ورغم الاحتجاجات المتكررة لمنظمات المجتمع المدني ومهنيي قطاع الإعلام، خصوصاً منهم موظفو إذاعة تطاوين، مازالت الحكومة تواصل منذ وصولها إلى السلطة سياسة التعيينات التعسفية على رأس مؤسسات الإعلام العمومي. وفي رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء علي العريض، بتاريخ 22 أغسطس/آب الماضي، طالبت المنظمة السلطات إلى التراجع عن قرار تعيين مدراء جدد على رأس الإذاعة الوطنية، والإذاعة الثقافية، وإذاعة الشباب، وإذاعة قفصة، وإذاعة تطاوين، وهي تعيينات تتعارض مع القانون التونسي وتُعتبر خرقاً للمبدأ الديمقراطي لاستقلالية المؤسسات الإعلامية العمومية. كما شجعت منظمة مراسلون بلا حدود في نفس الرسالة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بمراجعة التعيينات التي اتُخِذت قبل تأسيسها، في احترام تام للقانون.
وإضافة إلى كون هذه التعيينات تُعتبر غير قانونية، فإن لها تأثيراً واضحاً على الخط التحريري لهذه المؤسسات الإعلامية. ولا أدلّ على ذلك من دوريتين داخليتين، مؤرختين يومي 15 و20 أغسطس/آب، وموجهتين من طرف إدارة الإذاعة الوطنية إلى الصحفيين. ويظهر من خلال هاتين الوثيقتين، اللتين نشرتهما صحيفة “لو كوريي دو لاطلاس” (مراسلة الأطلس) أن إدارة المؤسسة تطالب جميع المنشطين والمنتجين بضرورة “تقديم دليل الحصة إلى الإدارة 24 ساعة قبل البث المباشر“، كما تدعو الصحفيين إلى “عدم بث الأخبار التي من شأنها أن تهدد الأمن العام والسلم الاجتماعي“.
ويوم 31 يوليو/تموز الماضي، قرر الرئيس المدير العام لهيئة الإذاعة التونسية محمد المؤدب وقف البرنامج الحواري الذي تقدمه سعيدة الزغبي لتطرقه إلى موضوع المواجهات بين الجيش والإسلاميين في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر.
وقد ازدادت هذه التدخلات في حرية الصحافة حدة في غياب قانون داخلي ينظم هيئة الإذاعة التونسية. وعليه، أصبح من اللازم على هذه المؤسسة العمومية أن تقوم بصياغة قانون داخلي يتماشى مع المقاييس الدولية.
وفي هذا السياق، تقول منظمة مراسلون بلا حدود: “إن إجمالي هذه القرارات، سواء تعلق الأمر بالتعيينات أم بالتدخل في الخط التحريري أم وقف البرامج، يُظهر إلى أي حد تسعى السلطات إلى السيطرة على وسائل الإعلام العمومية وتحويلها إلى مؤسسات تبث النشرات الرسمية للحكومة فحسب. لقد أصبحت استقلالية المؤسسات الإعلامية العمومية، التي تُعتبر عِماد أي نظام ديمقراطي، مهزلة على يد السلطات التونسية“.
iThere are no comments
Add yours