syrie-manif-jihad
 

أثارت المقابلة التي أجريت مع الجهادي التونسي “أبو طلحة” الذي قاتل في سوريا ردوداً مختلفة بين السوريين كما التونسيين,

فقد بادر بعض الناشطين السوريين بتصحيح بعض المعلومات التي وردت في المقابلة على لسانه, وبعضهم بدأ الحديث عن موضوع المقاتلين الأجانب في سوريا ككل وتحليل دوافعهم والمشروع الذي يقف خلفهم.

فهم في مكان ما بين الدوافع الإنسانية النبيلة كم يصفهم البعض, وبين مشروع العمالة المرتبط بأجندات خارجية كما يصفهم البعض الآخر.

رامز س وهو شاب ناشط من مدينة دمشق علق على المقابلة بأنها “هامة لإعطاء صورة متوازنة توضح الضبابية و التخويف الحاصل من وضع المقاتلين غير السوريين”.

فهو يرى أن هناك تضخيماً إعلامياً لحجم المقاتلين الأجانب وأن هناك معركة أهم علينا التركيز عليها وهي معركتنا مع النظام الذي يتسبب في قتل المئات كل يوم من السوريين.

“لا نريد مقاتلين ولا ننتظر عوناً بشرياً من أحد, كل ما نحتاجه هو السلاح, أما المقاتلون, فأعدادنا كبيرة ومن ينتظرون دورهم أكثر. في لوائنا 1400 مقاتل وهناك أكثر من 1000 على قوائم الانتظار.. كل ما يحتاجونه هو توفر السلاح للانضمام إلينا. المقاتلون الأجانب يتلقون الدعم من جهات خارجية وكلنا نعرف هذا, مما يخلق اختلافاً في الولاء والتبعيات. في نفس الوقت, هناك العديد من الكتائب والألوية المستقلة التي لا تتلقى الدعم من أي جهة خارجية وإنما من عائلات كبيرة وتجار سوريين. هناك الكثير من الأمور التي لايستطيع مقاتل واحد أجنبي عن سوريا أن يراها, والدليل على ذلك أنه يرى مشكلتنا في عدد الرجال بقوله “لو أن هناك 12000 تونسي على الأرض لتحررت سوريا” وإنما مشكلتنا في السلاح ونوعيته وليس عدد المقاتلين.

لم أر أياً منهم, لذا لا أستطيع الإجابة بدقة لكني أجزم أن من يمولهم يقصد تشويه الثورة.. فكر قليلاً لترى أن المستفيد الوحيد من وجود المقاتلين الأجانب في سوريا هو النظام. كيف؟ من خلالهم يستطيع النظام تبرير جرائمه للرأي العام العربي والعالمي بأنه يحارب الإرهابيين وتنظيم القاعدة, ما هي العمليات التي قامت بها جبهة النصرة وتصب في مصلحة الثورة؟ لاشيء, كله مبطن يخدم النظام. أضف إلى ذلك أنني منذ عام أسمع عن وجود جبهة النصرة في ريف دمشق, لماذا لم أرهم رغم أنني على اتصال مباشر بقادة المقاومة المسلحة في الريف؟” صبحي أ, ناشط و مقاتل في المقاومة المسلحة في ريف دمشق.

فادي زيدان, ناشط ومصور يعمل لوكالة AP ورافق الجيش الحر في كثير من الأوقات, أكد أن أعداد الأجانب التي يتم التحدث عنها غير صحيحة البتة, فأعدادهم لا تتجاوز بضع مئات يتركزون بشكل أساسي في الشمال السوري في محافظتي حلب وأدلب مع عدم وجود إحصائيات أو أرقام دقيقة.

من جهة ثانية, يتناول الناشط علي الحمصي وهو ناشط في مجال الإغاثة في منطقة الريف الشرقي لحمص المقابلة من زاوية أخرى: “أبو طلحة برر ذهابه إلى سوريا “للجهاد” على حد تعبيره بأن الجهاد شرعاً هو بالنفس والمال, لذا جاهد بنفسه لعدم توفر المال, فمن أين توفر له أن يدفع تذكرة الطائرة ومصاريفه لخمسة أشهر في الداخل السوري؟ وإذا قدرنا التذكرة مع المصاريف في الحدود الدنيا فإننا نجدها أكثر من 1000 دولار, وإذا افترضنا أن 1000 تونسي ذهبوا “للجهاد” في سوريا فبحسبة بسيطة نجد أنه لو لم يذهب الشباب التونسي إلى سوريا وتبرعوا بمصاريفهم لكانوا وفروا ما يعادل مليون دولار بإمكانها ان توفر حصصاً غذائية كافية لإطعام 38,400 عائلة لمدة شهر في الداخل السوري, أو تكفي لشراء 250,000 رصاصة قد تمكن المقاومة المسلحة من الصمود في قرية ما زمناً”.

“دافعوا عنا حين خذلنا العالم, قاموا بحمايتنا وأمدونا بالمساعدات التي نحتاجها, هم شباب طيبون ويخافون الله” أذكر هذه الجملة جيداً من أحد الفلاحين من قرية في ريف إدلب والذي لجأ إلى الأردن مع عائلته الصيف الماضي حين سألته عن الكتائب الإسلامية ودورها على الأرض.

“من قال لهم أننا نريد دولة إسلامية؟ ألم يسمعوا هتافنا منذ بداية الثورة؟ لماذا يقومون بتدنيس علم الاستقلال الذي استشهد تحته آلاف الشهداء ويرفعون علم القاعدة بدلاُ منه؟ أفغانستان تتسع لهم جميعاً.. أما سوريا, فهي لكل السوريين, وثورتنا لبناء دولة حرة مدنية ديمقراطية.. لا نريد أن ننتهي من دكتاتور لنبتلي بآخر” ريما ع, ناشطة في تجمع مدني بحمص.

أسئلة ريما منطقية وتتبادر في أذهان الكثيرين من سكان وناشطي المناطق المحررة, فقد قام عناصر من جبهة النصرة عدة مرات بالاعتداء على الناشطين المدنيين في عدة اماكن كبستان الباشا في حلب وتنديس علم الثورة ورفع علم القاعدة الأسود مكانه واعتقال ناشطين عارضوا هذه التصرفات كاعتقال الناشط وائل ابراهيم والاعتداء عليه بالضرب.

وقد شهدت العديد من القرى والبلدات المحررة تظاهرات عدة تندد بممارسات هذه الكتائب كما في الرقة وحلب وحريتان والحسكة وحاس وكفرنبل, كما قامت لجان التنسيق المحلية التي تعد من أكبر التجمعات الثورية للناشطين بإطلاق حملة “علم الثورة يمثلني” وذلك بعد انتشار رفع علم القاعدة الأسود من قبل الكتائب الاسلامية.

أبو محمد, أحد أهالي مدينة القريتين في ريف حمص انتقد وبشدة وجود هذه التجمعات المسلحة في قلب المدن والبلدات: “لا يوجد أي مبرر لوجودهم داخل المدن, لقد تحرك الشعب لمطالب عادلة يأخذها من الحكومة وليس ليأتي بمسلحين لايقلون فساداً عن جنود الأسد, الحرية لا تؤخذ هكذا.. هذه فوضى وليست حرية, جميعهم مرتبطون بأجهزة خارجية, وإلا فلماذا يريدون تدمير البلد وكل ما له علاقة بالدولة؟ ألم نقم بدفع كل مليم من جيوبنا ثمناً لهذه الطائرات والاسلحة؟ هل جميع من هم في الجيش النظامي قتلة ومجرمون؟ هؤلاء المتأسلمين نراهم ونعرفهم.. يتسترون باسم الدين والثورة.. الآن يركبون سيارات الدفع الرباعي ويتكلمون بملايين الأموال.. قبل الثورة كان حلم عائلاتهم امتلاك دراجة هوائية!”

لايستطيع أحد أن ينكر أن هناك انقساماً في الأوساط السورية الثورية حول موضوع الأجانب من ناحية مشروعهم وتمويلهم وممارساتهم على الأرض, فمنهم من يرى أنهم حرروا بلدات ودافعو عن أهلها وقدموا المساعدات لهم وأن المعركة الأساسية هي مع النظام الأسدي الذي يقتل كل يوم مئات السوريين, ومنهم من يرى أنهم إنما أتوا لينفذوا مشروعاً سياسياً, جزء منه هو انتهاك الحريات العامة والفردية الذي يحدث أحياناً ولا يتوقف عند هذا الحد. ولا يستطيع أحد أن ينكر أيضاً التململ والرفض الشعبي من ممارسات هذه الكتائب الذي أصبح واضحاً للعيان.