Photo: REUTERS

أثارت زيارات رسمية الى ولاية جندوبة قامت بها، مؤخرا، بعض الشخصيات الرسمية، تونسية و أجنبية، غضب مراسلي وسائل إعلام وطنية و السبب التكتم عن الخبر من قبل السلطات الجهوية فكانت النتيجة عدم قدرة المراسلين المحتجين من تغطية هذه الزيارات إعلاميا و هو ما اعتبروه اقصاء لهم و انتهاك لحرية ممارسة العمل الصحفي.

و لم يترك إعلاميو الجهة المعنيون بالامر هذا الاقصاء يمر دون احتجاج فأصدروا بيانا يوم 8 أفريل الجاري ردا على عدم إشعارهم بزيارة وزير الشؤون الدينية للجهة و في مناسبة أخرى زيارة سفير النوايا الحسنة لدى منظمة “الفاو”.

تكتم السلطة الجهوية في هذا الشأن، أثار حفيظة الإعلاميين الذين نددوا بهذا الأسلوب الإقصائي و الإنتقائي منبهين إلى خطورته و انتهاكه الصارخ لحرية الإعلام و حق المواطنين في المعلومة. و عن تهمة التعامل بأسلوب إنتقائي مع وسائل الإعلام من قبل المسؤولين الجهويين قال رئيس جمعية الصحافة بجندوبة، رشيد القروي: “الدعوة وجهت إلى وسائل الإعلام الحكومية مثل القناة الوطنية الأولى و إلى المعروفين بولاءهم مقابل تجاهل وسائل الإعلام الخاصة التي يمكن أن تحرج بأسئلتها الضيوف”

و من الأطراف الممضية على البيان الإحتجاجي مراسلي كل من راديو كلمة، قناة الحوار التونسي، راديو شمس أف أم، راديو موزاييك، راديو جوهرة، جريدة الصباح، جريدة التونسية، جريدة الشروق، جريدة اخر خبر، و راديو الشعانبي أف أم.

و صرح رئيس جمعية الصحافة بجندوبة أن “مسؤولي الولاية يتولون إعلام المراسلين بأنشطتهم فقط عندما تكون التغطية الإعلامية من شأنها أن تخدم الطرف الرسمي و تقوم بالدعاية اللازمة له”.

و أكد الصحافيون، في بيانهم، أن ما أتت عليه السلطات الجهوية و المحلية يندرج ضمن منهج مخالف للمراسيم المنظمة للعمل الصحفي و لكل مبادئ حرية الإعلام و حق المواطن في المعلومة و في النفاذ إليها. كما أكدوا من خلال تحركهم على تمسكهم بدورهم الإعلامي و حقهم في المعلومة و واجبهم في إيصالها إلى الرأي العام.

و قد تضمن البيان موقفا حادا من الإعلاميين المحتجين تمثل في إعلانهم عن مقاطعة كل الأنشطة الجهوية و المحلية الرسمية أي كل الأنشطة التي تخص السلطة، في مرحلة أولى، كما هدد الإعلاميون أنه في حال تواصل سياسة التجاهل و حجب المعلومة عن وسائل الإعلام فإنهم سوف يقاطعون، في مرحلة ثانية، كل الأنشطة الجهوية بما فيها التحركات الشعبية.

أما من جهتها اثرت السلطات الجهوية هذه المرة عدم تجاهل ردة فعل الإعلاميين، حيث اجتمع بهم الوالي سمير رويهم في مكتبه لمعالجة المسألة و الإستماع إلى مطالبهم، و كذلك أصدرت دائرة الإعلام و الندوات بيانا توضيحيا بإسم الوالي، يوم 11 أفريل، ردا على البيان الاحتجاجي لمراسلي الجهة لتوضيح كل المسائل التي أثارت حفيظة الإعلامييين و للرد عن اتهام الولاية بممارسات لاقانونية في تعاملها مع وسائل الإعلام.

و نفى البيان نية أي طرف بالولاية في حجب معلومة أو التكتم على نشاط، كما جاء في اتهام الإعلاميين، مؤكد على احترام مسؤولي الولاية للحق في النفاذ إلى المعلومة بإعتباره حق تضمنه مواثيق و قوانين البلاد، كما أكد على إهتمام الولاية “بتسهيل عمل ممثلي وسائل الإعلام بالجهة و الإتصال بهم لإعلامهم بالمستجدات و الأنشطة و هو ما جرى به العمل عند زيارة وزير الشؤون الدينية. أما في ما يخص زيارة سفير النوايا الحسنة لدى منظمة “الفاو” قال البيان “أن وسائل الإعلام التي غطت الزيارة قد دعيت من طرف المنظمة المذكورة” و كانت مرافقة للسفير في زيارته.

و في ختام البيان كرر الوالي إيمان السلطات الجهوية بدور الإعلام كأحد الأطراف المساهمة في تنمية الجهة. و في هذا السياق قال مراسل قناة الحوار التونسي و راديو كلمة مولدي الزوابي أن: “الوالي خلال اجتماعنا معه على هامش الوقفة الإحتجاجية التي نفذناها امام مقر الولاية تعهد بتكليف دائرة الإعلام و الندوات بإعلامنا يوميا عن طريق البريد الإلكتروني بالأنشطة و المستجدات في جندوبة”

و أضاف مولدي الزوابي في تعقيبه على موقف والي جندوبة “هي سابقة في تاريخ جندوبة، لأول مرة تتفاعل السلطة الجهوية خاصة في شخص الوالي بشكل إيجابي مع تحرك ما، طبعا هذا بغض النظر عن محتوى البيان الذي أصدروه و ما يتضمنه من بعض المغالطات للرأي العام.”

ردة فعل فعل الوالي امتصت غضب صحافيي جندوبة فقرروا على اثر اجتماعهم به التخلي عن قرارهم بمقاطعة أنشطة السلطات الجهوية و المحلية، و واصلوا نشاطهم من أجل تبليغ رسالتهم الإعلامية برضا لا نعلم بعد إن كان نسبيا كحال كل شيء في بلادنا مؤخرا أم هو رضا دائم انخراطا في نظرة تفائل نلتمسها.

بيان احتجاجي من مراسلين غاضبين من تصرف اقصائي لسلطة جهوية يليه بيان توضيحي من هذه الأخيرة تفسر فيه موقفها و تبرأ نفسها من كل التهم الموجهة إليها ليختفي كل الإحتجاج و ردود الفعل السلبية في جو من الوفاق و التفاهم، أمام ما حصل ليس لنا إلا أن نأمل أن يترسخ هذا كتقليد جديد يكرس أساليب تعامل جديدة بين السلطة و الإعلام.