأخبار المسموعة و المرئية و الصفحات الأولى من وسائل الإعلام المكتوبة عندما اختطفت في بغداد يوم 7 جانفي 2006 و بقيت في الأسر إلى 29 مارس 2006، كانت ضيفتي نهاية الأسبوع المنقضي…
نجحت جيل – كما نجح دانيال ويليامس مراسل الواشنطن بوست في ديسمبر 2005- في القبض على أعوان الأمن المكلفين بمراقبتي و اقتفاء أثري متلبسين بالقيام بمهمتهم على سيارتهم التي تبرعت بها ” اتصالات تونس” لفائدة “منطقة الأمن بجرجيس” مساهمة منها في ” المجهود الوطني لخنق الحريات و انتهاك الدستور التونسي و العهود و المواثيق الدولية.. لم يتفطن المسؤولون الأمنيون لقدوم هذه الضيفة و بالتالي لم يستطيعوا إعلام أعوانهم المباشرين ليتستروا على آثار جريمة سلب الحرية و تقييد الحركة من غير موجب قانوني أو حكم قضائي…
كانت لنا جلسة مطولة رسمنا فيها واقع الحريات في تونس بين الشعار و الممارسة، و بقدر ما كانت صورة الشعب التونسي ناصعة البياض بقدر ما كانت صورة النظام التونسي شديدة القتامة و السواد رغم التزام المرء بالموضوعية و الابتعاد عن كل مبالغة و تضخيم… بعد السادسة مساء بقليل كان موعد انتقال جيل رفقة مترجمها الشاب الصبور أحمد ماهر إلى المنطقة السياحية… و كانت شاحنة خفيفة بيضاء تتبع إلى وزارة الفلاحة يستقلها عون أمن بزي مدني في الانتظار..
افترقنا على أمل التلاقي من الغد مساء وسط المدينة إفساحا لمجال الترفيه عن النفس و كذلك أمكانية التعرف مباشرة على شواغل التونسيين دون حاجة إلى وجودي معهم.. و اتصلت ببعض ضحايا النظام التونسي قصد التعرف على الصحفية و تبادل الرأي في قضايا مختلفة تتعلق بالشباب عموما..لكن في الموعد المتفق عليه لم يكن ضيفاي في المكان المحدد، فهاتفتهما…
لم يغفر مسؤولو الأمن لجيل و رفيقها اكتشافها لأعوان الأمن المرابطين قرب منزل إقامتي، إذ أنهم كانوا شديدي الحرص عند زيارة وفود أجنبية على عدم الظهور في محيط المنزل بل كانوا يبتعدون مئات الأمتار عنه كما يعمدون إلى إخفاء سياراتهم بين المنازل أو في المسالك الفلاحية و الطرق البعيدة، و عند أدنى تحرك منا تكون الهواتف شغالة في كل الاتجاهات تنبيها “للمرابطين” ليكونوا – في نفس الوقت- على أعلى درجات الحذر لكي لا يقع التفطن إليهم و استعدادا لملاحقتنا حيثما اتجهنا… لم يغفر هؤلاء المسؤولين لجيل ما ارتكبت في حقهم فأصدروا أوامرهم إليها بعدم إجراء أي نشاط صحفي قبل الحصول على ترخيص من ” وكالة الاتصال الخارجي”، و هذا أمر يقع لأول مرة رغم كثرة من زارني من صحفيين و إعلاميين في السنوات الأخيرة..
” نعم تستطيعون البقاء في الفندق، سنأتيكم هناك” كان هذا جوابي على ما سمعت من السيد أحمد ماهر مترجما عن جيل..
و اتجهنا نحو النزل.. الشاحنة الخفيفة البيضاء ترابط قرب الباب الرئيسي ل دافنشي عدن ستار، و بمجرد نزولنا( الكاتب و السيد أحمد زكرياء الماقوري الكاتب العام لجامعة التكتل بمدنين و السيد حسين راشد) أسرع عون أمن بزي مدني إلى السيارة فامتطاها و غادر المكان، دخلنا النزل دون صعوبات تذكر و التحق بنا بعد قليل كل من عبدالغفار قيزة و عمر راشد (من شبان جرجيس للإنترنت) و السيد منصف بلهيبة المناضل في صفوف التكتل الديمقراطي من أجل الحريات و العمل…
كان حديث الشباب مع جيل في غاية الصراحة… الصعوبات التي تعترضهم يوميا، حرمانهم من حقوق دستورية و إنسانية (جوازات السفر، العمل،حرية التنقل…)…
في الأثناء كان للصديق العجمي الوريمي حديث هاتفي مطول مع جيل عبر مترجمها السيد أحمد ماهر…
قبيل المغرب بقليل افترقنا على أمل أن نلتقي من جديد و أن نتواصل…
عبدالله الزواري
جرجيس في 26 اوت 2007
iThere are no comments
Add yours