إن الرؤيا في الإسلام حق، والحق يعلو ولا يُعلى عليه رغم جهل الجاهلين وكيد الكائدين!
والرؤيا هي من الحلم الصادق؛ ولقد عنّت لي في ذكرى الاستحقاق الانتخابي لشعب تونس العظيم، هذا العيد المدني الذي تزامن مع عيد ديني فأصبحا عيدين لتونس التي نسمو لجعلها موطنا لدين مدني حضاري، كما كانت أصلا ملة الإسلام.
وكتحية لهذين العيدين، ها أنذا أشاطر هذه الرؤيا أحبائي، كل تونسي تعلّق حقا ببلده وأراده جميلا مشرقا، دائم التجدد. ولعل رؤياي تكون غدا هذا الحلم الذي يتحقق!
ذلك أن تونس الجميلة هي، كما هو الحال للإسلام الأغر الذي أعتقده ويعتقد فيه كل تونسي حق غيور على بلده ومتعلق بذاتيته، محبة وأخاء وتسامح وسلام.
فهذا الدين السمح – وليس ذلك الإسلام السمج الذي يحلم به البعض – متجذر في تونس كتفتح مستديم على الآخر، بكل ما في هذا الآخر من اختلاف وائتلاف مع عاداتنا وتقاليدنا، وعلى أفضل ما في الغير مما يتم به التواصل والتكامل بين البشر. فهو لا يعير أية أهمية لما يمكن أن تكون في بني آدم من هنّات الطبيعة البشرية التي لا يخلو منها أحد، حيث خُلق الإنسان ضعيفا ناقصا.
إني رأيت تونسنا قدوة لجميع بلاد العالم لفتحها باب تجربة سياسية رائدة، عمادها تعامل نموذجي مع دين الحِلم والإغضاء عن النقائص، هذا الدين الذي يأخذ هكذا دوما بمجامع القلوب.
إني رأيت ديننا بحق خاتم الأديان لعدم تمييزه بين المعتقدات واحترامه لها جميعا في خصوصياتها، مع سلامة في تعاطي كل المعضلات بتغليب عقل حساس لا يرفض ما تفرضه تجارب الأمم وغرائز البشر، كل البشر، من بديهيات.
إني رأيت الإسلام كما هو، على حقيقته، كدين حضاري هو ثورة على كل قديم مبتذل، بما فيه من روح عالية وأخلاق سنية تحتم الإحترام التام الذي لا لبس فيه ولا تحديد للذات البشرية ولا نكران لنوازعها وقابليتها للتطور والرقي بالمحبة لا البغض والكره أو السب والعنف.
إني رأيت الإسلام كأقدس ما يكون لتقديسه للإنسان وللروح الآدمية لأن في تقديسهما كل التقديس لخالقهما، إذ حمّل الله آدم أمانة البحث اللامتناهي عن حقيقة لا يطالها أحد؛ فهي أفق يفرض على الباحث وعلى العالم، مهما ارتفع باعهما في العلم، الإقرار بجهلهما، وإلا فقد جهلا في الحين نفسه الذي يعتقدان فيه أنهما علما!
إني رأيت التونسي يفتخر بثورة هي فاتحة عهد جديد للإنسانية جمعاء، لكونها هذا الفتح الثقافي والأخلاقي الطريف الذي قوامه القسطاس باسم دين العدل والمساواة والحرية، لأنه عقيدة وسياسة في نفس الآن؛ فليست العقيدة فيه ذاك الحكر على المرجعية الكنيسية، ولا السياسة فيه تلك الدكترة والتسلط على الشعب، وهو سيد نفسه ويبقى على الحال هذه ما بل بحر صوفة.
إني رأيت رؤياي تفصل المقال في ما للدين والسياسة من اتصال في تونس ما بعد الحداثة؛ فقالت لي المقادير إنها رؤيا صادقة، فهي رؤيا كل التونسيين الغيورين على بلدهم، لا هؤلاء المتكلمين باسم الشعب، وهو عنهم في شغل، إذ همهم اللهث وراء المناصب أو الأغراض الشخصية، سياسية كانت أو دينية.
لقد آن الأوان لهؤلاء الساسة أن يفسحوا المجال لمن يفهم الشعب حقا؛ فمثل بعضهم كمثل تلك الكلاب التي تمر القافلة فلا تأبه بجريها وراءها؛ ومثل البعض الآخر كهذه الأحمرة والبراذين التي تحمل أسفار علوم الدنيا والدين ولا تعي ما فيها وما تفرضه عليها من إعمالٍ للعقل واجتهادٍ لا ينتهي، وقد نادى بهما ديننا الحنيف.
إن الشعب التونسي لهو من الذكاء والفطنة ما يجعله لا يحلم فقط كما أنا أحلم، بل يعمل على تحقيق أحلام جميع أبنائه البررة؛ وهو يعلم أن حلمي هذا هو رؤيا حقيقتها تتراءي شيئا فشيئا على أرضه الطيبة وتحت سمائه الزكية، الأرض التونسية، هذه الربوع المؤنسة، لأنها دائما وأبد الدهر أرضية سلام.
فعاشت تونس ودامت لشعبها وفيها إمتاع ومؤانسة، إذ هي تؤنس على الدوام!
فرحات عثمان
الحرية نقيض للفوضى، فهي ممارسة مؤسساتية في الدولة العادلة، تقوم على اشتراك الجميع كل من موقعه في خدمة الوطن وفي تقاسم خيراته .الحرية هي حرب على الفقر لان الفقر في الوطن غربة . الحرية حرب على الأمية حتى لا تبقى التنمية عرجاء ……
الحرية هي اشتراك الجميع في محبّة حقيقية للوطن ولعلم الدولة ولهوية الشعب. محبّة تتطلب اليوم وعيا خاصا بأهمية وحقيقة المرحلة التأسيسية التي نعيشها وما تتطلبه من دواعي الحذر والحنكة لإبعاد البلاد عن البلبلة السياسية ومشاكل الاستقطاب…. .
السّاسة اليوم يذكّروننا بالأخطار التي تهدّد الثورة وبأنهم يحتاجون إلى مزيد الصّلاحيات لحمايتنا، ولا عجب أنّ عامّة الشّعب مستعدّون لإعطاء الصلاحيات للحكومة لوضع مقاييس مراقبة تحد بشكل كبير من الحريات كمنع التظاهر هنا أو هناك من اجل احترام حريات أخرى مهددة وفي نفس الوقت مستعدون لمنح المعارضة صلاحية مراقبة هذه المقاييس وصلاحية رفضها . وبدل أن تجعل هذه الوضعية الناس أكثر أمانا يحدث العكس، فيتفاقم الإستيا ء الشعبي، استياء، يُستغلٌ لاكتساب مزيد من النفوذ السياسي… وهكذا يزيد الشعور بالخوف بين الناس، طالما لم يوجد دليل على أن أيا من الحكام أو من المعارضة قادر أن يجعلنا أكثر أمانا، وطالما ضل كل طرف يدافع عن الحالة الجديدة وعن الأخطاء المحدقة بالثورة على أساس افتراضات لا أساس لها من الصحة وملاحظات مغلوطة و مخاطبة التوجهات الديماغوجيية التي تسببها حالة الخوف الجماعية والتي ستكون نتيجتها تآكل الحريات المدنية و تعطيل التنمية وانعدام الثقة في الحكومة وفي الأحزاب وفي منضمات المجتمع وطغيان الخوف بين الحاكم والمحكوم وهو أمر يعزّز من وهن الدولة بدل تقويتها ويساهم في انخفاض الحرية بدل تعزيزها ويدفع إلى العنف بدل الاستقرار…
الجميع يعلم انه على مدار 54 عاما تقاسم بورقيبة وبن علي الهيمنة على الحياة السياسية لذلك يحاكمهما التاريخ اليوم من اجل ذلك ومن اجل إفسادهما لها أما بقية الأسماء التي رافقتهما طوال هذه الحقبة فالتاريخ يكاد لا يذكرها إلا لماما ، على خلاف المرحلة الانتقالية الحالية التي تعج بأسماء كثيرة …. الاستاذة والسّادة ، راشد الغنوشي و منصف المرزوقي و حمادي جبالي ومصطفى بن جعفر وحسين العباسي ووداد بوشماوي وسمير ديلو و الأخوين العريض ونجيب ألشابي ومية جريبي ومحرزية العبيدي وحمة الهمامي واحمد إبراهيم ويسين إبراهيم وفاضل موسى وعبد الفتاح مور و نور الدين البحيري ومحمد عبو وشكري بالعيد وعدنان منصرو عثمان بالحاج و إياد الدهماني.ومحسن مرزوق ونزيهة رجيبة و عماد الدايمي وسليم حمدان..الخ. القائمة طويلة … أسماء لاتجوز مقارنة بعضهم ببعض ،لانّ مسالة التقدير تبقى نسبية ، ولكن للبعض منهم إشعاع يفيض خارج أحزابهم وأنصارهم ومن واجبهم الوطني توظيف ذلك لخدمة الجميع، حتى أولائك الذين يخالفونهم الرأي ،فتونس للجميع وهي أمانة في الأعناق . لذلك فالتاريخ يراقب الأسماء المذكورة ، لكونها شخصيات فاعلة اختارت عن روية الاضطلاع بمهام المرحلة الانتقالية الشرعية، وهي شخصيات تتحمل المسؤولية في مواقعها في الحكومة أو في المعارضة أوفي المجتمع ، وهي الأكثر نفوذا وتأثيرا في الأحداث ، بدرجات متفاوتة ، لذلك لن يستثنيها التاريخ ‘غدا’ من حكمه ، أمّا لصالحها ، لكونها أصلحت الحياة السياسية ، وهدمت الظلم ،وأقامت العدل، وأبطلت الباطل، وأحقت الحق ، فاكتملت بذلك ثورة الشعب . وأما عليها، لكونها أهدرت الوقت، وأدخلت البلاد في بلبلة سياسية وفي مشا كل استقطاب وأوهنت الدولة، وفوتت على الشعب فرصته في اكتمال ثورته… ذلك هو التاريخ وأحكامه. و “إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون”
. تونس لم تعد أي بلد في العالم بل هي بلد أول ثورة سلمية معطرة بدماء شهداء أبرار، وعليها أن تنجز تغييرا حقيقيا يعطي الثقة للتونسيين ويحرك مشاريع البناء .لذلك
فإن واجب رئيس الدولة و قادة الحكومة ورؤساء الأحزاب وقيادات المنضمات الوطنية والجمعيات ،خلال المرحلة الانتقالية الحالية –بل وحتى خلال فترة ال5 سنوات الأولى بعد وضع الدستور الدائم-هو تجميع وتوحيد كل المواطنين من أجل عمل وجهد موحد لمجابهة التحديات التي تنتظر تونس . فبلادنا تواجه بطالة عالية وكريهة ،الصناعة مهملة ومهمشة منذ فترة ، الفلاح لاستطيع العيش من عمله ،العلاج والسكن و النقل والغاز والكهرباء ، المدرسة والمستشفى .الموظفون يعانون الخصاصة …..العدالة تفقد دورها وإمكانياتها ..شبابنا مهمّش ومقصى ويستغل أبشع استغلال وعليه أن ينهض ويأخذ مكانته ودوره…المحيط يتدهور من يوم إلى آخر ..العائلة مكبلة بالديون ..المتقاعدون يرزحون تحت المرض وقلة الإمكانيات كل شيء في حالة سيئة أو دون المتوسط ..نعم ففي كل المجالات هناك حاجة ماسّة للإصلاح والتطوير وهذا واجبهم
إن انعدام الثقة بين السلطة والمعارضة في تجربة الانتقال الديمقراطي الحالية يسقط الجميع في فخ التربص بعضهم ببعض وفي ممارسة لعبة العبث المدمر للوطن ومستقبله وان كنتم تبحثون عن شاهد يؤكد ما سبق فما عليكم سوى استرجاع تفاصيل الأحداث اليومية بالولايات والمعتديات – آخرها ولاية مدنين – وسترون أن التربص في ظاهره موجه للحكومة ،او ربما للمعارضة، على اختلاف التحليلات – ولكنه في مضمونه وفي محصلته تربص بماتبقى من هيبة الدولة وسلطاتها وكل ذلك يُبقي الطريق إلى الحرية وعرا وعليه فانّه على المعارضة والحكومة ومكونات المجتمع المدني أن يهجروا جميعا خندق التربص وان يتصرفوا كتونسيين غيورين على هذا الوطن وان يكونوا صادقين في توحيد الصفوف لاجتياز ما نحن فيه من تراجع سياسي واقتصادي واجتماعي ، أن يتفّهمُوا بعضهم البعض وأن يتواصلوا فيما بينهم ليتمكنوا من إيجاد نقاط اتفاق مشتركة –وهي كثيرة جدّا- تمكّنهم من فهم و معالجة المرحلة التأسيسّية ومعالجة المشاكل التي تعيشها البلاد و وأن يتّكاتفوا من أجل إنجاح نموذج يحتذي به في بناء تجربة تونسية فريدة وذلك بتثبيت أركان الممارسة الديمقراطية وترسيخ قواعدها وتعزيز آليات استغلالها وبناء دولة المؤسسات والمجتمع الديمقراطي والإسراع بتعبيد الطريق لوضع دستور دائم للبلاد وتحويل تونس إلى ورشات تنموية كبرى و هذ ا الأمر لايمكنٌ للحكومة الشرعية أن تحققه بيسر في ظروف تسودها الإعتصامات العشوائية وقطع الطرقات وتعطيل الإنتاج وتعرضها الدائم للّّوم والنقد الاّموضوعي … كما لا يمكن للمعارضة الإسهام فيه في ظروف يسودها الجفاء و تعرضها الدائم بدورها للوم والنقد ألا موضوعي .لذلك فتونس لاتحتاج اليوم إلى سياسيين مدمنين على الانتقاد والمزايدات الطفولية فالأخطاء ليست وقودا يشعل فتن الحاضر ويجعل المستقبل في الطرف الأقصى للتنمية العادلة والشاملة . لذلك على السياسيين أن يكونوا أسوياء ، يكرسون النقد والنقد الذاتي للإسهام في بناء ديموقرطية شاملة – دمقرطة المجتمع والأحزاب والدولة أيضا – بما يضمن عدم تكرار الماضي وللإسهام كذلك في وضع الأسس لتنمية مستديمة تكون أهم هدية تنصف الشعب بأكمله ويجني فيها ثمار ما زرعه أبناؤه الأوفياء لقضاياه وتكون في الوقت نفسه صمام الأمان ضد النزاعات المتطرفة وإلا سنخطأ موعدنا مع التاريخ. وقتها لن يحق لأي كان أن يقول أنا بريء مما تمر به تونس ألآن من فوضى ولا أن يتذمّر مما سيناله من جرائها ، يستوي في ذلك السياسي والمواطن العادي لأنهما لم يبحثا بجدية عن مخرج آمن للمرحلة الانتقالية.
أنضروا إلى مشهد البلاد فهي كقاطرة يجرّها طرفان ،كلٌ في الاتجاه الذي يسير فيه،، قوّة الجذب بينهما جعلتها تراوح مكانها، تلك هي صورتها التي رسمت لها يوم 9 أفريل 2012،ولتنطلق بأقصى سرعة وبتوازن عليهما أن يجرّاها في اتّجاه سير واحد، كصورتها التي رسمت لها يوم 1 ماي 2012 …. لذلك على النخب أن يكونوا ساسة أسوياء بان يبتعدوا عن جذب البلاد فى اتجاهات سير مختلفة عبر تضخيم السلبيات و إشاعة القنوط …لأنه انحدار للهاوية. على الجميع أن يؤجّل حملته الانتخابية لأنّ الانتخابات هي استحقاق لن ينطلق إلا بعد تعبيد الطريق لوضع الدستور الدائم ، وهو طريق ، محفوف بتحدّيين كبيرين ، الأوّل، يتمثل في كيفية التغلّب على الفصل ما بين الحاكم و الدّولة بمؤسساتها بشكل يخالف ما كان متّبعا و مجسّدا في نظام الحكم في تونس على مدار 54 سنة الماضية، والتي كان الحاكم الفرد، هو الدّستور والقانون و المؤسسات ،والتّحدّي الثّاني يتعلّق بالقوى السّياسية، وذلك بأن يضمن الدّستور الجديد المبادئ والإطار الذي يجعل قيم الدّولة، كمؤسّسات وككيان عام ،أعلى من إيديولوجيات هذه القوى السّياسيّة ،مهما كانت أغلبيتها في المجالس النيابية التي سيقع إقرارها في الدستور و التي ستكون بحكم طبيعتها، متغيرة بالانتخابات، وبالتالي حالة المنافسة فيما بينها على الحكم تكون من خلال هذا الإطار العام لشكل الدّولة ووفق ما سيضبطه دستورنا المرتقب، والّذي ، يستدعي أن نؤسّسه على مبادئ عامة مشتركة ودائمة هي:
أوّلا : لا سيادة لفرد أو مجموعة على الشّعب، الذي يضلّ دائما، هو المصدر الرّئيسي لكلّ السّلطات، يفوّضها، عبر انتخابات دورية، تكون فاعلة وحرّة ونزيهة.
ثانيا : المواطنة هي مصدر الحقوق و الواجبات.
ثالثا: سيطرة حكم القانون والمساواة أمامه، وأن يسود حكم القانون وليس مجرّد الحكم بالقانون.
رابعا: عدم الجمع بين السّلطات التنفيذية أو التّشريعية أو القضائية في يد شخص أو مؤسّسة واحدة والفصل بينها وفق قواعد تنظم ممارستها لنشاطها وللعلاقة بينها وحدود كل سلطة وفق مبدأ فصل السلطات والتوازن بينها.
خامسا: ضمان الحقوق والحرّيات العامّة دستوريّا وقضائيّا، من خلال ضمان فاعلية الأحزاب ونمو المجتمع المدني المستقل عن السلطة. ورفع يد السلطة والأحزاب ومراكز المال عن احتكار وسائل الإعلام وكافة وسائل التعبير وتأكيد حق الدفاع عن الحريات العامّة وبالأخص حريّة التعبير وحريّة التنظيم وضمان حقوق الأقليات والمعارضة في إطار الجماعة الوطنية.
سادسا: التّداول على، السلطة التنفيذية و التشريعية، سلميا، وفق آلية انتخابات حرّة ونزيهة وفعّالة، تحت إشراف قضاء مستقل، يضمن شفافية تَحِدُّ من الفساد والتَّضليل واستغلال النّفوذ في العمليّة الانتخابيّة.
سابعا:إ صلاح المؤسسات العامة للدولة وإعادة هيكلتها وترشيد عملها والرفع من كفاءتها وفعاليتها ، في اتجاه احترام حقوق الإنسان والحرّيّات والمحافظة على سيادة القانون وتحقيق تنمية عادلة وشاملة، في المجال التعليمي وتكوين القدرات البشرية، وفي المجال الصناعي ،و في المجال ألفلاحي ،وفي المجال الثقافي، وفي غيرها من المجالات، بغاية تحقيق احتياجات المجتمع ومتطلبات جميع شرائحه ،عبر الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتنميتها .
ثامنا :بناء أمن جمهوري محترف و منضبط وكفؤ ومتخلّق ومحايد، هدفه حماية الأمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسّياسي و الدّيني، للدّولة، وللمؤسسات العامة والخاصة ، وللمواطنين . وللمواطنين .
9- إنشاء هيئة دستورية تتشكل من قضاة وفقهاء قانون وخبراء في الفقه الإسلامي تتولى ممارسة الرقابة على دستورية القوانين والمنازعات المتعلقة بها و يسمح للأشخاص الطعن مباشرة أمامها في دستورية التشريعات العادية التي تصدر عن السلطة التشريعية، أو التشريعات الفرعية التي تصدر عن السلطة التنفيذية.
غير انه لا بد من القول أن المبادئ والقواعد الدستورية مع كل الضمانات القانونية لتطبيقها تحتاج إلى ضمانات واقعية -غير منضمة- تعزّز دور الضّمانات القانونيّة، التي قد تعجز أحيانا عن توفير الحماية اللازمة للدّستور ولاحترام حقوق الأفراد وحرّياتهم. وتتمثل هذه الضّمانات في رقابة الرّأي العام على أداء حكّامه و نخبه والتّدخل عند اللزوم لإجبارهم على احترام الدستور .وكلّما كانت هذه الرّقابة قويّة، كلما كان التقيّد بالدّستور قويا، وكلما كانت رقابة الرأي العام ضعيفة أو منعدمة كلما ضعف احترام الدستور.
وعليه فان الرأي العام لن يستطيع التأثير على تصرفات الحكام ما لم يكن على درجة من النضج والاستنارة و التنظيم تؤهله للقيام بواجب الرقابة وعدم الخضوع لمصالح فئات معينة -سواء كانت من الحكام أو من المعارضة أو من المجتمع نفسه- تسعى لتسخير الإرادة الشعبية والرأي العام لتحقيق أهدافها ومصالحا الخاصة .ومما لاشك فيه أن مختلف الهيئات الشعبية ومؤسسات المجتمع والأحزاب ووسائل الإعلام والحكومة وكل الشخصيات العامة تشترك اليوم في تكوين الرأي العام وتدريبه ممّا يجعلها مسئولة بالضرورة- أدبيا وأخلاقيا -على مستوى النضج والاستنارة الذي سيبلغه غدا، بعد وضع الدستور الدائم ودخول البلاد مرحلة التداول السلمي على السلطة عبر الانتخابات الدورية ، الفاعلة والحرة والنزيهة ، وهي مرحلة ستحتاج فيها البلاد- حتما- إلى رأي عام قوي قادر على مراقبة حكامه ونخبه في إطار الشرعية الدستورية الدائمة . و الأكيد أن ما نزرعه خلال هذه المرحلة الانتقالية هو ما سنجنيه، نحن وأبناؤنا، خلال الرحلة الدائمة.. إمّا رأي عام قويّ يشارك في الحياة العامة ويساهم فيها بوعي وإدراك وفاعلية قادر على منع كل محاولة لإعادة إنتاج الماضي بصيغ جديدة وإمّا رأي عام ضعيف تحركه الحسابات الانتخابية و المزايدات السياسية…../.
تلك هي احلام جلّ التونسيين وليس كلّهم لان الظاهر انّ اغلب النّخب لاتشاطرالشعب حلمه ،لسبب بسيط، هوأنها لم تقد الثورة، بل جاءت على هامش ثورة لم تكتمل فيها الاحلام،، فدم الانسان وماله وعرضه مازال حلالا وكأنّ لااحد قرأ خطبة -الرسول الاعضم عليه أزكى صلات وتسليم -في حجة الوداع وهو يحرم كل ذلك ،ليس في زمنه فقط ،بل الى يوم القيامة . . .
ليس من الضّروري أن يكون كلامي مقبولا ولكن من الضروري أن يكون كلامي صادقا.
وحفظ الله تونس وأهلها و عيدكم مبروك .