ولم يخفي ناجي البغوري استياءه من المشاكل الكثيرة التي يعاني منها قطاع الإعلام ومن بينها الصعوبات المالية لدى المؤسسات الإعلامية والتي تنعكس سلبا على وضعية الصحفيين الإجتماعية. وأكّد البغوري أنّ “تواجد قوى سياسية واقتصادية تحاول وضع يدها على مختلف وسائل الإعلام أمرا مربكا لا يبشر بخير، خصوصا وأن من أهم رهانات الثورة هي حرية الإعلام واستقلاله عن التجاذبات السياسية مما يساعد هذا القطاع على القيام بدوره الإخباري والتوعوي. كما أنه من المفارقات الغريبة أن يعمل الإعلاميون كسلطة رابعة على التوعية بحقوق كل الفئات ويعجزون عن تنظيم قطاعهم والدفاع عن حقوقهم وحقوق زملائهم. ونذكر هنا أن العمل بحرية وحياد يتطلب تمتّع الصحفي بحماية اقتصادية تضمن له كرامته.”
مؤسسات إعلامية” مفلسة”
شارك عدد من مديري الصحف في هذا اليوم الدراسي إضافة إلى ممثلين عن جمعية مديري الصحف ونقابة المؤسسات الإعلامية وممثلين عن وزارة الشؤون الإجتماعية. وتميزت النقاشات بالأخذ والرد وتبادل الإتهامات بين بعض مديري المؤسسات الإعلامية وعدد من الصحفيين خصوصا فيما يتعلّق بالمشاكل العالقة لعدد هام من الصحفيين، كالعمل بدون عقد عمل، أو عدم الحصول على الأجر المناسب أو الطرد التعسفي أو التمييز بين الصحفيين على مستوى الراتب وغيرها من الإشكالات التي نتجت عن غياب منظومة قانونية متينة لتنظيم القطاع.
وقال الخبير في مجال الإعلام فتحي العياري أن “الكم الهائل من الإتفاقيات والقوانين التي تنظم القطاع كفيل بتطوير مجال الإعلام وضمان حقوق جميع الأطراف غير أن تقاعس عدد من المؤسسات الإعلامية في تطبيق هذه القوانين وعدم وجود قوانين ردعية فعّالة ضد المخالفين جعل الهدف الأساسي من مثل هذه المؤسسات الربح المادي دون احترام لحقوق الصحفيين أو لمبادئ المهنة.” ووضّح العياري أيضا أنه “من الضروري العمل على إعادة توزيع الإشهار العمومي حسب مقاييس موضوعية تستند أساسا إلى مدى احترام المؤسسة الإعلامية للقانون.”
واعترض رئيس جمعية مديري الصحف الطيب الزهار على المداخلات التي اتهمت أصحاب المؤسسات الإعلامية بهضم حق الصحفيين والتعامل مع الصحافة بعقلية ربحية مؤكدا أن أغلب الصحف التونسية تعاني من وضعية مالية كارثية. وقال الزهار أن “الصحف التونسية أصبحت عاجزة تماما عن انتداب صحفيين جدد بسبب مشاكل التوزيع وتضاؤل نسب البيع حيث لا تتجاوز مبيعات الصحف التونسية مجتمعة 100 ألف نسخة في حين تبيع الصحف الجزائرية أكثر من مليوني نسخة يوميا.”
الصحفيون جزء من المشكل
غياب عنصر الإبداع لدى الصحفي التونسي موضوع آخر طرح أيضا للنقاش حيث أكد الصحفي المنجي الخضراوي أن انتداب الصحفي أصبح يتم على حسب قدرته على تقديم الإضافة للمؤسسة الإعلامية التي يعمل بها مؤضّحا أن “بعض الصحف تدفع رواتب خيالية لنوعية من الصحفيين الذين يتميزون بقدرتهم على كسر النمط الإعتيادي للعمل الصحفي والبحث عن المعلومة والإستقصاء مما يفتح المجال أمامه للتميز ويعود بالنفع على المؤسسة التي يعمل بها.”
من جهتها أكدت عضوة نقابة الصحفيين السيدة الهمامي أن “الصحفي مسؤول أيضا عن تردي وضعيته المهنية نظرا لعدم إلمامه بالجانب القانوني في مهنة الصحافة الذي يحمي حقوقه وحقوق زملائه. فاهتمام الصحفيين الشبان خصوصا بتحسين وضعيتهم المادية يجعلهم يقبلون بالعمل بعقود تشغيلية غير قانونية مما يسهل الأمر على أصحاب المؤسسات لتشغيل أكبر عدد من الصحفيين من ذوي الحالات الإجتماعية الضعيفة دون سند قانوني يهدد مصالحهم كأصحاب أموال.”
ملفات عديدة تخص الوضعية الإجتماعية للصحفيين في تونس تم التطرق إليها على عجل ودون تعمق في بسط مختلف الأطر القانونية التي توضح حقوق الصحفيين وأصحاب المؤسسات على حد السواء. وضعيات عالقة تمت مناقشتها تخص صحفيين يعملون بعقود عمل غير قانونية وآخرون يتقاضون رواتب مخجلة لقاء مجهودات كبيرة ومنتمين للقطاع حرموا من أبسط حقوقهم كالضمان الإجتماعي والتغطية الصحية والتكوين. هذه المواضيع نوقشت خلال هذا اليوم الدراسي دون تقديم أية حلول تذكر. فأمام إقرار أصحاب المؤسسات بالعجز المادي وتقاعس الصحفيين عن المطالبة بجدية بحقوقهم، يبقى هذا الموضوع مطروحا إلى حين تشكيل “مجلس الصحافة” الذي ينكب مختصون على إعداد مشروع القانون الخاص به على أن يعرض قريبا على مجلس النواب للموافقة عليه.
iThere are no comments
Add yours