بين أروقة الطابق السابع أين يرقد المصابون كان لنا حديث مع العريف أول حسان الجبالي من طلائع الحرس الوطني بالعوينة و الذي أصيب على مستوى عينيه و يديه على اثر انفجار لغم أدى الى اصابة صديقه على مستوى ساقه مما أدى الى بترها ,كما أصابت شظايا نفس هذا اللغم محدثنا.

هذا و قد أجرينا مع حسان الجبالي الحوار التالي :

تنقلنا اثر ذلك من قسم العيون الى قسم الكسور و جراحة العظام أين التقينا بوسيم الولهاني, و بعد جهد جهيد قبل التحدث الينا دون كاميرا و يبدو أن هناك تعليمات في اطار السر المهني لهؤلاء الأعوان وواجب التحفظ بعدم التصريح لوسائل الاعلام على ما يبدو, كما أنهم يستنكرون تعامل بعض الصحفيين مع قضيتهم.

وسيم يقول بأنه لو حصل ووجد نفسه مرة أخرى في نفس الموقف و الظروف التي أصيب على اثرها فانه لن يفكر و لن يتراجع لحظة في الدفاع عن هذا الوطن العزيز. و أضاف قائلا : “اللي صار صار …” كما أنه لا يحمل المسؤولية فيما حصل لأي كان و لاي جهة من الجهات .
وسيم الولهاني أكّد بأن أعوان الحرس الوطني في الشعانبي و غيرهم لا ينتظرون جزاءا و لا شكورا على حد تعبيره و أن البلاد التونسية أمانة في أيدي الجميع دون استثاء. هذا و قد وجّه صحبة زملائه من أعوان الحرس الذين قدموا لزيارته نداءا لوزارة الداخلية قصد توفير التجهيزات اللازمة و الظروف المادية و المعنوية المعقولة كي يتمكنوا من انجاز مهماتهم على أحسن وجه و أن يقوموا أيضا بابعادهم عن دائرة الصراع و التجاذبات السياسية.

التقينا أيضا مصدرا عسكريا رفيع المستوى رفض الافصاح عن هويته و تحدثنا بعيدا عن أعين الموجودين في كنف السرية بالحاح منه عن قضية التعليمات باطلاق النار من عدمه. استنكر محدثنا تصريحات وزير حقوق الانسان و العدالة الانتقالية سمير ديلو اليوم على أمواج اذاعة موزاييك اف ام (بعد أن قمنا باطلاعه على فحواها), و التي قال فيها الوزير بأن “الإرادة السياسية متوفرة للتصدي للإرهاب و القوانين في هذا الشأن صارمة وواضحة و قرار إطلاق النار لا يعود للحكومة أو لوزير الداخلية و إنما لقادة الجيش و الأمن الميدانيون…” محدّثنا
عقّب على هذه التصريحات موضّحا أن نتيجة اشكاليّة التعليمات تضع الأمني أو الجندي بين المطرقة و السندان فاما أن ينتظر التعليمات باطلاق النار و أثناء ذلك يقتل برصاص الارهابيين الذين لا ينتظرون التعليمات أو أيضا يتمكنون من الهرب أو أن يتخذ قراره باطلاق النار و يتحمّل اثر ذلك المسؤولية و تتم مساءلته من قبل وزارة الاشراف , و كي تبدو الصورة واضحة للعيان يقول محدثنا : “تخيلوا لو انتصرت ثورة هؤلاء الارهابيين و تمكنت جماعاتهم من اقامة امارتهم المنشودة فهل ستتم محاكمتنا على أساس أننا قتلنا الثوار و المجاهدين ؟”.

اليوم تتضارب التصريحات الرسمية و تختلف بين هذا و ذاك و لكننا نتوق الى وضع النقاط على الحروف. فهل سنضحي بأبنائنا من الأمنيين أمام تنامي الخطر الارهابي الداهم و هل من استراتيجية و واضحة و قوانين صارمة من شأنها أن تحمي جنودنا و أمنيينا في مثل هذه الجبهات على غرار جبهة الشعانبي بأن نوفر لهم مزيدا من التجهيزات و المعدات لتفادي حصول خسائر بشرية في صفوفهم؟

على كل , تبقى هذه الأسئلة جميعها في انتظار اجابات شافية و ضافية و قرارات عملية استعجالية .

في نفس الطابق السابع واصلنا جولتنا أين يرقد كل من بسام بالحاج يحيى و الذي بترت ساقه و أصيبت الأخرى بشظايا و الذي رفض التحدث الينا و أفادنا شقيقه بكون معنوياته مهتزّة على اثر الاصابة و أنه منزعج من زيارات السياسيين المتواترة و باقات الورد التي تحمل أسماء أحزابهم فيا حبذا لو قدموا كمواطنين عاديين لمؤازرته في محنته دون توظيف سياسي على حد تعبير شقيقه.
هذا و قد رفض علاء الشارني الذي يرقد الى جانبه في نفس الغرفة التحدث الينا و المصاب أيضا على مستوى ساقه جراء انفجار لغم بدعوى التعب.

العسكريون في المستشفى العسكري كانوا متيقظين لوسائل الاعلام و الانتباه كان على أشده لحضور الاعلاميين و لو أننا قمنا بالدخول و التصوير دون الحصول على تصريح مسبق من وزارة الدفاع الا أن دوافعنا نبيلة و هي مؤازرة هؤلاء الأبطال الذين أصيبوا غدرا بينما كانوا يقومون بحماية سلامة تراب وطننا العزيز و ايصال أصواتهم كما هي دون تزييف أو تزويق .
يذكر أنه تم منعنا من مواصلة العمل و انزالنا من طرف أعوان و جنود مكتب اليقظة بالمستشفى العسكري بمونفلوري أين تم حجز الكاميرا في مرحلة أولى و من ثم ارجاعها بتدخل من مدير المستشفى العسكري شخصيا و التنبيه علينا بعدم معاودة الكرة و الاتجاه الى وزارة الاشراف للحصول على ترخيص مسبق بالتصوير.