نحن هيئة أولياء مركز أمستردام لتدريس اللغة العربية والثقافة التونسيّة لأبناء التونسيين المقيمين بهولندا نودّ إبلاغ الرأي العام في تونس بملابسات ما حصل مؤخّرا بمناسبة اختتام السنة الدراسية 2010/2011 .

في البداية، لا بدّ من التذكير بأنّ هذا المركز الذي تمّ بعثه منذ سنة 1994 من قبل مجموعة من الأولياء المتطوّعين الذين لمسوا الحاجة الملحّة لأبناء الجالية لتعلّم لغة بلدهم الأمّ والتعرّف على ثقافته بقي طيلة هذه المدّة بعيدا عن التسييس عموما وعن هيمنة التجمّع الدستوري الديمقراطي خصوصا والذي حاول استمالته بشتى الطرق الترغيبية منها والترهيبيّة .

وبناء على مبدإ عدم التّسييس نجح المركز في القيام بالرسالة التي بعث من أجلها بالتّعاون طبعا مع جميع السّادة السّفراء الذين تعاقبوا على هولندا، وتمثّل هذا التّعاون بالأساس في وضع معلّم يوما في الأسبوع على ذمة المركز وتقديم الشهادات للتلاميذ في نهاية كلّ سنة دراسيّة.

ورغم الصعوبات العديدة خاصة الماديّة منها تمكّن هذا المركز من الصّمود طيلة هذه السّنوات غير أنّ هذه السنة كانت استثنائيّة على جميع المستويات وجوبه الأولياء بعقلية خلنا أنّها اندثرت مع فرار الرئيس المخلوع وأنّ الثورة قد غيّرت ولو القليل من نظرة المسؤولين في السفارة إلى الجالية باعتبارهم أولا وأخيرا في خدمتها وليس العكس .

إذ شهدت السنة الدراسية الحالية تعثّرا وتململا في صفوف أولياء التلاميذ نظرا إلى الغيابات المتكرّرة والمطولة احيانا للمعلّم المكلّف بإعطاء الدروس فضلا عن عدم رضاهم على طريقته في التّعامل سواء مع التلاميذ أو مع الأولياء فما كان من هيئة الأولياء إلا أن وجّهت رسالة في الغرض إلى سعادة السفير عباس محسن وإلى القنصل المكلّف بالشؤون الاجتماعية مصطفى الزيري غير انّ هذه الرّسالة يبدو أنّها ضاعت في زحمة التقارير الواردة على سعادته أو أنها مسألة غير جديرة بالاهتمام وبقيت دون إجابة .

وبعد مكالمات هاتفية مضنية مع السيد الزيري تمّ في منتصف السنة الدراسية تغيير المعلم خاصّة أنّ المركز أصبح مهدّدا بالغلق نظرا لنفور التلاميذ والأولياء من الدروس التي يقدمها المعلم موضوع الشكوى .

و نظرا إلى الوضع الجديد الذي تعيشه بلادنا بعد الثورة المباركة وتجنّبا لما قد ينجم عن حضور السيد عباس محسن حفل نهاية السنة الدراسية باعتباره كان عضوا في اللجنة المركزية للتجمّع المنحلّ كما كان مدافعا عن النظام البائد خاصة من خلال انسحابه من الجمعية الدولية لرؤساء البلديات الفرنكوفونيين احتجاجا على تصريحات رئيس الجمعية السيد برتران دى لانوى بخصوص وضع حقوق الإنسان في تونس قبل الثورة، عبّرت مجموعة من الأولياء عن عدم رغبتها في حضوره هذا الاحتفال وتمّ إبلاغ السيّد الزيري بذلك بطريقة وديّة وحضاريّة .

فما كان من ” سعادته ” إلاّ أن فاجأ الجميع بردّة فعل استاء لها الجميع وذكّرتهم بعقلية وسلوكيات خلنا أنها قبرت مع المخلوع فهل من حقّ سعادته أن يحجز الشهادات ويمنعها عن التلاميذ وكأنه بذلك يعاقبهم على رأي أو موقف اتّخذه أولياؤهم ؟ وهل بهذه العقلية يمكن أن نؤسس لعلاقة جديدة بين السفير والجالية، علاقة تقطع مع أساليب الماضي وتقوم على مبدإ الاحترام المتبادل ؟ أليس من شأن هذه التصرّفات التي لا تعطي أيّ وزن لجاليتنا أن تزيد في توتير العلاقة بين الطرفين وربّما تتّجه نحو تصعيد قد لا تحمد عقباه ؟

إنّ هيئة الأولياء إذ تعبّر عن خيبة أمل كبيرة فإنها تدعو سعادته ومن معه في السفارة إلى مراجعة مواقفهم ونظرتهم المتعالية وعلاقتهم بالجالية التونسيّة بهولندا فهذه الأخيرة ليست فقط مصدرا للعملة الصعبة حينا أو أداة للتسييس أحيانا أخرى بل هي أناس تغرّبوا عن وطنهم وطالما كانو خير سفراء له ومن هذا المنطلق ينبغي أن تكون العلاقة في مستوى أعلى يرتقي إلى مستوى الثقة والاحترام المتبادلين باعتبار السفارة أوّلا وأخيرا في خدمة مصالح الجالية لا تعطيلها والتقريب بين التونسيين لا التفريق بينهم وبهذه العقلية فقط يمكن لسعادته أن يحافظ على هيبته في أوساط الجالية فالهيبة لا يمكن تأسيسها على الإطلاق على علاقة عمودية قوامها التعالي فهيبة السفارة وهيبة سعادته من هيبة الجالية وقد حان الوقت ليعيد البعض حساباته ومواقفه وسلوكياته لأن من لا يواكب مبادئ الثورة مهما كان مستواه هو بالضرورة يسبح ضد التيار ومصيره طبعا معروف .

الإمضاء

هيئة أولياء مركز أمستردام لتدريس اللغة العربية والثقافة التونسيّة لأبناء التونسيين المقيمين بهولندا