في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية وتداولته وسائل الإعلام من المركز الطبي بجندوبة، يقول سعيّد:

لقد زرت مركز تصفية الدم، الآلات متوفرة والأسرة كذلك متوفرة وليس هناك أزمة على الإطلاق عكس ما يشاع في بعض وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي

وعلق بالقول:

إن تونس ستشفى من هذه الأمراض السياسية كما سيشفى المرضى بالمستشفيات التي تم تركيزها أو هي بصدد الإنجاز.

وجاء تصريح سعيد خلال تدشينه للمستشفى الميداني بجندوبة الذي تبرعت به الإمارات بكلفة تصل إلى 20 مليون دينارا، رغم أن أطباء مختصين في تصفية الدم وغسيل الكلى صرحوا بأن مراكز التصفية تعيش أزمة في القطاعين الخاص والعمومي.
وفي تصريح لنواة، قال عضو الجمعية التونسية لأمراض الكلى وتصفية الدم وزرع الكلى قيس حرز الله إن مراكز تصفية الدم في المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة تشهد وضعا قاسيا، مضيفا:

وضعية المراكز في القطاع العمومي والخاص مزرية، فالمستشفيات تتكفل باستقبال المرضى الذين يعانون مرض الكلى المزمن ممن لا يتمتّعون بتأمين على المرض، وتواجه مراكز تصفية الدم في تلك المستشفيات ضغطا كبيرا بسبب نقص المعدات مقابل العدد الكبير للمرضى الذين يحتاجون إلى حصص لتصفية الدم، حتى أن مرضى الكلى المستمر الذين يحتاجون إلى ثلاث حصص تصفية أسبوعيا لا يكون نصيبهم سوى حصة أو حصتين على أقصى تقدير في الأسبوع بسبب عدم قدرة مراكز التصفية في المستشفيات العمومية على مجاراة ضغط العدد الكبير للمرضى مقابل نقص المعدات المتوفرة، وهو ما يعني تهديدا لحياة المرضى من جهة، ونقصًا في جودة التصفية بالنسبة لبقية المرضى من جهة أخرى.

وأضاف قيس حرز الله، وهو طبيب مختص في غسيل الكلى وتصفية الدم، أن مراكز تصفية الدم في القطاع الخاص مهدّدة بالإفلاس بسبب ارتفاع كلفة معدات التصفية التي يتمّ استيرادها من الخارج، وتراجع قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية. وقال حرز الله:

تتكفل مراكز تصفية الدم في القطاع الخاص بالمرضى الذين يتمتعون بالتأمين على المرض، حيث يغطي صندوق التأمين حصص التصفية. وتتراوح كلفة الحصة الواحدة بين 180 ومائتي دينارا، في حين يتكفل الصندوق بدفع 116 دينارا فقط، وهو ما أثقل كاهل بعض المراكز ودفع بعضها إلى الإغلاق.

ونبه قيس حرز الله من انعكاس ذلك الوضع على المرضى وقال:

“المستشفيات العمومية تستقبل أرقاما مهولة من المرضى الذين يحتاجون إلى حصص تصفية الدم والذين لا يتمتعون بالتغطية الاجتماعية، مقابل ارتفاع عدد مرضى القصور الكلوي المرتبط بعدد مرضى السكري وضغط الدم، ونقص عدد عمليات زرع الكلى التي كان يمكن أن تخفف الضغط على مراكز تصفية الدم في القطاعين العام والخاص”.

واعتبر حرز الله أن مراكز تصفية الدم تعيش أزمة عميقة وحقيقية يمكن أن تهدد حياة آلاف مرضى القصور الكلوي، مضيفا:
“يجب على الدولة درس الأزمة بجدية والبحث عن حلول باستشارة مطلعين على القطاع، المشكل ليس سطحيا وحياة المرضى على المحك خاصة أن الأدوية المصاحبة لحصص التصفية مفقودة منذ مدة وهو ما يمثل خطرا حقيقيا على حياتهم”.
وانطلاقا من تجربتها طيلة قرابة 21 عاما في مستشفى شارل نيكول ومستشفى الرابطة، قالت سمية الباجي، وهي طبيبة مختصة في أمراض الكلى وتصفية الدم في تصريح لنواة، إنّ الوضع “صعب” في مراكز تصفية الدم في القطاع العمومي وأضافت: “هناك أزمة في تلك المراكز بسبب العدد الكبير للمرضى مقابل نقص التجهيزات“.

ويأتي تصريح الرئيس قيس سعيد على خلفية إعلان الغرفة النقابية لمصحات تصفية الدم يوم 22 ديسمبر الجاري إيقاف نشاطها يوم 11 جانفي 2023 بسبب “رفض صندوق التأمين على المرض التحاور مع مهنيي القطاع” والذي تسبب في إغلاق إحدى مصحات تصفية الدم بسبيطلة بولاية القصرين.
وكانت هاجر الإمام رئيسة الغرفة النقابية لمصحات تصفية الدم قد صرحت في وسائل إعلام أن قرار إيقاف النشاط في مصحات تصفية الدم سيقتصر على الحد من الخدمات التي كانت تقدمها مثل نقل المرضى من مقرات إقامتهم إلى مراكز تصفية الدم وأن الغرفة لوّحت بإيقاف نشاط تلك المراكز من أجل التنبيه إلى خطورة الوضع، مؤكدة أن المصحات مهددة بالإغلاق على غرار مصحة تصفية الدم بسبيطلة لأنها لن تكون قادرة على مواجهة مصاريف اقتناء معدات التصفية التي تستورد 90 بالمائة منها.
ويبلغ عدد مرضى الكلى الذين يقومون بتصفية الدم 12 ألف مريضا في تونس، حسب الجمعية التونسية لأمراض الكلی وتصفية الدم وزرع الكلى.