بقلم حمدى كريّم،
لعل جميع التونسيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم يعتبرون ان الهيئة التي ستشرف على اجراء الانتخابات القادمة تحتل اهمية كبيرة خلال هذه المرحلة الثانية من مسار الانتقال الديمقراطي الذي من المفروض ان البلاد تخوضه و الذي سيتوج بالانتهاء من صياغة الدستور واجراء الانتخابات النيابية وربما الرئاسية. وهذه الاهمية تختلف لدى مختلف الاطراف، فهناك من يرى ان هذه الهيئة ستكون اول ضامن لاستمرار المسار الديمقراطي في هذه المرحلة المتميزة بغياب عديد الاليات التي تساهم في ضمان الديمقراطية، وهناك من يرى ان هذه الهيئة هي الاداة التي يجب ان تكون ضامنا لاستمرار الحكم الحالي.
مع بدء مشاريع القوانين ومختلف المقترحات لمشروع قانون ينظم الهيئة المزمع احداثها سال الكثير من الحبر حول استقلالية هذه الهيئة والسبل الضامنة لهذه الاستقلالية وكثر اللغط والاتهامات المتبادلة حول مدى استقلالية الهيئة المستقبلية. و لن اخوض في الموضوع بحكم انه منتهي بطبيعته بالمصادقة على القانون المنظم للهيئة، وكان للجانب المتمثل في كيفية اختيار اعضائها القدر الاكبر في النقاشات والانتقادات وخاصة الشكوك و المخاوف بخصوص هيمنة طرف معين على اعمال لجنة فرز الترشحات للهيئة. ثم و على اثر فتح باب الترشحات ازدادت الشكوك حول الموضوع وخاصة بعد ما تم الاعلان عن التمديد في الاجال المخصصة لقبول الترشحات بتعلة ان عدد المفات الواردة ضئيل جدا وهنا يمككني الجزم بأن هذه الذريعة لا مجال لها من الصحة، وهنا كانت بداية الصدمة بالنسبة لي و بداية تحول شكوكي الى نوع من اليقين، اذ من غير المعقول ان يتم التصريح بأن عدد المطالب الواردة في الاجال ضئيل جدا بينما وقع ترك الملفات في الانتظار في مكتب البريد، فمن غير المعقول ان اكون قد اودعت ملفي يوم 28 فيفري ولا يقع تسلمه الا يوم 6 مارس من طرف المجلس، اي بعدما تم التصريح بان عدد المطالب الواردة ضئيل و بعد ان تم التمديد في الاجال.
ثم انه من قواعد التنافس النزيه ان يتم تمتيع كل المترشحين بنفس الحظوظ على قدم المساواة، ومن قواعد التنافس النزيه و الذي يعرفها جميع رجال القانون والمحامين خاصة الذين يمثلون نسبة35 في المائة من اعضاء المجلس انه لا يمكن التمديد في الاجال بعد انقضاءها لان في ذلك امتيازا لاشخاص على حساب اخرين. فمن غير المعقول ان يبذل شخصا مجهودا اضافيا لتجهيز ملفه في الاجال ثم يعامل نفس المعاملة مع من تمتع باجال اضافية، هذه النقطة وان كانت جانبية الا انه وجب الرجوع اليها خاصة ان الشكوك تحوم حول مدى صحة القول بان عدد الملفات الواردة في الاجال الاولى ضئيل جدا.
على اثر مرحلة قبول مطالب الترشحات كانا لموعد مع الحدث الذي اسال الكثير من الحبر والمتمثل في رفض حضور ممثلي منظمات المجتمع المدني اشغال لجنة فرز الترشحات، و لجنة الفرز كما يعلم الجميع تشكلت على اساس التمثيلية النسبية مثل باقي لجان المجلس اي بنائب عن كل عشرة نواب مما يعطي لجنة يسيطر عليها ممثلي حزب النهضة ب 9 اعضاء من جملة 22، وهذا الحادث لا يمكن الا ان يزيد في تؤكد شكوك الجميع حول عمل هذه اللجنة.
1- في باب الشكوك:
بعد ان تم الاعلان عن قائمة المقبولين والمرفوضين من ناحية الشكل (توفر الوثائق الضرورية) و المضمون (توفر الشروط القانونية) وبعد ان تم فتح باب الاعتراض بالنسبة للمرفوضين تواصلت اعمال اللجنة التي توجب بالاعلان يوم الثلاثاء 7 ماي عن قائمة قيل انها اولية للمترشحين المقبولين في انتظار الاعلان يوم الجمعة العاشر من ماي عن قائمة نهائية للمترشحين الذين سيتم دعوتهم لجلسة استماع. بالاطلاع على القائمة الوقتية لم اجد اسمي فيه افحاولت الاتصال بالبعض من النواب اعضاء اللجنة، وقد استفسرت عن الاجراءات اللاحقة و بالخصوص حول نشر القائمة الكاملة للمترشحين مرتبين حسب الاعداد المتحصلين عليها، وه نا كانت الصدمة الحقيقية اذ علمت اولا انه سيقع نشر فقط قائمة المترشحين الذين سيتم دعوتهم للاستماع اليهم، ثم انه لن يقع نشر الترتيب التفاضلي حسب الاعداد المتحصل عليها، مع العلم انه لن يكون هناك مجال للطعن او للاعتراض مثلما تم خلال المرحلة الاولى، وهنا عديد التساؤلات تطرح نفسها:
1- لماذا لا يتم نشر القائمة كاملة والاعداد المتحصل عليها، اذ انه من منطلق الشفافية ان تقوم اللجنة، و مثلما فعلت في المرحلة الاولى، من نشر قائمة المقبولين و المرفوضين مع اسباب الرفض، فانه وجب ان يقع نشر القائمة كاملة بالترتيب التفاضلي لجميع المترشحين و بيان من سيقع دعوتهم،
2- خلال المرحلة الاولى تم تمكين المترشحين المرفوضين من امكانية الاعتراض، بينما لم يتم خلال هذه المرحلة تمكين المترشحين من الاعتراض اوحتى طلب استفسارات،
3- كان من المقرر ان يقع نشر قائمة المترشحين المقبولين لجلسة الاستماع مع الاعداد التي تحصلوا عليها و لكنه تم نشر قائمة اسماء بدون ذكرالاعداد المتحصل عليها ولا الترتيب التفاضلي، الا يفتح ذلك ابواب الشك حول مدى مصداقية الاختيارات و عدم خضوعها للولاءات الحزبية،
4- كان من المفروض ان تشمل القائمة النهائية 108 شخصا اي انه سيقع اختيار 12 مترشحا عن كل صنف، و بالنظر الى انه في صنف القاضي الاداري لم يصل سوى 9 مطالب فالمفروض ان تحتوي القائمة على 104 اسما وليس فقط 101 اسما، هذا الامر وان يكن شكليا الا انه فيه تجاوز للاجراءات التي حددتها اللجنة بنفسها فكان من باب احرى ان تلتزم هذه اللجنة بالاجراءات لا ان تتصرف فيها، وان كان التبرير هو مبدا التناصف فهو تبرير ساقط كما سيقع تبيانه لاحقا.
2- في باب اليقين:
على اثر صدور القائمة الاولية قمت بعدد من المساعي التي تمكنت من خلالها من الوصول الى الحقيقة الصادمة و المتمثلة في انا للجنة لم تعتمد الترتيب التفاضلي للمترشحين، اذ تمكنت من الحصول على القائمة الوقتية للمترشحين في الاختصاص الذي ترشحت فيه الا وهو اختصاص النظم والسلامة المعلوماتية وهذه اهم الاستنتاجات :
1- باحتساب عدد النقاط فان المترشح الحاصل على اكبر عدد من النقاط قد تحصل على 26 نقطة، بينما انا شخصيا من المفروض ان أحصل على 28 نقطة.
2- من جملة التسع المترشحين الذين تم اختيارهم هناك فقط 4 ممن لهم خبرة في الانتخابات و تتمثل خبرتهم في انهم شاركوا كملاحظين او مراقبين، بينما كنت انا عضو الهيئة الفرعية لانتخابات 23 اكتوبر بدائرة تونس 1.
3- في الاناث تحتوي القائمة الاولية على 4 مترشحات بينما في القائمة النهائية نجد فقط 3 مترشحات ولا ندري لما تم اسقاط المترشحة الرابعة. فإذا كانت اللجنة تبحث عن التناصف مع العلم ان المترشحة التي تم اسقاطها تحصلت على عدد من النقاط أكبر من أخرمترشحة.
[…] Source Nawaat Autheur: Vos Contributions […]