الإتحاد العام لطلبة تونس: إلى أين؟

UGET-tunisie-nawaat

“الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من الحركة الشعبيّة”، هذا أحد الشعارات المركزيّة للاتحاد العام لطلبة تونس منذ حركة 5 فيفري 1972، ويبدو أنّ المنظّمة النقابيّة كانت وفيّة لهذا الشعار، فالاتحاد لم يستطع أن يتجاوز ارتدادات الثورة التونسيّة والانقسامات الإيديولوجيّة التي شهدها الشارع التونسيّ ليدخل هو الآخر في مرحلة من الانقسام والتجاذب والصراع العنيف المستمرّ منذ ماي الفارط.

هذه الوضعيّة الحرجة التي يعيشها الاتحاد، لم تؤثّر على المنظّمة فحسب، بل شملت ارتداداتها عموم الطلبة وأدخلت الحياة الجامعيّة في متاهة من الصراعات الداخليّة والانقسامات والعنف الماديّ.

نواة، حاولت أن توضّح الصورة في أذهان المتابعين للشأن الطلابيّ حول واقع الاتحاد العام لطلبة تونس الذي لعب دورا أساسيّا خلال المراحل السياسيّة الكبرى التي شهدتها البلاد منذ حقبة الاستعمار.

تاريخ الاتحاد العام لطلبة تونس ودوره في الحراك الشعبي منذ التأسيس

يعود تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس إلى ما يزيد عن الستين سنة، حيث انعقد مؤتمره التأسيسي في جويلية 1953 في باريس. هذه المنظّمة الطلابيّة شهدت منذ ذلك التاريخ انعقاد 25 مؤتمرا لعلّ أهمّها المؤتمر الاستثنائي سنة 1972 الذي شهد عزل الدستوريّين الذين سيطروا على الاتحاد منذ التأسيس وانقلبوا على نتائج مؤتمر 1971، فكانت ما يسمّى “حركة 5 فيفري 1972. تعود أهميّة هذا المؤتمر إلى كونه مثّل منعرجا حاسما في تشكيل الطبيعة الإيديولوجية للاتحاد وظهور الشعارات المركزيّة للمنظّمة الطلابيّة:

– من أجل جامعة شعبية وتعليم ديمقراطي وثقافة وطنية
– الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من الحركة الشعبية
– القضية الفلسطينية القضية المركزية لحركة التحرر الوطني العربية
– من أجل مساندة حركات التحرر الوطني ومعارضة الامبريالية العالمية
– من أجل القطيعة السياسية و التنظيمية مع السلطة

المؤتمر الثاني الذي لا يقلّ أهميّة عن المؤتمر الثامن عشر الاستثنائي، هو المؤتمر الخامس والعشرون للاتحاد العام لطلبة تونس في ماي 2013. فنظرا للظرف التاريخيّ الذي شهدته البلاد من تحوّلات سياسيّة كبرى، وبعد أن منع الاتحاد من عقد مؤتمره منذ سنة 2003، كانت الساحة الطلابيّة بانتظار انجاز مؤتمر تاريخيّ يمثّل انطلاقة جديدة لهذه المنظّمة العريقة.

ولكن الانقسامات التي شهدها الشارع التونسيّ منذ سنة 2011 يبدو أنّها أثّرت على الاتحاد فكانت النتائج مخيّبة للآمال، إذ أفرزت التحضيرات لعقد المؤتمر الوطني، والذي شاركت فيه مختلف الأطراف السياسيّة والشبابيّة، انجاز مؤتمرين انبثق عنهما مكتبان تنفيذيّان؛ الأوّل بقيادة أماني ساسي في المؤتمر الذي أنجز يومي 24 و25 ماي 2013 والثاني ترأسه وائل نوّار عقب المؤتمر الذي أنعقد في 25 و26 ماي 2013.

انتهاء أشغال المؤتمرين لم تكن نهاية الأزمة، بل بدايتها، إذ عرفت الساحة الطلابيّة منذ ذلك التاريخ سلسلة من أحداث العنف والمصادمات، فبخلاف المواجهات العنيفة بين الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العام التونسي للطلبة والذي يعتبره أنصار المنظمّة الأولى الذراع الطلابيّة لحركة النهضة، والتي كان آخرها مواجهات “رقادة” في القيروان، شهد الاتحاد أعمال عنف متبادلة بين أعضاء ومنتسبي المؤتمرين، كحادثة الاعتداء على مقرّ الجبهة الشعبيّة في ديسمبر 2013، والاعتداء على عصام السلاّمي وأخيرا الإعتداء بالعنف على أماني ساسي، بالإضافة إلى مواجهات شهدتها سنة 2013 في أكثر من كليّة كمواجهات جامعة المنار أو قابس وغيرها.

هذه الأجواء المتوترة التي تعرفها الجامعة التونسيّة، يطرح أكثر من تساؤل حول تأثيرها على عموم الطلبة، وهو ما عبّر عنه العديد منهم في هذا الفيديو الذي عكس رويتهم للمنظّمة وقراءتهم لواقعها.

لعب الاتحاد العام لطلبة تونس ومنذ تأسيسه سنة 1953 دورا أساسيّا في مختلف المراحل السياسيّة التي عرفتها البلاد، بدأ بالنضال ضدّ الاستعمار الفرنسيّ مرورا إلى التحرّكات الشعبيّة التي شهدتها تونس خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي ضدّ نظام بورقيبة كالإضراب العام في جانفي 1978 وانتفاضة الخبز في 3 جانفي 1984، حيث كانت المنظمّة الطلابيّة حاضرة بقوّة في الاحتجاجات والمظاهرات التي عرفتها كلّ جهات البلاد، وهو ما تسبّب في كلّ مرّة باعتقال وطرد المئات من منتسبيها.

كما كان للاتحاد دوره الفاعل في الاحتجاجات التي أدّت إلى هروب بن عليّ، إذ ساهمت هذه المنظمّة الطلابيّة في تأجيج التحركات والمظاهرات في مختلف الأجزاء الجامعيّة في العاصمة وسوسة وصفاقس وغيرها من الولايات، وطالت الاعتقالات العديد من مناضليها بمختلف انتماءاتهم السياسيّة.

لكنّ واقع اليوم يطرح أكثر من تساؤل حول التهديدات التي تحيط بهذه المنظّمة الطلائعيّة ومصدرها مما سبّب انقساما داخليا وصل إلى حدّ المواجهات المباشرة العنيفة. فالمنظّمات النقابيّة قبل 14 جانفي كانت الحصن المنيع لأصوات الرافضين لنظام الحكم الديكتاتوريّ الذي حاصر العمل الحزبيّ، وكانت الجامعة و من وراءها الاتحاد العام لطلبة تونس الحاضن لمختلف التيارات الفكريّة والسياسيّة مدرسة للتكوين السياسيّ لعموم الطلبة ورأس حربة في المواجهات مع النظام السابق منذ نصف قرن تقريبا.

في هذا السياق، تحدّثنا إلى الأمينين العامّين، أماني ساسي ووائل نوّار حول ملابسات هذه الأزمة وآفاقها.

وهنا على الجميع أن يتساءل حول الطرف الذي سيكون المستفيد الأكبر من تفكيك هذه المنظّمة وإضعافها والأهمّ، على الطلبة أن يعوا بالمخاطر التي تهدّد منظّمتهم وأن يسعوا للالتفاف حولها وإرجاع بريقها وتحميلها دورها التاريخيّ الذي ما انفكّت تلعبه في الشأن الوطنيّ.

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat

iThere are no comments

Add yours

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *