
و للتذكير فإن التهمة الموجهة للموقوفين هي حرق مقري الديوانة و المعتمدية بساقية سيدي يوسف على إثر إحتجاجات، شهر ماي الماضي، المطالبة بالتنمية في الجهة.
– نجدك من بين المشاركين في الوقفة الإحتجاجية التي نظمت يوم محاكمة فتحي التليلي:
لقد شاركت في الوقفة الإحتجاجية بإسم رابطة الحريات و التنمية البشرية التي أنتمي إليها، و التي دعت إلى وقفة تضامنية بالكاف مع فتحي التليلي و كل الموقوفين معه، كما نظمنا تحرك يوم الخميس 15 نوفمبر 2012 تمثلت في مسيرة من الساحة العامة حتى المحكمة الإبتدائية بالكاف. و بهذه المناسبة نشكر مكونات المجتمع المدني و الإتحاد التونسي للشغل الذين لبوا هذه الدعوة. و إسم الرابطة ارتبط بالحريات و التنمية البشرية لأنها أول جمعية تعنى في نفس الوقت بمجال الحقوق و التنمية، فعند تأسيسها أخذنا بعين الإعتبار أن الأنظمة البائدة كانت دائما تخير الشعب بين الخبز و الحريات أو الأمن مقابل التنمية، كما فعل بن علي، أما اليوم فقد وجدت أرضية ديمقراطية و وجد وعي، لدى كل الطبقات الشعبية، كاف للمطالبة بالحريات و التنمية البشرية بطريقة متلازمة، لأنه ليس لأحدهما معنى دون الاخر، على هذا الأساس جئنا للتضامن مع كل المعتقلين: فتحي التليلي، عاطف يحياوي منجي الدرواذي و غيرهم من المتهمين في نفس القضية، لأنهم ضحايا منوال تنموي معين. و أنا أجزم أن فتحي التليلي و زملاءه ليسوا متورطين في الإعتداءات التي نسبت لهم، لأننا إطلعنا على ملف التحقيق و على ملفات البحث و الملف القضائي و وجدنا أنها تفتقر كلها إلى الأدلة و القرائن و بالتالي هي ملفات ضعيفة.
أريد أن أشير إلى أن فتحي التليلي و بعض من أوقف معه كانوا أعضاء رابطة حماية الثورة و بشهادة متساكنين و مسؤولين سامين في ساقية سيدي يوسف مثل مدير المركب الثقافي أو مدير المعهد الثانوي الذين شهدوا أن فتحي التليلي لعب دور إيجابي في حماية و تأمين مؤسسات تعليمية و منشات عمومية، فمثلا ساهم مع أعضاء رابطة حماية الثورة في تأمين باكالوريا 2011.
– لماذا يحاكم فتحي التليلي و من معه؟
فتحي التليلي و زملاءه ليسوا سوى ضحية من ضحايا المنوال التنموي الذي همش الجهات الداخلية و منها ساقية سيدي يوسف و هنا أربط بملف الـ SACMO و قرار تخصيصه، هذا المعمل التونسي-الجزائري الذي بعث سنة 1988 صرفت فيه الدولة حوالي 64 مليون دينار تم التفويت فيه سنة 2003-2004 لصالح المستثمر فتحي الغالي بقيمة 2.4 مليون دينار، فتحي الغالي قام بتسريح عدد كبير من العمال حيث حرم العديد من العائلات من مورد رزقهم و هذا ما خلف إحتقان إجتماعي بداية من سنة 2003 إلى اليوم و مازالت حكومة ما بعد الثورة مواصلة في نفس منوال التنمية هذا علما و أن فتحي الغالي يحاول الان بيع أو ربما يكون قد باع أصلا، لأنه هناك معلومات غير مؤكدة تفيد بأنه باع المعمل لمستثمر جزائري.
– ما الحل لتفادي كل هذا الإحتقان بخصوص ملف الـSACMO ؟
حسب رأيي، الأولوية الان هي فتح الحوار لأن الحوار منعدم، سأعطيك مؤشر بسيط في الساقية عندما تسألهم على الـSACMO و مستقبله كل شخص يعطيك معلومة مختلفة. و نحن في إطار مساعي الرابطة لفهم ما يحصل قابلنا المدير لكنه أعطانا معلومات متضاربة، فمن ناحية قال لنا أن الـSACMO شركة فقدت بعض الأسواق، لأنها في السابق كانت تصدر للجزائر و العراق، و بالتالي الطلب أصبح ضعيف، و من ناحية أخرى قال أنهم صرفوا 10 مليون دينار لشراء معدات جديدة، فالسؤال الذي يطرح هنا: إذا كان المعمل سيقع غلقه وبيعه لماذا يشتري المشرفون عليه معدات جديدة؟ ما أعنيه من خلال ذلك هو أن تضارب المعلومات و إنعدام الشفافية و إنعدام الوضوح في الرؤية، يضاف إلى ذلك التعامل الأمني و القمع و السجن لمدة 6 أشهر دون أساس و دون أدلة كل هذا يتسبب في الإحتقان، لذلك فأولى بالحكومة أن تبتعد على الحلول الأمنية التي أثبتت فشلها الذريع طوال الأنظمة و الحكومات المتتالية، و تفتح باب الحوار مع أبناء ساقية سيدي يوسف و تجعل مسؤولي الساكمو يقومون بإجتماعات مع الأهالي كي يفسروا لهم الصعوبات التي يعيشها المعمل و بالتالي يمكن إقناع الجميع بالسياسات و القرارات التي تتخذ، و لكن حسب رأيي هناك سياسة مناورة.
– التنمية مطلب الثورة و أولوية المرحلة، ما قراءتك للوضع و نحن نرى، اليوم، الذي يطالب بالتنمية يصبح متهم؟
في ما يخص المجال الاقتصادي و التنمية البشرية كان أولى بالحكومة أن تراجع المنوال التنموي بدل أن تقوم بتتبعات لنقابيين من شأنها أن تمس بالعمل النقابي و تضرب حق العمال في الضمان الإجتماعي و حقهم في التعويض عند تسريحهم، و هذا ما حصل في ساقية سيدي يوسف، لأن المستثمر لم يحترم إتفاقية التفويت التي تنص على أن يحافظ على 85 موطن شغل حيث قام بتسريح أكثر من المطلوب و أبقى على حوالي 65 عامل على أقصى تقدير. ما أريد أن أقوله أن الساقية لم ترى بعد أي تغيير يذكر على مستوى السياسات الإقتصادية و حتى في مجال تسيير الشأن العام هناك نوع من التدجين سواء كان للمؤسسة القضائية أو المؤسسة الأمنية في الجهة و هناك محاولة للإخضاع و التركيع مست بعض المؤسسات الأمنية التي أصبحت تعمل في الوقت الراهن مع المكاتب المحلية لحركة النهضة بالساقية مثلا وفق شهادة العديد من المتساكنين.
– هل هناك أدلة ملموسة على ذلك وثائق أو تسجيلات مثلا؟
هناك العديد من الشهادات التي تصب في نفس المصب، لذلك لا يمكن لنا تكذيبها. ثم إن رابطة الحريات و التنمية البشرية تمتلك أدلة على أن عددا من الموقوفين تعرض للإبتزاز و التعنيف و التهديد و الإعتداء بالعنف، و قد تم إبتزازهم عن طريق تخييرهم بين تلفيق تهم حرق و سرقة لهم أو إطلاق سراحهم مقابل تقديم شهادات زور تدين فتحي التليلي و من معه. و من خلال هذه الممارسات اللاقانونية تم تحويل متهمين إلى شهود فهناك شهادات موثقة على هذا مثلا هناك شاب (16 سنة) تم تهديده للإدلاء بشهادة تدين عدد من الموقوفين.
– في مرحلة ما بعد 14 جانفي، عرفت تونس محاكمات سياسية، و أنت أحد الأمثلة على ذلك، رغم كون من في السلطة الان عانو كثيرا في السابق من محاكمات مشابهة، كيف تفسر ذلك؟
أظن أن فتحي التليلي النقابي و المناضل السياسي إبن الساكمو تم إدراجه في ما حصل لتصفية ملف هذا المصنع و أيضا لأنه عنصر نقابي فاعل كان قد تحرك كثيرا في ملف الساكمو و لما تم تسريح العملة رفض الإبتزاز و الإغراءات المالية الكبيرة التي عرضت عليه مقابل صمته و مقابل إقناع زملاءه بالتخلي عن مطالبهم الإجتماعية و إعتبارا لكل هذا نحن نظن أنهم يسعون إلى عزله لتصفية ملف الساكمو. و للأسف الحكومة الحالية و الأحزاب الحاكمة تثبت يوما بعد يوم أنهم مجرد ورثة لنظام قديم هم بصدد إعادة تشكيل رجالاته و أجهزته، و هنا أنا أتحدث عن التجمع بالطبع، فبالتالي أظن أن هؤلاء كانوا منافسين سياسيين أي أنهم كانوا منافسين على السلطة للأنظمة القديمة و اليوم ورثوا نفس النظام الذي كانوا معارضين له، فهم مستعدون لاستعمال نفس الاليات و نفس الرجالات و نفس الأجهزة لإخضاع هذا الشعب و لإعادة استنساخ الاستبداد القديم.
– ما هدفهم من ذلك؟
الهدف هو تأبيد السلطة و الاستئثار بها و كذلك الاستئثار بالثروة لأني لا أرى إعادة توزيع للثروة و لا إعادة إعتبار للشعب و لا إعادة توزيع للسلطة بالعكس هناك إنفراد بالقرار لصالح حزب بعينه، (قاطعته: “أنت تقصد حركة النهضة” فيواصل) بالطبع حزب حركة النهضة المهيمن على الترويكا، هذا ما أراه فقط فأنا لا أرى حزب لديه النية و الإرادة لتحقيق أهداف الثورة أنا أظن أنهم أخذوا هذه الفرصة كغنيمة استأثروا بها، النهضة تريد تأبيد السلطة و تسعى إلى توسيعها كما تسعى إلى توسيع دائرة سلطتها و إلى فرض هيمنتها على مؤسسات الدولة من قضاء و أمن إلى اخره. لاحظي بنفسك، منذ أكثر من سنة لم نرى إعلام مستقل و لم نرى هيئة معدلة للإعلام و لم نرى هيئة مستقلة للقضاء بل بالعكس هم يشككون حتى في مبدأ إستقلالية القضاء و يرفضون التنصيص على إستقلالية إسم الهيئة كما أننا لم نرى هيئة إنتخابات و لا دستور يضمن الحقوق و الحريات بصفة واضحة دون تقييد و في هذا ضرب و تراجع على مطالب و إستحقاقات الثورة و المرحلة.
iThere are no comments
Add yours