بقلم محمد سميح الباجي عكاز،
لطالما قسّمت البلاد إلى أهل حواضر و أهل ريف … إلى “بلديّة” و «نازحين”… لطالما قسّمت البلاد إلى عاصمة و ضواحي … إلى ساحل و داخل … حتّى كانت أحداث 14 جانفي التّي أثبتت أنّ مسألة التفاوت الجهويّ هي قنبلة موقوتة قد تنسف في أيّ لحظة محاولات إرساء الاستقرار، فكانت كلّ الجهود و الاقتراحات تهدف إلى الحدّ من هذا التفاوت ومحاولة اصلاح وضعيّة شائكة هي حصيلة تراكمات عشرات السنين.
تظلّ مسألة الخلافات السياسيّة التّي نعيشها اليوم و مهما بلغت ضراوتها أقلّ خطورة مقارنة بمشكلة الجهويّات أو التمييز بين أبناء المجتمع الواحد من أهل المدن و أهل الأرياف و الضواحي وهو ما يتطلّب لا فقط تغييرا سياسيّا، بل و تغييرا ثقافيا شاملا و النهوض بمستوى الوعي الجماعيّ.
إنّ مشكلة أهل الريف و ما يعانونه من تجاهل و تهميش، نابعة من سياسة رسميّة بدأها الاستعمار وانتهجتها الحكومات اللاحقة، فكرّست تخلّفهم الاقتصاديّ بحرمانهم من مخصّصات عادلة للتنمية في جميع المجالات سواء في البنية التحتيّة أو التعليم أو تطوير وسائل الإنتاج أو خلق الاستثمارات … و ظلّت المناطق الريفيّة مجرّد خزّان للموارد الطبيعيّة دون الالتفات إلى حاجيّات أهلها.
الهوّة التنموية
استقطب الشريط الساحلي منذ ستينات القرن الماضي ما يقارب 75% من الاستثمارات العمومية وما يزيد عن 80 % من الاستثمارات الخاصة، كما أن مستوى الإنفاق الأسري يعتبر من أعلى المستويات خاصة بالعاصمة والوسط الشرقي ثم في مرتبة ثانية نجد الشمال الشرقي والجنوب الشرقي، كما نجد في هذه المناطق أهم المدن وأكثرها تطورا وإشعاعا وتركزا للثروات سواء على مستوى المؤسسات والإنتاج أو على مستوى الأفراد والاستهلاك وما يزيد عن 80 % من المؤسّسات الصناعيّة و الخدماتيّة الكبرى. هو ما ينعكس ايجابيّا على سوق الشغل و يسهم في الحدّ من نسبة البطالة في تلك المناطق وانتشار السكن البدائي.
كانت تلك صورة مشرقة لجزء من تونس، أمّا بالغوص غربا، فسنبدأ بفهم مدى التفاوت الحّاد بين فئتين من النّاس يتقاسمون وطنا واحدا. فالشريط الغربيّ يضم ما يناهز ثلث السكان (%31.48) حسب التعداد الأخير في جويلية 2012.
هذه المناطق شهدت في هجرة 39% من الذين غادروا ولاياتهم بين 1999-2004 نظرا لثقل حجم البطالة (36 % سنة 2004 من العاطلين عن العمل) والأمية (41,1 %) والفقر (51.7 % من مجموع الأسر المعوزة سنة 2002) وكذلك المستوى التعليمي حيث لا يتجاوز نصيب المنطقة 18.5 % من مجموع حاملي الشهادات الجامعية سنة 2004.
وإذ تعتبر الهجرة من أهم المؤشرات التي تعكس مدى قدرة منطقة ما على شد سكانها، فإن المناطق الداخلية تعتبر مناطق منفرة إذ نلاحظ تفاقم الحصيلة الهجرية السلبية حيث مرت من 63421 إلى 108025 مهاجر بين 1989 و 2004، فالمناطق الداخلية عموما كانت وجهة 14.4% من المهاجرين بين الولايات في الفترة 1999-2004 لكنها صدّرت في الآن ذاته 38.9% منهم، وهو ما يبرز بوضوح الفارق.
كما أنّ الأنشطة الاقتصاديّة بالمناطق الداخلية بقيت تقليدية تعتمد أساسا على الفلاحة الممتدة حيث تمثل اليد العاملة الفلاحية 30.3% مقابل 16.1% كمعدّل وطني في الوقت الذي نجد فيه الأنشطة الصناعية محدودة جدا ولا تشغل سوى 7.7% من اليد العاملة مقابل 19.4% في مجمل البلاد.
صفارات الإنذار
إن هذا التقسيم المرعب الذّي تعاني منه البلاد منذ عقود، صار خطرا حقيقيّا يهدّد حالة السلم الاجتماعيّ و ينسف أيّ محاولة لإعادة البناء إذا لم تشمل رفع الضيم عن هذه المناطق.
وقد شهدت البلاد العديد من التحرّكات التّي اندلعت في المناطق الداخليّة و تسبّبت في إراقة الدماء و كادت تدخل البلاد في أتون فوضى عارمة تأتي على الأخضر و اليابس، بدأت منذ السبعينات في قفصة و التسعينات في سليانة، مرورا بانتفاضة الحوض المنجميّ سنة 2008 وصولا إلى 14 جانفي 2011 التّي لم تهدأ بعدها الاحتجاجات في مختلف المناطق إلى حدّ كتابة هذه الأسطر.
رغم الوعود الكبيرة التّي قطعها السياسيّون منذ 14 جانفي و بعد انتخابات المجلس التأسيسيّ، فانّ الواقع المُعاش لا يشير إلى أنّ شيئا قد تحسّن. فبصفة عامّة، تشهد البلاد منذ أكثر من سنتين حالة من الانكماش الاقتصاديّ و ازديادا لمعدّلات الفقر و البطالة التّي بلغت نسبتها 17.6 % حسب إحصائيات شهر أوت 2013، أمّا التضخّم فقد ناهز الـ 6.5% خلال نفس الفترة، وهو ما أدّى إلى انخفاض نسق الاستهلاك والاستثمار المحلّي والأجنبي وتآكل الطبقة الوسطى.
إلى اليوم، ما زالت الأوضاع في عموم البلاد تنبئ بالمزيد من التأزّم في ظلّ غياب الاستقرار الأمني في أكثر من منطقة، و يبدو أنّ الجميع بدا صبرهم ينفذ أمام تفاقم الأزمة الاقتصاديّة و محاولة أكثر من جهة الالتفاف عن المشاكل الأصيلة و العاجلة للبلاد و إدخالها في متاهة من الصراعات الجانبيّة البعيدة كلّ البعد عن الهمّ الحقيقيّ الذّي يؤرق التونسيّين ألا و هو الفقر و التهميش و تناقص قدرة التونسيّ على توفير حدّ أدنى من العيش الكريم.
و وسط هذا كلّه، ينتظر أهالي المناطق المحرومة أن يترك السياسيّون حساباتهم الضيّقة جانبا، و أن يتّخذوا قرار شجاعا يكون الخطوة الأولى نحو حلّ مسألة التفاوت الجهويّ و تحقيق التنمية العادلة و أن يدرك الجميع أنّ مسألة تذويب الفوارق الاقتصاديّة بين الجهات هي أولويّة وطنيّة و ليست سلاحا للحروب السياسيّة.
Le Centralisme: c’est encore cette p… de France que vous copiez …
dans un système fédéral, comme en Germanie, le pays serait divisé en régions économiques. Chaque région son gouvernement. Les décision sont prises localement, car qui connait mieux une région que ses enfants ??
Dans le centralisme à la française, des diplomés “grandes ecoles” = grandes plaies … prennent des décisiosns pour telle région, alors qu’ils n’y ont jamais mis les pieds !!!
De plus, en dehors du ministère des affaires étrangères , je ne vois pas pourquoi les autres ministères soient à Tunis ??
pourquoi pas un ministère de l’agriculture à Sbeytla ?? ou un ministère de la justice à Sidi Bouzid ??
Voilà où çà mène le franalphabétisme depuis 1881: incapables d’innover , d’imaginer des solutions autres que celles venant de cette p… de France.
SEND TO HELL: France, french language and system.
Full independence , NOW !!
WAKE UP !!
D’abord, merci pour cette recension qui vient conforter ce que les habitants ou originaires des régions délaissées vivent dans leur chair. Tous les Tunisiens savent que les Sahéliens et les citadins, de manière générale, ont fait main basse sur le pays. Les ruraux sont souvent la risée pour leurs manières ou leurs tenues, quand ce n’est pas pour leur langage si peu “policé”.
L’abandon, et le mépris expriment les politiques menées depuis l’indépendance. Et, s’inscrivent dans la lignée des politiques coloniales, comme vous le dites si justement.
Lorsque réussis mon examen d’entrée au lycée (les collèges étaient au sein des lycées) en 1961, j’habitais un village situé à 40 kms de Béjà. Le seul moyen de transport était un autocar qui passait à 10 heures dans un sens, et repassait àç 15 heures dans l’autre.
Fils de pauvre, je ne pouvais me payer une pension en ville…et je n’ai pas eu droit à une place en internat pris en charge par l’Etat. A 18 ans, nanti d’un C.A.P. de mécanique automobile obtenu dans un Centre de formation gratuit, tenu par les Pères Blancs, j’émigrais en France.
Ce n’est qu’un exemple de l’abandon et du mépris qui nous étaient réservés.
[…] […]
[…] على مستوى التفاوت الجهويّ، ورغم المزايدات الكبرى التي أعقبت الثورة بخصوص […]
[…] على مستوى التفاوت الجهويّ، ورغم المزايدات الكبرى التي أعقبت الثورة بخصوص […]