وأصبح العديد من الصحفيين التونسيين ينظرون بكثير من الاهتمام إلى طريقة المدونين في صناعة الخبر، خصوصا بعد أن تحول المدون من مجرد كاتب خواطر إلى ناقد اجتماعي واقتصادي وسياسي.
وبدأ بعض الصحفيين في وسائل الإعلام، خاصة الإلكترونية منها، يتناول ما ينشره المدونون، فأصبح الصحفي يطالع أولا ما تنقله المدونات من أحداث على الساحة الوطنية قبل أن يبدأ بكتابة مقاله.
استقطاب الصحفيين
ويقول الصحفي سفيان مهداوي في تصريح للجزيرة نت إن المدونات تحرص على التعاطي مع الخبر بشكل مختلف عن وسائل الإعلام التقليدية، فهي تسعى إلى أن تكون مصدر معلومات جريء ذا مصداقية، وهو ما يشكل للصحفيين مادة إخبارية متميزة.
ويضيف مهداوي أن “المدونات نجحت بفضل تغطيتها وتفاعلها الحي بالنص والصورة مع الأحداث الوطنية والالتصاق بهموم المواطن في جلب اهتمام الصحفيين الذين يواجهون في أغلب الأحيان مشكلة احتكار المعلومة من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية”.
وقد تنجح جهود المدونين -حسب بعض المهتمين- في سحب البساط من تحت أقدام الصحافة التقليدية، فالمدونات تتميز بسرعة التعاطي مع الأحداث بعيدا عن الرقابة الذاتية أو الموضوعية، وهو ما يؤهلها في نظر كثير من الإعلاميين للعب دور الإعلام البديل، إذا ما تقيدت بأخلاقيات المهنة.
وكان عدد من الصحفيين العاملين في جريدة لابراس الرسمية، قدموا في 26 مارس/آذار الماضي دعوة للحكومة لإنقاذ صحيفتهم مما سموه التدهور الذي تعيشه بعد أن أصبحت تعتمد على إعلام جامد، يفتقد لخصائص حرية الإعلام.
وتسارعت وتيرة اهتمام المدونين التونسيين بالأحداث الوطنية، ويتجلى هذا الانغماس في الشأن الوطني من خلال ما أصبح يسمى بالأيام التدوينية المشتركة، إذ يتم التفاهم على يوم محدد من قبل المدونين للحديث عن موضوع رئيسي معين.
وكان آخرها يوم 8 يونيو/حزيران الماضي، وسميت بيوم التدوينة الحمراء، وذلك للاحتجاج على الأوضاع التي شهدها الحوض المنجمي بقفصة جنوب البلاد، وقد غلب اللّون الأحمر القاتم على عدد كبير من المدونات.
حرية تعبير
وساهمت المدونات التونسية في توسيع هامش حرية التعبير، وتتجه اليوم حسب الكثير من الإعلاميين نحو صناعة رأي عام ينتقد القرار السياسي، خصوصا بعد أن توسع اهتمام المدونين ليطال محرمات السياسة.
”
من الواضح أن المدونات لم تجلب اهتمام الصحافة فقط، بل جذبت إليها كذلك عيون الرقابة التي حجبت الكثير من المواقع والمدونات
”
ويقول الصحفي عماد بن سعيد في تصريح للجزيرة نت إن ما لم يكن مسموحا النطق به في الشارع العام تداولته المدونات التونسية بكثير من النقد والتوجيه الهادف، وهو ما شكل برأيه قفزة نوعية في الوعي التونسي.
وأعرب بن سعيد عن تأييده لحرية المبادرة في مجال الإعلام أيا كان نوعها، لكن بشرط احترام حرية الآخرين والتعاطي بكثير من الدقة والموضوعية والاستقلالية في تناول القضايا، بعيدا عن القذف والتجريح كما يقع في بعض المدونات التونسية التي تكتب بالعامية.
وأضاف “على المدونين الالتزام ببعض المعايير الأساسية التي من شأنها أن تدعم المدونات وتحولها من مجرد تعبير عن المشاعر أو الانفعالات الآنية لتتحول إلى منابر يمكن أن تهذب المجتمع وأن تقوده إلى ثقافة راقية وهادفة”.
ومع أن الإقبال على تصفح المدونات في تونس في تزايد مستمر، بالنظر أيضا إلى ارتفاع عدد المشتركين في خدمة الإنترنت، إلا أنه من الواضح أن المدونات لم تجلب اهتمام الصحافة فقط، بل جذبت إليها كذلك عيون الرقابة التي حجبت الكثير من المواقع والمدونات.
خميس بن بريك-تونس
المصدر: الجزيرة
المدونات منابر يمكن أن تهذب المجتمع وأن تقوده إلى ثقافة راقية
إن المتابع للشأن التونسي و التطورات الحاصلة في البلد منذ منتصف التسعينات إلى اليوم يشاهد، بما لا يمكن مواربته، حجم التغيرات الكبيرة والعميقة التي تشهدها الحياة في تونس، و ذلك على جميع الأصعدة. فهذه التغيّرات لا تتمثل حسب اعتقادنا في مجرد ارتفاع نسب النمو الاقتصادي، ومعدلات التنمية، و ازدياد عدد السائحين القادمين إلى تونس باطراد فقط، بل الأهم من ذلك كله، التغيّرات البنيوية التي يشهدها المجتمع بمختلف مؤسساته، بالمعنى السوسيولوجي للكلمة. فالموطن التونسي الذي أصبح يتمتع بدخل أكبر، و مستوى تعليمي أفضل، و يتصفح الانترنت، و يشاهد الفضائيات، ويتواصل مع كل العالم بشتّى الطرق، و يستقبل السياح، ويشاهد طريقة عيشهم، و يدخل في اتصال مباشر معهم، و يتطلّع إلى ما هو أفضل و أرقى، يصبح حتما شخصية متفتحة، متفهمة، متحضرة، و متطورة باستمرار. إن بناء هذه الشخصية و شحذ صفاتها بتلْكم الطريقة ما كان ليتحقق لولا انفتاح البلد، وتفطن القائمين على السياسة و الاقتصاد والاجتماع إلى ضرورة القيام باتخاذ السياسات الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة، والالتزام و الصبر على إنجاح ما استقرت عليه البرامج التنموية والتطويرية، و تحمل ما ينجم عن ذلك من ضغوط اقتصادية، و اجتماعية، و إدارتها(الضغوط/الشدائد) بطريقة جيدة و ذكية، في فترة شديدة الحرج على المستوى الاقتصادي، و المالي و السياسي( الفترة الانتقالية اقتصاديا). من المؤكد أن كل ذلك ما كان ليتحقق لولا التزام الرئيس بن علي نفسه بهذه الرؤية التطويرية و التحديثية، حيث عرف عنه حبّه للتكنولوجيا المتطورة، و شغفه بالتقدم و النمو، و عزمه على تحسين وضعية بلاده و مستوى مواطنيه. و للتدليل على ذلك، يكفي أن نقارن تونس، على الرغم من محدودية مواردها و صغر حجمها نسبيا، مع أقطار عربية و افريقية أخرى، حيث يتجلى للعارف، و للدارس، و للمقارن، بون الفارق، و اتساع الفاصل بين تونس وما كان ينبغي أن يكون في مستواها، بل أفضل مقارنة بالإمكانيات، من بقية الدول العربية و الإفريقية، خصوصا تلك التي في الجوار. و لقد لمست هذه الحقيقية في المهجر حيث ما حللت، خصوصا في مدينة جنيف، في وسط المنظمات الدولية المتخصصة، و أروقة الأمم المتحدة، حيث يطلب منك من أي بلد جئت، و بمجرد أن تجيب أنك من تونس، ترى البشاشة على وجه مخاطبك، و هو يقول نعم، لقد زرت تونس، انه بلد جميل و متطور. انه لأمر يثلج الصدر و يشرحه. نتمنى لتونس مزيدا من الأمن، و التنمية، و المجد، مع مزيد من الحرية و العدل والإخاء.
أحمد الصغير
باحث تونسي جنيف
“للتدليل على ذلك، يكفي أن نقارن تونس، على الرغم من محدودية مواردها و صغر حجمها نسبيا، مع أقطار عربية و افريقية أخرى، حيث يتجلى للعارف، و للدارس، و للمقارن،، بون الفارق، و اتساع الفاصل بين تونس وما كان ينبغي أن يكون في مستواها،”
Parce que mon intention n’est pas de blesser ni de porter d’attaques personnelles, je préfère me taire !
Rabbi yehdi ouakahaw