جمنة حراك إجتماعي محلي… في عمق الحراك الثوري/17 ديسمبر 2010
يمثل موضوع الحركات الإجتماعية المحلية و دورها في عملية التغيير أحد الإشكالات التي أثارها الحراك الثوري الذي شهدته الدول العربية منذ 2010، ما شهدته منطقة جمنة بولاية قبلي بالجنوب التونسي منذ جانفي 2011 مثّل تجربة فريدة من نوعها في تونس. إذ أقدم متساكنو جمنة على الإعتصام في هنشير ستيل الذي كانت تسوّغه الدولة لمتسوغين إثنين قبل إندلاع المواجهات مع نظام بن علي إبّان الحراك الثوري الذي شهدته البلاد في ديسمبر 2010 مقابل عقد كراء تشوبه شبهات فساد و سوء إستغلال بعد ان أفلست شركة ستيل التي كانت تستغله منذ الستينات. إضافة إلى أن هنشير المعمر بجمنة و من خلال تسميته (هنشير المعمر نسبة إلى المستغلين الفلاحيين الفرنسيين الذي سميوا بالمعمرين) و رواياتهم تؤكد على أنّ ما تسمى ”أرض هنشير ستيل“ هي أرض أبناء جمنة إفتكها الإستعمار الفرنسي و بعد الإستقلال تحيلت الدولة النائشئة من خلال والي الجهة الذي عرض عليهم شراء أرضهم مقابل مبلغ مالي محدد ثم تراجع عن إقتراحه دون أن يسترجع الأهالي ما جمعوه من نقود بعد أن باعت النساء مصوغهن و إجتهدوا جميعًا في توفير المبلغ المقترح موضوع التحيل فيما بعد.
بعد مدّة تجاوزت ثلاثة أشهر من الإعتصام بالهنشير تمكّن المعتصمون من إفتكاكه و نجحوا في فرض سيطرتهم على واحة النخيل هذه. ليؤكدوا أنّها ملك لأبناء جمنة، و أنّهم يريدون إدراتها بأنفسهم و لإستفادة بعائدتها و الإعتناء بها بشكل يضمن المحافظة عليها و إستدامتها. إذ إتّفقوا على تسييرها بشكل ذاتي و جماعي من خلال ”جمعية حماية واحات جمنة“ التي قاموا بإنشائها ليتجاوز نشاطها الاهتمام بهنشير المعمر إلى إرساء مرافق عمومية بجمنة و دعم عدة جمعيات حيث أنجزت الجمعية السوق البلدية المغطاة، ملعب حي الشباب، قاعة مغطاة بالمعهد، تجهيزات للمستوصف و المكتبة العمومية، تهيئة طرقات و إصلاحها، بناءات في المدارس و سور لمقبرة القرية، توفير سيارة إسعاف مجهزة، إضافة لدعمها المهرجان الثقافي بجمنة و جمعيات ثقافية و خيرية و جمعيات معنية بذوي الإعاقة في جمنة و قبلي و قفصة…
جمنة… حراك إجتماعي محلي خارج نسق الحركات الإجتماعية التقليدية
قامت تجربة جمنة على مستوى المجتمع المحلي و بآلياته و مستثمرة أداوته من خلال وقوف جميع متساكني المنطقة للدفاع عن حقهم التاريخي الذي إفتكّ منهم و قُدّمَ للخواص بثمن زهيد دون أن تعود فوائد على الجهة. كما تميّزت بتجاوزها حدود تحقيق المطلب الذي إنطلقت من أجله إلى المساهمة في إنشاء و إحداث و دعم منجزات ذات منفعة إجتماعية و ثقافية و إقتصادية شملت جمنة في البداية ثم بلغت قبلي و بعض مناطق قفصة.
ميزة أخرى لهذا الحراك الإجتماعي، من ناحية كيفية تحقيق أهدافه. بإختلافه أولا، عن حراك المجتمع المدني الذي يعتمد الحوار و التوافق و هي حالة المنظمات التاريخية كالإتحاد التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و (سائر المنظمات و الجمعيات التي تكون جسرا بين السلطة و المحتجين و المنتفضين) التي أنجزت الحوار الوطني منذ 2013، عملية صياغة التوافقات تقتضي التفاوض المؤدي إلى تنازل المحتجين أو من فاوض بإسمهم أو من إتخذ دور الوسيط في التواصل مع السلطات. ثانيا، إختلاف تجربة جمنة عن الحراك الإحتجاجي المطلبي الذي يواجه السلطة و يكون خطابه صداميا و يسعى لتحقيق أهدافه وفق المطالب التي يرفعها في وجه السلطة، و ينتهي هذا النمط من الحراك عند تحقيق تلك المطالب أي أنه متوقف على تجاوب السلطات. أما الحراك الإجتماعي الذي شهدته جمنة فيتميز بطريقة خاصة تجمع بين الحالة الصدامية ضد السلطة من خلال الإعتصام لمدة ثلاثة أشهر و عمليّة إلتفافية من خلال فرض أمر واقع على السلطات محليا، جهويا، وطنيا و إفتكاك مطلبه من خلال الضغط بالثقل الإجتماعي للمحتجيّن و هم أبناء الجهة. الحراك الإجتماعي المحلي الذي شهدته جمنة منذ جانفي 2011 و الذي تتواصل أثاره في المجتمع المحلي من خلال خلق ديناميكية حول جمعية حماية واحات جمنة. نجاح جمنة يرتبط أساسا بلحظة الحراك الثوري ديسمبر 2010 و ما بعده إذ تمكّن المعتصمون لمدة ثلاثة أشهر بهنشير المعمر في 2011 من التوصل إلى آلية واضحة متفق عليها و هي التسيير الذاتي الجماعي لواحات جمنة من خلال الجمعية كأداة تضمن عدم تشتت الأرض.
جمنة… حراك إجتماعي محلي خارج مسلمات السياسة الإقتصادية النيوليبرالية في أفق ديسمبري
يمكن إعتبار تجربة جمعية حماية واحات جمنة أهم تجربة في المسار الثوري الذي عاشته البلاد منذ 17 ديسمبر 2010، نجحت تجربة الاقتصاد الإجتماعي التضامني في تحقيق التنمية الإجتماعية محليا في 5 سنوات و هو ما فشلت فيه الدولة طيلة أكثر من 60 عامًا.
”التشغيل استحقاق يا عصابة السراق“، ”شغل، حرية، كرامة وطنية“ هذه أحد أهم نداءات المنتفضين منذ 17 ديسمبر 2010، في جمنة لم تبقى مجرد شعارات بل أضحت مكسبا، ففي مواجهة التوحش النيوليبرالي الذي يريد أن ينقضّ على المجتمعات من خلال أجهزتها المعولمة و برامجها التي تمليها على الحكومات المنخرطة بدورها في ديانة السوق طلبا لدعاء الغفران و المباركة من قبل القوى الدولية تمثل تجربة جمنة حالة صمود و مقاومة، و تقدم إمكانية واقعية للتحرر في مواجهة الوكيل القطري الدولة و الكفيل المعولم.
ولأنّ حكومة الرئيس التي يديرها الوزير الأول يوسف الشاهد جاءت لمهمة مستعجلة و هي مضاعفة معدل السرعة للمرور نحو لبرلة الدولة، بدأت من حيث نجحت تجربة جمنة كحالة مضادة لنموذج التوحش الليبرالي من أجل إنهاء إمكانية التحرر و إمكانية الفعل خارج مسلمات السياسة الإقتصادية الليبرالية. نجحت تجربة جمنة في خمس سنوات فقط بينما فشلت الدولة أكثر مت ستين سنة في التجريب.
bravo et merci cher ami
Déjà l’état n’a jamais échoué à Jemna (ni ailleurs) puisque il n’a jamais essayé d’amener ce que vous (et l’état) appelez “التنمية”.
D’autre part Jemna est une expérience anarchiste locale, ce qui n’a jamais été parmi les revendications de la révolution de 2010/2011. Cette dernière, comme vous le rappelez revendiquait à l’état, outre la liberté, l’emploi (c-à-d le salariat qui, rappelons le n’est pas une émancipation mais une soumission) qui ne fait pas parti du modèle de Jemna (les gens travaillant leur propre terre) et la dignité nationale (qui en soi ne veut d’ailleurs rien dire), mais son caractère national l’oppose (ou du moins l’éloigne) de l’autonomie locale qui a lieu à Jemna. En plus, comme vous dites Jemna ne demande rien à l’état, à part de se tenir loin.
Cette affaire marque par ailleurs l’opposition entre deux camps politiques irréconciliable en réalité : d’un coté les nationalistes, étatistes, partisans de l’état de droit… bref la gauche qui est hostile à cette expérience (le silence gêné du Front dit populaire en est caractéristique) et de l’autre ceux qu’on peut appeler socialistes, anarchistes (en Tunisie on se présente rarement en tant que tel mais il y a une sensibilité anarchiste), populistes (au sens originel du terme : ceux qui défendent le peuple) qui sont amener à soutenir ce genre d’expériences.