و بغضّ النّظر عن مشروعيّة المطالب من عدمها و كيفيّة تعامل الوزارة معها، يكتسي هذا التّحرّك رمزيّة خاصّة حيث يشمل شريحة المربّين. و إضافة للرّمزيّة المعنويّة التّي تكتسيها هذه المهنة في الفلكلور الجماعيّ فشريحة المعلّمين تعتبر نبراسا لبقيّة القطاعات كون عدد هام من المواطنين على إحتكاك مباشر بهم، سواءا التلاميذ و الأولياء. إذا فتناول الإضراب يجب كذلك أن يعيّر و يقاس حسب مدى إستجابته للإرادة الشّعبيّة و الثّوريّة القائمة.
ملاحظة بسيطة للخيارات الشّعبيّة و المعادلة السّياسيّة تبرز إختيار مسار التّأسيس منذ رفض ” إعتصامي القصبة” الأوّل و الثّاني لحكومة الغنّوسي. و خير تجلّ لذلك هو المجلس التّأسيسي و مقاربة إدارة الأعمال بشرعيّة إنتخابات 23 أكتوبر وكتابة أمّ القوانين و أهمّها، وثيقة الدّستور خلال الفترة التّأسيسيّة.
و المفترض أن تكون النّخب المثقّفة ،و القطاعات التّربويّة قائدة لهذا المسار و معينا للجماهير. و للأسف فهذا الإضراب ليس مثالا على إلتزام الهياكل الممثّلة للمعلّمين و الكوادر النقابيّة بالمسار الثّوري التّأسيسي.
فالمطالب السّبعة للنّقابة لا ترقى لمستوى التّأسيس و التّغيير قطعا مع النّموذج التّربويّ للدّكتاتوريّة التّي قطع رأسها و بقيت أدبيّاتها تدرّس لتلاميذ ما بعد الثّورة. و على خلاف المطلب الأوّل و المتعلّق بتقنين وضع المدرسة الإبتدائيّة و الإعتراف بها على غرار الثّانويّات و غيرها إلّا أنّ بقيّة المطالب تتعلّق جلّها بمنح و منافع. و توحي المطالب برغبة كاتبيها في إبتزاز الشّعب و محاولة إستهلاك الثّورة آنيّا. فسلطة الإشراف قدّمت تنازلات كانت محلّ نضالات دامت أعواما خلال العهد البائد. لكّن الهياكل النّقابيّة التّي أنتخبت في مناخ من القمع و الملاحقة السّياسيّة و الفساد في النّقل و المعاملات البيروقراطيّة لا تزال ترتهن مصير آلاف من المربّين يكابدون من أجل ضمان الحدّ الأدنى المعرفي و التّربوي لأبناء هذا الشّعب في أقصى أقاصي الوطن.
إنّ المعلّمين مناط بهم أهمّ المهام و أنبلها. و تعرّضوا خلال هجمة النّظام الدّستوري إلى الإحتقار و الحيف في إطار الحرب الشّاملة على كلّ ما هو جميل و نبيل. كلّ تونسيّ يتذكّر معلّما غيّر نظرته للحياة و كان قدوة له في التّفاني و الإخلاص. لذلك نطلب من المعلّمين أن يطهّروا الهياكل النّقابيّة الممثّلة لهم و الوزارة و الإدارات الجهوية من بقايا الفساد والإستبداد و أن يضغطوا حتّى تبدأ مشاوات “الحلّ النهائيّ” ليولد من رحمها نظام دراسيّ نافع للنّشأ مكوّن للإنسان المواطن الجديد. يجب في هذا الإطار أن يناضل المربّون و غيرهم من العمّال بالفكر و السّاعد من أجل دفع الهياكل النّقابيّة المهترأة و المسيّسة إلى حدّ النّخاع إلى الإنكفاء لتأخذ حجمها الحقيقي و تفسح المجال أمام تمثيل حقيقيّ للمعلّمين و العمّال عبر مؤتمرات شفّافة في إطار المكتسبات الثّوريّة من حريّة و حياد سلطة الإشراف.
أمّا أهداف الإضراب فهي في باطنها تكريس للثّورة المضادّة و رفض للتّغيير. فكلّ المنح و الإمتيازات المطلوبة سترفع من كلفة أيّ تغيير و تمثّل أرضيّة مجحفة للحوار حول التّأسيس لنظام تربويّ جديد. فالمفاوضات التّي ستجري عاجلا أم آجلا ستكون مقيّدة باتفاقيّات مسبقة مكبّلة. كما تمثّل إنحرافا باهتمام المعلّمين عن الأهداف الحقيقيّة و جرّهم إلى صراعات آنيّة على المدى القصير. أمّا على المستوى الشّعبي فالإضراب في هذا التّوقيت سيبرز المعلّمين في ثوب المبتزّين و الطّامعين في زيادات و منافع ماديّة ممّا يهدّد رصيد الإحترام الشّعبيّ لهذا القطاع. إنّها في الحقيقة دعوة مغرضة تحمل بين طيّاتها فتنة مبطّنة تقحم المعلّمين في خلاف مع الأولياء و من ورائهم أغلب شرائح المجتمع.
أين نحن من إعادة هيكلة التّعليم؟ أيعقل مثلا أن يكون الطّالب و الدّارس بالثّانوّية قد أكمل الدّراسة و يبقى الأطفال في السّنة الأولى و الثّانية في الحرّ و الأرياف يدرسون؟ أيعقل أن ندرس في تونس عاما كاملا زائدا عن السّويد و الدّانمارك و أمريكا؟ كلّ هذه الأمور و أدهى حول طبيعة النّظام الدّراسيّ و هدفه و فلسفته العامّة و التّفصيليّة يجب أن يطالب أصحاب المهنة بمراجعتها كأولويّة قصوى لا تحتمل التّأخير و الإنتظار.
لنقاوم التّمييع و الفساد و البيروقراطيّة في الإتحاد و الإدارة.
لنكن صفّا واحدا من أجل نظام تربويّ ديمقراطي حديث.
“واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا” صدق الله العضيم
“إذا فتناول الإضراب يجب كذلك أن يعيّر و يقاس حسب مدى إستجابته للإرادة الشّعبيّة و الثّوريّة القائمة.”
الإضرابات المهنية سيدي الكريم هي في الاصل لاهداف مهنيّة و لتحسين الظروف المادية للعملة وإدخال “الثورية” وشرعية إنتخابات المجلس التأسيسي هو بمثابة الإبتزاز. فللنقابة شرعيتها التمثيلية و الإنتخابية الخاصّة و التي هي منفصلة و مستقلة عن شرعية الإنتخابات التأسيسيّة. كما ان مطالب الإضراب لا تكون بالضرورة شعبية بل هي تعبّر عن مشاغل المضربين وهم شريحة معينة و جزئية (المعلمون) و ليس بإمكانها ان تمثل الشعب ككل.
و بما ان “ما بني على باطل فهو باطل” فبقيّة المقال رديئة مثل رداءة مقدّمته.
شرعيّة النّقابات محلّ شكّ لأنّها وقع إنتخابها خلال العهد البائد ووقت تفشّي الفساد. مطالب المعلّمين ليست منفصلة عن مشاغل الشّعب و خياراته بل هم جزء لا يتجزّء من هذا الشّعب يجب عليهم مراعاة أحوالهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم
“واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا” صدق الله العضيم
هذا لا يعني الاعتصام بحبل النهضة و الترهدين لها و االتشكيك في نضال الناسو اتهامهم بخدمة أجندات معينة هذه اللغة سمعناها سابقا و لا زلنا نسمعها و كذلك الكذب بلا حياء و اضهار ان النقابة هي التي تعطل والوزارة رضي الله عنها متعاونةمن يرى ان هذه المطالب مادية وليست تأسيسية فاليقل ذلك لمناضلي النهضة الذين يريدون شفط 750 مليار ثمنا لنضالهم و ليقل ذلك لكتلة النهضة في المجلس التأسيسي أن تعترض على الزيادة في مرتب النواب و يصرحون بأنهم لا يريدون هذه الزيادة
رددت كلامي على النّهضة و أغفلت الإجابة على لبّ الموضوع و الحجج المقدّمة. لم يتضمّن المقال إشادة أو مدحا للوزارة بل حقائق واقعة حول المفاوضات التّي حصلت.
انتمائي لوطني و انحيازي للحرية أولا و العدالة و الكرامة
خطر ببالي أن أكتب هذا الرد. ماذا تريد قيادة الإتحاد عندما تقرر إضرابا في التعليم الأساسي أو أي قطاعا آخر على خلفية عدم رضوخ الدولة لمطالب نفعية (زيادة في الأجور منح …) خاصة و هم يدركون جيدا أن هذه هي فترة انتقالية .
نعم قيادة الإتحاد تدرك و تفهم جيدا أن هذه الفترة الانتقالية هي فترة تأسيسية فترة ما بعد ثورة شعبية يعني وضع الأساسات لدولة حرة ذات سيادة و ديمقراطية و عادلة. نعم قيادة الإتحاد تدرك و تفهم جيدا أن فترة ما بعد ثورة شعبية تعم فيها فوضى عارمة و هذا طبيعي و تزداد البطالة مرورا بغلاء المعيشة و هذا أيضا طبيعيا. نعم قيادة الإتحاد تدرك و تفهم جيدا و هي تطالب الدولة بالزيادة في الأجور للعمال و الموظفين أن هناك ملايين من العاطلين عند العمل و من صغار الفلاحين المهشمين يبحثون عن كرامة في اجر زهيد ولا في زيادة اجر.نعم هم يدركون و يفهمون جيدا انه من العدل في هذه المرحلة إن تبذل كل الجهود على قدر المستطاع على ترميم ما خرب في أجهزة الدولة و أن نبذل الجهود على تحرير هذا الشعب من سنوات من القمع و الاضطهاد و الخوف فلا كرامة للشعب بدون حرية ولا عدالة للشعب بدون حرية . نعم يدركون و يفهمون كل هذا جيدا و لكن ماذا تنتظر من أناس ليسو أحرارا
فلا ديمقراطية بلا حرية
وفاقد الحرية لا كرامة له
je suis instit et je n’ai raté aucune grève durant ma carrière mais là franchement je refuse catégoriquement de me soumettre à des tendances politiques qui dominent le syndicat.
المعلّمون يجب أن يكفّوا عن الطّلبات و الأولى أن يطهّروا نقاباتهم و قطاعهم من التجمعيّين و الفاسدين و يفرضوا على الإتحاد إنتخابات نفابيّة جديدة.
لغة جيّدة جدّا و بسيطة أفرزت مقالا مجسّدا للواقع. كما أحيّي مقترح إعادة إنتخاب الهياكل النقابيّة و أدعوا كذلك إلى النّظر إلى القضايا التلمذيّة بعين الإعتبار.
الوطن فوق الجميع. و على الجميع أن يفكّر و يمارس من أيّ موقع كان، في سياق وطنيّ. و على اللّذين يتعمّدون حشر الضّبابيّة و الإلتباس في مفهوم الوطنيّة أن يدركوا أنّهم يغرّدون خارج السّرب. إذ أنّهم سرعان ما يفتضح أمرهم. فالوطنيّة بهذا المعنى لا لبس فيها و لا مزايدة عليها. و لعلّ بعض المخادعين اللذين يتخندقون مع الثّورة المضادّة شعروا أو لم يشعروا، يعمدون إلى التمترس خلف المطالب الماديّة لجرّ فئاة من الشّعب إلى صراع جوهره المقامرة على تحقيق المنافع بمنئى عن هموم الأغلبيّة السّاحقة من المستضعفين و المفقّرين. فكفى خداعا لقد بلغ السّيل الزّبى فإمّا الثّورة و الأمل و الحريّة و العدالة الإجتماعيّة أو الرّجعيّة و الثّورة المضادة و الإستبداد و الفساد.