وقد سجّلت تونس الى حد يوم الأحد 15 مارس 20حالة إصابة بمرض (كوفيد19 ) ، وتخضع حالتين للإقامة بالمستشفى، وغادر أحد المصابين باتجاه فرنسا في حين تخضع بقية الحالات للحجر الصحي. وعبّرت منظمة الصحّة العالمية عن قلقها من وصول فيروس كورونا إلى تونس، “لأن هذا البلد تنقصه البنية التحتية في المجال الصحي لمقاومة فيروس كورونا” وفق مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
مرحلة الوباء مسألة وقت
وقسّمت وزارة الصحّة مراحل انتشار الفيروس الى ثلاثة مستويات، المستوى الأول يتمثل في اقتصار الإصابات على الحالات الوافدة من الخارج او المستوردة، والمستوى الثاني هو ظهور إصابات لأشخاص لم يسافروا بتاتا خارج تونس يعني عدوى داخلية، أما المرحلة الأخيرة فهي المرحلة الوبائية
وهي أخطر المراحل. وقال مصدر بوزارة الصحة أن استراتيجية الوزارة كانت منذ البداية العمل على منع ظهور المرض أكثر ما يمكن، ثم إطالة أمد المرحلة الأولى من انتشار المرض وكذلك الثانية والعمل على تأجيل المرحلة الثالثة أقصى حد.
ويؤكد مصدرنا أن المشكلة الأولى في تونس هي ضعف الرقابة في المعابر الحدودية ووسائل النقل الدولي، وضعف الانضباط بالحجر الصحي الذاتي من قبل المشتبه بإصابتهم، بما يمكن من تأجيل المرحلة الوبائية قدر المستطاع، سيّما وأن خاصّية هذا الفيروس أنه ينتشر بسرعة كبيرة جدا. أما المشكلة الثانية فهي ضعف الإمكانيات داخل المستشفيات، حيث لم يتم إلى حد الآن سوى تجهيز 16قاعة عزل في كامل البلاد وهي غير كافية بالمرة في حال الانتقال إلى مرحلة الوباء التي تتطلب مئات الوحدات المجهّزة بآلات الإنعاش والتنفس الاصطناعي.
وفي اتصال بالدكتور شكري حمّودة المدير العام للرعاية الصحّية الأساسية بوزارة الصحّة، أكّد لنواة : “للأسف نقاط الضعف التي ذكرت صحيحة خاصة في ما يتعلّق بمحدودية الإمكانيات، ومستشفياتنا غير
جاهزة كما يجب للتصدّي لهكذا وباء” وأنه يجري العمل مع بعض البلدان بما فيها الصّين للحصول على تجهيزات التنفس. كما يجري العمل على فرض الالتزام بالحجر الذاتي وذلك من خلال تطبيقة على الهاتف لمراقبة تحرّك المصابين أو الخاضعين للحجر.
وبالنسبة لعدم نجاعة الرقابة على مستوى النقاط الحدودية، اعتبر المدير العام للرعاية الصحية الأساسية أن المطلوب هو الصرامة في تطبيق التعليمات لمنع دخول الفيروس وانه “لا يجب التساهل تحت ذريعة السياحة اوغيرها، لأن الدخول في المرحلة الوبائية سيكون له نتائج سلبية على كل المستويات”.
نقاط قوّة في مواجهة الوباء
لكن الدكتور حمّودة اعتبر أن هناك أيضا نقاط قوّة لدى تونس لمواجهة وباء كورونا وهي “وجود كفاءات طبّية وشبه طبّية جيدة ولها صيت عالمي وهي مجنّدة بالكامل” ونقطة القوة الثانية حسب الدكتور حمّودة هي حركة التطوّع الكبيرة التي عبّر عنها التونسيون، وقال لنواة ” بدأنا الاستعدادات مع الجمعيات والمنظمات الوطنية، وهناك آلاف التونسيين الذين عبّروا عن رغبتهم في التطوّع”.
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت، وسط الأسبوع الماضي، أن فيروس كورونا الجديد بات “وباء عالميا” مؤكدة في الوقت نفسه أنه لا يزال من الممكن السيطرة عليه. وبحسب المنظمة فقد تضاعف في الأسبوعين الأخيرين عدد الإصابات بالفيروس خارج الصين أكثر من 13 مرة، كما تضاعف عدد البلدان التي وصل إليها الوباء 3 مرات. ووفقا للإحصائيات الأخيرة، ارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد في مختلف أنحاء العالم إلى أكثر من 126 ألف حالة، بينما زاد عدد الوفيات على 4600 حالة.
أخطر 5 أوبئة عرفها العالم
انشرت في العقد الأخير، في الفترة من 2010 ولغاية العام 2020، العديد من الأوبئة، كان أبرزها أنواع جديدة من الإنفلونزا، مثل كورونا الشرق الأوسط وإنفلونزا الخنازير، وسبقهما في نفس المدة إنفلونزا الطيور. وتفشت في العقد الأخير أيضا أوبئة أخرى، لعل أكثرها خطورة كان فيروس إيبولا، الذي انتشر في عدد من الدول الأفريقية، وفيروس زيكا. أما فيروس كورونا فظهر أول مرة في العام 2012، وسمّي كذلك لأن شكل الفيروس في المجهر يأخذ شكل التاج (la couronne) الذي صار يعرف باسم “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” أو “متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد”، وأطلق عليه في بادئ الأمر اسم “فيروس كورونا الجديد”، تماما كما هو الحال مع فيروس ووهان الحالي الذي ظهر في الصين. وبداية من شهر جويلية 2015، أبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في أكثر من 21 دولة. وبحسب آخر إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية، في أفريل 2014، تم تشخيص 254 حالة مؤكدة في العالم توفي منهم 93 شخصا.
إجراءات عاجلة
وكان رئيس الحكومة الياس الفخفاخ أعلن مساء الجمعة الماضي،عن جملة من الإجراءات للتوقي من انتشار الفيروس، وذلك بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ومن ضمن هذه الإجراءات غلق الحدود البحرية بصفة نهائية وغلق الحدود الجوّية بصفة كلّية مع إيطاليا، والحد منها مع وجهات تفشّى فيها الوباء، فضلا عن إلغاء التظاهرات الثقافية والدينية وذلك الى حدود يوم 4 افريل القادم.
وتعتبر هذه الإجراءات المعلنة ضرورية للتحكّم الى حد ما في انتشار المرض، لكن يبقى نجاح الاستراتيجية الوطنية في الحد أكثر ما يمكن من الخساىر هو التزام المواطنين بهذه التوصيات. ذلك أن البلدان التي نجحت الى حد كبير في السيطرة على الوباء استندت الى عاملين أساسين الأول إمكانيات تقنية ومالية وبشرية هامة وثانيا انضباط ووعي مواطني بالتوصيات العامة وخاصة بالحجر الصحي. وفي تونس وفي ظل محدودية الإمكانيات يبقى الملاذ الوحيد لتفادي الكارثة الوعي المواطني بالالتزام بالتعليمات الصحّية والانخراط في المجهود التطوعي.
iThere are no comments
Add yours