كعادته كان خطاب الباجي قايد السبسي فارغا من المعنى مليء بالكلام الشعبوي و المعجم الديني مركزا على تمجيد الشعب التونسي و الوحدة الوطنية و السلم الإجتماعي مستغلا هذه الفرصة لشرح طبيعة الإنشقاق داخل حزب نداء تونس أكثر من تقييمه للوضع الأمني الراهن وتقديم حلول عملية. لا تفوتني الإشارة هنا إلى اصراره على تحطيم معنويات المشاهد بطريقة أو بأخرى، و ليس غريبا عن الباجي تمجيده لنفسه في كل خطاب. فهل نجح الخطاب في توضيح الصورة للمشاهد
إستهل الرئيس الباجي قائد السبسي خطابه “بناتي ابنائي” و هذه العبارة ركيزة أساسية في خطاباته التي تميل إلى الخطاب الشعبوي أكثر من الخطاب السياسي مركزا على العبارات و المفاهيم القريبة إلى المواطن التونسي محاولا التأثير على فئة معينة من المشاهدين. ليس بعيدا عن الخطاب المألوف يلجأ هذا الأخير إلى الخطاب الديني (كغيره من السياسيين) و هذا من أجل نشر فكرة رئيس الدولة المسلم المعتدل الذي مزج بين الإسلام المعاصر و الخطاب السياسي الجاد، من زاوية أخرى لم يضيّع الفرصة للتعبير عن “دولة 3000 سنة” و هذه الجملة تبدو في غاية الإستهلاك في أغلب خطاباته خصوصا وأنها دليل على ضعف رؤيته وتقديره لما تمر به البلاد.
إن المفاهيم الكلاسيكية التي ركز عليها الرئيس في خطابه لن تقدم شيئا بل تعمق الأزمة. نشير أيضا إلى بدايته لهذا الخطاب ب “بش نركز أساسا على موضوع الإرهاب” و هذا ما يبدو في الظاهر، أما في الواقع فإن موضوع الخطاب هو طرح مشاكل نداء تونس، فمعظم الكلام كان حول الحزب ةليس حول الوطن، ” la partie avant le parti” وهنا تضارب شديد في مواقف الباجي و أفكاره. هذا الخطاب يمكن أن يكون مقبولا لرئيس حزب في مقره وليس لرئيس دولة أثناء خطاب رسمي، فاختزال مشاكل الشعب التونسي في خصومات الحزب الحاكم إهانة كبيرة لكامل شرائح الشعب. أليس من الغريب هندسة بناء النسق السياسي للحزب في هذه الفترة الحساسة ؟
الإستبلاه السياسي
الإستبلاه السياسي قاعدة أساسية و جوهرية يمكن لأي كان أن يستخلصها من خطابات سيد الرئيس ويمكن القول أنها ورقة منسجمة و متناغمة، و إن كنا نتحدث عن السياسي في الخطاب مع رجال السياسة، فإننا هنا نتحدث عن الإستبلاه في السياسة، فالمادة 76 من الدستور التونسي تفيد أنه «لا يجوز لرئيس الجمهورية الجمع بين مسؤولياته و أين مسؤولية حزبية» و في هذا الإطار يبدو تدخل الرئيس في الشأن الخاص لنداء تونس خارج عن اطاره.
و اختيار الباجي قايد السبسي “لمناضلي و مناضلات نداء تونس” ليس من مسؤولياته، و هنا تأكيد ضمني على إستمرارية قراراته داخل الحزب، وأصبحت العلاقة بين الرئيس والحزب عهدا على الطاعة. من ناحية أخرى إستحضار شخصية الحبيب بورقيبة أصبح تقليدي و أمر بديهي في محاولة الإقتراب من المواطن.
عموما هذا الخطاب لم يكن مستغربا بل كان متوقعا، فلم نكن نتوقع منه ايجاد حلول جذرية، أما عن الإعلاميين فلا داعي للبحث عن ايجابيات هذا الخطاب.
iThere are no comments
Add yours