حسما للنزاع، سبق أن قلنا إنها ثورة في الأساس نظرا لروحها وتطلعاتها، وإن كانت في آلياتها وشكلياتها أقرب إلى الانتفاضة الموفقة؛ لذا اقترحنا مصطلح الانقلاب الشعبي. ذلك لأنها ما كانت بالفعل هذه الانتفاضة الناجحة إلا بالنظر لتلك الروح الفياضة التي حركتها والتي تنفخ فيها إلى اليوم جذوة التجدد ووازع التظاهر ورغبة التغيير.
وقد كان الاشكال الآخر هذا التدافع الذي رأيناه، حيث لا مفرّ منه، بين الآخذين بالشكل والمحافظة على آلياته والطامحين إلى الرمز وتفعيل مقتضياته.
أقول ذلك وقد دخلنا الآن المرحلة الحاسمة من ثورة الياسمين إذ تطوّر الوضع السياسي بالبلاد بانتهاج مسلك الرمز بعد نبذ مسلك الشكل في محاولة كانت تبدو جادة، على مستوى الاستحقاق الانتخابي على الأقل، للاستجابة لرغبة الشعب وإرادته والتناغم مع تطلعاته.
فالمشكل الأساسي الذي طرح غداة الثورة كان يتمثل في إشكالية البيان بخصوص محتوى الكلام من محكم ومتشابه، أي بين أصله وشكله أو ماهية الوسيلة المناسبة لإيجاد طرق التواصل والتحاور مع مختلف شرائح الشعب؛ فكان السؤال الأساس : كيف الحديث إلى الشعب؟ وكان التساؤل الأوكد لكل متكلم بعد أن قال الشعب كلمته : كيف ومن يتوجه لك، أيها الشعب، وأنت قد صنعت التاريخ؟ بأي لغة ومنطق نكلمك وقد بين نضالك فراغ منطق المثقف وزيغ رؤياه لواقعه رغم مرارته؟ ومن له القدرة على إسماعك صوته، وإن كان لقول الحق، وقد مارس وغازل طويلا قول الباطل؟
هذا ولا شك أنه، وإن التزمت أغلبية التونسيين الصمت في ظل العهد البائد، دون النزر القليل الذي ناضل وقاسى الأمرين، فمنها من بقي على اتصال دائم ببلده، مراقبا بصمت ما يجري به، ملاحظا بارتياح تطلعات شبابه المستمرة إلى الحرية مما كان يؤكد قناعته بضمان قدرة الأجيال الصاعدة على تحررها يوما؛ حتى جاء أخيرا هذا اليوم !
ولكن من الضروري الآن إضافة الفعل للقول أو إضفاءه على الصمت القديم، وقد كثرت أعداد من همه أن يتكلم ليهذر؛ وحدث ولا حرج عن هذا الصنف من الحيوان السياسي الذي يكثر أثناء مسيرة الثورات الشعبية، فهو لا يتعاطى إلا الثرثرة وذلك في أحسن الحالات، عدا الركض وراء المصالح الضيقة، هذا إذا ما لم يتوصل إلى عرقلة مسير الشباب نحو الأفضل !
لذا، ودون اللجوء إلى مطالبة هؤلاء التأكيد للشعب على نظافة اليدين وسلامة النية، وجب اليوم على كل متحدث وصاحب كلام على الساحة السياسية _ وذلك على الأقل من باب تفعيل قيم الرمز واستبعاد تهجينها بمغلوط الشكل وزخرفه _ الإتيان من الكلام بما من شأنه دعم مسار الثورة، فلا يكون الكلام لغوا، ليس الهدف منه إعادة كتابة التاريخ إذا انعدمت الشهادة له، بل العمل الدؤوب في حدود مساره دون البحث عن المصلحة الذاتية، كما سارع ويسارع العديد من السياسيين لفعله هذه الأيام.
فمن أوكد الواجبات السياسية، في الفترة التاريخية الحاسمة التي تعيشها بلادنا،
العمل على أن يكون شعار كل قول وفعل مصلحة تونس العليا كما حددها شبابها وتطالب بها دماء شهدائها. فالصمت اليوم خيانة، وقد كان مدويا في العقود الماضية لدى الأغلبية الساحقة لأسباب عدة ومختلفة وإن لم يكن بنفس الوتيرة ولا لنفس الأسباب، كما لم يكن بالضرورة من باب الخيانة. وفعلا، فهو لم يكن أحيانا، عند البعض، دون الفعل الهادف والعمل الفعال وإن كان بدون أية جلبة؛ وليس بالإمكان القول عنهم، كما هي حال العموم اليوم، أنك تسمع جعجعة ولا ترى طحنا. إلا أن الأمور بخواتيمها، وخواتيمها اليوم إرساء ديمقراطية حقة بالبلاد التونسية، ولا مجال لذلك دون المطالبة بها والعمل الحثيث على التأسيس لها بالفعل الجاد والقول النافذ.
فهناك اليوم زمرة من خيرة شباب البلاد وزبدة أبنائه تعمل جاهدة على الإتيان بما يمكن الخروج بالبلاد من الإشكال الذي لا يزال قائما بها، رغم انقضاء السنة على الثورة، بين الرمز والشكل، ورفع التحد العظيم الذي لا مناص منه على مدى السنوات القادمة من خلال كتابة نص دستور من شأنه أن يوطد الأمور على أسس صحيحة ويبني صرحا لتصرف سياسي متحضر، فيكون الخروج بسلام من الفترة الحالية الملأى بالتساؤلات والمخاطر.
ولا شك أن من هذه المخاطر هاجس الانزلاق نحو حكم يفرض العودة بالعنف إلى النظام في الشارع لكبح تطلعات شعب آمن بإرادته فيستحيل مستقبلا منعه من العيش طلقا كطيف النسيم وحرا كنور الضحى في سماه. نعم، ولا بد من الإشادة بها، هناك الوقفة الحالية المشرفة للأمن التونسي إلى جانب الشعب وطموحاته! ولكن لكل حال وقت معيّن، وبخاصة عندما يكون استثنائيا؛ وليس للوقت الثوري بحال أن يدوم طويلا دون أن يطغى على وقت العودة إلى ما لا غنى عنه من ضرورة الأمن وثوابت الاستقرار.
إذن، الآن قد مرّت عقبة الاشكالية الأولى، ألا وهي الخروج بلا مخاطر من شكل النظام القديم إلى نمط جديد على شاكلة رمز الثورة، لا بد لنا أن نتجاوز أيضا بأمان العقبة الموالية التي تتطلب مزيدا من الفطنة، إضافة إلى الجرأة وتجاوز الشكل الطاغي للديمقراطية، فلا يعمل سياسيو تونس الثورة على محاكاة ما هو موجود بالغرب لمجرد الاعتماد على مبدأ التجربة وأسبقيتها عند كل الدول بدعوى انعدام الممارسة للآليات الديمقراطية في تونس.
فلا يجب أن نسهى على أن أهمية مثل هذه المباديء المعمول بها في سائر البلاد الغربية تبقى أقل من تلك التي تتوفر في عقلية التونسي وتراثه التليد على المستوى النفسي والاجتماعي، والذي ينبيء على حضارة عريقة زاخرة بالقيم. فالبناء الديمقراطي الذي بإمكاننا اليوم العمل على إحداثه تتوفر له أرضية خصبة لم تتوفر في الأرضين التي ظهر عليها النموذج الغربي، إذ جاء في محيط قاحل منها، الشيء الذي أثر ولا شك على شاكلته الحالية؛ وذلك مما يحتم عدم الأخذ ضرورة بالصفة التي آل إليها في النظم الغربية الحديثة، بل العمل على الاستئناس بتجربتها لاستنباط ما هو أفضل وأجدى.
فالغرب اليوم، بالرغم من مدى تقدم حضارته وآليات نظم دولة القانون به، بدأ بالدخول في سبات يكاد يكون عميقا وطويلا في ما يتعلق بمدى استفاقة ضميره للمباديء السامية التي يؤمن بها وذلك بالتعلق بها مهما كانت الظروف والمطالبة بتفعيلها فالدفاع عنها بدون تقيّد بمصالح أنانية ضيقة واعتبارات مادية أو اقتصادية لا تمت البتة بروح التسامح والتآزر بدون أية اعتبارات لحدود قارية أو مذهبية أو جنسية.
فمستقبل مثل تلك المباديء نراه غدا ببلاد الجنوب لما أفرزه عندها من شديد التعلق بها نظرا لطول حرمانها منها؛
والمسؤولية اليوم لعظيمة، في تونس بخاصة، للعمل على ولوج هذا المستقبل من الباب الكبير وذلك بإنجاح هذا التحدي الكبّار
للأوضاع الراهنة في فترة تبقى جد إيجابية نظرا للموقف الأمريكي من الثورة التونسية ولما يجري بمصر وما يحدث بليبيا وغيرها من البلدان مما جاء كتأكيد للمسار الثوري بتونس وحماية لتمشيه قدما للأمام.
إن من دروس الثورة التونسية أن نستوحي، على هذا المستوى أيضا، من روح الشعب التونسي وأحلام شبابه ورموزه، نظاما يكون تجديدا للديمقراطية بالاعتماد على نقائص تجارب الآخرين والعمل على تجاوزها. فلا بد هنا من المراهنة على قدرة التونسي على الإبداع؛ فهكذا كان ديدنه على مر القرون، ولا يجب البتة الاستهانة بقدرته على التجديد وقد برهن على ذلك بأسبقيته في ثورته، هذه الثورة التي فاجأت الجميع لكونها فاتحة ثورات جماهيرية من نمط جديد على شاكلة أهم مستجدات القرن الجديد في عديد الميادين وبخاصة المعلوماتي وتقلص المسافات وانهيار الفواصل والحدود.
فلتكن إفرازات الثورة التونسية من نفس النوع المتجدد بتفاعله مع رموزها والانتقال عن الشكل المتعارف عليه للديمقراطية بالبلاد الأخرى، وقد أمسى بلا شك مبتذلا، حتى وإن كانت آليات الديمقراطية وروحها متأصلة فيها.
ولكن ما يكون الرمز في استقراء أسس النظام الجديد؟ هذا ما لا يمكن البت فيه إلا بمشاركة عظم جموع الشعب بشرائحه حتى نبقى أوفياء للروح الثورية. نعم، هذا هو التوجه الأسلم للوفاء للثورة والبقاء على عهدها. ونحن، في هذا السياق، نبدي هنا البعض من المقترحات التي نرى، من موقعنا كمجرد ملاحظ مستقل الرأي حر الضمير، وجوب توفرها بشكل أو بآخر في التصورات المستقبلية.
فبعد إنجاح الشعب للموعد الذي ضربه له التاريخ، على ممثليه وسياسييه واجب الرقي إلى مستوى هذا الحدث التاريخي والثقة الممنوحة إياهم في تفانيهم لخدمة مصلحة الشعب المشروعة على أوكد الأسس وأدومها على مر الأزمن. وليكن شعار الجميع : نعم لمشروع سياسي لا شرقي ولا غربي، لا إسلامي ولا غير إسلامي؛ بل متجذر في حضارة عريقة الأبعاد متنوعة المنتمى، متفتحة على عالم بلا حدود، آخذة بآخر مستجدات ثورة التقنيات الحديثة.
ولا غرو أن مثل هذه المسؤولية تبقى أساسا على عاتق ممثلي الثورة بالمجلس التأسيسي للعمل جاهدين على الخروج بالثورة من وقتها الزمني الاستثنائي إلى وقت أطول هو الوقت السياسي المستديم وذلك بآليات قانونية تأسس لثوابت سياسية ومباديء عملية، فيكون المرور من الرمز إلى الشكل ناجحا بتفعيل هذا الشكل بروح الرمز على محك العمل الواقعي والنشاط السياسي.
واعتقادي أن من القواعد الضرورية في كتابة الدستور الجديد، حتى تكون نهاية الفترة الانتقالية ناجحة، تأسيس فلسفة هذا الدستور على بعض أركان هي من الأهمية، بل من القدسية، بمكان، كالبنود الآتي ذكرها والتي أراها تفرض نفسها على كل سياسي في بلدنا، أيا كانت نزعته، ما دام من الضمائر الحية، لأنها من البداهة واللصوق بروح الثورة ما يجعلها تكون سياسيا مقدسا من المقدسات في جمهورية تونس الجديدة.
وحتى يقع التأكيد على علوية هذه الأركان للجمهورية التونسية الحديثة، فليس أفضل من جمعها في إعلان، على شاكلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يكون إعلانا دستوريا لحقوق المواطن التونسي وتقع المصادقة عليه قبل الشروع في دراسة مشروع الدستور الذي يقع ضمه إليه كجزء لا يتجزأ منه متمما له.
وهوذا مشروع لإعلان دستوري لحقوق المواطن التونسي نعرضه على سامي نظر ممثلات وممثلي المواطنين التونسيين بالمجلس الدستوري لدراسته وإثرائه وبعثه للوجود كأعز هدية للشعب التونسي تُقدم له في ذكرى ثورة جماهيره المجيدة، فتكون بحق ثروة سياسية للأجيال القادمة. فيبقى بذلك عبق الياسمين التونسي وأريجه على الدوام في أنوف رجال السياسة أبد الآبدين. ولأعضاء المجلس التأسيسي سديد النظر.
لقد كان لثورة الياسمين إشكاليات، كما لكل ثورة إشكالياتها، وبخاصة في ما يتعلق برموزها وأشكالها؛ وإشكالية الياسمين الأولى في تونس لم تشذ عن القاعدة حتى وإن اختلفت الآراء في تحديد المصطلح الذي ينطبق على الحركة الشعبية التي قادت إلى إسقاط النظام السابق.
نظرا لأن الثورة التونسية هي أساسا ثورة الحرية الطامح إليها كل تونسي وثورة الكرامة المتأصلة في جميع أفراد المجتمع التونسي وعربون تلاحمه بحقوق متساوية ثابتة هي دعامة تطلعه الدائم للأفضل من الحرية والعدل والسلام في وطنه وفي العالم أجمع؛
ونظرا لأن تجاهل حقوق التونسي في الحقبة التاريخية التي سبقت ثورته المجيدة قد أفضت إلى الهمجية من التصرفات المشينة لكل ضمير إنساني حي، وبخاصة ضمير التونسي الذي لطالما كانت ولا زالت غايته العمل على العيش في مجتمع صفاء يتمتع كل فرد من أفراده بحرية العقيدة والتعبير ويتحرر من الفزع والفاقة وكل ما من شأنه أن يستعبد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؛
ونظرا لما له من الأهمية أن يتولى الدستور التونسي الجديد حماية حقوق التونسي من أي إستبداد وظلم جديدين وتكريس حقه في رفض كل أشكالهما والتمرد عليهما؛
ونظرا لما لتعزيز العلاقات الودية بين أفراد الشعب التونسي وسائر مواطني الدول الشقيقة والصديقة من أهمية وذلك بتسهيل التواصل والحث على تنمية الاتصالت بدون حواجز ولا عراقيل؛
ونظرا لأن جذور الشعب التونسي في غالبيته متأصلة في الدين الإسلامي والحضارة العربية، وبخاصة في مبادئهما الأساسية السمحة المؤمنة بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد قيمته وبما للرجل والمرأة من حقوق متساوية في جميع مجالات الحياة، وعلى الأخص منها الرقي الاجتماعي في جو من الحرية والتسامح.
ونظرا لما تعهد به ممثلو الشعب التونسي على العمل في نطاق صياغة الدستور الجديد للجمهورية التونسية على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها بالبلاد في نطاق دولة قانون يكون جميع أفرادها متساوين دون أي تمييز مذهبي أو جنسي أو غير ذلك مما يستهجنه الضمير الحر؛
ونظرا لأن تونس دولة قانون، حرّة ومستقلّة، تعتمد الجمهورية كنظام سياسي وحقوق الإنسان كمبدأ مذهبي، وتضمن لمواطنيها جميع الحريات الأساسيّة، وبخاصة منها حريّة المعتقد والرأي والتنقل داخل البلاد وخارجها، وعلى هذه المباديء تبني سياستها الخارجية وعلاقاتها مع كافة البلدان، الشقيقة والصديقة؛
ونظرا أن سيادة الجمهورية التونسية تكمن في شعبها، ولغة غالبيته العربيّة ودينه الإسلام الذي تلهم نزعته الإنسانية الساميّة قيم النخبة السياسيّة ونشاطها والتي عملها أساسا خدمة الشعب بأسره، بلا أية تفرقة بين أعضائه، شعارها في ذلك التسامح، تستلهمه من مفهوم الدين الإسلامي الأساسي، ألا وهو نزعته الكونيّة والثقافيّة، بالإضافة إلى خاصيّته الشعائرية كدين هو خاتم الأديان التوحيدية؛
ونظرا لأن دولة القانون التونسية تؤمن بالنضج السياسي للتونسي، شعارها ضمان الحق الطبيعي للمواطن في المشاركة المباشرة في النشاط السياسي والبرلماني حتى يسهر بنفسه على تحديد مصيره ومراقبة تطوّره وعمل ممثليه لأجله، انطلاقا من ركن من الأركان الإسلامية السمحة : كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته؛
ونظرا لما للتأكيد الرسمي والارتسامي لهذه الحقوق والحريات من الأهمية القصوى للوفاء التام بذاك التعهد؛
فإن كافة أعضاء المجلس الدستوري ينادون بهذا الإعلان الدستوري لحقوق التونسي بصفته الحد الأدني الذي ينبغي أن تستهدفه كافة القوانين والترتيبات بالبلاد التونسية وذلك للسعي الجاهد من طرف كل فرد وهيئة في المجتمع، وبخاصة مسؤوليه، على العمل أن يكون هذا الإعلان على الدوام نصب أعينهم لتوطيد احترام هذه الحقوق والحريات بجميع الوسائل والطرق، ومنها التعليم والتربية واتخاذ الإجراءات المطردة لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عمليّة وفعالة بين كافة أعضاء الشعب التونسي ومسؤولي شعوب البلدان التي تتعامل مع البلد التونسية احتراما لمبادئها هذه التي جاءت بها ثوة الشعب التونسي المجيدة.
المادة 1. يولد التونسي حرا متساو في الكرامة والحقوق، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، وقد وهبا سواء عقلاً وضميرا.
المادة 2. أساس علاقة التونسي بالتونسي روح الإخاء والتسامح. وهذه الروح هي أيضا أساس علاقة التونسي بغيره من مواطني البلدان الشقيقة والصديقة.
المادة 3. لكل تونسي حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، بما فيها السياسية والإجتماعية والمذهبية، وذلك دون أي تمييز، وخاصة للعنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد وأي وضع آخر، وذلك دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
المادة 4. لكل تونسي حق التنقل بحرية تامة داخل البلاد وخارجها دون أي تمييز أو قيد من القيود أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو المكان التي ينوي الإتجاه إليها وذلك على قاعدة تساوي الدول في علاقاتها ومبدأ حرية التنقل كركن أساسي من أركان حقوق الإنسان.
المادة 5. لكل تونسي الحق في الحياة الكريمة والحرية المستديمة وسلامته الشخصية.
المادة 6. لايجوز معاملة التونسي، أيا كان وضعه، معاملة استرقاق واستعباد؛ وتمنع منعا باتا كل أنواع استغلال الإنسان الضعيف الحال، وخاصة الناشئة، بكافة أوضاعه.
المادة 7. لايعرض أي تونسي للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو التي من شأنها خدش الحياء أو الحط من الكرامة.
المادة 8. لكل تونسي أينما وجد، على تراب بلده أو خارجه، الحق في أن يُعترف بشخصيته القانونية وبحقه الكامل في التمتع بكل ما تقتضيه هذه الشخصية.
المادة 9. التونسيون سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة، كما لهم جميعا الحق في كل ما يضمنه هذا الإعلان من حقوق دون أي تمييز يخل بمبادئه أو مجرد التحريض على مثل هذا التمييز.
المادة 10. لكل تونسي الحق في أن يقع إنصافه أمام المحاكم الوطنية من أي عمل فيه اعتداء على الحقوق الأساسية التي يضمنها له القانون. ويكون ذلك أمام محكمة مستقلة نزيهة مع مراعاة قدم المساواة التامة بين المتقاضين والنظر في القضية نظراً عادلاً علنياً للفصل في الحقوق والإتزامات بكل حياد وموضوعية.
المادة 11. لا يجوز القبض على أي تونسي أو حجزه أو نفيه تعسفاً. ولا يدان أي تونسي من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك يعد، وقت ارتكابه، جرماً طبقا للقانون الوطني أو الدولي.
المادة 12. يعتبر بريئاً كل تونسي اتهم بجريمة إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية ونزيهة تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه. وإذا قضت المحكمة بذنبه، فلا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي ينص عليها القانون في وقت ارتكاب الجريمة.
المادة 13. الحرية الشخصية لكل تونسي مضمونة، فلا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته. ولكل تونسي الحق في حماية القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات.
المادة 14. في نطاق حريته في التنقل، لكل تونسي حق اختيار محل إقامته داخل حدود وطنه وخارجها في كل دولة تربطها بتونس علاقات أخوة أو صداقة. ويحق لكل تونسي أن يغادر متى شاء بلده أو أي بلد أقام به، كما يحق له العودة إليهما بكل حرية.
المادة 15. تقر الجمهورية التونسية لكل فرد حق مقاومة الاضطهاد والجور بما فيه القدرة على الالتجاء إلى بلاد أخرى هرباً من الاضطهاد. إلا أن هذا الحق لا يشمل من تعلقت به قضية مقدمة للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض هذا الدستور ومبادئه. على أنه يجب أن تتوفر في تلك القضية جميع شروط النزاهة والعدالة المنصوص عليها بقوانين البلد، ومنها مباديء هذا الإعلان.
المادة 16. لكل تونسي حق التمتع بجنسية ما في حالة انعدام جنسيته الأصلية أو بالإضافة لها. ولا يجوز حرمان أي تونسي من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها أو التمسك بها في حال التجنس بجنيسية أخرى.
المادة 17. للتونسي والتونسية متى بلغا سن البلوغ القانونية حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله. ولا يشترط لإبرام عقد الزواج ما من شأنه أن يحول بين قلبين تحابا وتعاهدا على العيش سويا. ولا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه. والأسرة التي يكونها الزواج هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها بصفتها هذه حق التمتع بحماية المجتمع والدولة وبكل الحقوق المعترف بها للمواطن التونسي.
المادة 18. تضمن الجمهورية التونسية حق التملك لكل تونسي وذلك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره أيا كانت جنسيته أو جنسه. ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً بالبلاد التونسية.
المادة 19. لكل تونسي الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة. وتضمن الدولة التونسية هذه الحرية وترعاها، لا فقط لكل مواطنيها، بل وأيضا لكل متساكنيها الذين لهم جميع حقوق التونسي طالما احترموا قوانين البلاد وتشريعاته.
المادة 20. لكل تونسي الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت، بما فيها تقنيات الاتصال الحديثة، وذلك دون تقيد بالحدود الجغرافية أو الاعتبارات غير القانونية؛ فلا يمكن الحد من هذه الحرية الدستورية إلا لأسباب تهم النظام الهام لها من الخطورة الداهمة ما يضطر القضاء للحد منها. لكن لا يكون ذلك إلا لوقت محدود، حتى ينتهي الخطر الداهم، ولا يمكن أن يتعلق إلا بما كان سببا أو مكونا لذلك الخطر الذي يتوجب إثباته والتدليل على حصوله دون مجرد التخمين في إمكانية حصوله.
المادة 21. لكل تونسي الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية. وكما لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما، لا يجوز الحد من نشاط أية جمعية متى لم يحصل منها أي إخلال مقصود وثابت للنظام العام. ومن نفس المنطلق، لكل تونسي الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته طالما لم تتعارض مع المصلحة العامة كما يحددها هذا الإعلان وتقرها قوانين البلاد.
المادة 22. إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة بالجمهورية التونسية، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع مع ضمان حرية التصويت ونزاهته.
المادة 23. لكل تونسي حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يُختارون اختياراً حراً. ويقتضي هذا الحق إمكانية المشاركة في الحياة العامة بما فيها السياسية باعتماد تقنيات الاتصال الحديثة ومبادئ الديمقراطة المباشرة. ولكل تونسي، أيا كان موطن إقامته، الحق في مباشرة هذا الحق؛ فالدولة التونسية تتبنّى مبدأ النشاط النيابي الافتراضي كامتداد للعمل البرلماني العادي، والسياسي بصفة عامة، وتعمل على تكريسه بآليات يقرّها الدستور ويحدّدها القانون، ضامنا عملها للجميع وفاعليّتها الملموسة، بعيدا عن مجرّد التوجّه الصوري.
المادة 24. لكل تونسي، بغض النظر عن معتقداته المذهبية أو ميولاته الشخصية أو تعدد جنسياته، الحق في تقلد الوظائف العامة في بلاده.
المادة 25. لكل تونسي، على كامل تراب الجمهورية، الحق في العمل وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، كما أن له حق الحماية من البطالة. ولكل مواطن في الجمهورية التونسية الحق في أجر متساو للعمل دون أي تمييز لأجل الجنس أو العرق أو المذهب. وله في ذلك أيضا الحق في الأجر العادل الذي يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
المادة 26. لكل تونسي، بصفته مواطنا تونسيا وعضوا في مجتمع يؤمن بالتكافل والتكاتف، الحق في الضمانات الاجتماعية. كما للتونسي حق العمل على أن تتحقق للجميع، بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لاغنى عنها لكرامة البشرية والنمو الحر للإنسان وشخصيته.
المادة 27. لكل تونسي الحق في مستوى من المعيشة يضمن له ولأسرته المحافظة على الصحة والرفاهية. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية، وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة؛ وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
المادة 28. تؤمن الجمهورية التونسية بما للأمومة والطفولة والشباب الصاعد من الدور الأساس في نمو مجتمعها ورقيه؛ لذلك، فهي تؤكد الحق لهم في مساعدة ورعاية خاصتين. وفي هذا النطاق، ينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء ولدوا عن رباط شرعي أو غير شرعي، كما لا تفرقة بين الشباب حسب ميولاتهم الخاصة، بما فيها الجنسية.
المادة 29. لكل تونسي الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر عادل مضمون على قدر العمل المقدم والمجهود المبذول.
المادة 30. لكل تونسي الحق في التعلم؛ ويكون التعليم مجانا، وبخاصة في مراحله الأولى والأساسية على الأقل. ويكون التعليم الأولي إلزامياً، يعمم فيه التعليم العلمي والفني والمهني، إضافة إلى ما من شأنه تمكين الطفل من التمكن من ضوابظ لغته وحضارته. وتضمن الجمهورية التونسية الدخول إلى التعليم العالي على قدم المساواة التامة لجميع مواطنيها على أساس الكفاءة.
المادة 31. تؤمن الجمهورية التونسية بأن الغاية من التربية الأساسية هي إنماء شخصية التونسي إنماء كاملاً وتعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وزيادة مجهود كل دول العالم لحفظ السلام وذلك ببذر مباديء التسامح والتآخي بين مواطنيها منذ الطفولة المبكرة وفي سنوات الدراسة الأولى.
المادة 32. للآباء والأمهات معا الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم ولا يمكن أن يتعارض ذلك مع أهداف ومباديء هذا الإعلان حتى يكون أبناء الجمهورية التونسية خير ناشئة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في كنف التسامح والتوادد واحترام حرية الغير في ظل دولة عدل وقانون.
المادة 33. لكل تونسي الحق في الاشتراك بكل حرية وبالطريقة التي يراها أو يبتكرها في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه. ولكل تونسي، في نشاطه هذا، الحق في أن تحمي السلط العمومية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على نتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.
المادة 34. لكل تونسي، في علاقاته مع مواطني الدول الشقيقة والصديقة، العمل على توفير المناخ المناسب حتى يتسنى لكل فرد من المجموعة الدولية الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي يتحقق بمقتضاه مثل الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان نظرا للترابط القوي لمصير الدول والشعوب وضرورة تآزرها لضمان المستقبل الأفضل للبشرية جمعاء إزاء المخاطر التي تتهدد سلامتها.
المادة 35. على كل تونسي واجبات نحو مجتمعه الذي يضمن، بلحمته وتسامح أفراده، لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً. لذا، يخضع التونسي في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يقررها القانون لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العمومية والأخلاق الفاضلة في مجتمع ديمقراطي مستامح مضمون فيه تعدد المشارب وتنوع الأهواء في حدود المصلحة العامة للشعب التونسي كما يحددها هذا الإعلان ويقرها القانون. ولا يصح بحال من الأحوال أن يمارس التونسي حقوقه المشروعة ممارسة تتناقض مع أغراض هذا الإعلان ومبادئها ولا أن يقر المشرع قانونا ولا الإدارة ترتيبا يحد منها أو يغير مضمونها.
المادة 36. ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يُخول في الجمهورية التونسية لحزب أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم أو تضييق الحقوق والحريات الواردة فيه.
صفحتنا ترحب بكل التونسيين على اختلافهم و نحن صفحة لا نحمل فكر ايديولوجي و لسنا بوقا لاي حزب بل هدفنا خدمة مصلحة الوطن اولا و اخرا و ذلك من خلال السعي لتحقيق اهداف الثورة و ايصال صوت التونسي بكل حرية و مرحبا بكل تونسي يحمل العقلية الثورية و معا لخدمة وطننا و لن نخدم اشخاص و السلام.
F. OTHMAN says
Attention ! Le texte est tronqué de son début et, surtout, de sa fin présentant le texte du projet de Déclaration des droits du Tunisien. Le texte intégral est repris sur le blog de l’auteur : Tunisie Nouvelle République à l’adresse suivante : http://tunisienouvellerepublique.blogspot.com/