1346851184

نوجه لك بادئ ذي بدء تهانينا بتكليفك بالإشراف على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. على قدر المشاكل المتراكمة بالجامعة التونسية التي جعلت ترتيبها متأخراً وعلى قدر الضغوطات التي يمكن أن تمارسها اللوبيات المهيمنة والرانية إلى المحافظة على الوضع الحالي خدمة لمصالحها والمتسببة بشكل كبير في وضعية الجامعة السيئة فإن النفس الإصلاحي والروح الجديدة النازعة إلى رفض هذا الواقع موجودة بالجامعة التونسية. سيدي الوزير في تعاملك مع الجامعيين توجب الإستماع إلى جميع مكونات الجامعة التونسية والإعتراف بحق التعددية النقابية ونبذ سياسات الإقصاء و تبجيل أصحاب الأفكار و الرؤى الإصلاحية.

إن الجامعيين اليوم يرفضون منطق التعالي من جهة ومنطق الوصاية على الجامعيين من أي كان مأتاه من جهة أخرى. إن حالة الإحتقان والشعور بالحيف على أشدهم أمام ملفات حارقة لا تنتظر التأخير ولا التأجيل إلى درجة أن الجامعيين لن يسكتوا إذا تم التلاعب بمطالبهم الأساسية والمشروطة قبل إبتداء أي عملية إصلاح.

السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لقد توجب اليوم القيام بتشخيص دقيق للجامعة التونسية وللمكونات الفاعلة بها والسعي إلى وضع الإصبع على مسببات تأخرها وتحديد مسؤوليات من ساهموا في هذا الوضع وربما سيصور لك البعض أنهم حراس بوابة الجامعة التونسية وأنهم حاملوا الحقيقة المطلقة ولكن ذلك غير صحيح فواقع الجامعة جد مختلف عما سيصوره لك هؤلاء والجامعة التونسية ليست كلية منوبة أو 9 أفريل أو بعض الكليات الكبرى بالمدن الكبرى فحسب.

سيدي الوزير سوف تكون مسؤوليتك كبرى للتعامل مع جميع الجامعيين على نفس القدر من الإحترام إذ أنه ومنذ الثورة ولحد اليوم لم تتخذ وزارتنا أياً من الإجراءات التي تبرز غيرة حقيقية على الجامعة وإحتراماً للجامعيين ويكفي أن نذكرك بالتجاوزات الصارخة الآتية:

• إعتماد قانون إنتخابي جائر لا يراعي تمثيلية الأساتذة فرض عليهم في الوقت الضائع وأمضي من طرف رفعت الشعبوني والحكومة المستقيلة التي كان ينتمي إليها وطرف نقابي لم يحترم قرار مجلسه القطاعي آنذاك ولم يحترم القاعدة الأستاذية. إن هذا القانون الإنتخابي وكما بينا في دراساتنا ما هو إلا تكريس للدكتاتورية وإهانة لجزء كبير من الجامعيين على أساس نقصان أهليتهم حتى ينتخبوا هياكلهم وما إنبثق عن هاته الإنتخابات من هياكل هو تكريس للولاءات والمحسوبية واللوبيات وأبعد ما يكون عن الديمقراطية.
• تفعيل إتفاق 05 أكتوبر 2011 حول لجان إصلاح الجامعة التونسية والذي أمضي مع وزارة مستقيلة، أقصى كل المكونات الناشطة والفاعلة والمقدمة لمشاريع وأفكار قصد تحسين الوضع بالجامعة التونسية وإن التمسك بهذا الإتفاق والمضي فيه أو الإستماع لمن ينصحك بالمضي فيه على هاته الشاكلة سوف يكون خطأً كبيراً.
• الزيادة الخصوصية للجامعيين وعلى الرغم من أن الوزارة اسندت 10% أكثر مما طالب به الطرف النقابي الذي نصب نفسه وصياً وحيداً على الجامعيين لم تكن عادلة وأدت إلى هجرة الآلاف من الجامعيين من البلد.
• العمل وإلى حد الآن بأحكام مجلة الشغل لبن علي وخاصة الفصل 38 الذي ينص أن المفاوضات المادية لا تكون إلا مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلية ونذكرك أن هذا الفصل لا يشمل إلا المفاوضات المادية فحسب وبالتالي لا يمكن إقصاء أي طرف كان في المفاوضات الأخرى وخاصة المتعلقة بالإصلاح وقانون الإنتخابات.

سيدي الوزير إن الجامعة التونسية اليوم على أبواب سنة إنتخابية تحتم فيها وكما بينا في دراساتنا تغيير القانون الإنتخابي الحالي المكرس لجامعة الموز ولن تنفع سياسة الأيادي المرتعشة في التعامل مع هذا الموضوع والمطلب الأساسي للجامعيين هو إعتماد مبدأ الإنتخاب المباشر للعمداء ورؤساء الجامعات من طرف الجامعيين فحسب وهو مشروع سمعنا عنه عندما كان أحمد إبراهيم وزيراً ولكنه قبر بالأمر عدد 29 المدبر بليل بين الوزير رفعت الشعبوني وسامي العوادي الذي أمضى بصفته كاتباً عاماً للجامعة العامة للتعليم العالي.

نود تذكيرك سيدي الوزير أن نقابة إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين “إجابة” هي نقابة مستقلة عن أي مركزية نقابية وهي اليوم متواجدة ب-47 مؤسسة جامعية وتضم أكثر من ألف منخرط وهو عدد جيد بحكم أن قرابة 80% من الجامعيين غير منخرطين في أي هيكل نقابي. نذكرك سيدي الوزير أيضاً أن نقابتنا هي من أكثر الأطراف نشاطاً بالجامعة التونسية من خلال تقديم دراسات وتحاليل ومشاريع من أجل الإرتقاء بالجامعة إنبثقت عن ورشات عمل لإستشارة الجامعيين إعتمادا على مبدأ الديمقراطية التشاركية.

سيدي الوزير إن ما يخلد ذكرى مسؤول هو مدى جرأته في تغيير الوضع السائد ومدى غيرته على الجامعة وعلى الجامعيين. إن مطلب الجامعيين الأساسي هو جعل الجامعة التونسية مجتمعاً معرفياً حقيقياً وتكريس الموضوعية والشفافية في اللجان البيداغوجية والعلمية وإعطائها الإستقلالية اللازمة وإن شرط أي إصلاح لا يتم إلا عبر دمقرطة هياكلها والعمل على عدم تغييب أصوات الجامعيين في إختيار ممثليهم وهياكلهم وتبجيل الكفاءة والمشاريع على حساب الأشخاص والقطع مع سياسة المشيخة وحراس البوابة ونبذ التعامل الفوقي مع الجامعيين.

نعم يمكنك سيدي الوزير أن تدخل التاريخ إن استمعت إلى هاته المطالب الأساسية وتأكد أن الجامعيين سوف يشجعون كل الخطوات الجيدة فلقد سئمنا وضع الجامعة الحالي الذي يهدد بالإنفجار في كل لحظة.

الإمضاء

المكتب الوطني لنقابة إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين “إجابة”