التلوّث في الرديّف: لعنة الفسفاط

على مشارف مدينة الرديّف، تربض تلال الغبار والأتربة الناتجة عن غسل الفسفاط، وعلى تخوم أحيائها تنتصب المغسلة وأكوام الفسفاط الخام المخزّن في العراء. أما الشوارع والأنهج وعتبات البيوت وأرضياتها، فيكسوها الغبار الذّي تحمله الرياح إلى مساكن أهلها ورئاتهم، لتكتسي الرديّف بالسواد الذّي يلازمها منذ اكتشاف هذه الثروة في جبالها والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى لعنة تفتك بهذه المدينة التي كانت انتفاضتها سنة 2008 ضد نظام بن عليّ سمة فارقة في مسار خلخلة الحكم. العطش والبطالة وغياب التنمية والبنية التحتية المتهالكة، ليست سوى جزءا من معاناة أهالي الرديّف. “فالقاتل الصامت” يتسلّل إلى صدورهم وأمعائهم يوميّا ولا يستثني أحدا. بدءا بعمّال شركة الفسفاط إلى المعتصمين الباحثين عن مورد شغل انتهاء بتلاميذ المدارس والنساء، يستنشق الجميع غبار الفسفاط ويشرب الجميع مضطرا مياه الحنفيات التي تضخّها شركة فسفاط قفصة بالشراكة مع الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه. فالفقر لم يترك للأهالي المحاصرين بجبال الفسفاط والماء الملوّثة خيارا غير الحياة على مضض.

iThere are no comments

Add yours

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *