لقد وصلنا هذا المقال على بريدنا الألكتروني و رأينا من الفائدة نشره كما هو:

 

تملأ أعمدة المواقع المعارضة و الجرائد العربية والدولية مقالات تصدر عن معارضين راديكاليين، المعارضة في دمائهم ترى فيها أن تونس صارت جهنم، و في الصحافة الوطنية بكل وسائطها لا تجد الا اللغة الحطبية ذات القوالب الجاهزة التي تصورها كأنها جنة، فأردت أن أختلف عن هاتين المدرستين لأقدم رأيي بكل صراحة و دون خوف كموظف متقاعد تقلد مناصب ادارية في كل من وزارة الداخلية و الشباب و الرياضة و الوزارة الأولى و كنائب سابق عن التجمع و مسؤول عن ناد رياضي سابقا، رأيي في هذه المنظومة الادارية و السياسية و الأمنية و المالية العجيبة، و ليس من عادتي الكتابة و لا الاطلاع على صحافة المواقع الالكترونية، غير أنني أحسست أن قلبي معبي و عيناي ذرفت الدمع مرتين في وقت وجيز وأنا الذي لا تعرف عيناي الدموع لسنوات، مرة عندما رأيت الشعب التونسي الموصوم بالجبن و التزلف يستفيق و يثور و يصبح مضرب الأمثال عند الأشقاء العرب في الشجاعة و الاقدام و مرة ثانية عند سماع نبأ وفاة الشاب البوعزيزي رحمه الله، ربما لو توفي احد أبنائي حقا ما كنت لأذرف الدمع عليه كما فعلت مع هذا الشاب الذي مات وهو مقهور، مات و لم يرى حقه يرد اليه.

في تلك اللحظات و كأني استفقت من نوم دام ربما أكثر من أربعين سنة، زمن كنت أرى فيه الأمور من منظور آخر، لقد كنت أنظر لنفسي كرجل نظام ناجح ،حقق كل ما يصبوا اليه من مناصب و أموال و نفوذ و سلطة و لكني مع الدموع التي نزلت دون أن أتحكم بها، علمت أني أحب تونس و ليس نفسي و مصلحتي فقط كما كنت أظن، علمت أيضا أني أكره الظلم بالرغم من أني قد أكون أحد الظالمين دون أن أكترث في سبيل تحقيق مصلحتي لأي أحد.

في البداية قلت أن هذا التأثر لقصة مظلوم توفي دون مظلمته، دليل على تقدمي في السن لكن علمت أني استفقت من غيبوبة و من غسيل دماغ، لكني لست وحدي على ما يبدوا فعدد من أصدقائي و زملائي غيرت فيهم الماء التونسية الزكية السائلة شيئا في قلوبهم.

قررت أن أعاود الى الكتابة، و لكن ليس كالماضي حيث كنت أحسن كتابة تدخلات الوزراء للرد على أسئلة النواب و كنت أحسن كتابة المذكرات التي تعجب بصياغتها. فكرت في الكتابة احتفالا بولادتي من جديد و لأرى رأيي ينشر على الانترنات لأبدي مواقفي الجديدة بكل صراحة بعدما صرفت كل عمري في واجب التحفظ، مواقفي التي تختلف عن كلام المعارضة المندد و كلام الادارة الخشبي المكرر من أربعين سنة، لان كليهما يتحدث في العموميات و لا يأتي بجديد يشفي و يصلح. و لأكشف بعض الاسرار التي و ان سبقني لبعضها ويكيلكس لأنصح الرئيس و أطراف قوية حوله و بعيدة عنه.

و لا يفوتني أن البعض سيقول الشعب و كل مكوناته يريد التغيير، و أنت أيها المتقاعد المستفيق الضمير حديثا تأتينا بحلول ترقيعية لكيان في طريقه الى الانهيار بطبعه، لكن ربما هذا طبعي وطبع الكثير من أهل الساحل و من التونسيين بصفة عامة.

وسأوجه هنا كلامي مباشرة الى سيدي الرئيس: هناك معادلة يعلمها جميع اطارات الحزب و جميع القيادات الأمنية و الادارية وهي أن الاستقرار و الامن يتم بالاطعام من الجوع و الأمن من الخوف الا من الخوف من الدولة. وقد تمت المحافظة على هذه المعادلة أكثر من عشرين سنة و كنا في كل مرة نقترب أكثر من اللحم الحي و نقول يمكننا التقدم أكثر حتى نسينا هذه القاعدة بمرور الزمن و انشغالنا بمصالحنا الشخصية و كانت التقارير تفيد بأن الشعب ينعت نفسه بالجبن و الخوف و قد جاءتنا بعض الانذارات من هنا و هناك حتى جاءت حادثة سيدي بوزيد و بالرغم من ذلك مازلنا نقول يمكننا التقدم أكثر و فيما يلي التفصيل لأسباب اندلاع الاحتجاجات الشبابية:

– المحسوبية المستشرية في عمليات الانتداب و التشغيل، و كثير من المتخرجين دفعوا رشا هامة و لو يحصلوا على شيء في الوقت الذي لا يوجد أي جهاز في الدولة يراقب عمليات الانتداب عدى بعض التفقديات الوزارية التي لا حول لها قوة و تقوم بذلك في اطار عرائض و لا تصل في الاخير الى شيء. و حتى ان وصلت الى شيء كما هو حال المسؤول سيء الذكر في وزارة التربية فان القضاء و الأوامر العليا تحول دون تطبيق العقوبات و تسقط القضية لأسباب شكلية كعدم أخذ اذن قضائي للتنصت على المتهم الذي هو منتم لحزبنا العتيد كغطاء واق أثبت نجاعته و عندما يتحدث السيد الرئيس عن انتداب 4200 شاب دون التحدث عن طريقة انتدابهم أو تحديد الجهات المعنية فإن هذا يعني بالنسبة لبعض النواب و مسؤولي الحزب و الاطارات الجهوية و المركزية مزيدا من الرشى التي سوف تدخل الى جيوبهم لأن المواطنين البسطاء سوف يبادرون بأنفسهم للاتصال بهم لتوظيف أبنائهم مع تقديم تسبقة طبعا مع هذا الطلب. أما عن الحملة التي أذنت بها لانتداب 50 ألف عاطل من قبل المؤسسات الخاصة، فأريد أن أخبرك سيدي الرئيس بالتململ الشديد لرجال الاعمال على الاقل هنا في سوسة ومنهم أعضاء الاتحاد الجهوي للصناعة و التجارة الذي أبدوا علنا تمنيهم لرحيلك و الى الابد و أنك باطلاق يد أقاربك و أصهارك للاستراد اللامشروط للبضائع مما أنهك قطاع الصناعة في تونس و أدى الى افلاس الكثير و الباقية سوف تتبع في ظل ضغط الضرائب و الضمان الاجتماعي و 26 26 و السلط المحلية.

– انتشار الرشوة الكبيرة و الصغيرة حيث و بالرغم من لجان الصفقات التي أنشأتها في كل هيكل عمومي تقريبا فاني أكاد أجزم أنه لا توجد صفقة الا ووراءها شيء مشبوه – تجدر الاشارة الى أن الدولة بها دائرة محاسبات و دائرة زجر مالي و هيئة رقابة مالية و هيئة رقابة عامة بالوزارة الأولى و تفقديات وزارية و تفقديات بالادارات العامة لأجهزة الأمن و ببعض المؤسسات العمومية الكبرى، و لكن لو تجمع عدد أعوان كل هذه الهياكل مجتمعة لا يتجاوزون 200 شخص، تصوروا ميزانية دولة و مشاريع بمليارات الدنانير يراقبها أقل من 200 شخص، مع العلم أنهم بدون امكانيات لوجستية تذكر، و مكلفون ليس بمتابعة حصول رشى أو لا بل لتحسين التصرف في الاموال العمومية التي تقدر بمليارات الدنانير. في الوقت ذاته لا يسمح لهذه الاطر الادارية و الامنية بمراقبة المصالح المركزية لكل من رئاسة الجمهورية و الوزارة الاولى و ووزارة الداخلية و وزارة المالية. وتونس بطبعها تفتقر لجهاز مكافحة الفساد. و لم تكن الرشوة أولوية في البلاد لا خلال عملي بالوزارة الاولى و وزارة الداخلية و لا الشباب و الرياضة و لم يذكر حتى برامج العمل.

– تسليم الجهات الداخلية لعصابات الجريمة المنظمة التي تسيطر على أسواق الدواب و الخضر و الأعلاف و غيرها، و تهدد الفلاحين الصغار و المواطنين البسطاء و تسلبهم أموالهم بالقوة تحت أنظار الأمن و حتى موظفوا البلديات و المعتمديات صاروا يخشون بطشهم، حيث تنتدب العصابات التي تشرف على الماكس في الأسواق المجرمين و خريجي السجون لترويع الناس، كما يسيطرون أيضا على الجمعيات المائية و لم يسلم من شرهم أحد تقريبا و يلقون المساندة طبعا من نواب حزبنا العتيد و يتدخلون لفائدتهم لدى مدراء الأقاليم لاطلاق سراح من تورط في قضايا عنف أو مخدرات أو سرقة أو اغتصاب.

راجع الكتاب العامين للبلديات بالمناطفق الداخلية من الشمال الى الجنوب و ستعرف كثيرا من الحقائق المرعبة حول هذه العصابات التي لا تتحدث عنها المعارضة و لا السلطة.

– انتشار عصابات سرقة المواشي و الأبقار و التي يشرف عليها عادة بعض أعوان الأمن الذين لهم معلومات حول تحركات المربين و عدد أغنامهم و غيرها، و هذه العصابات مرتبطة أيضا بعصابات الماكي التي تسيطر على الاسواق الاسبوعية و التي تزودها بالمعلومات و تغطي عمليات بيع المسروق.

مما جعل عدد من المربين و الفلاحين يقللون من استثماراتهم في هذا القطاع، و بالاضافة الى تحكم عدد من المتنفذين في كل جهة بكميات الأعلاف التي توردها الدولة و التي من المفترض أن تصل صغار الفلاحين.

– انتشار عصابات السرقة في المدن الكبرى تحت اشراف بعض اعوان الأمن أيضا و ما الحملة التي شنتها وزارة الداخلية خلال ربيع و صيف 2010 الا دليل على استشراء ظاهرة تنظيم أعوان الامن لعصابات سرقة في ظل توفرهم على المعلومات المتعلقة بتحركات المواطنين و أوقات خروجهم من منازلهم و العودة اليها. كما أن هذه العصابات صارت لديها امكانيات تقنية بحيث تفتح الابواب بدون الخلع.

– انتشار عمليات النشل و البراكاجات في كل مكان تقريبا، و حتى السياح لم يسلموا من الظاهرة الخطيرة ، حتى أن المواطنين لم يعودوا يعلموا مراكز الامن بتعرضهم للنشل لأنه لأمل لهم في استرجاع ما فقدوه أو القبض على محترفي النشل و ما أكثرهم. و حتى ان قبض عليهم فانه اما يطلق سراحهم في مركز الامن نفسه اذا قدم مبلغا محترما للأعوان أو يقاضى بستة أشهر الى سنة في أقصى تقدير و هو ما يراه المواطنون تشجيع لهذه الظاهرة.

– اهدار المال العام في مشاريع لا تنفع تونس و قد سبقني ويكيلكس بالكشف عن مشروع الجدار الالكتروني على طول الحدود مع الجزائر سيكلف الدولة 200 مليار سيذهب معظمها لشركات اسرائلية ولو تم استثمار هذا المبلغ في التنمية لكان أفضل- و هذا الكلام لقياداتك الأمنية غير المقتنعة بجدوى هذا المشروع الأمريكي بتمويل تونسي. وقد ثبت فشله في الحدود بين المكسيك وامريكا، و مصر و اسرائيل. كما أنه سيوتر العلاقة مع الجارة الكبرى الجزائر حيث ستصبح أجهزة الرصد و التنصت الأمريكية و الاسرائلية مباشرة على حدودها الشرقية وهو ما يمثل تهديدا لأمنها القومي، أما عنا نحن فمعلوم للجميع أن القصر الجمهوري يعج بالجواسيس. ومواصلة لمسلسل اهدار المال العام يظن المواطن البسيط و حتى أقطاب المعارضة أن معلوم الاذاعة و التلفزة التي يدفعه المواطن مع فاتورة الكهرباء يذهب الى الاذاعة و التلفزة و هذا طبعا غير صحيح بالمرة لأنه في الحقيقة يذهب الى ميزانية الوكالة التونسية الاتصال الخارجي التي تنفقه على تجميل صورة السيد الرئيس و حرمه المصون أو الفاضلة كما تفضل هي، في وسائل الاعلام الأجنبية كمجلة الصياد اللبنانية و الوفاق العربي و أرابيز و أفريك أزي و قناة anb والمستقلة و غيرها هي وسائل لا يقرأها أحد تعيش فقط من الدعم التونسي و لولاه لأفلست منذ زمن.

– الاعلام المتخلف الرجعي-يعطي الانطباع بأننا في الثمانينات أو قبلها- الاصولي –يريد أن نصبح حنبعليين و عليسيين بالقوة- المتكلس ذو الخطاب العلوي و المحتوى السفلي البذيء الذي جعل الدول الاخرى تشبهه باعلام كوريا الشمالية و ميانمار وايران و في ما يتعلق بتحميل المسؤوليات على وزير الاتصال السيد أسامة الرمضاني في الازمة الاخيرة فهو ذر للرماد في العيون لأن كل القرارات تصدر عن الرئيس و عبد الوهاب عبد الله و لايقوم السيد أسامة الرمضاني بأي خطوة الا بعد استشارت أحدهما، والأولى بفتح الألف كان اقالة عبد الوهاب عبد الله الذي سرب معلومات خطيرة من ورائك و يعمل لحساباته الضيقة، و لعلم السيد الرئيس وهنا سوف افشي سرا لا يعلمه الكثير: وزير الاتصال الجديد القديم يحلم بتقلد منصب الرئاسة و قد بدأت أعين الأمريكين و الفرنسيين و الايطاليين و حتى الجزائرين و الليبين مسلطة عليه كخليفة محتمل، خاصة و أن تصرفاته و محاولة اظهار نفسه تذكر ببن علي سنوات 86-87 و قد زادالسيد الرئيس من حيث لا يدريه هدية من السماء بأن سماه ناطقا باسم الحكومة و الحال أن كل الأطراف سواء في الحزب أو الحكومة لا تحتمل مجرد اسمه فكيف لينطق باسمها. لكن عبد الوهاب عبد الله أقنع الرئيس بأن هذه الخطوة سوف تجعل الرئيس يأخذ مسافة من الحكومة عند تحميل المسؤوليات.

– ثراء صهرك الصغير صاحب النمر المدجن رئيس مدير عام تونيسيانا في سنوات معدودة في حين أن غيره من الشباب الأكفأ منه و الأذكى منه يتجرعون مرارة الحرمان، و ازدياد الفقراء فقرا و الاغنياء غنى ، و حتى خلال هذه الأزمة و تونس يشتعل شبابها لازالت الممارسات الانتهازية متواصلة من العائلة المقيتة و سوف أفشي سرا حيث في الوقت الذي انشغل فيه المجتمع بما يحدث أعد السيد فلان قائمة من المواد التي تستوردها العائلة و تروجها داخل البلاد واقترحها للاعفاء من الاداءات الديوانية و الأداء على القيمة المضافة وذلك على الموز و الخردة و وسائل منع الحمل و غيرها. اذا الاعفاءات الديوانية و الضريبية لا تشمل الفقراء ذوي الدخل المحدود أو عامة الشعب بل فئة قليلة جدا من الموردين الذين ينهكون خزينة العملة الصعبة في عمليات الاستراد و يقضون على المنتوج الوطني المحلي هؤلاء الخونة و المستكرشين نشجعهم و نخفض لهم المعاليم الديوانية و الضرائب التي لم يكونوا في الأصل يدفعوها في السابق. و اياك أن تظن أن المواطن سيتفيد فاسعار البيع في السوق الوطنية ستبقى نفسها بدعوى غلاء اليورو أو الدولار و الحال أن هذه الأموال التي من المفترض أن تذهب لميزانية الدولة تذهب الى بطون هؤلاء بكل قانونية- و من يتهمهم بالفساد فهو اذا يظلمهم لأنهم مطابقون للقانون- و قد تم ترقية السيد فلان لمنصب وزير اثر هذا القرار الحكيم. هذا بالاضافة لاستلاء أصهارك على أفضل المشاريع و الاستثمارات مما أدى الى خوف المستثمرين الوطنيين و اكتفائهم بالاستمار في القطاع العقاري وهو ما أثر سلبا على خلق مواطن الشغل بل و أدى الى اغلاق الكثير من المصانع نتيجة تعويم السوق من البضائع التي تستوردها عائلتك من دون خلاص الاداءات الديوانية و الأداء على القيمة المضافة وهو ما أدى الى طرد آلاف العمال نتيجة اغلاق هذه المصانع.

– التضييق على باعة و السجائر و السلع المهربة والكتب والدجاج و الغلال و الفريب و الباعة المتجولون و حتى على باعة الخمر خلسة و المخدرات الخفيفة حتى لم يبق لهم أي مورد رزق كريم بدون منغصات، هذا بالاضافة الى سلب أعوان الامن لهم فهم يحصلون على الخضرة و الحوم و السمك و الغلال و السجائرو الملابس و الخمور و غير ذلك دون محاسبة و لا مراقبة. و اقتصرت المعاقبة على بعض الأعوان المستحدثين القادمين من جهات داخلية و ليست لهم أكتاف في الأمن، أما الرؤوس فلا تمس و لها صك أبيض ليفعلوا ما يشاؤون من سرقة و تهريب و تدخلات و تدليس الوثائق الثبوتية و الترهيبو غيرها من الجرائم.

– اغلاق منافذ الحرقة الى الخارج و التي كانت متنفسا هاما للشباب و باب أمل و أحلام لا ينضب و قد أعاننا كثيرا على تنفيس الاحتقان عند الشباب.

– التضييق على الشباب الذي يريد الالتزام و المحجبات و هذا بسبب فئة قليلة في قصرك تصدر أوامر للأجهزة الامنية في أحيان كثيرة دون علمك سيدي الرئيس للقيام بحملات في جهات معينة من البلاد دون غيرها لأسباب و حسابات ضيقة و شخصية. أما الهشاشة النفسية التي تحدث عنها رئيس الدولة فهي نتيجة ازمة الهوية التي مازالت حاضرة بقوة و لم يحسم الرئيس موقفه منها لمدة 23 سنة، يجب أخذ قرار واضح بين الشرق العربي أو الغرب الاباحي ليرتكز الشباب على قواعد واضحة في التعليم و التربية فإما أن يجرّم الانتحار حرقا أو يعتبر حرية شخصي داخلة في تصرف الفرد في ممتلكاته و من بينها روحه و جسده. الهشاشة النفسة هي نتيجة لرفض الدولة تماما لتدين الشباب رفضا تاما و كأن شبابنا معروف بتطرفه و الحقيقة أن الجميع يعلم أن شبابنا المتدين على قلتهم لا يريد الا تطبيق السنة لا غير و لا أرى أنه متطرف، بل أخشى أكثر عندما يفقد مبادئه فيكون الاجرام مصيرهم.

– التضييق على الشباب المتحرر و الشبان الذي تحولوا للمسيحية و عبدة الشياطين وحتى مغنو فن الراب، و التضييق على الانترنات و أي شكل من أشكال التعبير المستقل.

– التضييق على الشباب المتسيس حتى داخل الحزب، وقمع أرائه و مصادرة أفكاره

– سياسة تخدير الشباب بالرياضة عموما و بكرة القدم خصوصا لم تعد مجدية فلا تعشيب ملعب جلمة و لا ملعب سيدي بوزيد سوف يقلل من ثورة شبابه و لم تم تخصيص تلك المبالغ حوالي 700ألف دينار المخصصة حاليا لتعشيب الملعبين، لبعث مشاريع في الجهة لكان أفضل بكثير.

– الاشتكاء من نقص التأطير في الهياكل العمومية بالجهات و آلاف أصحاب الشهائد العاطلين بهذه الجهات، وهو التناقض بعينه حيث يتم التعويل على المتزلفين و الوصوليين سواءا في الحزب أو في الادارات الجهوية و حتى المركزية في بعض الاحيان أدى الى انتشار الرشوة و المحسوبية و انتشار الخسة و الدناءة و الاساليب القذرة التي تهدف الى تدمير الناس و استغلال السلطة لمآرب شخصية وقد أدى هذا الى سوء سمعة الحزب و الادارة لدى المواطن، و قد قال أحد وزرائك و لا أذكر اسمه حفاظا له على منصبه، بأن النظاف و الثقة – اي الرجال النظاف و الثقات- لا يريدون اعانتنا في تحمل المسؤوليات السياسية و الحزبية من ترك المجال للأقل كفاءة و أمانة.

– فيما يتعلق بانتداب الاطارات العليا للبلاد الذي يتم عبر المدرسة الوطنية للادارة، فالشفافية ظلت غائبة لعدة عقود و جعلت نسبة كبار الموظفين في الادارة ب 60 في المائة لولايات سوسة و المنستير والمهدية مجتمعة و 30 في المائة لتونس العاصمة الذين هم أغلبهم من أصول ساحلية، والولايات الداخلية لا تتجاوز حصتها 10في المائة مجتمعة. وهو ما كرس جهوية مقيتة داخل الادارة أغلبية ساحلية ضد أقلية من الجهات الداخلية تعاني التمييز و الظلم في الترقيات و التعيينات، حيث انتشرت في كلمة “هذا متاعنا وإلا لا” أي ساحلي أو لا ، قصدالتعينات في المناصب الحساسة، و لا أنكر أني استفدت من هذا التمييز لكني أقول هذا ظلم و قهر للموظفين يجعل من الادارة بؤرة احتقان و مؤمرات تشغلها عن أداء دورها الحقيقي.

– التعويل على كبار السن و التمديد لهم في الادارة أو الوزارة في حين أن قدرتهم على التحديث ضعيفة لان الانسان كلما كبر في سن يريد الاستقرار بمعنى الجمود وهو ما يفسر ضعف السيايات العمومية و تكلسها حيث مازلنا نحس بأجواء الستينات و السبعينات داخل وزاراتنا في حين تقوم الدول المتقدمة بتعيين وزراء شبان –في الأربعينات- يتقدون نشاطا و حيوية مفعمين بالامل و التحدي. و تستطيع أن تقارن بين مردودك لما كنت وزيرا للداخلية و بين مردودك الآن حيث نراك ثلاثة أيام فقط في الأسبوع، مما حدى بعضو من اللجنة المركزيو بوصف تونس ببلد بربع رئيس.

هذه بعض من أسباب كثيرة أدت لهذه الازمة اللامتناهية و التي و للأسف لا يتعرض المعارضون للنظام و لدى المؤيدون له لهذه التفاصيل التي تمثل الهموم اليومية للشباب و للمواطن فالواقع على ما يبدو خطير في ظل تكاثر الأفراد الذين ليس لهم شيء ليخصروه وهم أخطر فئة في المجتمع و على النظام برمته. و لكن حدث من يسمعكرجل أغلق على نفسه باب قصره مع معاونيه الأمنيين و السياسيين و الاقتصاديين منذ 20 سنة و لم يغيرهم و لم يثق في أحد غيرهم و لم يسمع غيرهم، وزوجة ثانية مسلطة وقوية على شخصيته و أنجبت له الولد حتى تم تحطيم قاعدة الاطعام من الجوع و الامن من الخوف التي تركز عليها النظام في 87 ولم تعد مطبقة كما بينت آنفا بل نسيت و الوصفة السحرية في الحفاظ على الاستقرار لم تعد سحرية و خبرها –بكسر الباء- الجميع تقريبا:

– التعتيم الاعلامي الذي نجح خلال العشرين سنة الأخيرة و اتخذته سيدي الرئيس سياسة ثابتة يجب أن تتم مراجعتها في ظل الوسائط الحديثة، و تعلم أجل تعلم من الشقيقة الكبرى الجزائر فهم أدهى و أذكى منك و من مستشاريك آلاف المرات، و انظر كيفية تعاطيهم الاعلامي الداخلي مع ثورة التخريب التي انتقلت اليهم من تونس، و هنا أود أن أشير الى مقارنة بسيطة بين ما يحدث في تونس و ما يحدث في الجزائر، في تونس مظاهرات مسالمة ترفع شعارات جريئة و قوات أمن يراد لها أن تكون شرسة تقمع و تعذب و تغنم المحلات التجارية و ما تقع عليه الايدي و تعتيم اعلامي مطبق. و في الجزائر مظاهرات تخريبية من شباب طائش يحرق و يدمر بدون شعارات و لا مطالب واضحة مقابل أمن يتجنب التدخل و يحاول التقليل من الخسائر قدر الامكان و اعلام رسمي و مستقل شفاف ينقل باللحظة ما يحصل. لذلك أقول أن شعبنا أرقى و أكثر تحضرا و نظامنا متخلف وأحادي. و قد أظهرت الأزمة الجارية أن التونسيين بالخارج العارضين قد تمكنوا من بناء امبراطورية اعلامية غير مسبوقة لم تفلح معها ماكينة الاعلام الرسمي بالرغم من ما تضخه وكالة الاتصال الخارجي من عملة صعبة بملايين الدولارات لكن دون جدوى تذكر. لأن المراهنة على الغش و الخديعة بأساليب السبعينات و الثمانينات قد ولى و انتهى و لم يعد ينطلي على أحد.

و من المفارقة أن موقع وكالة تونس افريقيا للأنباء لايعمل من حدى بوكالات الأنباء العالمية و الصحف و الفضائيات و الاذاعات و المواقع الاخبارية الى استيقاء الأخبار من مواقع المعارضة التي تعمل و أثبتت كفاءتها رغم حجبها في تونس، و تذكر سيدي الرئيس أن من يملك مصدر الخبر يمكن له أن يوجهه حيث يشاء و الانتصار حليفه في أغلب الاحيان و وهو ما أدى الى كبر كرة الثلج التي يبدو أنها لن تذوب و بدأت المنظمات الواحدة تلو الأخرى تعلن مساندتها الاحتجاجات يوما بعد يوم و أنا لا أستغرب أن تلتحق بهم منظمة الأعراف و الفلاحين بالنظر لما سمعته و أسمعه من أعضاء فيها حول سعادتهم بما يحدث و دعمهم له علنا. كما أن الموظفين في الادارات ليس لهم حديث الى عن الثورة على حسب تعبير البعض و يترقبون تاريخ التغيير و للأسف فقد خفض الكثير منهم على حد ما سمعت مردودهم في العمل كحركة تضامنية و مساندة لما يحدث، و صار التندر في الشارع هل أنت مع الثورة أم ضدها. كما أن هذه الأزمة قد اكتسبت شعبية كبيرة في الدول العربية و الغربية و هم ما يجعل الأمر أسوأبالنسبة لك. خاصة انك تنتظر الأسوأ من أمريكا، التي صارت على مايبدو تريد التغيير في تونس بأي ثمن لتكون تونس فيترينة الوطن العربي.

– التعويل على الأمن ليس دائما مجدي خاصة بعد المناوشات التي حدثت في سيدي بوزيد بين أفراد الشرطة و الحرس هناك من جهة و التعزيزات القادمة من الولايات الأخرى من جهة أخرى و التي تم فيها تبادل اطلاق النار أثناء التقاتل على الغنائم عند اقتحام المحلات التجارية و قد تم لف الموضوع حتى لا يخرج للعموم. و المناوشات الخطيرة بين الجيش و قوات مكافحة الشغب في القصرين دليل آخر على ذلك كما أن الامن قد يثور ضدك و التملل في الثكنات واضح جدا و لو سردت الحالات التي أعرفها لكوادر أمنية و طريقة وصفها لنظامك سيدي الرئيس لفضلت عتاة المعارضة عليهم في المناصب الامنية. أما عن اقحام الجيش فأنت تعلم جيدا أنه غير موال و مخلص لك بل الاجدر انتظار الأسوء منه بالنسبة اليك لأنه سيكون دائما مع الشعب و مع المحتجين.
– الاعلان عن مشاريع و خطط و برامج فضفاضة و أهداف تتعلق بالموارد لا بالنتائج لم يعد ينطلي على أحد حيث أن الموارد تستهلك فعلا لكن بدون نتائج لأنها تذهب في جيوب زملائي في المجلس الموقر و أسود حزبنا الاشاوس من المتنفذين في الجهات الداخلية و كلهم تقريبا كانوا رجال تعليم فأصبحوا اليوم رجال أعمال و أصحاب شركات خدمات و تدخلات تدر ملايين الدينارات (مداخيل النائب عن حزبنا تتجاوز المليون دينار سنويا من التدخلات و الهبات- لتفهموا سبب التقاتل لتصبح نائبا في البرلمان)

– التعويل على الصمت الغربي على قمع الاحتجاجات، و لأخبرك بشيء قد لا تعلمه سيدي الرئيس عندما سألت أحد الدبلوماسيين التونسيين السابقين عن الصمت الغربي، فقال اذا صمتوا في هذا الوقت فهم يحضرون لرد قوي، خاصة بعد تحركات قام بها رجال أعمال و أكاديميون تونسيون في الولايات المتحدة و اتصالهم بعض النواب اليهود الديمقراطيين الذين كانوا في حملة هيلري كلنتون للرئاسة. و لم ننتظر كثيرا بعدها ليتم استدعاء السفير التونسي لدى واشنطن و تبليغه رسالة بل هي في الحقيقة تهديد حيث قالوا له “Enough is enough” بما يعني أن صبر الولايات المتحدة عليك سيدي الرئيس بدأ ينفذ، و أنت تعلم جيدا أنهم بإعطاء الاشارة لعون من أعوانهم الكثر في القصر و خارجه يمكن أن يكون مصيرك كعرفات، و أنصحك بأخذ الدرس من قصة صدام حسين سنة 2003 عندما نصحه الاماراتيون بكل سرية بأن يترك الحكم و الا سيكون مصيره سيئا فتهكم عليهم و بعد ذلك اتضح أن من كان يعول عليهم كانوا متعاونين مع الامريكان. و لعلمك فان أمريكا لاصلاح صورتها في العالم العربي بعد فشلها في العراق و أفغانستان يمكنها القيام بحركة بسيطة نحوك، ثم تقول لقد خلصت بلدا من ديكتاتور كان يقمع الحريات و يعذب، و قد حلت محله حكومة منتخبة ديمقراطيا مع تطعيمها ببعض الوجوه الاسلامية لتكسبها الثقة في الداخل و الخارج و تكون بعدها أمريكا صورة الدولة المخلصة من الدكتاتوريات بدون اراقة دماء هذه المرة .

و أدعوا السيد الرئيس في الأخير بأن يرأف بمواطني هذه الدولة و بموظفيها من اداريين و موظفين و عملة و أعوان أمن الذين يوشكون هم أيضا على الانتفاضة على حسب ما تأتي به الأخبار من الهياكل المركزية لوزاة الداخليةو أن يقرأ جميع الاحتمالات و أن لا يثق كثيرا بمن حوله لأنهم مع الصاعد و هم يعلمون أن دولارك نازل ان لم يكن بسبب الاحتجاجات فبسبب تقدمك في السن و أدعوك أن تقوم ببعض الخطوات البسيطةو ذلك بالقيام بالاجراءات التالية لمحاربة الرشوة و المحسوبية و توفير ظروف حياة أفضل للمواطنين فيما تبقى:

– القيام بالتمييز الايجابي بين الجهات أي الأقل حظا في التنمية لها أكبر ميزانية و الحرص على أن لاتذهب الميزانية كالعادة لجيوب أبناء حزبنا الأشاوس

– توفير السكن اللائق و الايجار المتناسب مع الدخل في مختلف جهات الجمهورية

– الترفيع في المرتبات لكل الاعوان العموميين بحيث تكفيهم حاجتهم و تغنيهم عن الرشوة و ردم الفوارق بين موظفي المنشآت العمومية و الموظفين في الوزارات بمافيهم رجال الأمن و القضاة.

– الاعتناء بالأسر الضعيفة و تقديم يد العون لها ليس تكرما بل هذا واجب على الدولة

– ايلاء الجوانب الأخلاقية الأهمية التي تستحقها في التعليم و المسلسلات و البرامج و غيرها لتجنب الهشاشة النفسية للشباب

– تمكين الأعوان العمومين من يومي راحة والعمل بالحصة المسترسلة مع جداول توقيت مرنة حتى يتمكنوا من العناية بأطفالهم و تنشأتهم التنشأة السليمة و المتوازنة كي نتجنب مرة أخرى مرض الهشاشة النفسية

– دفع منح سخية على حسب عدد الأطفال لكل العائلات بصرف النظر عن عمل أو بطالة الوالدين و تأكد بأن ذلك لن يكون
له أي انعكاس على نسب الانجاب

– انشاء جهاز خاص بمكافحة الفساد له امكانيات ضخمة و يعمل في استقلالية

– غض الطرف عن الهجرة السرية الى الخارج و الذي يساهم في التنفيس عن الشباب

– الحرص على عدم الاطراء و المدح فيك كثيرا في الاعلام كي لا تثير اشمئزاز المواطنين و احرص على العمل ستة أيام في الأسبوع كبقية الموظفين العموميين و على حصتين في اليوم و ليس ثلاثة أيام في الأسبوع حصة واحدة.

– تشبيب الهياكل الحزبية و الادارية و طاقم المستشارين و الأطر الأمنية و الوزراء و السفراءو المعتمدين و الولاة.

– الكف عن تعيين رجال التعليم في مناصب معتمد و ووالي ووزير لأنهم ليسوا مختصين في التصرف في الأموال العمومية و الموارد البشرية و المشاريع و الحرص على تعيين أشخاص أكفاء و ذو أمانة و لو كانو غير تونسين و كلف انتدابهم 10آلاف دينار شهريا، فالمهم أن يكونو عادلين و منصفين و مؤهلين لادارة هياكلهم بجدارة، و الحقيقة أن المعتمدين و ما أكثرهم والولاة و الوزراء يكلفون الدولة أكثر من ذلك بكثير بسوء تصرفهم و قلة خبرتهم التكنوقراطية و صلفهم و جشعهم الا القليل النادر من الوطنيين.

– الكف عن جعل كل المستشارين من الحقوقين لأنهم يرفضون التجديد بحكم تكوينهم القالبي و الذي يحرم الكثير منهم من المرونة بل التنويع واجب مع احترامي لجميع الحقوقيين و أنا أولهم.

– ابعد عنك المتسلقين و الوصوليين فأنا اطار تجمعي عريق أنتقدك عشرات المرات داخل عائلتي و أمام الثقات و كما ذكرت سابقا فإن اطارات أمنية عليا و مسؤولين هامين في أجهزة الدولة عندما نلتقي هنا في سوسة و نتحدث عنك و عن عائلتك صدقني لو تسمعنا لخيرت المعارضة الراديكالية عن هؤلاء الاطارات. و بالتالي لا تصدق البهرجة الكاذبة و النفاق المخادع فرب معارض صادق خير من مجامل انتهازي لايرى الا مصلحته.

– تذكر دائما والدك و كيف شقى على معيشتكم لما كنتم في صغارا و تذكر سنواتك العشر الأولى في الجيش الوطني و البؤس الذي رفقها فأنت فقير ابن فقير من عائلة فقيرة فلا يغرنك العيش بين الأغنياء، فلن يعتبروك منهم مهما فعلت و انتصر لفئتك المحرومة كما فعل شافيز

– التحسب من أي طارئ يأتيك من وزير الاتصال الجديد الناطق باسم الحكومة فأنت كنت وزير أول ووزير داخلية فلا تجعل التاريخ يتكرر

– لا يمكن لك الاستمرار مع ليلى الطرابلسي اخترها هي أو حكم تونس طلقها و سيخرج الناس في سيدي بوزيد و القصرين و تالة يهتفون بحياتك. فلا حديث هنا الا عن المشاكل التي طرأت مأخرا بينكما، و الشائعات تقول ان مفعول السحر قد احترق باحتراق هذا المظلوم البوعزيزي.