قافلة الحرية الى سوريا

ككل من هو مهتم بحقوق الإنسان نتابع أخبار سوريا والحسرة في قلوبنا. بالأمس كتبت صديقة إسمها رزان غزاوي لا أعرفها سوى على الفايسبوك ”

سماع أصوات قصف (؟) في أحياء العاصمة السورية دمشق منذ ربع ساعة وهو مستمر حتى اللحظة. غير معروف مصدر هذا الصوت. الله يحمي أطفالنا.”

بعد ذهابي إلى دمشق تساءلت :”كيف لي أن أساعد السوريين الأحرار الذين إنتفضوا ضد الظلم والقهر ؟” فتذكرت أن هناك من التونسيين والتونسيات من يدافعون، لا على نظام ديكتاتوري بل على سوريا وحق أهلها في الكرامة والحرية. إحدى هؤلاء النشطاء هي السيدة تشكر عمار. فقمنا معها بالأنترفيو التالي
:

1-سيدة تشكر عمار، أنت أستاذة عربية تونسية، شاركتي في قافلة الحرية إلى سوريا. لماذا اتخذتي قرار الذهاب إلى الحدود ما بين سوريا و تركيا ؟

نعم شاركت في قافلة الحرية إلى سوريا (في مارس) الهدف منها كان كسر الجصار الإعلامي و المطالبة بفتح ممر آمن لإدخال المساعدات. ( المشاركين في القافلة سوريون مغتربون من جميع أنحاء العالم و فرنسية و فريق التحدي الطبي الليبي 10 أشخاص و أنا ) حضر لاستقبالنا في مكان تخييمنا عدد من ممثلي اللاجئين في مخيمي ألتانوس و الداياغا ( في أنطاكيا ) الذين ناقشوا أهداف القافلة بانفعال و كان هذا أول لقاء مباشر مع اللاجئيين و قد حمل هذا النقاش في ثناياه أهم قضايا الثورة السوريا و أثرها و أهم المشاكل التي يعيشها اللاجؤون بعد نجاتهم من حواجز الموت …

تشكر عمار و حمزة أحمد ( مخيم ألتانوس ) يوم 15/0302102

منظمي قافلة الحرية هم الناشط السوري مؤيد اسكافي و مجموعة من الشباب السورين المقيمين في تركيا منهم عمر البرازي و شادي و محمد …. كانت هذه القافلة هي النافذة الوحيدة التي مكنتني من التعبير عن تضامني مع الشعب السوري في نضاله من أجل التحرر من عبودية الأنظمة الديكتاتورية المتتالية

قافلة الحرية الى سوريا 2

2-كيف كان الوضع هناك حين وصولكم ؟

يوم 15 مارس 2012 بعد أن قطعنا مسافة ساعتين في الحافلة وصلنا (بعد العصر تقريبا ) إلى نقطة حدودية بين تركيا و سوريا تمركزت في كل طرف منها القوات العسكرية التابعة للتراب الذي توجد عليه توجهنا تحت حراسة الأمن التركي إلى ساحة خالية إلا من المرافق الضرورية ( المرحاض و الماء ) انزلنا أمتعتنا من الحافلات و تجمعنا حول الشباب الذين بداوا بنشيد سوريا بدها حرية وواصلنا الافتتاحية بالأناشيد الثورية.

قافلة الحرية الى سوريا 2

كان استقبال الممثلين عن اللاجئين فيه كثيرا من الحزن و الاستياء و كانت أصواتهم تعلوا مطالبة بتسليح الثوار و كان هذا الطلب سببا في اختلافهم مع منظمي القافلة نظرا لكون هدف القافلة كان الممر الآمن للدخول و إدخال المساعدات .

كانت المنطقة خلاء لم ار إلا بعض الروابي تعلوها الأسلاك الشائكة الراسمة للحدود . قبل الظلام توجه مجموعة من الشباب الى الحاجز الحدودي السوري لملاقات المسؤلين و تقديم طلبات الجالية السورية في القافلة …
كان الجواب طبعا بالرفض و كان القرار هو إقامة مخييمنا و الإعتصام هناك إلى أن يتبين لنا شيئا.

عاد ممثليي اللاجئين الى مخيماتهم و بدأنا بجمع الحطب و نصب الخيم و اشعال النيران للحصول على قليل من الدفئ و الضوء … بعض الساعات و تجمعنا حول الأعشاب المحترقة بدأ النقاش يشتعل حول الوضع في سوريا و في المخيمات و حول الواقع و الانتظارات .
نمنا في ساعات الصباح الأولى و لم ننم … برد و ريح و ثلج و أصوات رصاص تصلنا من حين الى حين.

تواصلت في اليوم الثاني المساعي للدخول … و تواصل الرفض وواصل المشاركون في القافلة نشاطهم بين حوار و نقاش و تطاعات و آمال و برامج و غناء . لم يتوفر لنا من المأكل و المشرب إلا القليل فالمسافة بين مخيمنا و المدينة تبعد ما يزيد عن ساعة و نصف و الوافدون الجدد حملوا معهم بعض الاكل و الماء و القهوة …

3-عندما قابلنا السيد نبيل خظور، أحد كبار المسؤولين في وزارة الإعلام في سوريا، قال لنا أن “مخيمات اللاجئين وكر دعارة و أن إرهابيين يتدربون على الحدود السورية ضد نظام بشار الأسد”. ما رأيكم سيدتي في تصريحاته ؟

لا أظن أنّ السيد نبيل فكّر دقيقة واجدة قبل أن يدلي بأقواله … لأنّ الموجودين في المخيمات التي زرناها في اليوم التالي هم عائلات أي في كل خيمة توجد عائلة مكونة من الاب و الام و الابناء و احيانا الجد و الجدة و حتى الأطفال الذين تيتموا موزعين بين العائلات يسكونون معهم في الخيمة الواحدة.

لا يمكن أن يكون لتهمة العهر و الفسوق وجودا إلا في مخيلته . فالناس الذين سكنهم الرعب من جراء ما بقترف من جرائم تركوا بيوتا مؤثثة و دافئة و حملوا أولادهم و فروا من شبح الموت و أزيز الرصاص و غامروا بحياتهم و حياة أطفالهم قطعين مسافات بين الأحراش تهددهم فيها في كل خطوة رصاصات أباليس النظام لم يكونوا ليتركوا بيوتهم راضيهم و تجارتهم ليعيشوا في خيّم بيضاء تشبه القبور باردة و متهالكة قد تصلح للتعازي قد تصلح لتعميق الألم و الاحساس بالمذلة و لكنها لن تصلح أبدا وكرا للفساد و لا ماكنا آمنا للإرهابيين
شاهدت في المخيم في يوم بارد و مثلج أطفالا بين 5 و 10 سنوات حفاة يلبسون سراويل لاتكاد تغطي شبرا تحت ركبهم كانوا قد خرجوا لجمع النعناع من الجبل القريب من المخيم .

التقبت بأمهات الشهداء اللاتي نسين البكاء على أبنائهم و يواصلن البكاء على شباب يعذبون في المعتقلات و يدفنون أحياء و ينتظرون الموت مدافعين على من لم يستطع الخروج من جحيم الحرب الإرهابية التب بشنها النظام .

رأيت نساء صرن يتسولنا عطف العالم و شفقة الانسانية و أملهن أن يعدن الى ديارهن و أن هدمت فقد عرفن أن الموت تحت القصف أكرم من التشرد تحدثت الى فتيات في 12 من عمرهن أملهن أن يعدن الى مدارسهن و أن يزرن قبور من قتل من رفاقهن …

يؤسفني أن يؤثر وضع السوريين داخل سوريا أو خارجها على السيد نبيل بهذا الشكل فيتخيل العاهرات و الارهابيين في نفس المعسكر و يغطي شعوره بالخزي بصور جمعها من بنات أفكاره.

4-كم قضيتم من يوم هناك وكيف كان حالكم مع تردي الطقس ؟

لم تسمح لنا السلطات التركية بالبقاء في مخيم اللاجئين لأكثر من ساعتان . و لكن اعتصام القافلة الذي كات في مكان حدودي يبعد عن النخيمات أربع ساعات دام اعتصامنا 3 أبام و كان الحضور الإعلامي لتغطية نشاط القافلة كثيفا . لم نستطع الصمود للبرد بعد أن طارت الخيم و نفذ الحطب و لم نرى فائدة من بقائنا لفترة أطول و لكت تواصلت اجتماعاتنا في الفندق في مدينة غازي عنتاب . حيث وقع تقيم نشاط القافلة و دارت أحاديث مسجلة حول وضع الثورة و التحركات و حول آمالها في ما بعد الثورة .

5-سيدة تشكر عمار، أنت من تونس ولكنك غامرتي وذهبتي إلى الحدود السورية لمساعدة اللاجئين السوريين. لا يملك الجميع شجاعتك فمآلذي دفعك للذهاب هناك ؟

أن تكون تونسيا أو صينيا او كوريا فهذا لا يغيير من اعتقادنا في أنّ كرامة الإنسان تكمن في احترام إنسانيته و احترام إنسانيته تتمثل في عدم المساس بحقوقه ككائن و كإنسان أينما كان . و ما حدث منذ بداية الثورة السوريا مأساوي و ما يحدث الآن مروّع …

نعم أنا تونسية الجنسية و لكني سورية الهوى عرفت سورية في أول شبابي استنشقت نسائم بردى و شربت من عين الفيجة و غرس فيَّ كرم السوريين و سماحة أخلاقهم أفضل القيّم الإنسانية علموني معنى الودّ وأسروني سقوني حُبا واحتضنتني شوارع دمشق بدفئها و سحرني العمق الحضاري و التاريخي في جميع مدنها.

و اشربت من المورد الثقافي العربي خلال سنوات دراستي عشت مع الشعب السوري سياسة الإكتفاء الذاتي و السنين العجاف سنين الحصار الاقتصادي من سنة 1988 و عرفت مثل كلّ سوري القمع السياسي و الملاحقة الأمنية و خبرت معنى كلمة مخابرات.

جُبت شوارع مدن كثيرة و رحّب بي قرويون و فلاحون كثيرون أثناء زريارتي الأستطلاعية و عرفت طوائفهم و معتقداتهم و أعجبني تعايشهم و تسامحهم الديني و كبرياءهم و … إني أحاول أن أساعد ان أدعم الشعب السوري بقدر استطاعتي لأني أشعر أن هذا واجب عليَّ لأني ممنونة إلى سوريا بكلّ ما فيّ بكل معرفتي و بكل ما في من حبّ للإنسان و إن كنت أناضل مع الشعب السوري فلأني أشعر بأني جزء منه. و لأني أعرف الشعب السوري و أعرف إباءهم و خبرت معانته فإني أدرى بما يتعرض له و ما يكابده من آلام . نعم ربّما أحب سوريا أكثر من بعض السوريين و بكن ذلك بفضل ما قدمته سوريا لي و ربّما حرم منه غيري من السوريين أو لم يقدروه حق قدره.

6-ولكن هناك من في سوريا، في الأردن، فلسطين، مصر، تونس والعديد من البلدان العربية أو الجنبية من يؤمن بأن هنالك مؤامرة تحاك ضد سوريا تحت غطاء “الثورة والربيع العربي” فما رأيكم في هذ ا القول ؟

الجميع يعلم موقع سوريا الجغرافي و السياسي في الشرق الأوس. و الجميع يعرف الأهمية الاستراتجية و العسكرية لسوريا و كذلك الجميع يعلم أنّ التآمر على سوريا أمر كائن منذ استقلالها و بعد احتلال فلسطين و بعد النكبة وبعد و بعد … و حقيقة ما وجد نظام الممانعة و المقاومة للمدّ الصهيوني إلا بسبب الخوف من التآمر على السوريين حماة العروبة و رمزها . و لا أظنّ انّ أحدا يمكن له أن ينكر هذا. أمّا شرارة ثورة الشعب السوري فقد كانت ردة فعل على يدّ سفاح إعتقل الأطفال و رسم على أجساده بالنار علامة جبروته. لم تكن هناك مؤامرة بل النظام السوري إن لم يكن هو الباعث على التأمر بأعماله الإجرامية فقد يكون قد فتح الباب بأعماله المخزية للإنسان و الإنسانية للتآمر على سوريا.

7-مل أنت مع أو ضد التدخل العسكري ضد نظام بشار الأسد ؟

بناء على معرفتي بالشعب السوري و على معرفتي بالنظام و بالهياكل العسكرية و الأمنية السورية فإني مع التدخل العسكري في سوريا للأنّ الشعب هتف سلمية سلمية و جوبها بالدبابات و الجيش الحرّ حمل الرشاش و جوبهت المدن و المساكن و الناس بالمدافع و لا أظن أنّ المدنيين و العسكريين الذين لا يجدون الماء ولا الغذاء بقادرين على صدّ الطائرات و قنابلها فلحماية ما تبفى من الشعب يكون التدخل العسكري ضروريا

8-ما رأيكم سيدتي بالجيش السوري الحر ؟

أفراد الجيش الجرّ, قبل أن يكونوا تابعين إلى الجيش قبل أن يكونوا عسكريين و قبل أن يكونوا مأمرين, هم أبناء الشعب, هم حماة الديار أي حماة الوطن . كلّ عسكري له أهل و عائلة و حماتهم واجب و حين شعر هؤلاء بخطر المؤمرة التي يحوكها النظام للقضاء على المدنيين الأحرار قرروا أن يقوموا بحماية وطنهم من المجرمين الذين حكّمهم النظام في حياة الناس و موارد الوطن . فهم بالنسبة إلي حماة العرض و الأرض السوريا.

9-تتداول وسائل الإعلام أن تنظيم القاعدة متواجد هناك، فما رأيكم بهذا ؟

في كل البلدان العربية التي قامت فيها الثورة و المجاورة لها ( مثل مالي والمغرب … ) تسربت مجموعات من القاعدة مستغلة ضعف الدولة و إنشداد الأنظار نحو الأحداث الكبرى لتضمن لها مكانا في الساحة السياسية فهي مثل الدول الكبرى التي تستغل الأحداث و الوقائع لتبني لها قواعد عسكرية في المناطق الحارة. و هذا أمر مخيف و لكن حسب إعتقادي أنّ الشعب السوري سيناظل و سيحارب القاعدة مثلما بقاوم الآن اجرام حاكمه.

10-صرح حزب التحرير في تونس أن أفرادا منهم ذهبوا إلى سوريا “للجهاد” ضد النظام السوري…

حزب التحرير حديث الولادة في تونس يريد أن ينشط و أن يعرف و الأشخاص التابعون له يؤمنون بإمكان إحياء عصر الخلافة و يرون في دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية منطلقا لهم كما كانت منطلق لتوسع الخلافة في العصر الأموي و ما سبقه لذلك اعتقدوا أنّ في تحركهم هذا دفاعا عن سوريا بداية لإرساء قدمهم في تاريخ امبراطورية الخلافة في الألفية الثالثة المهم أن يكونوا تدربوا جيّدا عسكريا و سياسيا.

11-هل تعتقدين سيدة عمار أن المجازر التي تحدث الٱن في سوريا ستكف عن قريب بعد أشهر؟

لا أظنّ أن أعمال العنف و القتل و التنكيل التي تحدث للأسف كل يوم قد تنتهي بعد بضعة أشهر . فحتى و إن سقط النظام فإنّ سجلّ القتلى الطويل و تدمير المدن و ضياع كل المكتسبات و التحالفات السياسية مع النظام المجرم و فقدان مقومات الأمن حتى الغذائي منه ستجعل من الصعب إقاف حركة العنف و القتل خلال بضعة أشهر

12-الآن وأنت في تونس كيف تواصلين الحراك من أجل حقوق الإنسان وكرامته في سوريا ا؟

نحن في تونس ومنذ التحاق الشعب السوري بمركب الثورات و بعد حملة الاعتقالات و القتل الأولى في درعا بدأنا بالخروج للتظاهر امام السفارة السورية و لكن بعد تزايد العنف و التدمير و بعد أن شعرنا بأنّ الشعب السوري في حاجة الى دعم مادي و معنوي و الى مساعدات انشانا جمعية اسمها جمعية الكرامة و الحرية و عقدنا مؤتمرات و لقاءات عدة منذ مؤخر 2011 إلى الآن كان الهدف منها

1- الردّ على من هم مناصرين لبشار ونظامه بدعوى حماية الممانعة و العروبة.
2- محاولة توضيح الفرق بين أن تكون ممانعا في السياسة الخارجية و في العلاقات الدولية وبين أن تكون مدافعا على حقوق الإنسان كإنسان له الأولوية في ضمان حقوقه.
3- حاولنا أن نبيت انّ السكوت على انتهاك حقوق الإنسان بل أبسط حقوق الانسان في بلد مثل سوريا هو اقرار بأنّ الإنسانية لم تعد قيمة كونية بل السكوت على مثل هذه الجرائم التي ترتكب في سوريا يؤدي اولا إمكان القيام بها في أي وقت و أي مكان و يؤدي ثانيا إلى انعدام إنسانية الإنسان و حلول قانون الغاب فلا نستغرب أن تسطو بلد على بلد إخر و تبيد من فيه لتحي هي كما يفعل الأسد و نظامه.

Dossier de la Syrie
A lire aussi :

Première journée en Syrie : Invitée aux élections du Conseil du Peuple syrien !

Deuxième journée en Syrie : “Si je parle, on me tue”

Troisième journée en Syrie : Bureaux de vote presque vides

Les Tunisiens en Syrie se trouvent dans une situation critique

Ahmed Manaï : “La Ligue arabe a enterré le rapport des observateurs en Syrie”

إمرأة تونسية على الحدود السورية