وإضافة إلى أن هؤلاء غاب عنهم أننا تجاوزنا بعد فترة الحداثة إلى ما بعد الحداثة وأن دعواهم في حداثة أفكارهم كالتغني بروعة فن المومياء، فمن الضروري تذكيرهم أن الحوكمة الرشيدة والتنمية السياسية والبشرية المستدامة بحق في بلاد الإسلام تقتضي تفعيل هذا التوجه في الميدان الأساسي في حياتنا اليوم، ألا وهو ميدان الدين ومجال العقيدة.
فلا أحد يشك، وإن شك فليس له إلا أن يفتح العينين ليرى واقعه، أن الدين هو ركيزة حياتنا اليوم، إن على حق وإن على غلط؛ فلا محيد عن الأخذ بتعاليمه، أو على الأقل عدم تجاهلها وإلا تجاهلنا واقعنا وما يفرضه علينا.
ولا مراء أن السياسي المحنك هو ذاك الذي لا ينقطع قيد أنملة عن واقعه حتى وإن كان مريرا أو رفضته مبادؤه ليعمل على تفعيلها فيه بالصفة المناسبة، فلا تكون كزرع أعضاء غريبة عن الجسم في الميدان الطبي التي مصيرها الفشل، كما نعلم جميعا، لأن الجسم البشري يرفضها بصفة نهائية.
والحال كذلك تماما بالنسبة للجسم الإجتماعي الذي يرفض كل ما هو من الدخيل عليه، إلا إذا نجح في التأقلم مع نفسيته ومقتضياتها، فأصبح منها أو عدّ منها.
ونحن اليوم، في بداية السنة الثالثة من الإنقلاب الشعبي التونسي، هذه الثورة المابعد حداثية بأتم معنى الكلمة، نعيش بحق فترة تاريخية هامة من شأنها رسم معالم عالمنا الجديد الذي سيأخذ مكان نمط سياسي قديم، تآكل وبصدد الانهيار.
فعلينا التأكد من أن واجبنا اليوم حيال هذا الشعب، الذي عرف كيف يمر بإرادته الرائعة في الحياة من الخيال إلى الواقع، أن نواصل ما قام يه، آخذين بالروح العصية التي ألهمت وتلهم شبابناالناشط لخط أفضل الملاحم وأكبرها مما من شأنها إضافة صفحة لامعة في كتاب تاريخ البشرية. وليس ذلك بالمستغرب على أرض حضارة عريقة تمجدت عليها من المستجدات والاستحداثات ما شاء الله وسمحت به المقادير
وإننا اليوم في هذا المجال مدعوون أساسا لأن نستأنف النشأة المستمرة لإسلامنا، هذا الدين الكوني والعلمي التعاليم في أزليتها، ذلك لأن فترة مابعد الحداثة التي أضلتنا هي بالأساس فترة الروحانيات.
وإسلامنا، كما يعلم المسلم الحق، إسلام إنساني، يقدّس الذات البشرية ويمجّد التسامح والمحبة، حتى وإن جهل ذلك أو تجاهله من ادّعى ظاهرا الإسلام، لتمسكه بالرسم ونسيانه الروح، رغم أنه ليس أعز من الروح في كل شيء.
لذا، فالسياسة الرشيدة اليوم هي في تسهيل استمرار النشأة الإسلامية، لأن ديننا في نشأة مستمرة، فهو ثورة مستأنفة دوما؛ وبما أننا في فترة ما بعد الحداثة، فهو اليوم ثورة مابعد حداثية.
فكيف العمل على التمسك بما ثبت عن الرسول وتفعيله من أن الإسلام يتجدد على رأس كل مائة سنة عندما يوشك المارقون عنه على طمس معالمه بدعوى الذب عنها؟
لا شك أن أفضل سلاح في ذلك هو ما ثبتت صلاحيته وتأكدت نجاعته بالدليل القاطع عبر التاريخ؛ فلا غرو أن الصوفية الحقة، تلك التي تتمسك بتعاليم القرآن والسنة الثابتة فتعمل بمقاصد الشريعة وروح القرآن، هي أفضل سلاح متوفر وناجع لرفع كل ما شان الدين. فهو السلاح الأفضل لدحر أعداء الإسلام، سواء من عمل خارجه في وضح النهار، أو من نشط في داخله خفية ومخادعا؛ والكل يعلم ما للطابور الخامس من خطورة ليس بعدها خطورة!
إن صوفية الحقائق هي اليوم أفضل سلاح للإسلام لمقاومة سلفية الأكاذيب؛ فهي مما من شأنه أن يجعل الإسلام يتبوأ بحق المكانة التي تعود له بحق في كونه دين للبشرية جمعاء، وذلك بالعودة إلى روح نصه لا التمسك جزافا بحرفه. والروح دوما أعلى وأسمى من المادة، جسما كانت أم نصا!
1 – الإسلام بين صوفية الحقائق وسلفية الأكاذيب
لعل الثابت لمن يرنو بموضوعية لبلاد الإسلام أن هذا الدين _ ومثله في ذلك مثل اليهودية _ أصبح صفة لمعتقد ولهوية. ولا شك أن هذا ليس بعد بالوضوح التام في الأذهان مما خلق ويخلق التذبذب الذي نعيشه اليوم بين تجليات الإسلام.
ولعلنا لا نبعد عن الحقيقة إذا قلنا أن الإسلام في العقول يختلف بين النظرة التي يحملها عنه المثقف المتدين والنظرة الشعبية، بل والتعامل الشعبي، إضافة لنظرة النخبة الملحدة أو تلك التي لا ترى في الإسلام إلا الجانب الثقافي.
ورأينا أننا إذا أردنا اختزال المعضلة، فبإمكاننا تلخيصها في تعلق النظرة الأولي بالسلفية والثانية بالصوفية؛ وهما تياران هامان في الإسلام، السنّي خاصة.
والسلفية هي العودة إلي مثل السلف الصالح؛ ولا غرو أن السلف الصالح هو الرسول وسنته أولا وقبل كل شيء. بل وليس إلا ذلك إذا أردنا التمسك بنظرة علمية لديننا، وهو يعتمد على العقل ويحث عليه. ذلك لأن الرسول معصوم عن الخطأ بينما البشر، حتى وإن كانوا من الصحابة الأكارم، مع علو كعبهم في الدين والأخلاق الإسلامية، غير معصومين منه البتة؛ ناهيك عمن ثبتت عنهم، خلال التاريخ الإسلامي الثري بالأحداث، تصرفات تناقضت مع بعض مباديء الإسلام لما في الطبيعة البشرية من نقائص جاء الدين لتلافيها.
ثم إن ديننا لما فيه من علمية لا يتوانى عن التفرقة بين ما في الذات السنية لرسولنا الأكرم من عصمة لصفته النبوية وما له من طبع بشري لا صلة له بالعصمة، لأن الرسول آدمي قبل كل شيء، وعصمته لا تخص إلا أمو ر الدين.
ورغم كل هذا، وهو من الأمور التي لا مراء فيها، وجدنا من يتمسك بمثال السلف الصالح وهو يوسع منه كل الوسع مما جعل من السلفية مخلاة تراكمت فيها كل الطباع البشرية مما يشين اليوم سماحة ديننا.
فلا شك أن هناك من الطباع التي كانت في زمن مضى تُعد من المثل الذي يُحتذى به لما كان لها من نبل وعلو؛ إلا أنها، في زمننا، تغيرت وتبدلت مع تغيّر المفاهيم، بما فيها الأخلاقية، ففقدت سماحتها وغدت مما لا يحتذى به بتاتا، بل ويُطرح ضرورة جانبا وإلا أفسدنا لب لباب ديننا الأغر.
فعدا ما جاء به الدين من حقائق أزلية تخص علاقة الإنسان بربه، وتلك مسائل لاهوتية لا تبديل فيها ولا تغيير، فهناك في دين الإسلام، وهو دين ودنيا، من المسائل ما شاء الله التي وجب أن تتطور وتواكب عصرها حتى لا يقع الإضرار بالدين وروحه. فالإسلام أزلي أساسا في روحه، لا في حرفه؛ وهو أزلي لما فيه من قابلية للتطور، وهذه هي النشأة المستأنفة لديننا الحنيف.
ولقد فهم هذا أوائل المسلمون لأنهم كانوا يؤولون دينهم حسب روحه لا نصه. أما اليوم، فكل من أخذ بظاهر الدين وبحرفه دون العودة إلى روح النص ومقاصد الشريعة، فقد ركب مركبا لا خير فيه إذ يعرّضه للمروق عن كنه الإسلام الحق، مما يؤدى به حتما إلى الخطأ في حق دينه والإضرار به.
فالمسألة السلفية هي في تأويل القرآن والسنة؛ وتلك مسألة عسيرة تتطلب استعمال ما حث الإسلام على اللجوء إليه دوما، ألا وهو العودة إلى ما يميز الإنسان عن الحيوان، أي عقله. فالعقل من الدين في الإسلام ولا شك؛ وذلك ما ميّزه ويميّزه عن باقي الأديان.
وهذا العقل طبعا ليس ذلك العقل العلموي الذي لفظه العلم اليوم، بل هو ما يسمى بالعقل الحساس المتفهّم للذات البشرية، الحاس بما يختلج فيها.
والسلفية اليوم لا تأبه بالضرر الذي تلحقه بدينها لما في تصرفاتها من أكاذيب على حقيقة الإسلام من سماحة وتسامح، وعلمية وكونية. فهي تتمسك برسم تُضفي عليه قداسة من نوع التقديس للأنصاب في الحين نفسه الذي تُقصي منه روحه، فتخالف ما بدا وظهر جليا للعقل من روح ذلك الرسم إذا عفت فاعليته الظاهرة بتغيّر الزمن والابتعاد عن ظروف نزوله وأسبابها.
فالقداسة في الإسلام، أي قداسة كلام الله، ليست في نص القرآن فحسب ولا أولا، بل هي جوهريا في روح هذا النص. ذلك لأن الحرف هو كلام من الله لخلقه، وهو كلام مفهوم ومعقول لكونه متأقلم مع مقاصد الشريعة في الزمن الذي جاء فيه ويتحدث عنه. وهذه المقاصد، وإن كانت أزلية في كنهها وبعدها الذي لا مجال للإنسان من فهمه تماما، فمفهومها يتغير حسب تطور العقل البشري وهو دوما أدني من الحكمة الإلاهية.
لذا، لا يُفهم كلام الله حقا إذا لم نأخذ بروح النص ومقاصده حسب المقاصد العامة للشريعة تماما كما نفعل لظاهر النص؛ بل ويجب أن نعليها عليه إذا بدا لنا أي اختلاف أو تناقض، ليس هو حقيقة إلا مما ظهر فخدع عقولنا البشرية المحدودة الفهم.
ففي هذه الروح دون أدنى شك الحكمة الإلاهية السنية؛ وهذه الروح هي التي تجعل من أحكام إسلامنا تلك الأحكام الأزلية، الكونية البعد لدين هو بحق خاتم الرسالات السماوية.
وقد فهم أهل الصوفية الأوائل كل هذا فسمّوه بالباطن ورفعوا قدره فوق الظاهر وكل ما هو مجرّد رسم؛ وكانوا في ذلك على حق. وقد شهد لهم به جد السلفية وأبوها وحفيدها، إذ اعترف كل من ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم _ وهم جهابذة السلفية _، لما لصوفية الحقائق من أيادي بيضاء على الإسلام. بل قالوها صراحة : هم الإسلام الحق !
لهذا أقول أنا اليوم بأن السلفية الحقة، والتي لا بد منها للأخذ دوما من مناهل إسلامنا العذبة، هي صوفية الحقائق؛ إذ تبقي تلك التي تدّعي السلفية، والتي نراها كل يوم تعفّر وجه ديننا الأغر في أنهج وشوارع بلادنا، مجرد سلفية الأكاذيب.
2 – الإسلام بين الحرف والروح أو مقاصد الشريعة
وحتى نستوفي الموضوع حقه وهو من الخطورة بمكان، لنعد لموضوع الحرف في الدين وروحه لنبيّن أن مقاصد الشريعة لا يمكن أن تُستوفي بتمامها وكمالها وعلى حقيقتها الأزلية إلا من روح النص التي هي أزلية كما نعلم، بما أن الله أزلي قديم.
فالروح أو النفس لا تموت عند البشر، فما أدراك بروح كلام الله؟ إنها هي التي تجعل من نص القرآن كلام الله الأزلي الذي يتوجه للعالمين أيا كان الزمان والمكان، وأيا كانت ظروف المعيشة؛ وتلك لعمري أعلى الأدلة على بلاغة الإسلام وعظيم إعجازه.
أما الحرف، فهو التجلي العملي للدين، أي ما يقابل المعاملات بالنسبة للعبادات؛ ولا غرو أن المعاملات لا بد لها أن تتطور للتزامن مع مقتضيات العصر،
وليس هناك من سبب ولا حكمة لإضفاء القداسة على حرف نص ديني صريح جاء للارتقاء بظروف بشرية حسب روح بيّنة ثابتة ثم انعدم هذا الرقي المنشود بعد تغيّر الأحوال. وليس ذلك بحال الروح لأنها تحافظ دوما على نزعتها الراقية، فيكفي العودة لها لتفعيل النص أو عدم تفعيله.
ومثل هذا التوجه لا يضير في شيء قداسة نص القرآن، لأن هذا النص جزء من كلام الله، ولكنه الجزء الأصغر؛ ويبقى الجزء الكبّار في روح الحرف، وهو الذي تتجلى فيه أزلية الروح الإلاهية وعظمتها.
نعم، إن القاعدة تبقى في أن الحرف القرآني والسني هو من جليل كلام الله والرسول، والأخذ به واجب طالما لم يستوجب النص العودة إلى روحه والسؤال عن مدى تطابقه معه. أما إذا ناقض الحرف الروح، فعندها لا مناص من تغليب روح النص التي تُختزل فيها مقاصد الشريعة في عمومها، إذ الروح من دقيق كلام الله، بل أدقه.
ولا ضرورة هنا للتدليل على صحة ما نقول بأمثلة وهي عديدة سواء في حياة الرسول ومن طرفه أو بعده، من قبل الصحابة بما فيهم أجلّهم وأعلاهم قدرا.
فالكل علم أن الدين الإسلامي هو ذلك الدين المتسامي لأن تعاليمه تناسب البشرية جمعاء في كل الأزمن، ولأنها جاءت على مراحل وتطورت وتتطور دوما، وعلى الأقل كل مائة سنة، حسب مقاصد الشريعة، ما فُهم منها وما لم يُفهم ويُفهم لاحقا لنقصان العقل البشري وعدم كماله.
ويبقى الفيصل على الدوام للوصول للكنه الصحيح لمقاصد شريعتنا المعرفة الصحيحة الثابتة بأن تعاليم الدين الإسلام لعلميتها وكونيتها لا تتعارض البتة مع ما أثبته العلم واستصلحه عظم عموم البشر عالميا في تسيير شؤون دنياهم في نطاق نمط حياة حضارية ديمقراطية. وطبعا، تبقى شؤؤن الله لله وحده وهي لا تختص إلا بأمور العقيدة.
إن الإسلام ليس دين فئة أو طائفة أو تيار؛ فهو دين البشرية جمعاء؛ وللبشرية مآرب ومشارب كلها في الإسلام لكونيته وعلمية تعاليمه.
فما يضير الإسلام أن يصلّي البعض أو لا يصلّي ما دام يوحّد الله ويؤمن به؟ أفليس ذلك أول الإيمان والخطوة الأولى على محجة اللّه الأوحد الوحيد؟
وما يضير الإسلام أن لا يعتقد في شعائره البعض أو أن يتقوّلوا على عاداته وتقاليده؟ أوليس هو الدين البشري، دين كل البشرية بغثها وسمينها؟ ولا مجال في هذه الحياة الدنيا أن ينتفي الجنس البشري من الغث حتى يهدي الله من شاء؛ ولا هادي إلا هو متى أراد!
لنُعمل عقولنا فنسأل : هل ينقص من سموّ الإسلام وتعاليمه نهيق الأحمرة وهراء العتّه، بما أن مرض النفس كمرض البدن لا بد منه لتمام الصحة، ولا صحة إلا إذا كتب الله؟
هل ينقص من قيمة المسلم أن يكون أخوه الإنسان غير مسلم؟ أليس من الإسلام أن يكون هو له عندها المنارة للهداية والمثل الذي يهتدي به؟
وهل ينقص من تعاليم الله أن يكون الإنسان خيّرا، يسلَم الناس من يده ولسانه، بل وينتفعون بخير فكره وسماحة حسنى عمله وليس هو في حياته يأخذ من الإسلام الشعائري بشيء؟ أليس هذا العبد في ديننا أفضل من مسلم الرسم الذي يدلّ بإسلام ظاهري وهو، في الآن نفسه، يعيث في الأرض فسادا، فينقض خير فعله بما هو أفضع وأنكى؟
3 – كيف يكون الإسلام دين البشرية جمعاء؟
إن الإسلام دعوة إلى كلمة سواء وهي لا تتأتي إلا إذا أعدنا النظر إلى تعاليمه وأخذنا بها في جوهرها. فبمثل هذه النظرة للإسلام فقط يكون بحق ذلك الدين الخاتم لرسالة الله لعباده كما جاء بها الرسول الكريم.
ولا شك أنه من الحكمة والمعقولية أن الدين الذي هو في هذه المرتبة وبهذا العلو والأزلية ليس له أن تتحجر تعاليمه أو تنغلق على نفسها، فتختص بنمط واحد من العيش، أو بتوجه معيّن في الأخذ بمشاغل البشرية، وخاصة المسائل التي توفرت فيها معايير عالمية ومواصفات علمية أخذت بها النظم الديمقراطية المتقدمة. كما لا يمكن إفراغ بعده الحضاري من الثراء الذي يميّزه وذلك بتحديده بشعائر وحصره فيها، وهي مجرد جزء من ديننا لا كله؛ إذ هو حضارة كونية وثقافة عالمية قبل كل شيء.
لذا، فمن الضروري التأكيد على ثوابت الإسلام والعودة إليها، ومنها حرية العبد وعلاقته المباشرة مع خالقه والأخذ بمقاصد الشريعة مع الاجتهاد دوما ومجددا في استتنباطها حسب مقتضيات العصر دون العودة ضرورة إلى اتفق عليه الفقهاء في أزمن ولت والأخذ وجوبا به. فالمسلم لا يعيش على التراث التليد فحسب، وإنما ينطلق منه ليبقيه حيا، متناغما مع مستجدات العصر ومقتضيات العلم. وهو في ذلك كالتاجر النبيه الكيّس؛ وقد عرف نبينا التجارة وبرع فيها. ولا مجال لأن يكسد دين الإسلام إذا تمسكنا بتعاليمه الحقة.
فالفقه الإسلامي اليوم هو اجتهاد كان موفقا لعصر مضى؛ ولا غرو أنه كان كذلك لأنه أخذ بصفوة الدين، فأوّل تعاليمه حسب مقتضيات الزمن وحاجيات البشر، كما يقتضي ذلك ديننا وتأكّد عليه مقاصد الشريعة.
أما اليوم، فهذا الفقه لم يعد صالحا في كل تفاصيله، رغم عبقريته، وقد تطوّرت الظروف التي شرّع لها وتغيرت أحوال البشرية حسب ما اقتضته المستجدات العلمية.
والمذهل، المضحك المبكى في الآن نفسه، أن الفقهاء وأصحاب المذاهب، لذكائهم وفطنتهم وفهمهم الصحيح للدين، أكّدوا على ذلك قبل غيرهم وفي زمنهم، داعين للإجتهاد تماما كما اجتهدوا.
فماذا يفعل أهل السلفية اليوم عدا اجترار تراث من مضي وتجاهل ما كسد منه؛ هم ويريدون مع ذلك أن تكون تجارة الإسلام رابحة في سوق العقيدة ؟ إنهم على ضلال حتى في أبسط معاملاتهم؛ فما بالك بعباداتهم.
أي مثال للكسل نعطيه للعالم هكذا ونحن نكتفي بالعيش بما أورثه السلف فلا نحيي هذا التراث بالإجتهاد كما حرص عليه من سبق منا فأخذ بدين سمح فأحسن فهم روحه وزاده حسنا، بينما نشينه نحن اليوم بتكاسلنا عن الإجتهاد؟
فبما أن الإسلام يحث على الأخذ بالعلم، وأن علوم الدين هي أولا وقبل كل شيء من العلوم العقلانية، إذ حكمتها في الأخذ بمصالح البشر للعيش في هذه الدار الدنيا في أمن وسلام، فلا مجال لمواصلة التمسك بما أصبح من المتأكد النظر فيه وإعمال العقل في تأويله كما يأمر بذلك الدين ويُوجبه.
لا بد اليوم من الإجتهاد مجددا في أمور الدين واستئناف تأويلها التأويل الصحيح حتى تبقى تعاليمه صالحة لكل زمان ومكان. ولا بد في ذلك من الأخذ بما ثبت عند الغير وإن لم يكن من المسلّمات عندنا أو من البديهيات مما لم تعتده لانعدام الديمقراطية طويلا في ربوع الإسلام. ولسنا نبتدع في ذلك شيئا، إذ ليس هذا إلا العودة الضرورية إلى كونية ديننا وصلوحيته لكل البشر.
ومن المواضيع التي ثبتت فائدتها للإنسان في المنظومة الديمقراطية العالمية، والتي يتوجب حتما الأخد بها في نطاق كونية ديننا، المساواة التامة يين الأجناس والملل. فالمسلم لا يفتخر على أحد ولا يستعلي على من خالفه في الملة، إذ الفضل في الإسلام هو في التقوى، وهي من الإيمان.
والإيمان أعلى درجة من الإسلام، بما أن الإسلام هو إيمان وتوحيد بالله، فلا يختلف في ذلك مع الديانات السماوية، بل وحتى الديانات غير الكتابية، بما أن السلف عدّ منها الزرادشتية.
ومن هذه المواضيع أيضا منع عقوبة الإعدام، لأن عُظم النظم الديمقراطية آخذة بها لما فيها من احترامٍ للذات البشرية وعدم ظلمها في حالة خطأ عدلي، إذ لا شيء يضمن عدم وقوع الخطأ عند البشر؛ بل هو جبلّة فيه، وإلا لما كانت الأديان، وبخاصة الإسلام.
وطبعا هذا لا يتعارض البتة مع ديننا الذي حدّ من حالات القتل في زمن كان هو القاعدة، بل ودعا من له الحق فيه وجوبا من باب القصاص إلى الركون للعفو وحثه عليه حتى يكون الدين دوما رحمة.
ولا رحمة حقة إلا إذا تعلقت بأفضع الجرائم ولم تستثني حتي السفاحين. وبعد، لا يقبض الروح في الإسلام إلا الله، ولا صلاحية في ذلك لغيره، وإلا تأله فقبض مكان الله أرفع ما خلق الله، أي الروح!
ومن هذه المباديء الكونية التي هي من صفوة أخلاقيات الإسلام حرية الخلق والإبداع دون أن تحديد أو تقليم للملكة الفنية للإنسان، خاصة بدعوى حماية المقدسات.
ذلك لأن المقدّس في الإسلام هو ما علا وسما ففرض الإحترام بسموه ونبله، فلا شيء يطاله بتاتا أيا كانت خساسته؛ بل وخاصة إذا كبرت هذه الخساسة، إذ هي عندها لا تزيد الإسلام إلا علوا بصفة متناسبة مناسبة عكسية.
أما كل ما كان من الهراء والعربدة أو المجون، بله الفحش والإقذاع، فالإسلام لا يعبأ به لأنه من المحال أن يسقط دين الله المتعالي إلى مستواه، فهو يتجاهله ويحتقره بكل ما فيه من رفعة وسموّ وحلم.
ومن تلك المباديء أيضا تمام حرية العبد في حياته الشخصية ومشاربه ونوازعه؛ فلا موانع ولا تحديد للحرية الشخصية في الإسلام العلمي التعاليم، الكوني المباديء.
إن الثابت في الإسلام أنه ليس لأي مسلم عرف دينه، فميّز الفرق بين ما جاء به من ثورية في هذا المجال وبين ما دخله من اسرائيليات، الحق في حد حرية غيره طالما احترم هذا الغير حريته ولم يتجرأ عليها صراحة وجهارا، لا بالقول فقط بل وبالعمل والتعدي.
ففي الإسلام، لله وحده محاسبة عبده ومعاقبته إذا اقتضى الأمر وذلك بعد أن يكون مكّنه طوال حياته من فرصة التوبة والأوبة بإبقاء أبوابها دوما مفتوحا له على مصراعيها.
إن المسلم في ديننا هو المؤمن الذي يُعطي المثل في التسليم لله وقبول مشيئته في خلقه، مع دوام الإيمان بأنه رحمان رحيم أبدا بجميع خلقه، وخاصة بمن أخطأ وأفحش أو من تجاهل دينه وتنكر له، إذ لا عقاب من الله إلا بالقسطاس.
ولا عدل إذا انعدمت فرصة التوبة لمن أخطأ ما دام حيا؛ فإن جاءته المنية على ذنبه وفوّت فرصة التوبة قبل الموت حتف أنفه، فله العقاب الذي يستحق من الله الذي لا يظلم أحدا.
هذا مجرد غيض من فيض الإسلام، دين التسامح والسماحة. ولا شك أنه بالإمكان إضافة العديد من المسائل الأخري، ولكن يبقى حالها هو نفس حال التي سبقت، إذ يكفي في ذلك تصريف علمية الإسلام وكونيته فيها حتى نتبين أنها من الإسلام وأن الإسلام هو دين هذا العصر تماما كما كان دين عصره. وفي ذلك أزليته.
إن الإسلام أولا وقبل كل شيء رسالة أبدا حية متجددة دوما وللبشرية جمعاء، فلا كراهية ولا استعلاء ولا تكبر في المسلم الحق، بل هو ذلك المؤمن الآخذ بكل ما في الطباع البشرية من خير شر، من حسن وقبح، حيث السبيل الإسلامية إلى الله تبقى مفتوحة للجميع والأمل في رحمة الله وغفرانه لكل عبد بلا استثناء.
خلاصة القول أن المهم في الإسلام الحق، إسلام السلف الصالح، هو حسن النية؛ فهل حسنت نية المسلم في هذه الديار؟
إن الثورة التونسية لهي انقلاب شعب لا على الديكتاتورية السياسية فحسب، بل وأيضا على كل دكترة، ومنها خاصة تلك التي تقيّد العقول وتحّجر النهى. وطبعا، ما قال بذلك إسلامنا، إسلام التحرر من كل عبودية إلا لله؛ لأن الإسلام ثورة مستدامة على كل عبودية. وعبودية الفكر والتصرف أشد عبودية بلا أدنى شك !
لقد آن الأون لأن يتحرر المسلم اليوم من دكتاتورية الفكر الظلامي كما تحرر من الدكترة السياسية ! فليكن تجدد الإسلام الثوري على أرض تونس وعلى أيدي أبنائها البررة حتى يصبح غدا للتونسي حق الافتخار بلا منازع بكونه هذا الإنسان الكامل العلم والدين، الحر سياسيا وفكريا، مثال رجل وامرأة الغد النير للبشرية قاطبة الذي عمل ويعمل له الإسلام! وفي ذلك تحقيق مبدع خلاق لرسالة الإسلام الأبدية.
فرحات عثمان
Bonjour,
Ce genre d’article me choque plus qu’autre chose. D’ailleurs, je l’ai lu en diagonale, comme on dit. Pourquoi me choque-t-il? L’on est de plain pied dans une guerre d’interprétations et ce, paradoxalement, au nom de la “tolérance” et autres autoglorifications aussi inefficaces qu’oiseuses. Pourquoi l’Islam soufiste serait plus “vrai” (ou moin “vrai”) que l’Islam wahhabo-salafiste? Ce sont deux interprétations d’un même crédo, dont les arcanes, pour simples qu’elle soient, demeurent pour le commun des mortels de l’ordre du mystère. Donc de l’intime. Et il n’y a pas plus anti guerre que l’intime et l’intimité. Or avec toutes ces querelles d’interprétations, l’on ne fait qu’attiser le feu. Car, au fond, et pour ne parler que de ceux-là, un salafiste peut être un peu soufiste sur les bords et vice versa. Du reste, l’on peut reprocher plein de choses au(x) salafisme(s), mais aussi au(x) soufismes(s). Sectarisme, violence et compromission…Et c’est ce à quoi, au lieu de nous vendre de la réclame, devraient s’atteler les tenants des uns et des autres: à la nécessaire autrocritique dont, d’ailleurs, aurait grandement besoin toute notres société.
Cher ami,
Voici une réponse, non pas en diagonale, mais en accéléré.
*Vous dites : “je l’ai lu en diagonale” :
**Je réponds : “Pour être objectif, il faut lire dans le détail.”
*Pourquoi l’Islam soufiste serait plus “vrai” (ou moin “vrai”) que l’Islam wahhabo-salafiste? :
**Car l’islam soufi tient compte de l’esprit de la religion, de son fond, et non de sa forme.
*Ce sont deux interprétations d’un même crédo, :
**À ceci près que l’une est caricaturale, sinon fausse et l’autre plus authentique, sinon vraie.
*avec toutes ces querelles d’interprétations, l’on ne fait qu’attiser le feu :
**Bien au contraire, on cherche à l’éteindre en retrouvant le feu sacré de l’islam. Ne confondez pas ces deux feux.
*un salafiste peut être un peu soufiste sur les bords et vice versa. Du reste, l’on peut reprocher plein de choses au(x) salafisme(s), mais aussi au(x) soufismes(s). Sectarisme, violence et compromission… :
*Vous parlez du faux soufisme, celui que pratiquent les charlatans; moi, je parle du soufisme vrai, celui de Junayd, par exemple.
*Ã la nécessaire autrocritique dont, d’ailleurs, aurait grandement besoin toute notres société : **Justement, le soufisme de la Vérité appelle à pareille autocritique en en faisant même une condition de la vraie croyance. Lisez Junayd et les vrais soufis, et vous serez mieux renseigné sur le soufisme, seul vrai salafisme. Je rappelle que ce sont Ibn Hanbal et Ibn Taymia qui parlent de soufisme de la Vérité.
Bonjour,
Je vous remercie de votre réponse. Que vous soyez soufi tendance Junayd ne change rien à mon commentaire. L’on est, de nouveau, dans l’autoglorification et le déni de l’autre : le “vrai” de votre côté et le “faux” de l’autre. Pour moi, toutes les interprétations se valent. Bien sûr, votre “vrai” semble avoir plus de “valeur” par les temps qui courent et la “violence” imputée aux wahhabo-salafistes y est certainement pour quelque chose. Néanmoins, ce n’est pas un tract que l’on attend d’un intellectuel, nous disant que ce que je vous vends est meilleur que ce qui se vend en face. Dans ce cas, il fonctionne beaucoup plus comme idéologue que comme intellectuel. D’un intellectuel, spécifique ou organique, peu importe, et optant pour la sobriété de surcroît, l’on s’attend, au-delà du dénigrement de l’autre, à ce qu’il tente de le comprendre et à comprendre et analyser, sans bien sûr la justifier, sa “violence”, cette dernière n’ayant de sens que par rapport aux nombreuses “violences” qui se pratiquent en face, fussent-elles symboliques .
Vous me recommandez la lecture de Junayd. Je le lirais volontiers. Mes connaissances sont maigres au sujet du soufisme, mais je me demande si l’on a encore des traces de ses écrits. J’ai même cru comprendre, de par de rares lectures, qu’il ne nous est connu que par son disciple Qushairy et sa Risala. Je vous laisserai le soin de m’éclairer sur ce point.
Vous avez relevé un point important, à mes yeux, de mon commentaire, l’autocritique, et me dites “le soufisme de la Vérité appelle à pareille autocritique en en faisant même une condition de la vraie croyance”. J’aimerais un peu plus de précision sur cette exigence de l’autocritique dans le “soufisme de la Vérité” et sur ce qui a été fait concrètement en cette matière.
Vous avez omis un point important, à mes yeux, celui du caractère nécessairement intime de la foi. Pour moi, en effet, seul ce caractère pourrait nous prémunir contre ce que j’ai appelé la guerre d’interprétations.
Cher Monsieur,
Quand le médecin pratique son art et guérit ses malades, ce n’est pas parce qu’ils sont ses parents ou amis, mais tout simplement du fait qu’il pratique son métier avec conscience. C’est pareil pour moi, me penchant en sociologue sur les tares de notre société; et ce n’est pas que je suis soufi ou adepte de Junayd; ce que je ne suis pas, d’ailleurs.
Je ne fais donc qu’observer la société et avancer le constat qui s’impose le plus objectivement possible. Je ne fais surtout pas du dénigrement et encore moins d’autoglorification.
S’agissant de la problématique du vrai et du faux, je suis le premier à relativiser les choses et à appeler à procéder à une déconstruction radicale de tout substantialisme de nature à faire croire que la Vérité est UNE. Il suffit de lire mes autres articles ici et ailleurs.
Cependant, dans le présent article, il s’agit de discuter d’une religion qui parle de sa vérité, et donc le vrai est celui qu’elle présente comme tel. Or, je dis que ce vrai est ce qu’ont compris les soufis et non les salafis qui, en cela, font une lecture inauthentique. Donc, la question du vrai et du faux se présente par rapport à un corpus donné, le texte sacré.
Et ici, toutes les interprétations ne se valent pas, ne s’agissant que de se positionner par rapport à pareil corpus dont on violerait la substance si on en fait une lecture biaisée ou superficielle comme celle du salafisme actuel.
Si la vérité que je rappelle, comme vous le notez, semble avoir de la valeur aujourd’hui, ce n’est pas seulement pour les turpitudes d’autrui, mais c’est parce qu’elle correspond à la prétention même de notre religion, et qui est son essence même.
Pour les tracts, certes, ce n’est l’affaire des intellectuels, mais quand on lit en diagonale un article, on peut avoir l’impression qu’il s’agit de simple tract et y réduire la pensée qui y développée.
Ensuite, il ne faut pas négliger la nature même de l’article de presse qui ne peut rentrer dans les détails ni citer les sources et présenter les arguments à l’appui, comme on le ferait académiquement. Pourc cela, il faut revenir à d’autres de mes articles, par exemple sur mon blog Tunisie Nouvelle République, ou encore ici dans la série en arabe consacrée à la réforme du Lien indéfectible.
Et n’oubliez pas que même l’intellectuel n’échappe pas à l’idéologie, mais celui qui se respecte et respecte ses lecteurs sait la faire taire pour se limiter à l’analyse qu’imposent les faits, rien que les faits, mais tous les faits. Mais quand les faits vont dans un sens et amènent à le considérer comme la vérité revendiquée par une religion ou une idéologie, ce n’est pas verser dans l’idéologie que de le dire et le noter.
Maintenant, il faut aussi éviter les amalgames quand on veut être objectif, juste dans le jugement. Ainsi, quand vous parlez de la violence salafie qui se justifierait par la violence se pratiquant en face, vous sortez du cadre de mon sujet, puisque je ne parle que d’un courant soufi qui est bien paisible et n’a jamais pratiqué de violence.
Vous prenez la précaution d’ajouter “symbolique” pour la violence pour l’étendre artificiellement à votre propos, et c’est vous qui tombez alors dans le dénigrement, car à quoi correspondrait une violence symbolique? Quelle serait sa réalité? Et à supposer qu’elle existe, équivaudrait-elle vraiment à une violence physique?
Pour Junayd et le Soufisme, vous trouverez bien trace de ses écrits et de ses enseignements. Sur mon blog Spiritsime arabe, vous avec une bibliographie assez exhaustive sur le soufisme et même quelques ouvrages des plus intéressants en libre consultation.
Pour la question qui vous concerne, elle est justement abordée, entre autres principes essentiels du soufisme, par l’épitre de Quchayri. Là encore, mon blog spirite vous apportera assez d’éléments utiles que je compléterai volontiers et avec plaisir si vous le souhaitez .
S’agissant enfin du caractère intime de la foi, c’est bien sûr l’évidence même, et c’est encore par le soufisme qu’on y arrive bien plus que par le salafisme actuel, car l’islam bien compris insiste justement sur cette caractéristique essentielle de la foi véritable. Et comme vous dites, on évitera la guerre des interprétations quand on reviendra à pareille conception.
Or, aujourd’hui, on est face à une idéologie dogmatique qui veut imposer par la force sa conception de cette foi, dont elle fait un affichage, tout en se réclamant, faussement donc, de l’islam.
Il faut bien lui répondre et rectifier ses erreurs pour espérer faire avancer les choses dans le sens d’une croyance apaisée où la religion ne ferait plus l’objet d’interprétations opposées, chacun étant libre de vivre sa religion comme il l’entend, puisqu’elle relève de l’intime conviction. On en est bien loin, hélas, et c’est pour cela qu’il faut militer. Et cela s’impose même aux intellectuels, avec le devoir d’apporter l’éclairage objectif qu’il soit documenté (quand c’est possible, et ce n’est toujours pas possible en matière d’articles de presse) ou non documenté.
Bonne découverte du soufisme que je qualifie de spiritisme musulman.
Bonsoir,
“Vous prenez la précaution d’ajouter “symbolique” pour la violence pour l’étendre artificiellement à votre propos, et c’est vous qui tombez alors dans le dénigrement, car à quoi correspondrait une violence symbolique?”. Cete citation m’étonne un peu de la part d’un sociologue qui a certainement fréquenté d’autres sociologues tels Weber et…Bourdieu, le second “corrigeant” le premier sur la terrible violence de la violence symbolique, celle “légitime” de l’Etat, équivalente, sinon supérieure à la violence physique.
“Pour Junayd et le Soufisme, vous trouverez bien trace de ses écrits et de ses enseignements. Sur mon blog Spiritsime arabe”. J’ai été voir. Aucune trace de cette “trace” sur http://fothmann.blogspot.fr/search/label/Junayd. En vérité, il n’y a pas qu’en soufisme que je suis nul. En matière d’internet aussi. Alors, vous seriez gentil de m’indiquer les écrits, non pas SUR Junayd, mais DE junayd.
Je suis d’accord avec vous que “l’intellectuel n’échappe pas à l’idéologie”. Toutefois, l’intellectuel, le “vrai”, pour parler comme vous, c’est celui qui sait de manière subtile doser subjectivité et objectivité, quitte à en souffrir intérieurement. Il est, en cela, un peu comme les “vrais” soufis: il use de métaphore et lutte sans cesse pour que sa parole soit perçue, non pas comme un prêche, mais comme un enseignement dans le sens noble du terme.
Bonjour,
— S’agissant de la violence symbolique, et en vous remerciant du rappel à me mes classiques, je noterai juste que le propos était lié à ce qui précédait où il était précisé que le soufisme est, par principe, antinomique avec la violence. S’il y a violence, symbolique ou non, c’est bien du fait des salafis et non des soufis, en tout cas pas de nos jours. Car l’arbitraire d’une fausse légitimité islamique, imposée par la force morale ou physique, est l’essence même du salafisme d’aujourd’hui. Et c’est en cela qu’il est faux, et même scientifiquement faux. Vous faites donc, et à l’envers, comme celui qui s’arrête à “Malheur aux orants…”.
— Pour Junayd, il vous suffit de vous rendre sur Spiritisme arabe, vous y trouverez des incunables du soufisme, dont les lettres de ce grand maître soufi. Le lien du site est référencé sur Nawaat.
— En politique, la métaphore ne suffit pas. Notre religion — et surtout la tradition du Prophète — en est truffée, et elle échappe aux musulmans, y compris les plus perspicaces. En fait, la question est de ne pas mélanger dans le jugement, entre l’article académique et l’article de presse, notamment quand celui-ci relève du cyberactivisme. Il est alors un article de combat; et au combat, même si on va les mains nues, l’on doit parfois user d’armes. En ce qui me concerne, la seule arme utilisable est celle que je prends dans les mains de l’adversaire, s’il se comporte en ennemi; mais je ne fais alors que la retourner contre lui, et juste par défense.