منذ أن حَظيت قضية اللوالب القلبية المنتهية الصّلوحية –التي تم زرعها لمرضى القلب في عدد من المصحات الخاصة- باهتمام العديد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، سارعت الجهات الرسمية وبعض الهياكل الطبية إلى إصدار بلاغات. وَردَ البعض منها في صيغ عامة وافتقد بعضها الآخر إلى المصداقية، خصوصا إذا قارنّاها بمعطيات ماثلة في الواقع أو بأخرى تحصّل عليها موقع نواة من مصادر مطّلعة. وفي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يتخذ الملف مسارا قضائيا جاءت المواقف الرسمية معاكسة للإنتظارات، ليظهر بذلك اتجاه الاحتواء الذي يرمي إلى وضع قضية زرع اللوالب منتهية الصلوحية ضمن سلسة الأخطاء الطبية العادية. هذا التحقيق يكشف عن حقيقة التلكؤ الذي مارسته الجهات الرسمية والخفايا التي دفعت إليه، ويستعرض ملامح شبكة فساد مالي وإداري في قطاعي الصحة والتأمين الاجتماعي.
لماذا صمتت وزارة الصحة؟
تشير المعطيات الأولية إلى أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض رَاسل وزارة الصحة بتاريخ 3 ماي 2016، ليلفت انتباهها إلى إجراء عمليات قسطرة لمرضى القلب باستخدام لوالب قلبية منتهية الصلوحية، ولنفس الغرض راسل أيضا المجلس الوطني لعمادة الأطباء يوم 4 ماي 2016. وقد جاءت المراسلة إثر تفطن أحد أعوان مصلحة المراقبة بالصندوق الوطني للتأمين على المرض في مارس 2016 لوجود تقارير طبية تتضمن ملصقات لوالب منتهية الصلوحية عند تاريخ زرعها. وقد عَلِم موقع نواة أن عون المراقبة المذكور تم نقله إلى مصلحة أخرى كإجراء تأديبي. وهنا يُطرح تساؤل آخر حول تباطؤ الصندوق في إثارة القضية، وهو ما سنتطرق إليه في القسم الثالث من المقال عند التعريج على دور الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
إثر ورود المراسلة المذكورة أذنت وزارة الصحة للتفقدية الطبية بفتح تحقيق، حيث رفعت هذه الأخيرة تقريرها للوزارة يوم 10 ماي 2016. وخلال تلك الفترة لم تتخذ وزارة الصحة الإجراءات اللازمة من بينها أساسا إعلام المرضى ورفع الملف للجهات القضائية. صدر أول بياني رسمي للوزارة بتاريخ 21 جوان 2016 أي بعد مرور 40 يوم على تقرير التفقدية الطبية. ولعل كشف الملف من طرف النقابة الأساسية لوزارة الصحة وتداوله في العديد من وسائل الإعلام كان سببا وراء تحرك الجهات الرسمية، وفي هذا السياق يُشار إلى أن النقابة راسلت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتاريخ 20 جوان 2016، وبدورها قامت الهيئة برفع قضية في الغرض رغم مزاعم وزارة الشؤون الاجتماعية بأنها أحالت الملف للجهات القضائية. وفي الآونة الأخيرة تقدمت النقابة الأساسية لوزارة الصحة بشكاية لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس، وذلك بعد تلقيها مراسلة من مجهول عبر البريد تتضمن وثائق فيها إشعار بوجود شبهات فساد في ملف اللوالب القلبية.
إغلاق قاعات القسطرة: إجراء لتغطية الفساد
بعد أن تحولت المسألة إلى قضية رأي عام أغلقت وزارة الصحة قاعتي قسطرة بمصحتين خاصتين بالعاصمة لمدة ثلاثة أشهر. ويبعث هذا الإجراء على التساؤل خصوصا وأن عدد المصحات التي زُرعت بها لوالب قلبية منتهية الصلوحية يبلغ 10 مصحات حسب ما أكدته مصادر مطلعة في وزارة الصحة ومصادر طبية لموقع نواة، وتتفاوت فيها عدد اللوالب القلبية لتصل في البعض منها حدود الأربعين. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن أحد الأطباء الذين قاموا بإجراء عمليات من هذا النوع فيصل دربال اعترف في أحد التصريحات الإعلامية بـ بزرع 16 لولبا قلبيا منتهِ الصلوحية وبوجود 6 مصحات مورّطة في هذا الملف، ملوّحا بأصابع الاتهام لإدارة المصحة.
إغلاق قاعات القسطرة لمدة 3 أشهر من طرف الوزارة لم يشمل كل المصحات المتورطة (انظر الوثيقة التي سرّبها مجهول لنقابة الصحة)، علاوة على أن هذا الإجراء أشبه بالشجرة التي تحجب الغابة، لأن القضية تستوجب محاسبة المتورطين الحقيقيين الذين سهّلوا وأشرفوا على زرع لوالب قلبية منتهية الصلوحية. ورغم أن خطورة الملف تستدعي إحالته على القضاء فإن الوزارة اكتفت باحتواء الملف داخليا عبر التلويح بغلق كل قاعات القسطرة في المصحات الخاصة، وفي هذا السياق علم موقع نواة أن وزير الصحة أجرى اجتماعا يوم الخميس 14 جويلية 2016 مع أطباء القلب والشرايين بالمستشفيات العمومية واقترح عليهم هذا الإجراء، ولم يجد تجاوبا اعتبارا أن طاقة استيعاب قاعات القسطرة العمومية ضعيفة، علاوة على أن هذا الإجراء يساهم في تعطيل 30 بالمائة من نشاط المصحات الخاصة. ويبدو الإصرار على إجراء تُدرك الوزارة سلفا أنه غير قابل للانجاز ينم عن أهداف دعائية، ولا يدل عن اتجاه نحو محاسبة فعلية، وقد اكتفى آخر بلاغ أصدرته الوزارة في هذا الشأن بالإشارة إلى المتابعة الصحية لحالة المرضى دون التعريج على مسألة التحقيقات والمحاسبة.
شبهات فساد مالي وإداري
إن تتبع المسار الذي تمر به عملية زرع اللوالب القلبية منتهية الصلوحية بإمكانه أن يكشف عن شبهات فساد مالي وإداري في هذا الملف. وعلى الأقل هناك 5 جهات مسؤولة عن العملية وهي: وزارة الصحة وقطاع المزودين والمصحات الخاصة والصندوق الوطني للتأمين على المرض والأطباء المسؤولين على قاعات القسطرة الخاصة. ولفهم طبيعة التشابك بين هذه الجهات لا بد من الأخذ بعين الاعتبار جملة من المعطيات:
- عدد اللوالب الطبية المنتهية الصلوحية تعد بالعشرات وقد بلغت الحالات في مصحة بعينها الـ40، وبالتالي هامش الخطأ يبدو مستبعدا، خصوصا وأن الطبيب المسؤول بإمكانه التفطن لمدة الصلوحية من خلال المؤشرات الموجودة بقاعات القسطرة.
- المزود يقوم بإيداع اللوالب في قاعات القسطرة ومن المفروض أن يقوم بمراقبة صلوحيتها وسحب اللوالب المنتهية الصلوحية، وهو ما لم يتم العمل به في هذه الحالة.
- الطبيب المسؤول على قاعة القسطرة هو المخوّل الوحيد لاختيار نوعية اللوالب القلبية والجهة المصنّعة لها، وهنا يظهر الارتباط بين الطبيب والمزوّد.
- الصندوق الوطني للتأمين على المرض يتكفل بالتعويض الكلي لعمليات القسطرة مقابل التثبت من الملف الطبي الذي من المفروض أن يتضمن ملصقات الصلوحية.
إن هذه المعطيات تؤكد وجود فائدة مالية يمكن تحقيقها جرّاء زرع لوالب قلبية منتهية الصلوحية، وهذه الفائدة يغنمها في أول المطاف المزود الذي يستفيد من بيع لوالب طبية منتهية الصلوحية وجب إتلافها. ولا يمكن للمزوّد ترتيب هذه الفائدة إلا بالاتفاق مع الجهة المسؤولة على عملية القسطرة (وهذه المسؤولية يتقاسمها الأطباء مع إدارات المصحات الخاصة). أما الصندوق الوطني للتأمين على المرض فإنه يتكفل بالاسترجاع الكلي لمصاريف القسطرة، وهنا يظهر الفساد على مستوى الصندوق في عدة مستويات:
- تسهيل إجراءات تكفّل إدارة الصندوق بثمن اللوالب القلبية من قبل الموظفين، والتي تفوق تكلفتها أضعاف الثمن الحقيقي، وهو ما يشكل عبئا على ميزانية الصندوق، خصوصا وأن أسعار اللوالب القلبية تراجعت في الأسواق العالمية، وهو ما لم يؤخذ بعين الاعتبار من طرف إدارة الصندوق.
- التواطؤ في مراقبة الملفات المتعلقة بزرع لوالب قلبية، مع العلم أن تفطن أحد أعوان مصلحة المراقبة كان على وجه الصدفة نظرا لأن أحد الأطباء أودع سهوا ملفات بها ملصقات لوالب طبية منتهية الصلوحية.
رغم أن المعطيات المسرودة تنم عن وجود فساد مالي وإداري، فإن هذا الملف مازال يخضع للتعتيم وتسيطر عليه نزعات الاحتواء من طرف وزارة الصحة، والتملص من المسؤولية من قبل الأطباء والمصحات الخاصة وإدارة الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
الأمم المتحدة ممثلة في مجلس حقوق الإنسان تعبّر عن معارضتها لقانون “المصالحة الاقتصادية” في نسخته التجمّعية (أو قانون “العفو الشامل” في نسخته النهضوية)؟ في هذه الأثناء، يناقش شعبنا البصّاص إن كان أردوغان هو من خطّط للانقلاب على نفسه أم أنّ لأمريكا وقطر (وربما أيضا جزر الواق الواق وجمعيات الدفاع عن حقوق الحمير) دور في الموضوع؟ إذن، كيف تريدون لقضية اللوالب القلبية أن تجد طريقا للعدالة؟
شعب_الشقاق_والنفاق_ومفاسد_الأخلاق#
دولة_الفساد_والاستبداد_باقية_وتتمدّد#
عربان_جرذان_ويفتخرون#
يفعل_الأحمق_بنفسه#
الجماهيرية_التجمّعية_الإسلاموية_البوليسية_العظمى#
شعب_تونس_شعب_خُرْ_طُرْ_لا_أمريكا_لا_قطر#
كل ما ذكرتموه صحيح وموثق ، ولكن ما لم تذكروه هو ان حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري هو اول من ندد اعلاميا في بيان نشره بهذا الفساد وأول من تكلم عنه امينه الدكتور لطفي مرايحي .فكان عليكم التوضيح وأنتم الباحثون عن الحقيقة والمنددون بالتعتيم
Combien coûte les stents? Une recherche sur google montre que le coût est environ $300, donc environ 650 dinars. Le gain financier ne parait pas suffisant pour justifier le risque pour les patients. Un stent périmé risque d’être non stérile et peut constituer un danger mortel pour le patient. Le problème existe dans d’autre pays donc c’est un trafic international.
Le problème des stents périmés n’est que le sommet de l’iceberg.
il faudrait chercher ceux qui commercialisent ces implants…..